عون رئيس الجمهورية اللبنانية بقرار أميركي  ...

 

السفير :

قضي الأمر، إذن، وسيصير العماد ميشال عون، اليوم، الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية التي لم يقدر لرئيسين منهم أن يصلا إلى القصر الجمهوري لأنهما اغتيلا وهما على بابه، في ظروف مختلفة الأسباب وإن تساوت في النتائج.
ولقد بدأ «الجنرال» قائداً للجيش، ثمّ رئيساً لحكومة بتراء شكلّها رئيس الجمهورية الذي ظل يأمل التمديد حتى اللحظة الأخيرة من الساعة الأخيرة من اليوم الأخير من ولايته في القصر الجمهوري... وقد استقال ثلاثة من أعضائها ـ وهم أعضاء المجلس العسكري ـ فور إذاعة المراسيم منتصف ليل 22 أيلول 1988.. لكن العماد عون استمر على رأسها، وبها خاض حربين: «حرب التحرير»، ضد القوات السورية الموجودة في لبنان بقرار عربي، ثمّ حرب «الإلغاء» ضد «القوات اللبنانية» التي رأت أنها شريكته، ثمّ تجاوزته فقررت أن تستقل بمنطقة سيطرتها بالقوة في بعض جبل لبنان.
لا يهم عدد الأصوات التي سينالها «العماد» اليوم، في الجلسة الـ 46 للمجلس النيابي، كرئيس جديد للجمهورية المقطوعة الرأس، المعدومة القرار منذ 31 شهراً.. وخصوصاً أنه سيصل إلى قصر بعبدا من دون معركة فعلية، بعدما قرر المعترضون أن يعبروا عن موقفهم بأوراق بيضاء.
المهم أن العماد عون سيكون هذه المرة رئيساً شرعياً منتخباً حسب الأصول بأكثرية تتجاوز الثلثين، ولأسباب عديدة أبرزها ضرورة ملء الفراغ فــي رأس السلطة، بعدما أنهك انعدام القرار، أو عشـــوائيته، أو الشبـــهة فـــي كيفيــة استصداره، الدولة والشعب على مدى سنتين ونصف السنة.
ستتهاوى الأسئلة والتساؤلات عن كيفية الوصول وما رافقها من انقلابات في بعض المواقف، واعتراضات بعضها يتصل بالماضي وبعضها الآخر يتصل بالمستقبل، لأن اللبنانيين الذين يعيشون في لجّة الخوف من انهيار الدولة يرجئون المساءلة الآن أملاً أن يتم إيقاظ الدولة من غيبوبتها قبل فوات الأوان.. أي قبل انهيار مؤسساتها جميعاً التي تعمل الآن بالمياومة، في ظل أزمة اقتصادية تتفاقم خطورة على مدار الساعة، ولا مغيث عربياً أو دولياً.. أقلّه حتى إشعار آخر.
على امتداد ثلاثين سنة، عرف اللبنانيون شخصيات عديدة للعماد ميشال عون:
÷ الأولى: قائد الجيش الذي اختاره رئيس الجمهورية المنتهية ولايته أمين الجميل في عام 1988 رئيساً لحكومة عسكرية رفض نصف أعضائها أن يكونوا فيها فعاش اللبنانيون مرحلة مختلفة من الحرب الأهلية في ظل حكومتين: أولاهما شرعية والثانية مطعون في شرعيتها. وبرغم ذلك، اعتبر «دولة الرئيس» نفسه بديلاً من رئيس الجمهورية، طالما أنه «الماروني» في الحكومة التي صارت ثلاثية، ومن لون طائفي واحد.
÷ الثانية: «بطل حرب التحرير» عندما قرر شــن «حــرب التحرير» لإجلاء القوات السورية من لبنان، وهي حرب كلفت لبنان الكثير، وكلفت العماد عون الخروج من القصر لاجئاً إلى السفارة الفرنسية في بيروت بينما ظلت عائلته في القصر حتى تمّ إخراجها عبر التفاوض لاحقاً، وربما يجب إضافة شخصية بطل «حرب الإلغاء» إلى العماد عون في مواجهة قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع في المرحلة نفسها، أي بين «التحرير» و «النفي» خمس عشرة سنة الى فرنسا، وهذه المرحلة الأخيرة، أفاد منها في القراءة لتعزيز ثقافته السياسية خارج الحرب ضد الغير كما ضد الذات.
÷ الثالثة: شخصية «البطل» العائد الذي حظي في السابع من أيار 2005، باستقبال جماهيري كبير، وذلك غداة الانسحاب السوري من لبنان، إثر زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وولادة حركة «14 آذار» التي شكل جمهوره عمودها الفقري في ساحة الشهداء. ولعل صياغة «التحالف الرباعي» بوجهه، قد مثّل مناسبة لولادة «تسونامي» سياسي في الانتخابات النيابية جعله يفوز بأرقام كبيرة جداً، كرّسته ممثلاً لحوالي 70 في المئة من المسيحيين، وهي شعبية لم يحظ بها من قبله أي زعيم ماروني على امتداد لبنان، حتى بشير الجميل!
÷ الرابعة: مرحلة الإنجاز التاريخي بعقد اللقاء الاستثنائي بين العماد عون والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، في كنيسة مار مخايل، في السادس من شباط 2006 (غداة غزوة الأشرفية). هذا التلاقي شكل نقطة تحوّل استثنائية لا فقط في الحياة السياسية بل في الحياة الوطنية في لبنان. وكان لكل تفصيل في هذا الاتفاق رمزيته: كنيسة مار مــخايل علــى الحــد الفاصــــل بـين «جبهتي» الشياح وعين الرمانة، ثمّ البيان ـ التفاهم الذي صدر بنتيجة اللقاء، والذي سجل بداية لحياة سياسية مختلفة في إطار وطني، وتوكيداً للدور التاريخي للمقاومة في تحرير الوطن من الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن أنه جعل للمقاومة حاضنة مسيحية لا يستهان بها.
