أما وقد طوى لبنان صفحة الشغور والشعور بوصمة الفراغ التي لطخت سمعة الوطن طيلة عامين ونصف العام، فإنّ هاتف قصر بعبدا استعاد خلال 24 ساعة حرارته العربية والدولية لتتوالى معها اتصالات التهنئة بانتهاء الأزمة الرئاسية، وأبرزها أمس اتصال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس ميشال عون لتأكيد وقوف السعودية «مع لبنان ووحدته»، أعقبته برقيتا تهنئة من ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. بينما كانت واشنطن قد عبّرت على لسان وزير خارجيتها جون كيري للرئيس المنتخب عن «التزامها دعم الجيش اللبناني» وللرئيس سعد الحريري عن تقديرها للدور الوطني الذي لعبه في سبيل إنهاء الشغور الرئاسي. وإلى الملف الحكومي تنتقل بوصلة الحدث اللبناني اليوم مع انطلاق الاستشارات النيابية المُلزمة في القصر الجمهوري، على أن تنتهي صباح الغد بتكليف الحريري تأليف حكومة العهد الأولى بموجب أكثرية نيابية وازنة داعمة لتوليه سدة الرئاسة الثالثة.

وعشية الاستشارات، أعلنت كتلة «المستقبل» النيابية ترشيحها الرئيس الحريري لتولي رئاسة الحكومة العتيدة، متطلعةً مع انطلاق العهد الجديد إلى «نتائج إيجابية للتعاون بين الرئيسين عون والحريري انسجاماً مع أحكام الدستور واتفاق الطائف»، سيما وأنّ الكتلة التي اجتمعت أمس في بيت الوسط برئاسة الحريري نوهت «بالمضمون الإيجابي لخطاب القسم وعلى وجه التحديد ما جرى التأكيد عليه لجهة احترام الدستور والقوانين والتمسك بتنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، والسعي لتعزيز الوحدة الوطنية وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة والتأكيد على دور الجيش اللبناني في الدفاع عن لبنان، واحترام المواثيق والقرارات الدولية وميثاق جامعة الدول العربية، وضرورة سلوك طريق الإصلاح». وعلى الأثر، تلقف تكتل «التغيير والإصلاح» ترشيح الحريري معلناً «التأييد الفوري« لتسميته رئيساً للحكومة حسبما أكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عقب ترؤسه اجتماع التكتل في الرابية أمس، موضحاً أنّ «هذه التسمية طبيعية لا تحتاج إلى تبرير وليست تسوية«، وأردف قائلاً: «أصواتنا ستكون كلها لدولة الرئيس الحريري لأنه اعترف بنا، وأي صعوبة ستواجهه سنقف معه لحلها. أما من يرفضنا فسنرفضه، هذا النهج سنعتمده ليكون لدينا مبدأ متساوٍ بمفهومنا لتطبيق الميثاق ونأمل أن تصل الاستشارات بسرعة الى تسمية الرئيس الحريري لنبدأ سريعاً بتأليف الحكومة«.

الملك سلمان

بالعودة إلى اتصال خادم الحرمين برئيس الجمهورية، فقد أعلن كل من القصر الجمهوري ووكالة «واس» السعودية ليلاً أنّ الملك سلمان هنأ خلال الاتصال عون بانتخابه رئيساً مؤكداً حرص المملكة العربية السعودية على لبنان ووقوفها معه ومع وحدته، بينما شكره عون على تهنئته مقدّراً للسعودية حرصها على تشجيع اللبنانيين على التلاقي والوحدة، ومتمنياً أن تستمر المملكة بدعم لبنان في المجالات كافة.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) مساء أن ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بعث برقية تهنئة للرئيس عون بمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية، قال فيها: «يسعدني بمناسبة انتخابكم رئيساً للجمهورية اللبنانية، أن أعرب لفخامتكم عن أصدق التهاني، وأطيب التمنيات بدوام الصحة والسعادة، والمزيد من الرقي والازدهار لشعب الجمهورية اللبنانية الشقيق«.

كما بعث ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع برقية تهنئة للرئيس عون قال فيها: «يطيب لي بمناسبة انتخابكم رئيساً للجمهورية اللبنانية، أن أبعث لفخامتكم أصدق التهاني، وأطيب التمنيات بدوام الصحة والسعادة، والمزيد من التطور والازدهار لشعب الجمهورية اللبنانية الشقيق«.

كذلك تلقى رئيس الجمهورية اتصال تهنئة أمس من وزير الخارجية الأميركية أكد له خلاله «وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب لبنان والتزامها دعم الجيش اللبناني في مواجهته للإرهاب وسعيه لتعزيز الاستقرار«، مع إشارته إلى أنّ «واشنطن كما المجتمع الدولي يتطلعان إلى تشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن«. في حين شدد عون على «أهمية استمرار المساعدات الأميركية للجيش« وضرورة «الوصول إلى حل سياسي سريع للأزمة السورية« باعتبار ذلك «سينعكس إيجاباً على الوضع في لبنان من مختلف جوانبه لا سيما في ما خص إيجاد حل لمأساة النازحين السوريين فيه«.

كما تلقى عون مساءً، اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هنأه فيه بانتخابه وتداول معه في أوضاع المنطقة، فأبدى رئيس الجمهورية أمله بأن «تستمر المنظمات التابعة للأمم المتحدة بدعم لبنان على مختلف الصعد«.

كيري يتصل الحريري

وكان كيري قد اتصل أمس بالرئيس الحريري هنأه خلاله على انتخاب عون رئيساً للجمهورية وعلى الدور الذي لعبه في وضع حد للشغور الرئاسي. بينما أعرب الحريري لوزير الخارجية الأميركية عن تفاؤله بأنّ اكتمال النصاب الدستوري سيسمح بإعادة تفعيل المؤسسات والشروع بمواجهة التحديات العديدة التي يواجهها لبنان واللبنانيون.