بعد عبور البلاد أزمة الاستحقاق الرئاسي، بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ما أشاع أجواء ارتياح في الداخل والخارج، تبدأ اليوم رحلة تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفَ الحكومة التي تنتهي غداً، ليبدأ بدوره تأليفَ أولى حكومات العهد الجديد، في ظلّ توقّعات بأن يكون مخاضها طويلاً، ومخاوفِ كتلة «المستقبل» التي رشّحت الحريري لرئاسة الحكومة من عرقلة مهمّتِه، وتشدُّد رئيس مجلس النواب نبيه بري في موقفه من الحريري على خلفية أدائه في مرحلة الترشيح، فيما نادى «حزب الله» بحكومة وحدة وطنية، شأنه شأن تكتّل «التغيير والإصلاح» الذي طالبَ بأن تكون «وفق معايير واضحة أبرزُها الصفة التمثيلية»، كما سمّى التكتّل الحريري لرئاسة الحكومة، وأكّد أنّ «هذه التسمية طبيعية لا تحتاج إلى تبرير وليست تسوية، بل التسوية الحقيقية هي أنّه عندما يعترف بنا أحد، بموقفنا وتمثيلنا، سنعترف به بنحو طبيعي، من يقبلنا نقبل به وتلقائياً». وأعلنَ أنّ كلّ أصوات «التكتّل» ستصبّ «من دون أيّ صوت ناقص» لمصلحة الحريري، «فنحن عندما نعطي نعطي كاملاً، ولا نسمح بأيّ خَلل». وفي هذه الأجواء، برَزت زيارة رئيس مؤسسة الانتربول نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر إلى «بيت الوسط» بعد ظهر أمس حيث التقى الحريري وعرَض معه للتطوّرات السياسية الراهنة، وقد استبقاه الحريري إلى مائدة الغداء.
أمّا وأنّ التكليف قد بات محسوماً للحريري، فإنّ الأنظار بدأت تشخص إلى مرحلة التأليف، والسؤال المطروح الذي يبحث عن إجابة يتركّز حول المدى الزمني الذي ستستغرقه ولادة الحكومة، وكيف سيتمكّن الرئيس المكلّف من تذليل العقبات التي قد تؤخّر هذه الولادة.
أسئلة مطروحة
وفي هذا السياق، تُطرَح أيضاً أسئلة عدة وملِحّة، أبرزُها: كيف سيتصرّف الحريري بعد التكليف، وأيّ برنامج سيطرحه، وهل سيَعتمد منطق التصلّب أم سيذهب إلى «تنازلات» متبادلة مع القوى الأخرى؟ وكيف سيتجاوز «عقدة» حزب الله الذي هو أحد المكوّنات التي ستشارك في الحكومة؟ هل سينفتح عليه أم أنّ المتاريس ستظلّ قائمة بينهما؟ وما هي نتيجة ذلك إنْ بقيَ الحال على ما هو عليه؟
وكيف سيتجاوز الحريري «عقدة» برّي، وكلُّ ما يحوط بعين التينة يشير إلى امتعاض لدى رئيس المجلس النيابي من أداء الحريري في مرحلة الترشيح؟ وماذا لو طالَ أمد التأليف وتُرجم احتمال الفشل؟ وكيف سيكون الحال حينئذٍ؟
الحكومة التي ستُشكّل عمرُها الفعليّ بضعة أشهر لا تزيد عن أيار المقبل، وكلّما طالَ زمن التأليف قصرَ عمر الحكومة، فأيّ حكومة ستكون في بداية العهد؟ وهل إنّ حكومة مبتورة تشكّل انطلاقةً قوية له؟ أم أنّها تقدّم علامة كَسرة معنوية له أوّلاً ولأهل الحكومة ثانياً، وللبلد بالدرجة الأولى؟
كلّ الاحتمالات واردة، وليس في الإمكان رسمُ صورة واضحة عمّا سيؤول إليه الواقع السياسي.
فالرئيس عون هو أكثر حماسةً لإطلاق عهدِه بشعاراته الكبرى، إصلاحاً وتغييراً، وبالتالي أيّ نوع من العراقيل قد تعترض مسارَ انطلاقة العهد الجديد؟
هناك من يعتقد أنّ رئيس الجمهورية لن يتأخّر في التقاط المبادرة ومحاولة نفخِ الروح في الجسد السياسي، ووضعِ البلاد بقواها السياسية أمام لحظة المسؤولية التي تتطلّب تنازلات متبادلة، وصولاً إلى وضعِ البلد على السكّة المؤدية إلى برّ الأمان السياسي والأمني والاقتصادي والمعيشي والمالي.