ولقد تأكد هذا التحالف بأبعاده الشعبية بفتح البيوت في مختلف المناطق، لا سيما الجبلية، أمام من هجرتهم الحرب الإسرائيلية من منازلهم في الجنوب وبيروت والضاحية.. وهم غادروها فجر اليوم الذي أوقف فيه إطلاق النار عائدين إلى حيث كانوا.
لقد منح الله الجنرال عون فسحة في العمر مكنته من الوصول على طريق من الجمر والنار إلى رئاسة الجمهورية.
هو الرابع بين الجنرالات الذين وصلوا ـ مع الاختلاف الهائل في الشخصيات وفي الظروف ـ إلى سدة الرئاسة، وإن ظل الأول منهم - فؤاد شهاب ـ الوحيد الذي جاء بمشروع اجتماعي - إنمائي ـ وبمنظور للدولة ومهامّها كان جديداً كل الجدّة على لبنان واللبنانيين. ولقد نجح في بداية عهده، في «تمرير» إصلاحات مشروعة، ثمّ جاءت المحاولة الانقلابية البائسة وما أحاط بها وتبعها، إضافة إلى مباذل الطبقة السياسية التي ظل غريباً عنها ولم يحترمها.. ولذا فقد رفض مطالبته بتجديد ولايته، حتى وهو محمول فوق كتفيها، وكان أن قضت هذه الطبقة على آخر آماله.. وهكذا أمضى النصف الثاني من ولايته في حالة من الإحباط عبر عنها في أواخر أيامه برسالة نعي لاحتمالات التغيير وحتى التطوير معترفاً بأن النظام اللبناني أقوى من أن يقهر..
& & &
يستقبل اللبنانيون، اليوم، إذن الرئيس الجديد لجمهوريته المتعبة، العماد ميشال عون بشيء من الارتياح وإن كان لا ينتشلهم من دوامة القلق التي تعصف بهم حول الدولة ومستقبلهم فيها، وحول احتمالات «الإصلاح والتغيير» في ضوء الصفقة الرئاسية المباغتة بتوقيتها والمقلقة بنتائجها وتداعياتها المحتملة... وكثير منهم لم يستوعب أسرار التحولات في مواقف أطرافها وكلفة «المقدم» الذي دفعه كل منهما لتمرير هذه الصفقة، قبل الحديث عن «المؤخر» في السياسة والاقتصاد والاجتماع وعلاقات لبنان العربية، في ضوء المواقف التاريخية للخصمين الحليفين وأسرار التحول المباغت والغامض الذي لا ينسجم مع ما عرفه عنهما اللبنانيون في ماضيهما القريب.
لكن أسئلة كثيرة أكثر خطورة ستملأ الطريق من المجلس النيابي، الذي سيصوت بأكثريته للجنرال بعد افتقاد البديل، وربما سيعطي ثقته غداً للشريك الرئاسي سعد الدين رفيق الحريري الذي يمكن اعتباره «بطل التحول» والصوت المرجح لترئيس عون.
كيف سيتعايش الماء والنار بين الرئيسين بمعزل عن الخصومة السياسية التي حكمت العلاقة بينهما، أقله في السنوات الأخيرة، والتباعد إلى حد القطيعة في التحالفات التي وصـــلت ذات يوم، إلــى حــد إســـقاط الـــحريري (وحكومته)، بينما هو يهمّ بدخول المكتب البيضوي في واشنطن لمقابلة الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل نحو ست سنوات؟
ما هي قواعد التعايش بين عون الحليف التاريخي لـ «حزب الله» وسعد الحريري، خصمه التاريخي وحتى اليوم؟ كيف ستشكل الحكومات.. بين الجنرال عون والرئيس نبيه بري، الذي أهملت استشارته من قبل في التفاهم المــستجد، أو خلاله؟
وكيف ستكون «حكومة الإبراء المستحيل» التي ستواجه من الصعوبات والعقبات ما يعطل تشكـيلها في انتظار إتـمام «الصفقة» بضــم أطـراف أساسيين إليها؟.. وهل يمكن أن تنشأ ـ مرة أخرى ـ عقبة التمثيل الشيعي، والبيان الوزاري للحكومة الجديدة وكيف يمــكن أن تحل، ولا وسيط نزيهاً يتولى تأمين التلاقي، ولو عن بعد! ومن هو هذا الوسيط النزيه وكلا الرئيسين مستعجل إلى أقصى حد في تسلّم الرئاسة ومباشرة المسؤوليات لأنه لا يتحمل الانتظار.. والذريعة جاهزة: البلاد بحاجة إلى استقرار وإلى حكم فاعل يواجه المسؤوليات الخطيرة التي لا تنتظر بينما يتهدد البلاد الخراب..
ثمّ إن العلاقات العربية لكل من الطرفين لا تتقاطع إلا نادراً: فالسعودية التي تصرفت وكأنها عراب الرئاسة لا تعرف الجنرال كفاية، ولا تكفي زيارة الوزير السعودي الذي عرفه لبنان رجل استخبارات لكي تبعث على الاطمئنان إلى «حرارة» هذه العلاقات مستقبلاً، وبالتالي تدفق المليارات على الخزينة الفارغة.
في المقابل فإنّ صفقة التراضي على الرئاستين لم تتوقف «بالقدر المطلوب»، أمام العلاقات مع سوريا التي يعتبرها رئيس الجمهورية الجديد حليفاً ويراها رئيس الحكومة المكلف (حتماً) عدواً مبيناً.. هذا إذا ما قفزنا من فوق واقع التحالف بالدم بين «حزب الله» حليف الرئيس الأول (ودمشق) وخصم الرئيس الثالث، حتى لا نقول العدوّ..
في أي حال، لا بد من تهنئة «شعب لبنان العظيم» على أن الطبقة السياسية التي لا ترى إلا مصالحها ولا تعمل إلا لها، قد تلاقت على «إيجابية» هذه الصفقة، وتجاوزت الكثير من أسئلة المخاوف، وأملاً أن تكون هذه الخطوة نهاية لحقبة بائسة من تاريخ لبنان السياسي، ونقطة بداية لعهد جديد استولد قيصرياً وطريقه إلى الغد مليء بالألغام.
لننتظر ميشال عون «الخامس»، في الأشهر والسنوات المقبلة، فماذا بمقدور الرئيس الثالث عشر للجمهورية أن يصلّح في نظام أثبت أنه أقوى من أن يُقهر؟

 

النهار :

يعود العماد ميشال عون اليوم الى قصر بعبدا الذي كان يحلو له تسميته بيت الشعب، بعد خروجه القسري منه العام 1990 تحت وابل من قذائف الجيش السوري الذي اقتحم القصر ووزارة الدفاع وقتل من قتل وأسر آخرين بعضهم لم يعرف مصيره بعد. يدخل العماد عون القصر، الذي خرج منه رئيسا لحكومة موقتة، رئيساً للجمهورية اللبنانية، وهو الرئيس الثالث عشر الذي ينهي حقبة من الشغور الرئاسي امتدت سنتين وستة أشهر وكان هو أحد المتسببين بها، يدعمه حليفه "حزب الله". والمفارقة اليوم معارضة معظم افرقاء الداخل، وبعض الخارج، لانتخاب عون، والمضي في الاقتراع له في مشهد يشبه كرة ثلج تدحرجت في الايام الاخيرة من نحو 66 صوتاً لتقرب من 90 تضمن له الفوز في دورة اقتراع أولى حرص مع فريقه السياسي على تحقيقها، في حين عمل خصومه على تأخيره الى دورة اقتراع ثانية.
وقد أظهرت نتائج "البوانتاجات" الاخيرة التي اجرتها شركة "ستاتيستكس ليبانون" ان عدد الاصوات التي سينالها العماد ميشال عون في جلسة الانتخاب سيلامس الـ91 صوتاً بعدما أعلن حزب البعث والحزب الديموقراطي اللبناني تأييدهما له. وحضر ليلاً النائب عقاب صقر للمشاركة في جلسة الانتخاب بعد غياب تجاوز السنوات الخمس. في المقابل، سيراوح عدد الأوراق البيضاء حول 35 بعدما طلب النائب سليمان فرنجية من مؤيديه الاقتراع بورقة بيضاء الامر الذي يخلط النتائج بين مؤيد له ومعترض على الترشيحين او على الآلية المتبعة أو على الخط السياسي. وفيما تردّد أن موقف الورقة البيضاء جاء بعد لقاء جمع فرنجية والسيد حسن نصرالله، نفت مصادر في الحزب حصول هذا اللقاء.
وأمس، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره إن كتلة "التنمية والتحرير" ستقترع بورقة بيضاء بناء على رغبة فرنجيه وسبق في ان اكدت هذا الامر معه". وأضاف: "رفضت تعطيل النصاب وهذا ما قلته للعماد ميشال عون وقلت له أرفض ما كنتم تفعلونه (التغيب عن الجلسات)".
اما البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، فتطلع" إلى رئيس الجمهورية المنتخب ورئيس الحكومة المكلف آملين أن يتعاونا مع أشخاص كفوئين متجردين يوحون الثقة، ويجنبون السلطة الإجرائية الصراعات المعطلة والتجاذبات الحزبية والمذهبية، ويضبطون عمل المؤسسات العامة وهيكلياتها، ويقضون على الفساد المستشري في معظمها، وينهضون بالإنماء الاقتصادي بكل قطاعاته. لعلهم بذلك يعوضون الخسارات الجسيمة التي تكبدها لبنان وشعبه طيلة زمن الفراغ غير المسبوق وغير المبرر، كما سبق لنا أن رددنا في كل أسبوع وفي كل مناسبة".
واذا كان لبنان سينشغل اليوم بالاحتفالات التي تعم المناطق، وسط اجراءات امنية مشددة بدأت أمس في كل شوارع وسط بيروت بلغت حد تفتيش المجاري الصحية واقنية المياه تحت الارض، فان اهتمامات أهل السياسة تجاوزت منذ أمس مرحلة الانتخاب، الى مرحلة التأليف الحكومي بعدما صار التكليف محسوماً للرئيس سعد الحريري. وتكثر الشائعات عن الحقائب الوزارية والاسماء وخصوصاً بعدما رشحت معلومات ان "حزب الله" سعى في الايام الاخيرة لدى العماد عون لضم الجميع الى حكومة وحدة وطنية في انطلاقة العهد لا تتيح لاي فريق التحول الى المعارضة الكلية للعهد، وهو ما ظهر أمس في كلام الرئيس بري الذي قال رداً على السؤال: "هل تشارك في الحكومة؟" انا لا أعارض على طريقة قم لأجلس مكانك ولا أسير بمعارضة شخصانية ولذلك سأوالي حيث يجب وسأعارض عندما يتطلب الامر. اذا اعجبتني الحكومة اشارك فيها واذا لم تعجبني سأكون خارجها". وافادت مصادر "النهار" ان الحزب أبلغ عون انه "سيكون محرجاً جداً في المضي بالموضوع الحكومي من دون بري"، وتمنى على الرئيس العتيد التفاوض مع رئيس المجلس على الحقائب "ولو على حساب الحزب كما حصل مراراً للمحافظة على التضامن الشيعي وعدم اثارة مشكلات في شارعه".

 

المستقبل :

بعدما حلّ نذير شؤمه على اللبنانيين ذلك «السبت الأسود» في 24 أيار 2014، يحلّ «الاثنين الأبيض» حاملاً معه بشائر أمل ورجاء بقيامة وطنية ترفع بلايا التعطيل عن الجمهورية وتعيد مؤسساتها إلى سكة العمل والانتاج رأفةً بمصالح البلد ومواطنيه. اليوم ينتهي عهد الشغور بعدما عاث فراغاً وإفراغاً في مقدرات الدولة طيلة عامين ونصف العام استُنزف خلالها البلد وبات على شفير الانهيار الشامل مؤسساتياً واقتصادياً ومالياً وبيئياً واجتماعياً ومعيشياً وحياتياً.. وكاد يسقط النظام والانتظام العام لولا أن نجحت أخيراً مبادرات الرئيس سعد الحريري المتتالية في رسم خارطة طريق إنقاذية تحرّر رأس الجمهورية وتحفظ دستور الطائف وتحيّد لبنان الرسمي عن الحريق السوري. 

غداً يوم جديد وعهد جديد، فإذا لم يحصل أي طارئ خارج عن الحسابات الوطنية، ستنتهي الجلسة الرئاسية الـ46 اليوم إلى انتخاب غالبية مجلس النواب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية لينطلق عهد «فخامة العماد» في طريق مليء بتحديات مفصلية تبدأ من إعادة 

لمّ الشمل الوطني ولا تنتهي عند حدود تحصين الدولة من جنون الحروب المحيطة، ومؤسساتها من جنوح التعطيل والتنكيل بحيويتها وإنتاجيتها. ولعل مسار الأمور على صعيد تشكيل حكومة العهد الأولى سيبيّن الخيط الأبيض من الأسود على مستوى التعاون الوطني المأمول من كافة الأفرقاء السياسيين لتزخيم انطلاقة العهد العوني، وسط دعوة رعوية وجهها أمس البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى كافة الكتل تناشدهم «الإسراع في تشكيل الحكومة وعدم وضع عراقيل أمامها».

