في مقابل الخروقات البروتوكولية الخمسة التي بدت جلّية في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ثمّة خرق بروتوكلي من جهة القصر الجمهوري، يضعه البعض في إطار الردّ على ما تعرّض له الرئيس المنتخب في مجلس النواب.
سريعاً تتوجه أصابع الإتهام من قبل العونيين إلى رئيس المجلس نبيه بري بتعمّد هذه الخروقات البروتوكولية، لأنه لم يكن موافقاً على التسوية ولا على شخص عون. وهذا ما بدا واضحاً من خلال مسار الجلسة.
أكثر من ذلك، يذهب هؤلاء إلى اعتبار أن"حفلة التهريج" التي حصلت في المجلس كانت منسّقة ومدروسة مسبقاً من قبل معارضي الرئيس عون. لكن، في المقابل، تقلل المصادر القريبة من بري من هذه الإتهامات. وتردّ عليها بالقول: "كان بري قادراً على تعطيل النصاب ولم يفعل لأنه لا يريد الوقوف في وجه أي حلّ قد ينقذ لبنان من الأزمة، أو على الأقل كان بسبب هذه التصرفات لجأ إلى تأجيل الجلسة".
وبين هذه المواقف المتضاربة يستمر الأخذ والرد بين بعبدا- الرابية من جهة، وعين التينة من جهة أخرى. وهذا ما تبدّى من خلال "تأخير" موعد كتلة التنمية والتحرير برئاسة برّي في جدول الاستشارات في شأن الحكومة. وهذا خروج عن العرف المعتمد، إذ جرت العادة أن يكون رئيس المجلس وكتلته أول الكتل التي تجري معها الإستشارات. ما تعتبره المصادر ردّاً من عون على برّي.
في المقابل، ثمة من يفضّل الابتعاد عن الغوص في هذه التفاصيل، ويعتبر أنها غير مجدية في بداية عهد من المفترض أن ينطلق بالتوافق بين الرؤساء الثلاثة. ويشير إلى ان بري هو من طلب تأخير الموعد لارتباطه بمواعيد كثيرة. وقد يكون ذلك، بهدف تكثيف الإتصالات مع الرئيس سعد الحريري لأجل التفاهم على كيفية تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب. وذلك لأجل اتخاذ موقف نهائي من مسألة تسمية الحريري. ومعلوم أن الحريري يحتاج إلى أصوات كتلة برّي لضمان الميثاقية، إذ إن الأجواء توحي بأن حزب الله لن يسمي رئيس تيار المستقبل لتولي الحكومة العتيدة، فيما يحرص برّي على تسميته، أولاً إنطلاقاً من كونه راعي الحوار بين المستقبل وحزب الله؛ وثانياً لعدم التسبب بأي تشنّج سنّي شيعي؛ وثالثاً بسبب علاقته بالحريري التي تتخطى هذا الخلاف. ولكنه أيضاً يريد تحصين نفسه في العهد الجديد، كما تكشف المصادر عن أن بري سيطرح بنود السلّة التي اقترحها قبل الانتخابات الرئاسية خلال المشاورات لتشكيل الحكومة.
رغم ذلك، يبدو أن شدّ الحبال بين عون وبري لن يقف عند هذا الحدّ، بل من المتوقع أن يستمرّ أكثر ويتفاقم في الأيام المقبلة، ولاسيما عبر الإشارة التي مررها الوزير جبران باسيل من الرابية بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، إذ قال: "من رفضنا سنرفضه". وهذا ما تضعه المصادر في إطار شنّ الحرب على بري، وبأن العهد الجديد لن يتساهل معه على مواقفه الأخيرة ولا على مواقفه السابقة. وتعتبر المصادر أن هذا الأمر سيظهر أكثر في الاستحقاقات المفصلية.