لكنّ السؤال المطروح أيضاً: كيف سينجح العهد وكيف سيبني عون دولةً على الصخر كما وعَد اللبنانيين؟ الأهمّ هو أن لا تبرز في طريق العهد رمالٌ متحرّكة يستعصي بناء الدولة الموعودة عليها.
برّي
وأكّد بري أمام زوّاره أنّ خطاب القسَم كان جيّداً وأنّ عون كان هادئاً طوال الجلسة الانتخابية. وأبدى بري استياءَه من مواقف وتصرّفات بعض المحيطين بعون، وقال: «ألله يحميه ممّن حوله، فالمجلس النيابي انتخبَ شخصاً واحداً هو عون».
وعن موضوع الاستشارات النيابية الملزمة، وهل سيسمّي أحداً لرئاسة الحكومة، قال بري: «لم نتّخذ قراراً نهائياً بعد بالتسمية مِن عدمِها». وأضاف: «نحن وحزب الله في موقفٍ واحد انطلاقاً من محطات سابقة كنّا فيها معاً».
«الحزب»
وعلى مسافة أيام من الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله بعد ظهر بعد غدٍ الجمعة في احتفال تكريمي، والتي قد يتطرّق فيها إلى الانتخابات الرئاسية والملفّ الحكومي، اعتبَر نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّ أمام الحكومة مهمّتين كبيرتين أساسيتين للعهد الجديد، الأولى: تشكيل حكومة وحدة وطنية لتكون جميع الأطياف السياسية متمثّلة قدر الإمكان فيها، ما يحقّق المشاركة الحقيقية ويساعد على النهوض بلبنان.
والمهمّة الثانية: إقرار قانون انتخابات عادل على قاعدة النسبية، ما يساهم في إعادة إنتاج السلطة بما يعزّز حضور الشعب ورقابتَه على عمل الحكومة.
ووصَف قاسم خطابَ القسَم بأنه «خطاب وطنيّ واستقلالي بامتياز، ويصلح كقواعد وخطط لبرامج عمل سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية»
واشنطن تستعجل التأليف
وفي هذه الأجواء، استعجَلت الولايات المتحدة الأميركية تأليفَ حكومة العهد. وأشار وزير خارجيتها جون كيري خلال اتّصاله هاتفياً بعون لتهنئته بانتخابه رئيساً للجمهورية، إلى أنّ بلاده، كما المجتمع الدولي، يتطلّعان إلى تشكيل حكومة جديدة في أقرب وقتٍ ممكن، مؤكّداً وقوفَ الولايات المتحدة إلى جانب لبنان والتزامَها دعمَ الجيش اللبناني في مواجهته للإرهاب وسعيه لتعزيز الاستقرار.
وكان كيري قد اتّصَل بالحريري لتهنئته بانتخاب عون وبالدور الذي لعبَه في وضعِ حدّ للشغور الرئاسي. وأكّد الحريري لكيري تفاؤله بـ»أنّ اكتمال النصاب الدستوري سيَسمح بإعادة تفعيل المؤسسات والشروع بمواجهة التحدّيات العديدة التي يواجهها لبنان واللبنانيون».
وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ الاتصال بين كيري وعون دام نحو ربع ساعة، وتناولَ مختلف التطوّرات على الساحتين الداخلية والمنطقة، على المستويات كافة. واستهلّه كيري بتهنئة عون بانتخابه، متمنّياً له التوفيقَ في المهمّات الجسام الملقاة على عاتقه، ومبدياً اهتماماً بالغاً بلبنان والوضع فيه والمنطقة.
وبعدما شرَح عون الخطوات التي باشرَ بها، تمنّى له كيري النجاح في تأليف الحكومة الجديدة في أسرع وقت ممكن لتكتملَ وتنتظمَ العلاقات بين المؤسسات الدستورية بعد مرحلة الشغور التي طالت.
