انتهت 8  و14 آذار، واصبح هنالك خريطة سياسية جديدة على الساحة اللبنانية مع انتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون، ذلك ان ترشيح الرئيس الحريري للرئيس العماد ميشال عون قلب موازين القوى، اضافة الى ان تمسك حزب الله بالرئيس العماد ميشال عون بعد سنتين وخمسة اشهر من الفراغ مرشحاً للرئاسة، واصراره على ذلك جعل حزب الله المنتصر في معركة رئاسة الجمهورية، وأجبر زعيم 14 اذار سعد الحريري على الخضوع لهذا الترشيح. واذا كان الرئيس سعد الحريري قد ايّد ترشيح الرئيس عون لرئاسة الجمهورية لكن الحريري قال في خطابه اثناء اجتماع كتلة المستقبل النيابية انه يؤيد ترشيح الرئيس العماد عون، ورفض كتابة عبارة ان كتلة المستقبل ترشح العماد عون لرئاسة الجمهورية، ورغم تأييد الرئيس الحريري لترشيح الرئيس العماد ميشال عون فان حزب الله لم يسم الحريري لرئاسة الحكومة دون ان نعرف ما هو موقف الرئيس نبيه بري وحركة امل بالنسبة لتسمية الحريري وتكليفه تشكيل الحكومة ام لا. واذا كان موقف حركة امل هو الموقف نفسه الذي سيتخذه حزب الله، لكن رغم ذلك فان الرئيس الحريري سينال 95 صوتاً لتكليفه تشكيل الحكومة. واصبحت هنالك تحالفات جديدة، ومنها ان  الوزير بطرس حرب سيصبح قريباً جداً من الرئيس سعد الحريري وسيتحالف شمالاً مع الوزير سليمان فرنجية، بينما ستدور معركة عنيفة بين الرئيس العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع من جهة والوزير فرنجية  في الشمال في دوائر بشري  «محسومة» وزغرتا والكورة والبترون وطرابلس وعكار والمنية على قاعدة تحالفات جديدة، لان موقف خالد الضاهر الذي ايّد فخامة الرئيس العماد ميشال عون قلب الموازين، وهو ان خالد الضاهر اجتمع مع ضابط سوري ثم اتخذ قراره بتأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، كذلك هنالك خرق سياسي كبير  حققه الوزير اشرف ريفي، انما رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي يستعد لمعركة طرابلس هذه المرة، وسيقودها هو شخصياً بدلاً عن الرئيس سعد الحريري، لكن بالتحالف مع الوزير السابق محمد الصفدي وقوى اخرى، وستحصل في طرابلس معركة حادة جداً وليست سهلة مثل انتخابات البلدية.
اما بالنسبة للعنصر الشيعي فهو يرجح في مناطق عديدة، في جبيل هناك 12 الف صوت شيعي من شأنهم ان يرجحوا الكفة وخصوصاً ان حركة امل وحزب الله متفقان هذه المرة نيابياً في كل المناطق وقد يضع الرئيس بري فيتو على مرشح شيعي اذا كان جبران باسيل قد اختار مرشحاً شيعياً في جبيل، وطبعاً يكون حزب الله مع بري. وهنا يؤدي العنصر الشيعي الدور المرجح في المعركة الانتخابية.
اما في كسروان، فان تحالف العونيين والقوات اللبنانية سيكون الاقوى. لكن ملامح تأليف اللائحة عبر مرشح مستقل آخر ينضم الى لائحة القوات اللبنانية والعونيين غير محسوم حتى الآن، مع العلم ان العميد المتقاعد المغوار شامل روكز سيترشح في كسروان وله شعبية كبيرة فيها تجعله يصل الى مجلس النواب بسهولة.
اما في المتن الشمالي، فخريطة المعركة هي ان العونيين والقوات اللبنانية سيشكلان لائحة مشتركة ضد الرئيس امين الجميل. وهذه المرة قرر الرئيس العماد عون والدكتور جعجع انهاء حزب الكتائب في المتن الشمالي وضرب نفوذ الرئيس الاسبق امين الجميل، لانهم يعتبرون موقفه في انتخابات الرئاسة «متذبذب». وهناك من يقول ان الحلف القواتي والعوني قد يضم الياس المر للائحة وعندها يصبح وضع حزب الكتائب صعباً جداً.
