على وتيرة تكاد تكون واحدة، تمضي عملية إعادة بناء المؤسسات، وقبل ان يكتمل الأسبوع على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، تزدحم المحطات، ذات السمات الإيجابية، وفي مقدمها انجاز مشاورات تأليف الحكومة بعد ظهر غد السبت للوقوف على مطالب الكتل النيابية، سواء لجهة التمثيل أو الحقائب، بعدما حسم الرئيس سعد الحريري، بعد تكليفه تأليف الحكومة، وهو الحائز على 112 صوتاً، صورة الحكومة على غرار الحكومات التي كان يشكلها والده الشهيد رفيق الحريري، وهي بالتأكيد لن تخرج عن صورة الحكومة التي شكلها في العام 2009، أو الحكومات التي دعمها منذ أن اعتبرت حكومته مستقيلة في الـ2011، أي حكومة وفاق وطني تتسع للجميع من الكتل التي أيدت أو لم تؤيد.
والاهم في ما أعلنه الرئيس الحريري امام الوفود الشعبية التي هبت للاحتفال بتكليفه رئاسة الحكومة للمرة الثالثة، بعد محطات معقدة وصعبة من العناء والحملات والتجاذبات، بما فيها الفراغ الرئاسي الثقيل الذي انهاه بخطوة شجاعة لا تزال تشغل اهتمامات المحللين والخبراء، ان «الرئيس عون يريد ان يُنجز ويعمل، ويظهر لكل النّاس ان البلد بخير»، داعياً «لاعطاء العهد الجديد فرصة».
وأبلغ الرئيس الحريري المعارضين قائلاً: «لا نستطيع ان نبقى معارضين للحل في البلد»، منوهاً بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كاشفاً عن طاقات كبرى موجودة خارج لبنان.
ورأى الرئيس الحريري انه علينا كلبنانيين ان نرى «ما يحصل من حولنا، نحن تمكنا من ان نقف في هذا البلد وننقذه بالقيادات السياسية حتى من نختلف معهم حوارياً، ان كان حزب الله أو بعض الأفرقاء الآخرين، لكن حين يتعلق الأمر بلبنان واللبنانيين، فنحن قادرون ان نتفق ونأخذ البلد من مكان إلى آخر».
وأكّد ان «عهد الرئيس عون سيكون مليئاً بالخير»، واصفاً «البداية بالجيدة»، مشيراً إلى ان الحكومة ستشكل والانتخابات ستجري في وقتها والخير لقدام.
وعلمت «اللواء» انه فيما كان الرئيسان عون وبري مجتمعين، حيث اطلع الأوّل الثاني على حصيلة الاستشارات وفقاً للنص الدستوري، دخل عليهما الرئيس الحريري فبادره الرئيس برّي بالقول: «مبروك، سماك 112 نائباً»، فرد الرئيس الحريري مبتسماً: «مبروك للعهد».
وفي معلومات «اللواء» ان انسجاماً ملحوظاً كان بين الرئيسين برّي والحريري في الجلسة الثلاثية، بعد انتهاء الاستشارات الملزمة بما يؤشر إلى ان عملية التأليف لن تأخذ وقتاً، والارجح ان تكون منجزة قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني الحالي.
ووصف أحد الوزراء ما حصل بأنه كسر جليد وتجاوز للغيمة التي طبعت العلاقة قبل انتخاب العماد عون، الذي سيطل على جمهوره يوم الأحد المقبل من «قصر الشعب».
وقال هذا المصدر لـ«اللواء» ان الاحتفالات الشعبية في الشارع شاركت فيها حركة «أمل» إلى جانب تيّار «المستقبل» احتفاء بالتكليف الجديد للرئيس الحريري لتأليف حكومة العهد الأولى.
وفي هذا المجال، لاحظت وكالة «فرانس برس» ان الرئيس الحريري (46 عاماً) العائد إلى رئاسة الحكومة يتمتع بشعبية ثابتة، وهو الذي سطع نجمه بعد استشهاد والده عام 2005 زعيماً سياسياً، بعد ما قاد فريق 14 آذار، فخرج الجيش السوري من لبنان محدثاً انقلاباً في المشهد السياسي اللبناني لم تعد فيه دمشق لاعباً، كما كانت على مدى عقود بدأت قبل الطائف وتكرست خلال تحويله إلى دستور في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
اما السمة الثانية مع عودته الى رئاسة الحكومة، فهي استمرار خصومته مع «حزب الله» الذي من غير المستبعد ان يتمثل بحكومته المقبلة، وهو يُؤكّد دائماً، انه سيبقى على رفضه لتورط «حزب الله» في القتال إلى جانب نظام قاتل، في إشارة إلى نظام بشار الأسد.