«المستقبل» ينتخب

وأمس، عاش «تيار المستقبل» يوماً ديموقراطياً حضارياً شهدت خلاله كافة مراكز منسقياته انتخاب المندوبين لمؤتمر التيار العام المقرر انعقاده في 26 و27 تشرين الثاني المقبل، في حين شارك الرئيس الحريري في هذا الاستحقاق التنظيمي «كعضو في المستقبل» كما صرّح لدى الإدلاء بصوته في انتخابات منسقية بيروت التي أقيمت في مجمع البيال، متمنياً التوفيق لجميع المرشحين «وبالأخص الشباب».

العملية الانتخابية التي جرت في 12 منسقية ( بيروت – صيدا - طرابلس – عكار الجومة – عكار الدريب – المنية – البترون وجبيل – زغرتا – عرسال – البقاع الاوسط – البقاع الغربي وراشيا – حاصبيا والعرقوب) بعد فوز المرشحين بالتزكية في المنسقيات الخمس المتبقية (الضنية – بعلبك – عكار القيطع - جبل لبنان الجنوبي - الكورة)، شهدت إقبالاً كثيفاً عاقداً العزم على تجديد «شباب» التيار وتجديد خياره السياسي، بحيث عبّر المقترعون على مساحة الوطن في ما يشبه الاستفتاء التنظيمي عن دعمهم وتأييدهم لخيارات الرئيس الحريري السياسية.

اليوم الانتخابي الطويل الذي لم يسجل أي إشكالية أو شكاوى تُذكر منذ التاسعة صباحاً حتى انتهاء أعمال فرز الأصوات من صناديق الاقتراع في وقت متقدم من الليل، سجّل مشاركة نسائية وشبابية ملحوظة، تميزّت كذلك بإقبال جامع عابر للطوائف والمذاهب ترشيحاً واقتراعاً على مستوى كافة القطاعات ومختلف طبقات المجتمع، في وقت انحصر التنافس التنظيمي بين المنسقيات على تسجيل أعلى نسبة مشاركة انتخابية بينها، في مشهد تقاطع المرشحون والمقترعون على السواء عند وصفه بـ«العرس الديموقراطي»

 

الديار :

اليوم يطوي لبنان صفحة مريرة من تاريخه السياسي امتلأت بالفراغ في سدة الرئاسة ادى الى تعطيل المجلس النيابي وشلّ جزئي للحكومة.
اليوم وبعد سنتين و6 أشهر من الفراغ، سينتخب نواب الأمة رئيس جمهورية لبنان ليعيد الى الدولة هيبتها وانتظام عملها وفاعلية مؤسساتها.
اليوم، سيشهد لبنان عرساً وطنياً من اقصى جنوبه الى اقصى شماله، يبدأ عندما يُنتخب العماد ميشال عون رئيساً في ساحة النجمة، وينتهي بحفلات ستعمّ جميع المناطق اللبنانية.
اليوم يبدأ عهد جديد مع  العماد ميشال عون حيث يعوّل اللبنانيون عليه من اجل تسيير عجلة الدولة مؤسساتياً واقتصادياً وتربوياً.
فهل يكون عهد العماد عون على قدر آمال اللبنانيين ام تكراراً للتجارب السابقة؟
ساعات فاصلة لانتخاب الرئيس العماد ميشال عون. الاستعدادات اكتملت ما بين ساحة النجمة وقصر بعبدا، وخطابا رئيس المجلس ورئيس الجمهورية باتا جاهزين.
وعشية الجلسة، أنجزت كل الترتيبات اللوجستية حيث سيتم نقل الجلسة على الهواء ليتسنى لكل المواطنين ان يشاهدوا ولادة الرئيس، وسط حشد اعلامي وحضور رسمي وديبلوماسي كثيف.
تبدأ الجلسة في الثانية عشرة ظهراً، وبعد عملية الاقتراع ، يلقي رئيس مجلس النواب نبيه بري كلمة يليها خطاب القسم للرئيس المنتخب ثم ينتقل مع بري الى مكتبه حيث يتقبل التهاني من النواب والحاضرين.
بعدها، ينتقل الرئيس وسط المراسم البروتوكولية الى القصر الجمهوري.
وبعملية حسابية لاصوات الكتل النيابية، واذا صحّت التوقعات، فان رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون قد ينال بين 88 و90 صوتاً، وبذلك يفوز من الدورة الاولى. اما الاوراق البيضاء فستكون بين 34 و36 صوتاً.
عدد النواب الذين سيصوّتون لعون:
- كتلة المستقبل: بين 29 و30 صوتاً
- كتلة التغيير والاصلاح: 20 صوتاً
- كتلة الطاشناق: صوتان.
- كتلة الوفاء للمقاومة: 13 صوتاً.
- كتلة القوات اللبنانية: 8 اصوات.
- كتلة اللقاء الديموقراطي: 9 اصوات.
- كتلة القومي: صوتان.
- طلال ارسلان: صوت
- نقولا فتوش: صوت.
- اميل رحمة: صوت.
 - محمد الصفدي: صوت
- قاسم عبد العزيز: صوت
اما الكتل التي ستصوّت بورقة بيضاء فهي:
- كتلة التنمية والتحرير: 14 صوتاً.
- كتلة المردة: 3 اصوات.
- نجيب ميقاتي واحمد كرامي: صوتان.
- كتلة الكتائب: 5 اصوات.
- كتلة المستقبل بين 5 و6 اصوات.
- الجماعة الاسلامية: صوت.
- بطرس حرب: صوت.
- دوري شمعون: صوت.
عاصم قانصوه: صوت.
ويبقى النائبان ميشال المر ونائلة تويني اللذان اكدا انهما سيقرران اليوم لمن يعطيان صوتهما.