اما في المتن الجنوبي، العنصر الشيعي هو المرجح بنسبة كبيرة ويصل عدد المقترعين الشيعة الى 22 الف صوت، وهنا يؤدي  تحالف الرئيس بري والوزير جنبلاط مع حزب الله الدور الاكبر واذا تحالف حزب الله والرئيس بري فان الصوت الشيعي الذي يصل الى 22 الف صوتاً سيرجح المعركة، اضافة الى دروز منطقة المتن الجنوبي، وصولاً الى صاليما حيث ان جنبلاط سيؤيد الرئيس بري بهذه المعركة ولذلك اذا كان الجو متوتراً بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري بسبب الوزير جبران باسيل نائب رئيس الجمهورية، فان المعركة ستكون شرسة في المتن الجنوبي، فعدد اصوات الناخبين الدروز يصل الى 18 الف صوت والشيعة 22 الف صوت، وعدد المسيحيين 54 الف صوت، وهناك تكون المعركة شرسة، لكن الرئيس العماد عون يريد ان يتفاهم مع الرئيس بري والنائب جنبلاط على معركة المتن الجنوبي، وسيحاول ابعاد جبران باسيل عن تأليف اللائحة.
وبالنسبة لعاليه، سيتحالف جنبلاط مع العونيين والقوات اللبنانية في منطقة عاليه. اما في الشوف فسيتحالف جنبلاط مع الرئيس عون والدكتور جعجع. وعلى الارجح، فان نائبي اقليم الخروب سيعودان هما ذاتهما ، لان الرئيس الحريري يريد التفاهم مع جنبلاط مهما كلف الامر. ولذلك فجنبلاط راض عن إعطاء الحريري حصة في اقليم الخروب، ومعركة الشوف ستكون بقيادة وليد جنبلاط.
اما في الجنوب، فان حركة امل وحزب الله اي العنصر الشيعي سيكون كاسحاً، وفي البقاع الشمالي - الشرقي، والبقاع الاوسط، فان العنصر الشيعي سيكون له الدور الاكبر، لكن في القطاع الاوسط  يصل عدد الناخبين السنّة الى 20 الف صوت يحدد مصير لائحة زحلة الى حد ما اذا اختلف المسيحيون فيما بينهم، لان الرئيس الحريري وسامي الجميل يريدان التحالف في زحلة فيما الرئيس عون  والدكتور جعجع يريدان ان يخوضا المعركة معاً في تلك المنطقة. ويعتقد الرئيس عون انه سيساهم مع الحريري على حلحلة موضوع زحلة.

 التوتر يزداد  بين بري ونائب رئيس الجمهورية باسيل 

لكن التوتر يزداد يوماً بعد يوم بين الرئيس نبيه بري وبين  نائب رئيس الجمهورية جبران باسيل عبر تصريحاته، واذا اشتعل الفتيل عبر تشكيل الحكومة ودور جبران باسيل، فان الرئيس نبيه بري سيذهب الى زيارة الرئيس العماد ميشال عون في بعبدا ويطلب منه حسم الامور، إما التفاهم بين الرئيسين عون وبري وتحجيم دور نائب رئيس الجمهورية جبران باسيل وإما خوض المعركة بينهما على مساحة لبنان كلها. وهنا سيكون صعباً على العماد عون التخلي عن نائبه جبران باسيل ولكن الذي سيلعب الدور الاكبر في ايجاد وضعية جديدة هو حزب الله الذي سيوقف المفاوضات الثنائية في عين التينة بين التيار الوطني الحر وحزب الله ويبلغ عون انه يثق بالوزير جبران باسيل ولكن هنالك حدود لحركة الوزير باسيل يجب ان يلتزم بها واهمها ان لا تحصل مجابهة في المواقف والتصريحات والخطابات الاستفزازية من باسيل ضد مواقف الرئيس نبيه بري، وسيسأل بري الرئيس العماد عون هل ان ما  يقوله الوزير جبران باسيل هو بأمر منه، ام ان باسيل يتصرف بوكالة عن عون وفق مزاجه.