مشاورات التأليف
بدءاً من الواحدة بعد ظهر اليوم، حيث يستهل الرئيس المكلف مشاورات التأليف بلقاء الرئيس برّي وينهيها بعد ظهر غد مع النواب المستقلين يكون الرئيس الحريري أنهى مرحلة متقدمة من مراحل التأليف المتفق على قواعده والمرتكزات التي ينطلق منها.
وعلى هذا الصعيد، كشفت مصادر مطلعة على ما تمّ التوافق المبدئي حوله، ان صورة الحكومة ستكون كما يلي:
1- الاتجاه الغالب هو لحكومة 30 وزيراً، أي إضافة ستة وزراء على حكومة «المصلحة الوطنية» التي تصرف الأعمال اليوم، لضمان تمثيل غالبية القوى السياسية والحزبية الممثلة في المجلس النيابي وربما خارجه.
2- ان تبقى الحقائب السيادية ضمن التوزيع الطائفي الحالي، إذا ما تبين للعاملين على خط التأليف ان مبدأ المداورة في الحقائب من شأنها ان تفتح الباب على متاهات من شأنها ان تؤخر التأليف.
وهذا يعني ان وزارة المالية ستبقى من حصة الطائفة الشيعية.
وفي المعلومات ان الرئيس برّي يتمسك بوزير المال في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل على رأس الوزارة لاعتبارات منها المامه بهذا الملف لا سيما وأن موازنة العام 2017 يتعين ان تكون على جدول أعمال أوّل حكومة تنال الثقة وهي محالة إلى مجلس الوزراء منذ أشهر، فضلاً عن ان الوزير خليل أنشأ مجموعة من العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية.
اما بالنسبة لحقيبة الخارجية ان يرأسها الوزير المستقيل جبران باسيل، فستبقى من حصة الموارنة و«التيار الوطني الحر»، إلا إذا ارتأى الرئيس عون إسناد مهمة المستشار الشخصي للشؤون الخارجية للوزير باسيل، الأمر الذي يعني أن التيار العوني سيحتفظ بالوزارة، على أن يكون على رأسها وزير التربية الياس بوصعب، انسجاماً مع وجهة الانفتاح على دول الخليج، وعلى الدول العربية والأجنبية بشكل عام، وهذا يعني أن الأرثوذكس سيتمثلون بحقيبة سيادية.
وفي هذه الحالة ستكون الحقيبة السيادية للموارنة، للعميد شامل روكز الذي سيكون وزيراً للدفاع ومن حصة رئيس الجمهورية، تماماً كما كان الوزير سمير مقبل من حصة الرئيس ميشال سليمان.
وبالنسبة لحصة الحقائب السيادية للسنّة، فستبقى في وزارة الداخلية، حيث يتوقع أن يبقى الوزير نهاد المشنوق على رأس الوزارة، لأن وزارته ستشرف على انجاز قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية قبل ربيع 2017.
3- وفي إطار الحصص الأخرى للكتل والطوائف الأساسية فتتحدث المعلومات عن أن الرئيس برّي سيكون له حقيبتان إضافة للمال واحدة خدماتية والثانية عادية تسندان إلى شخصية جنوبية وأخرى بقاعية، من دون أن تستبعد مصادر التأليف أن يكون النائب ياسين جابر أحد هذين الوزيرين، أو أن تسند إلى أحد أقاربه.
وبالنسبة للوزراء الثلاثة الباقين، سيكون إثنان لحزب الله، بصرف النظر عن الحقائب، ووزير شيعي من حصة الرئيس عون الذي سيسمّي أيضاً وزيراً سنّياً.
وفي المعلومات أن الرئيس برّي أبلغ من يعنيه الأمر أنه ليس في وارد أن يطالب بوزارة الطاقة وهو لا يمانع أن تبقى من حصة «التيار الوطني الحر» ليبقى على رأسها الوزير آرتور نظريان أو يتم استبداله، وهو في هذا السياق يرى أن الأساس بالنسبة للنفط إنشاء سيادي مستقل للعائدات النفطية.
