من أروع ما قرأت هذه الأيام، نصّ رسالة الإعلامي عباس ناصر من قناة الجزيرة القطَرية، فقد كُتبت بأسلوب أدبيّ بليغ، يجمع بين الاقتضاب والإفصاح، والشهادة الأدبية الراقية بحقّ القناة الإعلامية التي احتضنته ردحاً من الزمن، فبادلها ذلك بكلّ ما أوتي من جهدٍ وصدق وتفانٍ في ميادين الصراع الدائر في المنطقة العربية الملتهبة، وقد لمع في أحْلَك مراحلها كحرب تموز عام ٢٠٠٦ بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، وغير ذلك من الميادين.
قد  يَصِحّ، أنّ هذه القناة التي تحتفل اليوم بِعيدها العشرين، لم تكن وفيّة دائمًا لما طمحت إليه في تحريك المياه الراكدة في المنطقة العربية، والتي رمزت لها كرة الماء كعلامة فريدة ومُميّزة، وإذ خاب أمل الكثيرين في أن تكون الجزيرة منبراً إعلاميا تقدّميّاً رائداً في الخبر والتقرير والتحليل والبرامج، حين سقطت باكراً في دائرة التَّتريث والتقليد والاتّباع ونشر الفكر الأصولي الإسلامي المتحجّر، وقد كان برنامج "الشريعة والحياة" مثالاً صارخاً على ذلك، وظلّ المرشد الإخواني الشيخ القرضاوي لفترة طويلة ينشر هذا الفكر ويُروّج له، وظلّ برنامج " الاتجاه المعاكس" الذي طال عمره أكثر من اللازم علامة على بعض الانحطاط في برامج القناة.
قد لا يقع هذا الكلام في محلّه المناسب، ذلك لاستقالة السيد ناصر، لكن الشيء بالشيء يُذكر، وإذ انتهت معاناتهُ الوظيفية، يبقى هذا الاعلامي الذي أسر المشاهدين بطلّته الأنيقة، وأسلوبه الراقي، وشجاعته الرائدة منارةً لزملاء مخضرمين ووافدين.