منذ ما يقارب السَّنة من بدء الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة كانت إيران إحدى المحاور الرئيسية خلال نقاشات المرشّحين. وبعد صعود اثنين من المرشَّحين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي: ترامب وكلينتون إلى المرحلة النهائية للانتخابات الرئاسية تناوَل كلًّا من المرشَّحين موضوع الاتفاق النووي بين إيران والدول السِّتّ كأداة للهجوم على الآخر أو إظهارًا لجدارته في العمل الدبلوماسي. وبينما كان ترامب وحتى اللحظة يتّهم إدارة أوباما ومن خلالها هيلاري بتقديم تنازلات نوعية أمام إيران والاستسلام أمامها والرضوخ لابتزازاتها وجعلها في موقع المنتصر الوحيد عبر الاتفاق النووي، إلا أنّ هيلاري ترى بأنّ المفاوضات مع إيران التي أدَّت إلى توقيع اتفاق معها هي بدأت بها وتعتبرها نقطة مضيئة في عملها الدبلوماسي كوزير الخارجية.
وبالرغم من أنّ ترامب ارتكب زلّة لسان عندما قال في بدايات حملته الانتخابية بأنّه سيمزّق نص الاتفاق النووي في حال وصوله إلى البيت الأبيض وصحّح كلامه في وقت لاحق بأنه سيقوم بتعديلات في نص الاتفاق إلا أنّه من البديهي كأي رئيس آخر للولايات المتحدة لن يتمكن لا من تمزيق نص الاتفاق، حيث أنه موجود في أرشيف إلكتروني غير قابل للتمزيق، ولا من تعديله، فضلًا عن أنّه لن يستطيع إلى البيت الأبيض سبيلا.
فإذًا ليس هناك ما يثير الخوف عند إيران في حال فوز ترامب في الانتخابات. فإنه لو يتخلى عن الاتفاق النووي ويتملص من تنفيذ التعهدات التي أخذتها الحكومة على عاتقها في حال التزام إيران للاتفاق، فإن إيران لن تبقى مكتوفة الأيدي ويحقّ لها العودة إلى ما قبل الاتفاق النووي وسوف لن تكتفي بالوقوف عند الحدود السابقة وتتجه نحو إنتاج السلاح النووي مما يزيد الطين بلة حيث تحترق المنطقة وستبدأ حرب عالمية جديدة. يبدو أنّ ترامب يفتقد إلى الحد الادنى من الثقافة السياسية والدبلوماسية وأنّ همّه الرئيس هو الفوز في الانتخابات ولهذا لا يفكر لما بعد الانتخابات ومدى قابلية أفكاره للتنفيذ.
كما ارتكب ترامب جملة أخطاء خلال خطاباته أثلجت قلوب المحافظين في إيران؛ خاصة عند ما اتَّهم الإدارة الأمريكية بالتزوير في نتائج الانتخابات مما يبَرّئ حكومة أحمدي نجاد التي اتهمت بالتزوير في نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009 فضلا عن أنّه يثير التساؤل حول الموقف الامريكي الرسمي تجاه الاحتجاجات عقب الانتخابات الرئاسية عام 2009 في إيران.
بيد أن هيلاري كلينتون تبرّر الاتفاق النووي مع إيران بأنه تمكّن من احتواء إيران وردعها من متابعة مسارها النووي المهدِّد للسلم العالمي.
وأشارت هيلاري إلى أنّ هناك عددا من الدول من أمثال كوريا الجنوبية وحتى المملكة السعودية تحلم بالحصول على السلاح النووي، وامتلاك إيران السلاح النووي كان من الممكن أن يشجع ويدفع تلك الدول على الحصول عليه، بينما الاتفاق النووي أنهى بالطموح النووي العسكري الإيراني كما قضى على أرضية السباق النووي عند الآخرين.
وأخيرا يمكن القول بأنّ إيران لن تخسر شيئا مع أي من المرشحين بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة التي تشهد أسوء انتخاباتها الرئاسية حيث تشهد الحملة الانتخابية فيها جملة من الفضائح التي ارتكبتها السيدة ياهو ايميل أو ارتكبها مادح صداح حسين.
وهذا الأخير ( ترامب) أعطى ماء وجه للرئيس الإيراني السابق أحمدى نجاد. فعندما يقفز رجل عديم الفكر كترامب إلى موقع الترشح للرئاسة في الولايات المتحدة فماذا يمنع الآخرين من أن يرأسهم رئيس على طراز أحمدي نجاد؟!