استقرّت البلاد على انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، ويأمل اللبنانيون أن يكون العهد الجديد على مستوى آمالهم وطموحاتهم وعلى قدر عالٍ من المسؤولية في معالجة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإنمائية وغيرها.
وقد شكّل انتخاب العماد عون فرصة لفريقه السياسي للتظاهر والاحتفال، وشهدت المناطق اللبنانية تظاهرات احتفالية مؤيدة لم تخرج عن المألوف اللبناني السائد في انتصار كل فئة لزعيمها أو رئيسها السياسي، إلا أنّ اللافت على هذا الصعيد الخطاب الاستفزازي للوزير الصهر جبران باسيل الذي أخذ يتنقل من مكان إلى مكان بخطاب تحريضي غير مسبوق ضد من رفض ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية مستخدمًا عبارات التحريض والفتنة ولغة صبيانية لا تليق بمنصبه كرئيس للتيار الوطني الحر ولا بموقعه السياسي كوزير للخارجية .
سياسة الاستفزاز والتحدي:
إن سياسة الاستفزاز والتحدي التي يعتمدها الوزير جبران باسيل تطبع مسيرة العهد بالشوائب والفوضى الصبيانية، الأمر الذي سيؤذي رئيس البلاد أكثر مما سيفيده، وبالتالي فإنّ على الرئيس أن يضع حدًّا لهذه الفوضى من حوله وإلا فسيكون العهد أكثر انحيازًا لفئة سياسية دون أخرى ويكون بالتالي محلّ تهكّم ومساءلة .
إنّ الوزير جبران باسيل يحاول عن قصد أو عن غير قصد توريط العهد بعداوات سياسية وكيدية مع محيطه السياسي وبيئته السياسية التي من المفترض أن تتكون من جميع اللبنانيين، وكلنا أمل أن يكون الرئيس العماد ميشال عون على قدر عالٍ من المسؤولية لوضع حدّ لهذا التفلّت السياسي من حوله لأنه هو المتضرّر الأول جراء هذه السياسات الصبيانية .
لقد شاءت الظروف السياسية المحلية والإقليمية والدولية أن يكون العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، واستطاع رؤساء الأحزاب في لبنان أن يتوافقوا على ذلك مع هامش اعتراض ديمقراطي سجله رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يلجأ بالرغم من اعتراضه إلى سياسة التعطيل ولو شاء لفعل، لكنه كرجل دولة استجاب للعملية الديمقراطية وللغة الدولة والدستور والقانون وأتاح الفرصة للمجلس النيابي بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا، وبالتالي فإنّ لغة الوزير جبران باسيل ترتدّ عليه قبل أن تصل إلى دولة الرئيس نبيه بري .
إن رئيس الجمهورية وبصفته رمزًا لوحدة البلاد وحاميا للسلم الأهلي، عليه أن يبادر فورا إلى ضبط محيطه السياسي ومؤيديه ومن ينتسب إليه بصلة القربى أو السياسة باتجاه احترام موقعه السياسي كرئيس للجمهورية وعدم توريطه بالخطاب الفئوي والتحريضي الذي ينتهجه صهر رئيس التيار الوطني الحر، خصوصا وأن عملية الانتخاب كانت عملية انتخاب ميشال عون كمواطن لبناني وليس كرئيس لتيار أو زعيم لفئة محددة من اللبنانيين .