 بري : انتظر ماذا سيعرض علينا في الحكومة عندها نقرر المشاركة أو لا 

وفي هذا المجال، قال الرئيس بري امام زواره مساء امس «لم ولن اعطل النصاب، وقد ابلغت العماد ميشال عون بذلك على عكس ما لجأ غيرنا»، اضاف: «ساقترع انا وكتلتي بورقة بيضاء بناء لرغبة النائب سليمان فرنجية.
وحول مرحلة ما بعد الانتخاب قال بري: بعد عملية الانتخاب سيكون هناك موضوع الحكومة وسانتظر الاتصالات معي، وماذا سيعرض علينا وعندئذ نقرر المشاركة او لا.
وتابع: «كما قلت ساعارض متى ارى ان هناك واجباً للمعارضة، ولن اعارض على طريقة «قوم لأقعد محلك».
ورداً على سؤال عما اذا كان يمكن انطلاق الحكومة من دون امل وحزب الله، اكتفى بالقول «هناك شيعة غيرنا في البلاد».
هذا وعلمت «الديار» من مصادر مطلعة انه خلال وجود بري في جنيف وقبل ذلك، فاتحته كتل وعدد من النواب بينهم من ايد مؤخراً العماد ميشال عون باعتماد خيار مقاطعة الجلسة لكنه رفض ذلك، ليس نبيه بري من يقاطع الجلسة وقد اعيد طرح هذا الموضوع بعد عودته، فأصر على موقفه بالنزول واللجوء الى الخيار الديموقراطي.

 اجراءات امنية 

هذا، وكثفت الاجهزة الامنية اجراءاتها حول مقر مجلس النواب، كما كثفتها في كل المناطق التي من المقرر ان تشهد احتفالات بعد انتخاب الرئيس.
واكدت مصادر امنية ان الوضع الامني مريح جداً، ولا خوف ابداً.
ودعت المواطنين الى عدم الاخذ بالشائعات التي كثرت في الاونة الاخيرة حول عمليات امنية قد تحدث مع عملية انتخاب الرئيس. واكدت المصادر ان رجالنا منتشرون في كل لبنان ومستعدون لأي طارئ، فلا داعي للقلق والخوف.

 الاحتفالات 

هذا وبدأت التحضيرات من اقصى الجنوب للاحتفالات التي ستقام بانتخاب رئيس للجمهورية.
وقد رفع التيار الوطني الحر صوراً للعماد ميشال عون في كل المناطق ولافتات كتب عليها «فخامة رئيس الجمهورية».
كما جابت مسيرات سيارة للتيار في بعض المناطق رافعة صور للعماد عون على وقع الاغاني والاناشيد الحماسية. 

 

الجمهورية :

العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اليوم، فيكون الرئيس الثالث عشر للبلاد منذ الاستقلال... وغداً يوم آخر تنطوي معه صفحة الشغور الرئاسي الذي امتدّ لعامين ونصف العام، وتفتح صفحات يأملها اللبنانيون مشرقة، وإن كانت المؤشرات تَشي بعكس ذلك، إذ انّ البعض يخشى ان يخرج البلد من شغور رئاسي الى شغور حكومي، خصوصاً اذا واجه التأليف تعقيدات كبيرة...

مع انطلاقة العهد الرئاسي الجديد سيجد نفسه في مواجهة الصفحات الآتية:

ـ صفحة التكليف عبر الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية غداً او بعد غد على أبعد تقدير، وستنتهي حتماً بتسمية الرئيس
سعد الحريري رئيساً مكلفاً تأليف أولى حكومات العهد الجديد.

ـ صفحة التأليف بما فيها من مطبّات وعقد وحواجز وتعقيدات قد تجعل من تشكيل الحكومة الجديدة أمراً شديد الصعوبة وبعيد المنال، وقد يستغرق أشهراً، والطامة الكبرى إن استهلك الوقت وانقضَت الفترة الممتدة من الآن وحتى ايار المقبل. معنى ذلك انّ المأزق الحكومي سيتعمّق اكثر ويتعرّض التكليف لضربة معنوية شديدة القساوة.

ـ صفحة السلّة مجدداً، كانت سلة رئيس مجلس النواب نبيه بري تقضي بالتفاهم أولاً على اسم الرئيس وعلى شكل الحكومة بما يعني اسم رئيسها وتركيبتها وأدائها وسياستها والنهج الذي ستتبعه مع بداية العهد الجديد، وعلى قانون الانتخاب، على ان يبدأ اول عمل بانتخاب الرئيس.

امّا وقد تمّ الانتخاب، فالعودة باتت حتمية الى ما تبقّى من السلة، أي الى الحكومة رئيساً وشكلاً ومضموناً وحصصاً ونهجاً، والى قانون الانتخاب. والملحّ في كلا البندين هو قانون الانتخاب.

ـ صفحة الحوار الوطني الذي سيتسلّم دفّته رئيس الجمهورية ويعوّل عليه ان يكون المؤسسة الرافدة للعهد بكل ما يتطلبه من تفاهم داخلي ووحدة بين المكونات وفك اشتباك بين كل عناصر التوتر.

ـ صفحة الاصلاح والتغيير الموعودين ومحاربة الفساد والذي يقول عون انه سيحمل السيف ويشهره في وجه الفاسدين والمفسدين والمرتكبين صوناً للأمن الاجتماعي وخزينة الدولة وإنقاذ الاقتصاد.

ـ صفحة تكريس الوحدة الوطنية، وهذا يضع عون كرئيس حَكَم امام الامتحان الالزامي، أي امتحان جمع كل العائلات السياسية والطائفية ومحاولة التوفيق والتقريب في ما بينها. أولاً بينه وبين بري، اذ يفترض لكي ينطلق العهد بزخم اكبر ان تكون الرئاستان الاولى والثانية على وئام واتفاق، لا ان تُستنسخ مع بداية العهد تلك الصور السابقة والجلسات المتتالية من لقاءات غسل القلوب وما شابه.

وثانياً، بين «حزب الله» حليفه القديم الذي ثبت على ترشيحه لرئاسة الجمهورية وشكّل جسر العبور الالزامي الى القصر الجمهوري، وبين حليف جديد كان له دور أساس في تسهيل عبور عون الى بعبدا. فأيّ دور سيؤدّيه عون في هذا المجال؟

هل سيكتفي بلعب دور الاطفائي للحرائق المشتعلة بينهما ام انه سيلعب دور الراعي والجسر بينهما وصولاً الى جذبهما الى طاولة التفاهم والتقارب؟ والأمر نفسه ينطبق على ما بين «القوات اللبنانية» و«حزب الله».