 ثم هنالك بيروت، فالمنطقة المسيحية فيها سيكتسحها تيار الرئيس عون والقوات والطاشناق والارمن، ولن تكون هنالك حصة للحريري في تلك المنطقة، وهناك شرط وضعه الدكتور سمير جعجع هو ابعاد النائبة نايلة  تويني عن النيابة في الاشرفية، اما في بيروت الغربية، فسيحسم الامر الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل لكن مع اعطاء نائب شيعي للرئيس بري او لحزب الله، ولم يعد هناك فرق في الامر، فاصبح الكلام عن الرئيس بري وحزب الله كلام من الماضي، بل ان هنالك جبهة واحدة بين الحزب والحركة، وسيعطي الحريري وزيرا درزياً لجنبلاط ومع ان الوزير غازي العريضي لم يتصرف يوماً خارج ولاء الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، فهنالك كلام كثير عن جنبلاط له مآخذ على الوزير العريضي، ولا احد يعرف من سيكون المرشح الدرزي في بيروت. مع العلم انه حتى هذه اللحظة وضمن الحزب الاشتراكي واللقاء الديموقراطي، فان جنبلاط يشرك الوزير غازي العريضي  في اكثرية المفاوضات والمهمات.

 المشكلة الاقتصادية 

وفي المجال الاقتصادي هنالك مشكلة حقيقية. واذا كان الرئيس بري قام بالجهد الكبير لإقرار قوانين مالية في مجلس النواب وقدم بعضاً منها مصرف لبنان ووزارة المالية فان هنالك مشكلة الثقة بالدولة. وما لم يقم الرئيس عون والرئيس سعد الحريري والحكومة بتقديم خطة عمل وبرنامج حكم، فان الثقة ستبقى مفقودة وستبقى الودائع في المصارف 190 مليار دولار، لانه اذا حصلت الثقة عند المواطن بان الحكومة جدية وستقوم بعصرنة الاقتصاد اللبناني اذ ان مؤسسات الدولة اقتصادياً  متخلفة 20 سنة عن الدول العادية. ومن يرى الدوائر المالية والعقارية وعمل المرفأ ومطار بيروت الدولي والصناعة والزراعة كلها متخلفة، بالاضافة الى الدوائر  المالية وموضوع الفرز والضم الذي ما زال يكتب على الورق ودون مكننة كاملة، فان المواطن لن يكون له ثقة في الدولة ولن يتجرأ على سحب امواله من المصارف للاستثمار، وسيبقي على امواله في هذه المصارف دون سحبها وعدم الاستثمار وتحريك الوضع الاقتصادي اللبناني. واذا استطاعت رئاسة الجمهورية اللبنانية والحكومة اللبنانية ومجلس الوزراء  تقديم برنامج عمل وثقة للاقتصاد، فيرتفع النمو بنسبة 4% . واذا لم تقم الحكومة بتقديم خطة عمل عبر بيانها الوزاري باعطاء وعود دون برنامج عمل وتحقيق جدول اعمال ومواعيد بتنفيذ خطوات اقتصادية عصرية، فان الاقتصاد اللبناني سيبقى كما هو ويتراجع الى الوراء.، لكن الامل كبير بعهد الرئيس العماد ميشال عون، وكذلك الامل كبير في فكر الرئيس سعد الحريري اقتصادياً وكرجل اعمال، وعليهما واجبات، واذا لم يفعلا ذلك فلن يتقدم الاقتصاد، وعندهما فرصة للتقدم بوجود 190 مليار دولار كودائع في المصارف اللبنانية، اضافة الى الغاز والنفط المكتشف في البحر اللبناني والبر كي يستثمرون وننطلق باقتصاد يلغي الفقر الذي انتشر في لبنان بنسبة 85%.