في ظل روزنامة زمنية متسارعة، تبدأ غداً مسيرة تأليف الحكومة التي سيكون على رأسها الرئيس سعد الحريري بتسمية الاستشارات النيابية الملزمة التي تتراوح بين مائة و114 صوتاً في حال نجحت مساعي ربع الساعة الأخير في فتح الطريق امام الرئيس نبيه برّي لإبلاغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان كتلته فوضته ان يسمي الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، مع ان هذه التسمية ليست شرطاً لميثاقية التكليف، وإن كانت شرطاً لميثاقية التأليف.
ونقل زوّار «بيت الوسط» عن الرئيس الحريري بعد عودته من قصر بعبدا، انه متفائل بانطلاقة العهد، ومتفائل أيضاً بما يمكن ان يحقق من إنجازات.
وأكّد هؤلاء الزوار لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري يعتبر ان التفاهمات مع «التيار الوطني الحر» محترمة وتسير على ما يرام.
وأضاف هؤلاء انهم لمسوا من رئيس تيّار المستقبل المرشح لتأليف الحكومة حرصاً اكيداً على العلاقة مع الرئيس برّي، وتأكيداً دائماً على دوره في الحياة السياسية، وعلى رأس مؤسّسة مجلس النواب، وهو حريص كل الحرص على ان يكون الرئيس برّي وكتلته مكوناً اساسياً من مكونات الحكومة التي سيرأسها.
وأكّد الرئيس الحريري لزواره ان اتفاق الدوحة كان مرحلة وانتهت، وبالتالي فلا ثلث معطّل في الحكومة التي سيؤلفها، فالثلث المعطل انتهى مع اتفاق الدوحة، وأن الرئيس عون وهو (أي الرئيس الحريري) يشكلان ضمانة لاحترام ما سيتضمنه البيان الوزاري.
وأكّد زوّار «بيت الوسط» ان الرئيس الحريري أبدى حرصاً امام النواب والشخصيات التي التقاها على تماسك كتلة «المستقبل»، منوهاً بالاجواء الديمقراطية السائدة داخل الكتلة، وهو ناقش مع أعضائها الخيارات المتاحة بكل حرية وانفتاح، وأجرى اتصالات بعد جلسة الانتخاب مع كافة أعضاء الكتلة، بما في ذلك مع النائب الدكتور أحمد فتفت.
واعتبر مصدر نيابي مطلع ان تلاوة النائب عمار حوري بيان الكتلة الذي تضمن ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة كان لافتاً «لجهة الحرص على وحدة الكتلة، والابتعاد عن أي شيء يؤثر على وحدتها، باعتبار ان هذه الوحدة هي عنصر قوة في مرحلة ما بعد التكليف لرئاسة الحكومة».
إيجابية تتبلور اليوم
وكان يوم أمس اتسم بالحفاظ على منسوب مرتفع من الإيجابية، عكسه بيان كتلة «التحرير والتنمية» عندما أشار إلى «الامل بأن تجسّد الحكومة الوحدة الوطنية وابعاد المخاطر عن لبنان»، متمنية للعهد «النجاح في تحقيق الأهداف التي تضمنها خطاب القسم».
واليوم تتبلور الصورة الكاملة لما سترسو عليه الاستشارات في يومها الثاني، وسط معلومات إستقتها «اللواء» من مصادر موثوق بها، أن رئيس المجلس، وبعد مشاورات استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، سيسمّي الرئيس الحريري اليوم رئيساً للحكومة، في حين تمتنع كتلة «الوفاء للمقاومة» عن التسمية، والتي أرجأت إبلاغ موقفها في الاستشارات الملزمة والذي كان مقرراً أمس إلى اليوم، في إطار التنسيق القائم مع حركة «أمل»، والذي وصفه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض بأن الطرفين «في مركب حكومي واحد».
وأشارت المصادر عينها لـ«اللواء» أن الرئيس برّي أبلغ عبر الوسطاء وسعاة الخير أنه يطالب بثلاث حقائب في حكومة الرئيس الحريري، لا سيما التمسّك بوزارة المال ووزارة الطاقة ووزارة ثالثة لم يسمّها مباشرة.
ولاحظ مصدر سياسي أن وزارة المال ستتحوّل إلى وزارة تجاذب، مع مطالبة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بها، على خلفية أن «القوات» حُرمت 26 عاماً من الوزارات السيادية، وهي بالتالي ترى من حقها أن تطالب بهذه الحقيبة الحيوية على قاعدة ما كشفه جعجع في مقابلة مع محطة M.T.V ليل أمس، من أن «القوات» لم تفاتح الرئيس عون بنيّتها هذه، لكنها لا تستبعد مثل هذه الإمكانية على قاعدة الشراكة مع العونيين في السرّاء والضرّاء.
إلا أن مصادر نيابية مواكبة استبعدت أن تتحوّل هذه المطالبة المتعاكسة بين برّي وجعجع إلى عقبة في وجه تأليف الحكومة، من دون أن تستبعد أن تكون مطالبة «القوات» بالمالية تهدف إلى إخراج هذه الحقيبة من يد حركة «أمل» أو ما تسميه الحركة على خلفية أن المالية تحفظ للطائفة الشيعية سلطة المشاركة في القرار عبر التوقيع على جميع المراسيم لتصبح نافذة، أو الامتناع عن التوقيع لتعطيلها.