الربح والخسارة

في ميزان الربح والخسارة، يستطيع عون ان يقول «أنا الرابح الاول بوصولي الى رئاسة الجمهورية». وفي الميزان نفسه يستطيع «حزب الله» ان يقول «أنا الرابح الاساس إذ أوصلت مرشحي الى الرئاسة وفرضتُ على الآخرين الانضمام الى ضفة ترشيح عون».

وفي الميزان نفسه، يستطيع الحريري ان يقول «أنا رابح ايضاً إذ عدت الى رئاسة الحكومة على صهوة تفاهم صلب (غير منظور لا من حيث الهوية ولا من حيث الشكل ولا من حيث الجهات الراعية له او الشريك فيه) بعدما أُخرجت من هذه الرئاسة عنوة قبل نحو خمس سنوات»، ويستطيع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ان يقول ايضاً «أنا ربحت لأنني شكّلت ظهيراً قوياً وسنداً للرئيس عون».

ولكن يبقى السؤال: كيف سيتم «تقريش» هذا الربح؟ هل بحكومة سريعة؟ ربما. إنما الشيطان ما زال كامناً في العناوين والتفاصيل والنيّات وهذا ما يطرح علامات استفهام وغموض حول مرحلة ما بعد الانتخاب التي تبدو مطروحة على احتمالات متساوية بين السلبية والايجابية.

مرحلة التأليف

وقالت مصادر مواكبة للحركة السياسية المحيطة بالاستحقاق الرئاسي لـ«الجمهورية» إنّ تكليف الحريري تأليف الحكومة يريده الأخير بسقف زمني محدود تخرج منه الحكومة الى النور في فترة اسبوع الى اسبوعين على الأكثر. لكن هذا التمنّي مشروع، إنما الوقائع السياسية توحي خلاف ذلك، إذ انّ مرحلة التأليف قد تصطدم بما قد يؤخّر هذه الحكومة فترة غير محدودة، ومنها:

اولاًـ اذا كانت الامور ميسّرة امام الحريري من جهة «التيار الوطني الحر» او «القوات» او كل القوى التي يريد إشراكها في الحكومة، إلّا انّ العقدة تكمن في الثنائي الشيعي (حركة «أمل» ـ حزب الله) وهي قد تكون مستعصية.

فبرّي تحدث عن «الجهاد الاكبر» بعد الانتخاب، ولهذا ترجمته الفورية بأنّ الامور قد لا تكون بالانسيابية التي يتوقعها الحريري. حتى الآن ينام بري على ورقته ويكشفها في اللحظة المناسبة، إنما السؤال: هل سيسمّي بري الحريري؟

تؤكد مصادر واسعة الاطلاع انّ بري ليس في وارد التسمية، وقد سبق له ان أوحى بذلك عندما قال انه سيذهب الى المعارضة. معنى ذلك انّ بري بعدم تسميته الحريري ينضم الى «حزب الله» الذي لن يسمّي الحريري ايضاً. وهذا ما يطرح على الحريري لغزاً يبدو من الصعب فَكفَكة شيفرته.

وفي معلومات المصادر انّ الثنائي الشيعي منسجمان الى ابعد الحدود حكومياً، بمعنى ان لا شراكة لأيّ منهما في حكومة لا يشترك فيها أحدهما.
وقالت المصادر انّ «حزب الله» في مرحلة ما بعد الرئاسة أوكلَ الى بري إدارة المعركة السياسية، فهو الأدرى في اعتماد التكتكة السياسية وتدوير الزوايا وطريقة الاخراج، وما يتوصّل اليه هو مُلزم للطرفين.

وتِبعاً لما تقدّم، ترى المصادر انّ مهمة تأليف الحكومة قد تكون شاقة، خصوصاً اذا ما استهلكت كل الوقت المتبقّي حتى موعد انتهاء ولاية المجلس الحالي من دون تأليف حكومة.

بري

وعشيّة جلسة الانتخاب قال بري امام زوّاره امس «إننا سنقترع بورقة بيضاء بناء على رغبة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وبالتالي سنستمر معه».

ورداً على سؤال عمّا اذا كان سيقود المعارضة قال بري: «البعض يعارض على طريقة «قم لأجلس مكانك»، اي معارضة شخصانية. انا لن اكون كذلك، سأوالي حيث يجب وسأعارض عند الحاجة.

ولو اردتُ ان اعارض بطريقة التحدي والنكايات لكنت قد عَطّلت نصاب جلسة الانتخاب، وانا قلت للعماد عون عندما التقيته انني لن افعل مثلما فعلتم حيث قاطعتم جلسات الانتخاب على مدى سنتين ونصف السنة».

وعن موضوع المشاركة في الحكومة قال بري: «سأنتظر ما سيُعرض علي، فإذا اعجبتني الحكومة أشارك فيها واذا لم تعجبني فسأظلّ خارجها».

قاسم

من جهته، اعلن «حزب الله» انّ التزامه انتخاب عون رئيساً سيترجم اليوم، وانّ جميع أعضاء كتلة «الوفاء للمقاومة» ستصوّت لمصلحته.
وقال نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «نحن امام التزامات اخرى ومواقف اخرى نبنيها بالحسبان، والبعض يقول غداً «دولة حزب الله» لأنّ عون هو الذي سينتخب رئيساً، ولكن نقول لا، هذه دولة لبنان يرأسها عون وكل واحد في موقعه من رئيس جمهورية الى رئيس مجلس النواب الى رئيس حكومة الى النائب الى الوزير يتحمّل مسؤوليته من موقعه ولا نتحمل مسؤولية احد ولا احد يتحمّل مسؤوليتنا كل واحد بحسب مهماته وصلاحيته يتحمّل مسؤولية كواحد من موقع لبنان».

زهرا

وفي المواقف، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا لـ»الجمهورية» إنّ تكليف الحريري سيتمّ حكماً خلال اليومين المقبلين، لافتاً إلى «انّ المفتاح الرئيسي لتأليف الحكومة يبدو انه في جيب الرئيس بري الذي فُوِّضَ اليه «حزب الله» بأن يفاوض بإسم الثنائي الشيعي، ولا أظن انّ إرضاءه سيكون بالأمر العادي. وهذا منوط بطبيعة التفاوض الذي سيحصل مع بري».

