قلص التسجيل الأخير لزعيم تنظيم الدولة، أبي بكر البغدادي، خيارات مقاتلي التنظيم في الموصل، بعد أن دعاهم إلى القتال وعدم الانسحاب من أرض المعركة.

وفي حال استعادت القوات المقاتلة محافظة نينوى وطردت تنظيم الدولة منها، فسيضطر أنصار التنظيم ومقاتليه إلى الاختيار بين الانتقال إلى دول الجوار، أو البقاء على تخوم المحافظة وشن هجمات مضادة انطلاقا من صحراء الأنبار.

وفي تسجيل صوتي له، دعا البغدادي مقاتليه إلى عدم الانسحاب من الموصل التي يسيطر عليها التنظيم منذ سنتين.

وتابع قائلا: "ثمن بقائكم في أرضكم بعزّكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلّكم".

الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء فايز الدويري، قال لـ"عربي21" إن مآلات المعركة هي ما ستحدد خيارات التنظيم، فإن تخلى التنظيم عن الموصل فإنه سيخرج بمجموعات كبيرة، أما إذا استمات في القتال إلى الرمق الأخير فإنه سيخلط الأوراق حينئذ.

وفي حال قرر التنظيم الخروج من الموصل، لصالح القوات المقاتلة فإنه بحسب ما يرى الدويري بين أربعة خيارات؛ صحراء الأنبار، أو الرقة في سوريا، أو تركيا، أو الأردن.

وعن الخيار الأول الذي يرجحه الخبير العسكري، قال الدويري إن التنظيم قد يلجأ إلى صحراء الأنبار التي يعرفها جيدا، على شكل جماعات صغيرة تذوب في الصحراء لإعادة تقييم واقعه الاستراتيجي، والبدء بحرب عصابات انطلاقا من هناك.

وقد يتأثر الخيار الأول بالحرب المنْوِي شنها على معاقل التنظيم في الرقة فقد يدفع التنظيم بتعزيزات إلى الرقة التي ربما تكون معركته الأخيرة، بحسب ما يرى الدويري.

أما خيار الانتقال إلى سوريا فإنه سيصطدم بالتحذيرات الروسية الأمريكية من انتقال التنظيم من الأراضي العراقية إلى الرقة السورية.

وتربط العراق حدود مشتركة على الجهة الغربية مع كل من تركيا وسوريا والأردن.

أما الخيار الأصعب للتنظيم فهو الدخول إلى الأردن لكونه يحتاج إلى قطع 200 كلم لدخول الأردن في ظل مراقبة أردنية شديدة على الحدود، وتعزيزات عسكرية.

الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، أكد أن التنظيم إذا ما خسر السيطرة المكانية فسينتقل إلى ملاذات آمنة وشن حرب عصابات منها.

وعن مقاتلي التنظيم الأجانب، قال أبو هنية لـ"عربي21" إن عودتهم إلى بلدانهم ستكون من الصعوبة بمكان، لذا سيفضل المقاتلون الأجانب الاستماتة في الدفاع عن معاقلهم في الموصل، أو البقاء في حضن التنظيم إذا ما انتقل إلى المناطق الصحراوية.

ورجح أبو هنية أن تنتقل عائلات المقاتلين إلى الرقة، لكون الأوراق هناك مختلطة، وشن معركة هناك يحتاج إلى وقت وترتيبات بسبب الخلافات حول المشاركة التركية والكردية التي ربما تؤخر الموقف من الحرب على الرقة.

وفي تعليقها على تسجيل البغدادي، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه بعد نحو عام من الصمت، عاد زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي في تسجيل؛ من أجل تعبئة أتباعه، والحديث عن النصر، والنصر القريب. 

وآخر مرة أصدر فيها البغدادي تسجيلا كانت في 26 كانون الأول/ديسمبر، وتعلق الصحيفة على لهجة البغدادي في التسجيل الأخير بالقول إنها "تحمل حسا من الفزع، وكأنه يحاول حشد مقاتليه، وحثهم على القتال". 

وتستدرك الصحيفة بأنه رغم أن البغدادي لم يذكر الموصل بالاسم، إلا أنه أشار إلى محافظة نينوى، التي تعد المدينة عاصمتها، وأشار إلى أن الحملة الجديدة هي محاولة لإجهاض السلام والأمن الذي تحقق في ظل حكم التنظيم لها، واعتبر البغدادي أن الحشود التي احتشدت للسيطرة على الموصل دليل على قوة للتنظيم.

ويفيد التقرير بأن المحللين انقسموا حول أهمية عدم ذكر الموصل بالاسم، حيث يرى الباحث في مركز دراسات التشدد والعنف السياسي في لندن تشارلي وينتر، أن التسجيل يشبه "الفيل في الغرفة"، وكتب وينتر سلسلة من التغريدات، وقال: "دهشت لعدم ذكر البغدادي الموصل مباشرة، أنا مندهش"، مستدركا بأن آخرين، مثل المؤلف المشارك في كتاب عن تنظيم الدولة، حسن حسن، قال: "لا أعتقد أن هذا مهم"، في إشارة إلى عدم ذكر الموصل؛ "لأن نينوى هو اسم العملية العسكرية في شمال العراق". 

عربي21