عملياً انطلق قطار تشكيل الحكومة، وسط مصاعب قد لا يكون حلّها سهلاً، لكنّ المؤكد أنّ الرئيس الذي سيكلّف، سعد الحريري، سيعمد الى محاولة الاتفاق مع الرئيس نبيه برّي على تذليل عقبات التشكيل الذي سيبدأ بترطيب العلاقة مع رئيس المجلس النيابي، بعد فتور الأزمة الرئاسية.على الرغم من معلومات رشحت عن وجود احتمال لعدم قدرة الرئيس الحريري على تشكيل الحكومة، بسبب ما سيواجهه من صعوبات، فإنّ هذا الكلام يبقى في إطار التكهنات، إذ إنّ الحريري ذهب الى التسوية من دون أن يضع في حساباته خطة بديلة في حال تعثر تشكيل الحكومة، وقد قال لإحدى الشخصيات التي التقته أخيراً بأن لا مجال إلّا أن يشكل الحكومة بنفسه، وبالتالي لن تُثنيه عن ذلك الصعوبات ولا استهلاك الوقت، بل سيبقى على إصراره على تشكيلها حتى النهاية.
كذلك، أنّ الرئيس ميشال عون مصمّم على أن يشكل الحريري الحكومة، لأنّ التسوية قد عقدت معه، ولأنه يريد أن يبرهن للحريري أنه وفى بوعده في ترؤسه للحكومة.
في الصعوبات المتوقعة للتشكيل، احتمالات عدة، تبدأ من تسمية الرئيس المكلّف، ولا تنتهي بتوزيع الحقائب واختيار الأسماء. فبرّي الذي لم يكشف عن ورقة التسمية، والذي سيدلي وكتلته بصوته للرئيس المكلف، يحتفظ بسلسلة مطالب سيكون من الصعب تلبيتها، وأوّلها نيل وزارة المال واختيار الوزير علي حسن خليل لتولّيها. في هذه النقطة يتوجّس عون من حصول بري على وزارة التوقيع الملزم، كما يفضل أن لا توكل لخليل الذي يُحمّله مسؤولية ضياع أموال على الخزينة، جراء التأخير في تلزيمات معامل الكهرباء.
أما في ما يخصّ الوزارات الأخرى، فيتمسّك برّي بوزارة الطاقة والنفط، حيث يرى أنّ نيل هذه الوزارة يضرب جزءاً من تفاهمات الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، كما يتمسّك بوزارة الأشغال وهي وزارة خدماتية حيوية، تعني الكثير لكلّ الأطراف.
هذا يشكل غيضاً من فيض بالنسبة إلى حصص برّي، أما في ما يتعلّق بهندسة «حزب الله» لمطالب الحلفاء، فهي غير واضحة حتى الآن، لكنّ الأكيد أنّ الحزب يريد إسناد وزارة إلى رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، فيما يردّ عون على هذه النقطة مقترِحاً نيل وزير شيعي، مقابل إعطاء حقيبة لفرنجية واعتبارها من حصة الحزب.
في انتظار انتهاء مشاورات التكليف، تتّضح صعوبات التشكيل، فماذا سيكون موقف عون والحريري، إذا ما اصطدما بحائط الثنائي الشيعي؟
يجد عون نفسه مدفوعاً الى استعمال كلّ ما يملك من تأثير لدى «حزب الله»، لكي يتمّ تشكيل حكومة سريعاً، لكن ذلك يصطدم بالوعد الصادق الذي قطعه الحزب لبرّي، وهنا ترى «القوات اللبنانية» أنّ الفرصة سانحة، لكي يقوم عون إذا ما تعقد تشكيل الحكومة الجامعة، بتشكيل حكومة أكثرية تنال الثقة من كتل «القوات اللبنانية» و«المستقبل» و«التغيير والإصلاح».
هذا الاتجاه الذي تتحمّس له «القوات»، لم يجد صدى لدى الحريري الذي علّق على الموضوع بأنّ مَن يطرح هذا الطرح لا يعرف البلد، أما عون فمن المستبعَد تماماً، أن يفكر باتخاذ هذه الخطوة، التي يعرف انها تخرق كلّ الخطوط الحمر.