وردَّ عون شاكراً له التهنئة وحجمَ الاستعدادات الأميركية لمساعدة لبنان في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها في محيط متقلّب ومشتعل، مؤكّداً أنّه يولي الأهمّية القصوى في هذه المرحلة لتقوية الجيش وزيادة حجم المساعدات العسكرية الحيوية التي يحتاج إليها نتيجة المهمّات الكبيرة المكلّف بها والملقاة على عاتقه في الداخل وعلى الحدود.
ولفتَ عون إلى «أنّ لبنان شريك فاعل ومتعاون مع عدد من دول العالم في مواجهة الإرهاب، ولذلك فإنّ المؤسسات العسكرية والأمنية تحتاج إلى إمكانات متطوّرة ونوعية تعزّز من تصميمها وقدراتها في هذه المواجهة»، مؤكّداً «جهوزيتَها الدائمة في هذه الحرب».
وفي جانب من الاتّصال، تطرّقَ البحث إلى الوضع القائم في المنطقة، وخصوصاً ما يجري في سوريا. فشرَح كيري الجهود التي تبذلها بلاده مع شركائها في هذا الملف، والسعي إلى حلّ سياسي يؤدّي إلى وقفِ العمليات العسكرية لتجدَ الأزمة حلولها الممكنة.
وردَّ العماد عون متمنّياً نجاحَ هذه المساعي، ومؤكّداً «أنّ مصلحة لبنان كبيرة وحيوية، فأيّ حلّ سياسي للأزمة السورية ينعكس علينا في لبنان إيجاباً من نواحٍ عدة، وأبرزُها وأكبرها خطراً يتجلى في أزمة النازحين السوريين في لبنان، فإلى جانب وقفِ المأساة الإنسانية التي يعيشونها، مِن المهمّ جداً التخفيف من انعكاساتها السلبية التي ينوء لبنان تحتها من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية وخلافها».
وردّ كيري مؤكّداً أنّ بلاده «تسعى بأقصى جهودها سعياً إلى الحلّ في سوريا، وهي لن توفّر فرصة ممكنة للتخفيف من انعكاساتها على لبنان، ليعود معافى وسليماً ومستقرّاً خلال عهدِك وليسترجعَ لبنان هدوءَه الدائم». وخَتم مؤكّداً لعون أنّ بلاده «تدعم بكلّ قواها الخطوات التي ينوي القيام بها في هذا الاتّجاه».
في بعبدا
وكانت الحياة السياسية قد عادت لتدبَّ في أرجاء قصر بعبدا بعد طول انقطاع، حيث بدأ عون نشاطه الرسمي بلقاء قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي هنّأه بانتخابه، وعرضَ معه لشؤون المؤسسة العسكرية والأوضاع الأمنية. ووقّع قهوجي مذكّرةً بفصل التشكيلات وعيّن العميد سليم الفغالي قائداً للحرس الجمهوري، على أن يتسلّم مهمّاته في 7 تشرين الثاني الحالي.
وافتتح عون نشاطه الرسمي بلقاء وفدٍ من المطارنة الموارنة موفَداً من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لتقديم التهنئة بانتخابه.
الملك سلمان
وتلقّى عون مزيداً من التهاني المحلّية والإقليمية والدولية، وكان أبرزها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي اتّصَل به هاتفياً وهنّأه بانتخابه وتمنّى له التوفيق والنجاح في مسؤولياته الوطنية الجديدة.
وأفادت معلومات رسمية أنّ العاهل السعودي أكّد لعون «حرصَ المملكة العربية السعودية على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وعلى العلاقات الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين.
وقد شكرَ الرئيس عون العاهل السعودي على تهنئته مقدّراً للمملكة العربية السعودية حرصَها على تشجيع اللبنانيين على التلاقي والوحدة، متمنّياً أن تستمرّ المملكة بدعم لبنان في المجالات كافة. وفي نهاية الاتّصال جدّد العاهل السعودي التأكيد على اهتمام المملكة بلبنان واللبنانيين».
ومِن جهتها أفادت «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية أنّ الملك سلمان أكّد لعون «وقوفَ المملكة العربية السعودية مع لبنان ووحدته، متمنّياً لفخامته التوفيقَ وللجمهورية اللبنانية وشعبِ لبنان الشقيق الرخاءَ والاستقرار. وقد عبّر الرئيس اللبناني عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على التهنئة وعلى مشاعره تجاه لبنان وشعبه».
بدوره، أرسل ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود برقيتي تهنئة للرئيس عون.
