يومان من انقطاع النفس يفصلان النائب سعد الحريري عن تكليفه تشكيل أول حكومة في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون. حسمت معظم القوى مواقفها، باستثناء حركة أمل وحزب الله الذي يضع نفسه في جبهة حكومية واحدة مع الرئيس نبيه بري

 

وفي السنة الـ 26 أتى يوم قيامة التيار الوطني الحر وانتُخب زعيمه ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية. 83 صوتاً حصل عليها نائب كسروان الفتوح، سمحت له بالعودة إلى قصر بعبدا رئيساً تعزف له فرقة موسيقى الجيش لحن التعظيم والنشيد الوطني اللبناني.

ورغم أنه حظي بتأييد كتل من انتماءات سياسية متعارضة، ما أوحى بأنه سيكون رئيساً «وسطياً» بالمعنى السلبي للكلمة، إلا أن رئيس الجمهورية كان واضحاً في خطاب القسم أمس. فإضافة إلى العناوين غير الخلافية، قال عون كلمته في مجلس النواب، عن المقاومة ودورها في التحرير وحماية الوطن، وعن خطر الإرهاب وضرورة ضربه استباقياً وردعه والقضاء عليه. وكلمة «استباقية» هنا، تحيل سامعها مباشرة على التوصيف الذي وضعه حزب الله ــــ وعون نفسه سابقاً ــــ لقتال المقاومة في سوريا. وفضلاً عن ذلك، رفع عون قانون الانتخاب الذي يضمن صحة التمثيل إلى مصاف الثوابت.
طُويت صفحة الفراغ الرئاسي. وغداً، يبدأ «أمر» الحكومة. طوال الأيام والأسابيع التي سبقت انعقاد الجلسة الانتخابية، دأب مستشارو عون والفريق العامل معه على تأكيد أنّ العمل سيبدأ فوراً. صدقت أمس أقاويل هؤلاء، فلم يكد عون يتسلم سلطاته حتى وقّع على مرسوم اعتبر فيه حكومة الرئيس تمام سلام مستقيلة، طالباً منها الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تُشكل حكومة جديدة. أما تاريخ الاستشارات النيابية لتسمية رئيس أولى حكومات العهد الجديد، فحُدِّد في يومي الأربعاء والخميس.

 

 

كل التوقعات والاتفاقات المعقودة قبل الانتخابات الرئاسية، تشير إلى تكليف النائب سعد الحريري ترؤس الحكومة. لكن الأنظار تتجه في اليومين المقبلين صوب كتلتين أساسيتين، هما كتلتا حزب الله وحركة أمل. لم يصدر، حتى ليل أمس، أي قرار عن قيادتي «أمل» و«الحزب». بيد أنّ ما رشح في ما خص استحقاق الرئاسة الثالثة، يشير إلى أن حزب الله يتجه إلى عدم تسمية الحريري، لأسباب عدّة:
أولاً، حزب الله متفق مسبقاً مع عون على أن التفاهم «ما بعد الرئاسي» مع الحريري ليس مُلزماً للحزب. «المرونة» التي أبداها السيد حسن نصر الله تتعلق حصراً بإعلان عدم ممانعته تكليف الحريري تأليف الحكومة.
ثانياً، عدم توقف الحريري عن التهجم على المقاومة.
ثالثاً، موقف الحريري من الحرب الدائرة في سوريا وشراكته ورعاته الإقليميين في تقديم الدعم للجماعات التي يُقاتلها الحزب هناك.
على ضفة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وحتى ساعات متأخرة من ليل أمس، كان الكلام الصادر عن مصادره يؤكد أنّ قرار اسم الرئيس المُكلف لم يُتخذ بعد. ولكن من المتوقع أن يُسمي بري الحريري على قاعدة أنه يؤيده «ظالماً أو مظلوماً»، رغم أن رئيس المجلس يتهم رئيس «المستقبل» بطعنه في التسوية الرئاسية.
المعركة الحقيقية ستبدأ بعد تكليف الحريري. محور هذه «الحرب» سيكون موقف بري المدعوم بشكل مطلق من قبل حزب الله. ويبدو محسوماً منذ هذه اللحظة، أنه في حال فشل المفاوضات بين بري والحريري حول توزيع الوزارات داخل الحكومة، فإنّ حزب الله لن يُشارك في أي حكومة تغيب عنها كتلة التنمية والتحرير. هذا الأمر، بالنسبة إلى حزب الله، يبدو غير قابل للنقاش.
وكان قد صدر أمس عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيان يُحدد فيه مواعيد الكتل النيابية لإجراء استشارات تسمية رئيس الحكومة. اللافت في البيان خانة النواب المستقلين التي ضمت أسماءً كانت حتى الأمس القريب منتمية إلى أحزاب وتيارات سياسية. الأبرز، كان اسم النائب أحمد فتفت الذي لم يرد اسمه في كتلة المستقبل. أما النواب مروان حمادة وأنطوان سعد وفؤاد السعد، فعلى الرغم من أنهم سُجلوا ضمن خانة النواب المستقلين، فإنّ حمادة عاد وأكد أمس لبرنامج «كلام الناس» على «أل بي سي آي» أن الثلاثة سيكونون موحدين في الجبهة نفسها مع النائب وليد جنبلاط والحريري.