ميثاقية التكليف
وكان لافتاً أمس، وبشكل متعمّد، غياب الموقف الرسمي لرئيس المجلس ككل يوم أربعاء، حيث تمّ الاكتفاء بعبارة «تم البحث في أجواء جلسة انتخاب الرئيس والمرحلة المقبلة بما في ذلك موضوع التكليف والتأليف»، فيما تحدثت المصادر عن أن هناك إمكانية لفتح الباب أمام مخرج ما، لا يؤثر بالمطلق على مبدأ الميثاقية، بمعنى آن لا يغيب المكوّنان الشيعيان الأساسيان عن تسمية الرئيس أو المشاركة في الحكومة.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الأمر كان موضع بحث معمّق ومسؤول حول الموقف النهائي، من دون أن تستبعد بأن تسمية برّي للحريري ليس مستحيلاً، وقد توزع الأدوار بين الكتلتين بما لا ينعكس سلباً على انطلاقة الحكومة، ووضعت عبارة بري: «لا تنتظروا منّي الأرانب بل الثعالب» في خانة عدم أغلاق الباب أمام الأخذ والردّ بما يمهّد لرد فعل إيجابي بتسهيل تشكيل الحكومة.
وفي سياق تعليقها على مداولات عين التينة على إمكان عدم تسمية الثنائي الشيعي للرئيس الحريري في استشارات اليوم، حرصت مصادر نيابية في كتلة «المستقبل» على التأكيد لـ«اللواء» بأن الميثاقية ليست مشكلة في الاستشارات، حيث لم ينظر إليها منذ بدء تطبيق دستور الطائف على هذا الأساس، بل فقط على مجموع الأصوات التي ينالها الرئيس المكلف تأليف الحكومة.
وأعادت هذه المصادر إلى الأذهان، أنه في استشارات التكليف الثاني للرئيس الحريري تشكيل الحكومة في العام 2009، لم يسمّه المكوّنان الشيعيان، ومع ذلك عاد وشكّل حكومته الأولى، وبالتالي فإن الميثاقية في الاستشارات لم تكن ملزمة، ولم يكن لها أي تأثير في تشكيل الحكومة بمشاركة «أمل» و«حزب الله».
وكان الرئيس الحريري قد نال في الاستشارات الثانية التي جرت في أيلول من العام 2009 73 صوتاً من أصل 128، بعدما كان نال في الاستشارات الأولى والتي لم يتمكن خلالها من تشكيل الحكومة 86 صوتاً.
وفي تقدير المصادر ان الأصوات التي يمكن ان ينالها الرئيس الحريري في الاستشارات الحالية قد تصل إلى حدود المائة صوت في حال لم تسمّه لا كتلة الرئيس برّي ولا كتلة «حزب الله» (24 صوتاً)، وكذلك النائب نقولا فتوش، لكن هذه الأصوات قد ترتفع إلى حدود الـ114 صوتاً إذا صوتت له كتلة «التنمية والتحرير» وهو المرجح مع فتوش من دون نواب الحزب المعروف عنهم تاريخياً عدم تسمية الرئيس الحريري.
يُشار هنا إلى ان الرئيس تمام سلام نال في آخر استشارات جرت في العام 2014، 124 صوتاً، وهو رقم لم يكن سابقة في تاريخ الطائف.
اليوم الأوّل من الاستشارات
وتميز اليوم الأوّل من الاستشارات بالسلاسة والانسيابية، باعتبار ان 90 نائباً يمثلون الكتل الكبرى، ونواب فرادى ومستقلين كادوا يسمون الرئيس الحريري لولا امتناع نائبي «البعث» الاثنين.
وتعكس هذه النتيجة الساحقة رغبة نيابية جامحة لتأليف حكومة جديدة، وقلب صفحة من الشلل والعجز وتخريب مصالح الدولة والمواطنين، ومرد هذه الرغبة يكمن بالإسراع في إيجاد معالجات فورية لأزمات المياه والكهرباء والنفايات، وأظهر اليوم الأوّل من الاستشارات بلوكاً نيابياً وصل إلى حدود 86 نائباً باتجاه تسمية الرئيس الحريري، بانتظار ما قد يحمله اليوم الثاني منه، بعد لقاء الرئيس عون كتلتي «الوفاء للمقاومة» التي طلبت نقل موعدها من الأمس إلى اليوم افساحاً في المجال امام المزيد من المشاورات، وكتلة «التنمية والتحرير» برئاسة برّي بعدما تمنى ادراج موعده وكتلته في ختام الاستشارات، على ان يعقد لقاءً مع الرئيس عون يطلع فيه على النتائج.
أما بالنسبة إلى الحكومة التي ستبدأ مشاورات تأليفها غداً. فتوقعت مصادر مطلعة لـ«اللــواء» أن تأخذ وقتاً ليس طويلاً مشيرة إلى أن ثمة مناخاً يوحي بأن التأخير مزعج، لكن هذا المناخ يحتاج إلى ترجمة عملية، لافتة إلى ان تسمية الرئيس برّي للرئيس الحريري اليوم قد يكون أحد معالم الحلحلة التي قد تظهر في مشاورات الرئيس المكلف.
وخلصت إلى أن التأليف لن يكون صعباً كثيراً، الا أن ذلك لا يعني انه مسهل كثيراً. وكشفت المصادر ان الرئيسين عون والحريري متفاهمان على أن تكون الحكومة من 24 وزيراً على غرار حكومة الرئيس تمام سلام التي تمثلت فيها جميع المكونات السياسية، وكانت حكومة فاعلة لكن الظروف عاكستها.
وشبهت حكومة الـ30 بأنها عبارة عن جوائز ترضية.
اللواء : الحريري مكلفاً اليوم: تفاؤل بالعهد الجديد ولا ثلث معطّلاً في الحكومة
اللواء : الحريري مكلفاً اليوم: تفاؤل بالعهد الجديد ولا ثلث...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
446
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro