انتهى المشهد الانتخابي الرئاسي يوم أمس إلى إنهاء الفراغ المدمِّر في موقع رئاسة الجمهورية، والذي استمرّ على مدى عامين ونصف، وبالرغم من بعض الشوائب في المشهد الانتخابي إلا أنه تكلّل بالنجاح الديمقراطي، وقد سعى رئيس المجلس إلى معالجة الثغرات في وقتها، وأفضى الاقتراع وفقًا لأحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.
ميشال عون رئيسا للجمهورية، وقد تحوّل وفق الدستور اللبناني من طرف سياسي إلى حَكَم، وتحوّل إلى قائد للبلاد والجمهورية بعد أن كان رئيسا لتكتُّل نيابي في الجمهورية، وبذلك يُعتبر العماد ميشال عون رمزًا وطنيا على مستوى البلاد وحَكمًا في أي مشكلة يتعرّض لها البلد .
لذلك فإنّ على شريحة كبيرة من اللبنانين أن تفتح صفحة جديدة في الواقع اللبناني لتتلاءم أكثر مع المستجدّات السياسية والدستورية، على أنّ التعاطي مع الرئيس العماد ميشال عون كرئيس للبلاد، يختلف عن كونه خصمًا سياسيا أو رئيسًا لتيّار سياسي لبناني، على أمل أن يكون وصول الرئيس العماد ميشال عون فرصة جديدة له وللّبنانيين لتجاوز المحن والآلام ومعالجة المشكلات والملفّات التي يعاني منها البلد، والتي من أهمها في المرحلة الراهنة قانون الانتخابات وإجراء الانتخابات النيابية وعدم تأجيلها، وهو الذي كان يرفض دومًا التمديد والتأجيل، وعلى أمل أيضًا أن يكون وصوله فرصة أخرى للنهوض بالجمهورية والدولة لمواكبة التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة والجوار .
ميشال عون الرئيس :
لم يعُد العماد ميشال عون رئيسا لحزب أو لتكتل نيابي، الأمر الذي بدا واضحا مع انتخابه رئيسا للجمهورية، وبالتالي فإنّ على ميشال عون الرئيس واجبات تتعلّق بجميع اللبنانين دون استثناء ودون النظر الى انتماءاتهم الطائفية والسياسية والمذهبية، لأنّ عيون الرئيس كبيرة إلى حدّ تنظر إلى جميع اللبنانين بمستوى واحد، بعيدًا عن أي كيدية أو خصومة سابقة أو اختلافات بالرأي سبقت الرئاسة، لذلك على الرئيس المنتخَب أن يمارس رعايته على جميع اللبنانيين بعين واحدة وفق ما أولاه القانون والدستور .
اليوم يبدأ العهد الجديد باستشارات نيابية ملزمة لتكليف من يترأّس حكومة العهد وبذلك يكون الرئيس العتيد على موعد مع الاختبار اللبناني الأول إذ إنّ التكليف مسؤولية كبيرة يوليها للرئيس أعضاء وكتل المجلس النيابي ولذلك فإن الاختيار والتشكيل الفرصة الأولى المتاحة أمام الرئيس لاستعادة الدولة والنهوض بالوطن بعلاقات سوية وراسخة بين أركان الحكم ومن بينهم الرئيس نبيه بري الذي لا يمكن تجاوزه أو تخطّيه تحت أي اعتبارٍ كان، لِما يمثله من حضور وخبرة وجرأة في معالجة قضايا السياسية اللبنانية وباعتباره حكيم البلاد الذي يسعى دائما لمعالجة الملفات وفق ما تقتضيه مصلحة الشعب والدولة .
الرئيس العماد عون أمام تجربة جديدة والبلاد أمام فرصة انتخابه رئيسا للجمهورية وبغض النظر إن كنا معه أو ضده في الخيارات السياسية إلا أنه اليوم رئيسا للبلاد ويمثّل رأس السلطة الممنوحة من القانون والدستور، وبالتالي فإن على أي لبناني أن يدعو له بالتوفيق والسداد من جهة، ومراقبة العهد حسب ما تمليه الأنظمة والقوانين من ناحية ثانية ليكون العهد على مستوى المسؤولية الوطنية الكبرى .