ورأى زهرا «انه أصبح هناك إمكانية كبيرة لمرور عون من الدورة الأولى من دون الحاجة إلى دورة ثانية بعد إعلان أفرقاء محددين انضمامهم إلى تأييده والإتفاق الحاصل بالاقتراع بأوراق بيض مكان إسم النائب سليمان فرنجية. لذلك يُعمل على إنجاز الأمر من الدورة الأولى وبأكثر من الثلثين».

وشدّد زهرا على «انّ «القوات» ستكون شريكة العهد إذا استطاع إلتزام الاتفاقات السياسية معها وفي مقدمها مكافحة الفساد، وهذا المقياس سيظهر في التركيبة الحكومية والأداء الحكومي، وعليه ستُبنى المواقف مستقبلاً».

وقال: «القوات» لا تستطيع إكمال العهد، حتى لو كانت صاحبة العهد، إذا حصل تورّط في منظومة الفساد وتغلبت أجواء الفساد على إرادة الإصلاح، وهذا ما ينسجم مع الثورة على الفساد التي أطلقها رئيس الحزب سمير جعجع خلال قداس الشهداء».

جنبلاط

من جهته، تمنّى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط «الخير لهذا البلد والتضامن». وشدّد بعد زيارته رئيس الحكومة تمام سلم على «أنها مرحلة جديدة طبعاً، ولكن لا بد من المرور بها».

«قلعة أمنية حصينة»

وفي التدابير الأمنية المقررة لمواكبة اليوم الانتخابي الكبير، بدأت منذ ليل أمس التدابير الأمنية الإسثنائية التي ستحوّل بيروت الكبرى من وسطها الى بعبدا منذ ساعات الصباح الأولى قلعة أمنية حصينة في عهدة قوة امنية كبيرة من الجيش اللبناني ومختلف وحدات قوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الأخرى، وسيكون قصر بعبدا ومحيطه امتداداً الى المداخل المؤدية اليه من مختلف الجهات في عهدة لواء الحرس الجمهوري

الذي سحب وحداته المنتشرة في أكثر من منطقة نتيجة إشراكه في عدد من الخطط الأمنية، ولا سيما منها الخطة المنفذة في الضاحية الجنوبية من بيروت منذ عامين تقريباً.

ومنذ الصباح، ستتولى وحدات قوى الأمن الداخلي منع وقوف السيارات على جانبي الطرق المؤدية من مداخل بيروت الشرقية والغربية الى ساحة النجمة والمناطق المؤدية اليها في وسط بيروت تسهيلاً لعبور النواب اليها، علماً انّ اكثر من نصف النواب باتوا منذ الجمعة الماضي من قاطني فندق «لو غراي» في جوار المدخل الشرقي لمجلس النواب تسهيلاً لانتقالهم الى المجلس في أفضل الظروف الأمنية.

كذلك سيمنع وقوف السيارات على مختلف الطرق المؤدية من ساحة النجمة الى قصر بعبدا مروراً بمناطق الصيفي، الكرنتينا، جادة شارل الحلو، جادة شارل مالك، شارع الحكمة، مستشفى «أوتيل ديو» جادة الياس الهراوي، جادة إميل لحود، مستديرة الصياد والقصر الجمهوري وأقيمت على الطريق مراكز مراقبة أمنية بمعدل واحدة كل مئة متر تقريباً.

وستُقطع هذه الطرق في أثناء انتقال موكب الرئيس المنتخب بعد الظهر من ساحة النجمة الى قصر بعبدا حيث سيُقام له احتفال من المدخل الخارجي للقصر الى البهو الداخلي وفق ما نَصّ عليه البرتوكول، عَدا عن تلك المقررة في مكتبه وتسلّمه الوشاح الأكبر.

 

 

اللواء :

مع آن العماد ميشال عون بات المرشح الأوحد للرئاسة الأولى، فان حبس الأنفاس يبقى سيّد الموقف في يوم القبض على الرئاسة، وسط حسابات دقيقة تتراوح بين المفاجآت المذهلة والمفاجآت غير المتوقعة، فيما العيون شاخصة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، بعد اعلان الرئيس نبيه برّي النائب عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية بعد منتصف نهار هذا اليوم، وبعد أن يُقسم الرئيس المنتخب بالله العظيم على «احترام دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه»، وفقاً للمادة 50 من الدستور.
ففي 31 تشرين أوّل 2016، وبعد شغور رئاسي استمر سنتين و6 أشهر ينتخب العماد عون رئيساً في جلسة تحمل الرقم 46، وفي مشهد احتفالي من ساحة النجمة إلى الشوارع التي تربط مقر المجلس النيابي بقصر بعبدا، متجاوزاً الاقتراع السري وغالبية الثلثين والدورة الاولى أو الثانية، ليمضي ست سنوات في قصر بعبدا، عبر الطريق الديمقراطي المشروع، وبتوافق لبناني لا يمكن التقليل من شأنه، وفي المجلس النيابي الذي مدّد مرتين لنفسه، ورآه عون غير شرعي، مطالباً بتقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية لتجديد وكالة المجلس.
وبقسم الرئيس العتيد عون على دستور الطائف، تكون انتهت مرحلة من الاعتراض على هذا الدستور، لتثبت أن ما تحقق على مدى ربع قرن مضى ليس من السهل التلاعب بأسسه ومرتكزاته.
وبكبسة زر اصطفت الكتل، وتوارت أصوات الاعتراض على المشهد، فإذا بالصقور يتعرون ويبقون كأفراد، حتى أن المرشح المنافس سليمان فرنجية فاجأ داعميه بطلب وضع الورقة البيضاء بدل اسمه لتسجيل موقف ليس إلا.
وحدها كتلة «التنمية والتحرير» بقيت ترفع شارة «عدم الامتثال» لدعم عون، وينشغل رئيسها رئيس المجلس بإعادة قراءة الموقف لضمان تراص الكتلة، وسط استغراب عن انقلاب الحلفاء، لا سيما منهم نواب «القومي» و«البعث»، فضلاً عن الأمير طلال أرسلان.
وفيما أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن كتلة «الوفاء للمقاومة» بأصواتها الـ13 ستصوت لصالح العماد عون في الانتخابات الرئاسية، مشدداً على انه «بعد هذا النجاح نحن امام يوم جديد وأمام التزامات أخرى سنبنيها بحسبها، مطالباً باعتماد الإيجابية في مقاربة كل الملفات وتهيئة المناخات الملائمة لننتقل بعد انتخاب الرئيس إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، داعياً الى انجاز قانون انتخاب عادل على قاعدة النسبية من أجل إنتاج سلطة مستقبلية ليطمئن النّاس إلى أن لديهم ممثلين حقيقيين».
عين التينة
في يوم عين التينة الطويل السبت 29 تشرين، أي قبل يومين من الجلسة، ناقش رئيس المجلس على انفراد مع رؤساء الأحزاب الحليفة، ونواب «لقاء الاربعاء» من كتلته وغيرهم، باستثناء نواب كتلة الوفاء للمقاومة، الخيارات، بعد لقاء النائب فرنجية الذي تمنى الورقة البيضاء بدل وضع اسمه كإشارة اعتراض على انتخاب عون.
وسمع الذين التقوا الرئيس برّي «ان لكل يوم ملائكته» وهو «الآن في المعارضة... افعلوا ما ترونه مناسباً وبحسب مصلحتكم».
وعندما سئل: ماذا سيفعل بعد انتخاب عون؟ قال: «سأراقب من دون أن اتدخل».
وعما إذا كان لن يشارك في الحكومة؟ أجاب: «العدس بترابو وكل شيء بحسابو». مضيفاً «أنا هنا في عين التينة، من يأتي إلى هنا نرحب به، وسأستمع منهم ماذا سيطرحون».
ويُسأل: ماذا عن البيان الوزاري؟ وماذا عن لمساتك التوفيقية، فيجيب: «لن اتدخل هذه المرة».
وفي المعلومات أن اتصالات ولقاءات ستعقد في عين التينة، بدءاً من الثلاثاء لبحث مسألة الموقف من الحكومة، وما سيبلغ رئيس الجمهورية خلال الاستشارات الملزمة لجهة تسمية رئيس الحكومة.
ولم يلمس زوّار عين التينة أن برّي اقفل باب المشاركة في حكومة الرئيس سعد الحريري بعد تكليفه رسمياً، كما لم يشأ الخوض في ما إذا كانت المعلومات عن أن «حزب الله» لن يُشارك في حكومة لن يتمثل فيها برّي، راهناً الأمور بأوقاتها، مع العلم ان وزير الصناعة في حكومة الرئيس تمام سلام حسين الحاج حسن أعلن أمس «اننا لن نضع شروطاً على الرئيس ولا على الحكومة، لكننا سنضع بين يدي الرئيس العتيد والحكومة الجديدة الهمّ الاقتصادي والمعيشي للناس».
إكتمال النصاب
وبين ساحة النجمة وقصر بعبدا، اكتملت التحضيرات ليوم الانتخاب الرئاسي والاحتفالات التي تليه من جانب التيار الوطني الحر ومناصريه، وكان من الملفت الإعلان عن عودة نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس إلى بيروت، حيث تردّدت أخبار عن احتمال أن يكون نائباً لرئيس الحكومة في حكومة العهد الأولى، كما عاد للمشاركة في الاقتراع النائب عقاب صقر آتياً من لارنكا على متن طائرة خاصة، وعاد كذلك النائب أحمد فتفت الذي تمسّك بوضع ورقة بيضاء، وأيضاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل من باريس.
وأنجزت دوائر البروتوكول في المجلس النيابي توجيه الدعوات للسفراء العرب والأجانب وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغرد كاغ وكبار موظفي الدولة لحضور جلسة الانتخاب، فيما غادر الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان بيروت متوجهاً إلى القاهرة مختتماً زيارة للبنان دامت أربعة أيام، شجّع خلالها القيادات اللبنانية التي التقاها على إنهاء الشغور الرئاسي.
الورقة البيضاء
واللافت أن «كبسة الزر» التي قلبت المواقف، فعلت فعلها في تأمين الفوز لعون من الدورة الأولى بأكثرية تناهز الـ87 صوتاً، فيما تضاءل عدد الأوراق البيضاء، إلى ما دون الـ40 ورقة، في حال عمد نواب حزب الكتائب الخمسة إلى وضع ورقة تحمل جملة سياسية، من دون أن تكون ورقة بيضاء أو تحمل إسماً، فتعتبر عند ذلك ملغاة.
إما إذا صوّت هؤلاء النواب بالورقة البيضاء، فإن «بوانتاج» هذه الأوراق، لن يتجاوز أيضاً الـ39 ورقة، ما يعني أن عون سيفوز من الدورة الأولى بـ87 صوتاً، وربما يصل العدد إلى 89،علماً هنا أن أي ورقة بيضاء تتجاوز الـ40 يُفترض أن تُحسب لأصوات من نواب «المستقبل» الذين يرفضون التصويت لعون.
وبحسب «بوانتاج» مصادر نيابية معارضة، فإن الأوراق البيضاء ستتوزع على الشكل الآتي:
- كتلة برّي 14 نائباً.
- كتلة فرنجية 3 نواب.
- معارضو «المستقبل» 7 نواب.
- كتلة طرابلس: نائبان (الرئيس نجيب ميقاتي وأحمد كرامي).
- كتلة الكتائب 5 نواب.
- معارضو كتلة جنبلاط:نائبان (مروان حمادة وفؤاد السعد).
- مستقلون: 6 نواب (الرئيس تمام سلام، نايلة تويني، ميشال المرّ، بطرس حرب، دوري شمعون وعماد الحوت).
مواقف
وفي المواقف، تجنّب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الخوض في اتهامات سبق وقالها ضد «حزب الله» من أنه سيعرقل إجراء الانتخابات الاثنين، تاركاً ذلك لوقت آخر، معتبراً أن اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء يجب أن يكونا يومي تهنئة وفرح، معرباً عن أمله بالانتقال إلى مرحلة أفضل، مجدداً الكلام عن أن الرئيس صُنع في لبنان، واصفاً «تفاهم معراب» والحدث الرئاسي بأنهما أثبتا أن «القوات اللبنانية» هي أم الصبي الذي هو لبنان.
واذ طالب الحكومة الجديدة «بأن تكون حكومة قبل أي شيء آخر بمعنى<