مجلس الامن
من جهته، رحب مجلس الامن بانتخاب عون. ودعا الى تشكيل حكومة في اسرع وقت وإجراء انتخابات نيابية في ايار المقبل.
وجاء في بيان صادر عن الاعضاء الـ15 في مجلس الامن ان «تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخاب برلمان جديد بحلول ايار يشكلان امرين اساسيين لاستقرار لبنان وقدرته على مواجهة التحديات الاقليمية».
واضاف: «ان مجلس الامن يدعو مرة جديدة اللبنانيين الى «النأي بالنفس» عن النزاع في سوريا والى «وقف كل تورط في الازمة السورية». وقال ان «الحفاظ على الاستقرار في لبنان امر حاسم للحفاظ على الاستقرار والامن الاقليميين».
واعتبر البيان ان انتخاب عون «يشكل مرحلة كانت مطلوبة منذ زمن طويل، وحاسمة لتجاوز الازمة السياسية والدستورية في لبنان»، داعيا الرئيس الجديد والقادة السياسيين اللبنانيين الى «المضي في العمل بشكل بنّاء».
أسئلة مطروحة
وفي هذا السياق، تُطرَح أيضاً أسئلة عدة وملِحّة، أبرزُها: كيف سيتصرّف الحريري بعد التكليف، وأيّ برنامج سيطرحه، وهل سيَعتمد منطق التصلّب أم سيذهب إلى «تنازلات» متبادلة مع القوى الأخرى؟ وكيف سيتجاوز «عقدة» حزب الله الذي هو أحد المكوّنات التي ستشارك في الحكومة؟ هل سينفتح عليه أم أنّ المتاريس ستظلّ قائمة بينهما؟ وما هي نتيجة ذلك إنْ بقيَ الحال على ما هو عليه؟
وكيف سيتجاوز الحريري «عقدة» برّي، وكلُّ ما يحوط بعين التينة يشير إلى امتعاض لدى رئيس المجلس النيابي من أداء الحريري في مرحلة الترشيح؟ وماذا لو طالَ أمد التأليف وتُرجم احتمال الفشل؟ وكيف سيكون الحال حينئذٍ؟
الحكومة التي ستُشكّل عمرُها الفعليّ بضعة أشهر لا تزيد عن أيار المقبل، وكلّما طالَ زمن التأليف قصرَ عمر الحكومة، فأيّ حكومة ستكون في بداية العهد؟ وهل إنّ حكومة مبتورة تشكّل انطلاقةً قوية له؟ أم أنّها تقدّم علامة كَسرة معنوية له أوّلاً ولأهل الحكومة ثانياً، وللبلد بالدرجة الأولى؟
كلّ الاحتمالات واردة، وليس في الإمكان رسمُ صورة واضحة عمّا سيؤول إليه الواقع السياسي.
فالرئيس عون هو أكثر حماسةً لإطلاق عهدِه بشعاراته الكبرى، إصلاحاً وتغييراً، وبالتالي أيّ نوع من العراقيل قد تعترض مسارَ انطلاقة العهد الجديد؟
هناك من يعتقد أنّ رئيس الجمهورية لن يتأخّر في التقاط المبادرة ومحاولة نفخِ الروح في الجسد السياسي، ووضعِ البلاد بقواها السياسية أمام لحظة المسؤولية التي تتطلّب تنازلات متبادلة، وصولاً إلى وضعِ البلد على السكّة المؤدية إلى برّ الأمان السياسي والأمني والاقتصادي والمعيشي والمالي.
لكنّ السؤال المطروح أيضاً: كيف سينجح العهد وكيف سيبني عون دولةً على الصخر كما وعَد اللبنانيين؟ الأهمّ هو أن لا تبرز في طريق العهد رمالٌ متحرّكة يستعصي بناء الدولة الموعودة عليها.
برّي
وأكّد بري أمام زوّاره أنّ خطاب القسَم كان جيّداً وأنّ عون كان هادئاً طوال الجلسة الانتخابية. وأبدى بري استياءَه من مواقف وتصرّفات بعض المحيطين بعون، وقال: «ألله يحميه ممّن حوله، فالمجلس النيابي انتخبَ شخصاً واحداً هو عون».