وبالنسبة لحصة السنّة، تحدثت المعلومات عن أن بيروت ستكون حصتها ممثلة بالرئيس الحريري والوزير المشنوق، على أن يمثل البقاع النائب جمال الجرّاح ووزير من طرابلس تردّد أنه النائب محمّد الصفدي، لكن نقل عن الأخير أنه ليس في وارد دخول الوزارة، بالإضافة إلى وزير يمثل عكار ما يزال قيد التشاور حول شخصه.
وبالنسبة للحصة المسيحية، تحدثت المعلومات عن أن الرئيس عون يتمسك بحصة وازنة لرئيس الدولة (3 حقائب) كما كان عليه الحال مع الرئيس سليمان، على أن يتمثل «والإصلاح والتغيير» بأربع حقائب، بما فيها الحقيبة الأرمنية.
وتتراوح حصة القوات اللبنانية بإثنين أو ثلاثة، مع إمكان تمثيل حزب الكتائب بواحد وتيار «المردة» بوزير أيضاً.
درزياً، أشارت المعلومات إلى أن تمثيل النائب وليد جنبلاط ثابت، لكن النقاش يدور حول تمثيله بوزير أو اثنين، على خلفية أن توزير الأمير طلال أرسلان ثابت أيضاً، ويبقى البحث منصبّاً على إمكان تمثيل الوزير السابق وئام وهّاب الذي سبق وأشار أنه قدّم للرئيس عون إسماً لتولي حقيبة الاتصالات.
4- وفي ما خصّ البيان الوزاري، فالمخارج باتت ممكنة، وهي تتراوح بين البيان الوزاري لحكومة المصلحة الوطنية لحل إشكاليتي المقاومة وتدخل حزب الله العسكري في سوريا، وبين مضامين وعناوين خطاب القَسَم الذي ما يزال يرى فيه «حزب الله» أساساً ممكناً لكتابة بيان وزاري يُبعد العقبات ويسرّع انطلاق الحكومة.
صقر
وفيما كان الرئيس الحريري تلقى ضمانات ليكون رئيساً للحكومة ويشكّلها، كشف عضو كتلة «المستقبل» عقاب صقر أن الرئيس الحريري يعتبر أن الحكومة في هذه المرحلة ربما تكون من أصعب المهمات، وقال «إن الرئيس الحريري يعرف أن الوضع الاقتصادي سيّئ لدرجة أن على لبنان أن يقلّع شوكه بأيديه، وأن الوضع السوري يضخ نازحين ومشاكل منها الإرهابيين وهو يُدرك أن الوضع السياسي ملغّم، وأن أمنه الشخص مهدّد، وهو أراد أن يدخل في هذه المغامرة لتجنيب البلد من الدخول في نفق مظلم، وأن الزعيم يكون في اللحظات الحرجة ليقدّم كل شيء في سبيل المصلحة العامة»، كاشفاً أن الفرح الاستثنائي الذي شعر به الرئيس الحريري أمس كان بعد تصويت الرئيس برّي، لأن هذا التصويت كسر ما يُقال عن «بلوك» طائفي كان يتم التهويل به، واصفاً الرئيس عون بالرئيس القوي والأقوى بعد أن أيّده جعجع.
ولم يرَ صقر في أول مقابلة تلفزيونية بعد عودته مؤخراً مشكلة في أن يأتي موفد سوري يهنئ ويذهب، واضعاً الكرة عند السيّد حسن نصر الله الذي طالب بإيصال الرئيس الذي تحتاج له المقاومة، وفيه ازدهار واستقرار ودولة عامرة، حاثّاً السيّد نصر الله على دعم عون في السماح له بدولة قوية، رافضاً معادلة الجيش والشعب والمقاومة في البيان الوزاري، معتبراً أن السقف في البيان هو خطاب القَسَم الذي يدعم لبنان بحقه في مقاومته.
اللواء : الخطوط العريضة لحكومة العهد الأولى.. و إعلانُها قبل الإستقلال
اللواء : الخطوط العريضة لحكومة العهد الأولى.. و إعلانُها...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
462
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro