مع آن العماد ميشال عون بات المرشح الأوحد للرئاسة الأولى، فان حبس الأنفاس يبقى سيّد الموقف في يوم القبض على الرئاسة، وسط حسابات دقيقة تتراوح بين المفاجآت المذهلة والمفاجآت غير المتوقعة، فيما العيون شاخصة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، بعد اعلان الرئيس نبيه برّي النائب عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية بعد منتصف نهار هذا اليوم، وبعد أن يُقسم الرئيس المنتخب بالله العظيم على «احترام دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه»، وفقاً للمادة 50 من الدستور.
ففي 31 تشرين أوّل 2016، وبعد شغور رئاسي استمر سنتين و6 أشهر ينتخب العماد عون رئيساً في جلسة تحمل الرقم 46، وفي مشهد احتفالي من ساحة النجمة إلى الشوارع التي تربط مقر المجلس النيابي بقصر بعبدا، متجاوزاً الاقتراع السري وغالبية الثلثين والدورة الاولى أو الثانية، ليمضي ست سنوات في قصر بعبدا، عبر الطريق الديمقراطي المشروع، وبتوافق لبناني لا يمكن التقليل من شأنه، وفي المجلس النيابي الذي مدّد مرتين لنفسه، ورآه عون غير شرعي، مطالباً بتقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية لتجديد وكالة المجلس.
وبقسم الرئيس العتيد عون على دستور الطائف، تكون انتهت مرحلة من الاعتراض على هذا الدستور، لتثبت أن ما تحقق على مدى ربع قرن مضى ليس من السهل التلاعب بأسسه ومرتكزاته.
وبكبسة زر اصطفت الكتل، وتوارت أصوات الاعتراض على المشهد، فإذا بالصقور يتعرون ويبقون كأفراد، حتى أن المرشح المنافس سليمان فرنجية فاجأ داعميه بطلب وضع الورقة البيضاء بدل اسمه لتسجيل موقف ليس إلا.
وحدها كتلة «التنمية والتحرير» بقيت ترفع شارة «عدم الامتثال» لدعم عون، وينشغل رئيسها رئيس المجلس بإعادة قراءة الموقف لضمان تراص الكتلة، وسط استغراب عن انقلاب الحلفاء، لا سيما منهم نواب «القومي» و«البعث»، فضلاً عن الأمير طلال أرسلان.
وفيما أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن كتلة «الوفاء للمقاومة» بأصواتها الـ13 ستصوت لصالح العماد عون في الانتخابات الرئاسية، مشدداً على انه «بعد هذا النجاح نحن امام يوم جديد وأمام التزامات أخرى سنبنيها بحسبها، مطالباً باعتماد الإيجابية في مقاربة كل الملفات وتهيئة المناخات الملائمة لننتقل بعد انتخاب الرئيس إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، داعياً الى انجاز قانون انتخاب عادل على قاعدة النسبية من أجل إنتاج سلطة مستقبلية ليطمئن النّاس إلى أن لديهم ممثلين حقيقيين».
عين التينة
في يوم عين التينة الطويل السبت 29 تشرين، أي قبل يومين من الجلسة، ناقش رئيس المجلس على انفراد مع رؤساء الأحزاب الحليفة، ونواب «لقاء الاربعاء» من كتلته وغيرهم، باستثناء نواب كتلة الوفاء للمقاومة، الخيارات، بعد لقاء النائب فرنجية الذي تمنى الورقة البيضاء بدل وضع اسمه كإشارة اعتراض على انتخاب عون.
وسمع الذين التقوا الرئيس برّي «ان لكل يوم ملائكته» وهو «الآن في المعارضة... افعلوا ما ترونه مناسباً وبحسب مصلحتكم».
وعندما سئل: ماذا سيفعل بعد انتخاب عون؟ قال: «سأراقب من دون أن اتدخل».
وعما إذا كان لن يشارك في الحكومة؟ أجاب: «العدس بترابو وكل شيء بحسابو». مضيفاً «أنا هنا في عين التينة، من يأتي إلى هنا نرحب به، وسأستمع منهم ماذا سيطرحون».
ويُسأل: ماذا عن البيان الوزاري؟ وماذا عن لمساتك التوفيقية، فيجيب: «لن اتدخل هذه المرة».
وفي المعلومات أن اتصالات ولقاءات ستعقد في عين التينة، بدءاً من الثلاثاء لبحث مسألة الموقف من الحكومة، وما سيبلغ رئيس الجمهورية خلال الاستشارات الملزمة لجهة تسمية رئيس الحكومة.
ولم يلمس زوّار عين التينة أن برّي اقفل باب المشاركة في حكومة الرئيس سعد الحريري بعد تكليفه رسمياً، كما لم يشأ الخوض في ما إذا كانت المعلومات عن أن «حزب الله» لن يُشارك في حكومة لن يتمثل فيها برّي، راهناً الأمور بأوقاتها، مع العلم ان وزير الصناعة في حكومة الرئيس تمام سلام حسين الحاج حسن أعلن أمس «اننا لن نضع شروطاً على الرئيس ولا على الحكومة، لكننا سنضع بين يدي الرئيس العتيد والحكومة الجديدة الهمّ الاقتصادي والمعيشي للناس».
إكتمال النصاب
وبين ساحة النجمة وقصر بعبدا، اكتملت التحضيرات ليوم الانتخاب الرئاسي والاحتفالات التي تليه من جانب التيار الوطني الحر ومناصريه، وكان من الملفت الإعلان عن عودة نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس إلى بيروت، حيث تردّدت أخبار عن احتمال أن يكون نائباً لرئيس الحكومة في حكومة العهد الأولى، كما عاد للمشاركة في الاقتراع النائب عقاب صقر آتياً من لارنكا على متن طائرة خاصة، وعاد كذلك النائب أحمد فتفت الذي تمسّك بوضع ورقة بيضاء، وأيضاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل من باريس.
وأنجزت دوائر البروتوكول في المجلس النيابي توجيه الدعوات للسفراء العرب والأجانب وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغرد كاغ وكبار موظفي الدولة لحضور جلسة الانتخاب، فيما غادر الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان بيروت متوجهاً إلى القاهرة مختتماً زيارة للبنان دامت أربعة أيام، شجّع خلالها القيادات اللبنانية التي التقاها على إنهاء الشغور الرئاسي.
الورقة البيضاء
واللافت أن «كبسة الزر» التي قلبت المواقف، فعلت فعلها في تأمين الفوز لعون من الدورة الأولى بأكثرية تناهز الـ87 صوتاً، فيما تضاءل عدد الأوراق البيضاء، إلى ما دون الـ40 ورقة، في حال عمد نواب حزب الكتائب الخمسة إلى وضع ورقة تحمل جملة سياسية، من دون أن تكون ورقة بيضاء أو تحمل إسماً، فتعتبر عند ذلك ملغاة.
إما إذا صوّت هؤلاء النواب بالورقة البيضاء، فإن «بوانتاج» هذه الأوراق، لن يتجاوز أيضاً الـ39 ورقة، ما يعني أن عون سيفوز من الدورة الأولى بـ87 صوتاً، وربما يصل العدد إلى 89،علماً هنا أن أي ورقة بيضاء تتجاوز الـ40 يُفترض أن تُحسب لأصوات من نواب «المستقبل» الذين يرفضون التصويت لعون.
وبحسب «بوانتاج» مصادر نيابية معارضة، فإن الأوراق البيضاء ستتوزع على الشكل الآتي:
- كتلة برّي 14 نائباً.
- كتلة فرنجية 3 نواب.
- معارضو «المستقبل» 7 نواب.
- كتلة طرابلس: نائبان (الرئيس نجيب ميقاتي وأحمد كرامي).
- كتلة الكتائب 5 نواب.
- معارضو كتلة جنبلاط:نائبان (مروان حمادة وفؤاد السعد).
- مستقلون: 6 نواب (الرئيس تمام سلام، نايلة تويني، ميشال المرّ، بطرس حرب، دوري شمعون وعماد الحوت).
مواقف
وفي المواقف، تجنّب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الخوض في اتهامات سبق وقالها ضد «حزب الله» من أنه سيعرقل إجراء الانتخابات الاثنين، تاركاً ذلك لوقت آخر، معتبراً أن اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء يجب أن يكونا يومي تهنئة وفرح، معرباً عن أمله بالانتقال إلى مرحلة أفضل، مجدداً الكلام عن أن الرئيس صُنع في لبنان، واصفاً «تفاهم معراب» والحدث الرئاسي بأنهما أثبتا أن «القوات اللبنانية» هي أم الصبي الذي هو لبنان.
واذ طالب الحكومة الجديدة «بأن تكون حكومة قبل أي شيء آخر بمعنى أن تكون حكومة متراصة وأن لا يكون هناك وزير معارض وأن لا يأخذ التشكيل 7 أشهر وأن يعود الإنتظام إلى المؤسسات»، اعلن جعجع «ان تفاهمنا مع التيار هو على شراكة معينة ولا اتفاق على حقائب وزارية معينة.»
ولفت الى ان «التأخير في تشكيل الحكومة سيكون نهاية العهد قبل أن يبدأ ونحن والجنرال نتفق على هذه النقطة، فخلال 4 أسابيع من المفترض أن تتشكل حكومة إذا كان هناك تفاهم، وفي حال لم يكن هناك تفاهم فليعارض من يعارض، واليوم على الأقل يجب أن يبقى من يعارض العماد عون في المعارضة».
أما رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، فنفى أن تكون هناك تسوية، كاشفاً عن اتفاق بأن يحكم البلد بشكل متوازن، وأن تؤلف حكومة وحدة وطنية.
احتفالات خاصة
وأوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«اللــواء» ان الاحتفالات بانتخاب عون رئيساً للجمهورية ستعم مختلف الأقضية اللبنانية، كاشفة عن تجمع ضخم في ميرنا الشالوحي لمتابعة وقائع اليوم الانتخابي اليوم، على أن يعقبه مساء احتفال غنائي في ساحة الشهداء بحضور مناصري التيار.
وإذ لفتت المصادر إلى أن ما من استقبالات شعبية تقام غداة إعلان الانتخاب كشفت عن إطلالة للعماد عون في السادس من تشرين الثاني المقبل أمام الجماهير في قصر بعبدا.
وعلمت «اللــواء» أن هناك تحضيرات جُندت لها الطاقات في مختلف المناطق احتفالاً بانتخاب عون رئيساً للجمهورية، كما علم ان العماد عون في وارد تعيين مستسشارين له في الأسبوع المقبل وذلك في الشؤون القانونية والخارجية والسياسية