وعن موضوع الاستشارات النيابية الملزمة، وهل سيسمّي أحداً لرئاسة الحكومة، قال بري: «لم نتّخذ قراراً نهائياً بعد بالتسمية مِن عدمِها». وأضاف: «نحن وحزب الله في موقفٍ واحد انطلاقاً من محطات سابقة كنّا فيها معاً».
«الحزب»
وعلى مسافة أيام من الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله بعد ظهر بعد غدٍ الجمعة في احتفال تكريمي، والتي قد يتطرّق فيها إلى الانتخابات الرئاسية والملفّ الحكومي، اعتبَر نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّ أمام الحكومة مهمّتين كبيرتين أساسيتين للعهد الجديد، الأولى: تشكيل حكومة وحدة وطنية لتكون جميع الأطياف السياسية متمثّلة قدر الإمكان فيها، ما يحقّق المشاركة الحقيقية ويساعد على النهوض بلبنان.
والمهمّة الثانية: إقرار قانون انتخابات عادل على قاعدة النسبية، ما يساهم في إعادة إنتاج السلطة بما يعزّز حضور الشعب ورقابتَه على عمل الحكومة.
ووصَف قاسم خطابَ القسَم بأنه «خطاب وطنيّ واستقلالي بامتياز، ويصلح كقواعد وخطط لبرامج عمل سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية»
واشنطن تستعجل التأليف
وفي هذه الأجواء، استعجَلت الولايات المتحدة الأميركية تأليفَ حكومة العهد. وأشار وزير خارجيتها جون كيري خلال اتّصاله هاتفياً بعون لتهنئته بانتخابه رئيساً للجمهورية، إلى أنّ بلاده، كما المجتمع الدولي، يتطلّعان إلى تشكيل حكومة جديدة في أقرب وقتٍ ممكن، مؤكّداً وقوفَ الولايات المتحدة إلى جانب لبنان والتزامَها دعمَ الجيش اللبناني في مواجهته للإرهاب وسعيه لتعزيز الاستقرار.
وكان كيري قد اتّصَل بالحريري لتهنئته بانتخاب عون وبالدور الذي لعبَه في وضعِ حدّ للشغور الرئاسي. وأكّد الحريري لكيري تفاؤله بـ»أنّ اكتمال النصاب الدستوري سيَسمح بإعادة تفعيل المؤسسات والشروع بمواجهة التحدّيات العديدة التي يواجهها لبنان واللبنانيون».
وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ الاتصال بين كيري وعون دام نحو ربع ساعة، وتناولَ مختلف التطوّرات على الساحتين الداخلية والمنطقة، على المستويات كافة. واستهلّه كيري بتهنئة عون بانتخابه، متمنّياً له التوفيقَ في المهمّات الجسام الملقاة على عاتقه، ومبدياً اهتماماً بالغاً بلبنان والوضع فيه والمنطقة.
وبعدما شرَح عون الخطوات التي باشرَ بها، تمنّى له كيري النجاح في تأليف الحكومة الجديدة في أسرع وقت ممكن لتكتملَ وتنتظمَ العلاقات بين المؤسسات الدستورية بعد مرحلة الشغور التي طالت.
وردَّ عون شاكراً له التهنئة وحجمَ الاستعدادات الأميركية لمساعدة لبنان في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها في محيط متقلّب ومشتعل، مؤكّداً أنّه يولي الأهمّية القصوى في هذه المرحلة لتقوية الجيش وزيادة حجم المساعدات العسكرية الحيوية التي يحتاج إليها نتيجة المهمّات الكبيرة المكلّف بها والملقاة على عاتقه في الداخل وعلى الحدود.
ولفتَ عون إلى «أنّ لبنان شريك فاعل ومتعاون مع عدد من دول العالم في مواجهة الإرهاب، ولذلك فإنّ المؤسسات العسكرية والأمنية تحتاج إلى إمكانات متطوّرة ونوعية تعزّز من تصميمها وقدراتها في هذه المواجهة»، مؤكّداً «جهوزيتَها الدائمة في هذه الحرب».
وفي جانب من الاتّصال، تطرّقَ البحث إلى الوضع القائم في المنطقة، وخصوصاً ما يجري في سوريا. فشرَح كيري الجهود التي تبذلها بلاده مع شركائها في هذا الملف، والسعي إلى حلّ سياسي يؤدّي إلى وقفِ العمليات العسكرية لتجدَ الأزمة حلولها الممكنة.
وردَّ العماد عون متمنّياً نجاحَ هذه المساعي، ومؤكّداً «أنّ مصلحة لبنان كبيرة وحيوية، فأيّ حلّ سياسي للأزمة السورية ينعكس علينا في لبنان إيجاباً من نواحٍ عدة، وأبرزُها وأكبرها خطراً يتجلى في أزمة النازحين السوريين في لبنان، فإلى جانب وقفِ المأساة الإنسانية التي يعيشونها، مِن المهمّ جداً التخفيف من انعكاساتها السلبية التي ينوء لبنان تحتها من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية وخلافها».
وردّ كيري مؤكّداً أنّ بلاده «تسعى بأقصى جهودها سعياً إلى الحلّ في سوريا، وهي لن توفّر فرصة ممكنة للتخفيف من انعكاساتها على لبنان، ليعود معافى وسليماً ومستقرّاً خلال عهدِك وليسترجعَ لبنان هدوءَه الدائم». وخَتم مؤكّداً لعون أنّ بلاده «تدعم بكلّ قواها الخطوات التي ينوي القيام بها في هذا الاتّجاه».
في بعبدا
وكانت الحياة السياسية قد عادت لتدبَّ في أرجاء قصر بعبدا بعد طول انقطاع، حيث بدأ عون نشاطه الرسمي بلقاء قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي هنّأه بانتخابه، وعرضَ معه لشؤون المؤسسة العسكرية والأوضاع الأمنية. ووقّع قهوجي مذكّرةً بفصل التشكيلات وعيّن العميد سليم الفغالي قائداً للحرس الجمهوري، على أن يتسلّم مهمّاته في 7 تشرين الثاني الحالي.
وافتتح عون نشاطه الرسمي بلقاء وفدٍ من المطارنة الموارنة موفَداً من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لتقديم التهنئة بانتخابه.
الملك سلمان
وتلقّى عون مزيداً من التهاني المحلّية والإقليمية والدولية، وكان أبرزها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي اتّصَل به هاتفياً وهنّأه بانتخابه وتمنّى له التوفيق والنجاح في مسؤولياته الوطنية الجديدة.
وأفادت معلومات رسمية أنّ العاهل السعودي أكّد لعون «حرصَ المملكة العربية السعودية على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وعلى العلاقات الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين.
وقد شكرَ الرئيس عون العاهل السعودي على تهنئته مقدّراً للمملكة العربية السعودية حرصَها على تشجيع اللبنانيين على التلاقي والوحدة، متمنّياً أن تستمرّ المملكة بدعم لبنان في المجالات كافة. وفي نهاية الاتّصال جدّد العاهل السعودي التأكيد على اهتمام المملكة بلبنان واللبنانيين».
ومِن جهتها أفادت «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية أنّ الملك سلمان أكّد لعون «وقوفَ المملكة العربية السعودية مع لبنان ووحدته، متمنّياً لفخامته التوفيقَ وللجمهورية اللبنانية وشعبِ لبنان الشقيق الرخاءَ والاستقرار. وقد عبّر الرئيس اللبناني عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على التهنئة وعلى مشاعره تجاه لبنان وشعبه».
بدوره، أرسل ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود برقيتي تهنئة للرئيس عون.
مجلس الامن
من جهته، رحب مجلس الامن بانتخاب عون. ودعا الى تشكيل حكومة في اسرع وقت وإجراء انتخابات نيابية في ايار المقبل.
وجاء في بيان صادر عن الاعضاء الـ15 في مجلس الامن ان «تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخاب برلمان جديد بحلول ايار يشكلان امرين اساسيين لاستقرار لبنان وقدرته على مواجهة التحديات الاقليمية».
واضاف: «ان مجلس الامن يدعو مرة جديدة اللبنانيين الى «النأي بالنفس» عن النزاع في سوريا والى «وقف كل تورط في الازمة السورية». وقال ان «الحفاظ على الاستقرار في لبنان امر حاسم للحفاظ على الاستقرار والامن الاقليميين».
واعتبر البيان ان انتخاب عون «يشكل مرحلة كانت مطلوبة منذ زمن طويل، وحاسمة لتجاوز الازمة السياسية والدستورية في لبنان»، داعيا الرئيس الجديد والقادة السياسيين اللبنانيين الى «المضي في العمل بشكل بنّاء».