بعدما حلّ نذير شؤمه على اللبنانيين ذلك «السبت الأسود» في 24 أيار 2014، يحلّ «الاثنين الأبيض» حاملاً معه بشائر أمل ورجاء بقيامة وطنية ترفع بلايا التعطيل عن الجمهورية وتعيد مؤسساتها إلى سكة العمل والانتاج رأفةً بمصالح البلد ومواطنيه. اليوم ينتهي عهد الشغور بعدما عاث فراغاً وإفراغاً في مقدرات الدولة طيلة عامين ونصف العام استُنزف خلالها البلد وبات على شفير الانهيار الشامل مؤسساتياً واقتصادياً ومالياً وبيئياً واجتماعياً ومعيشياً وحياتياً.. وكاد يسقط النظام والانتظام العام لولا أن نجحت أخيراً مبادرات الرئيس سعد الحريري المتتالية في رسم خارطة طريق إنقاذية تحرّر رأس الجمهورية وتحفظ دستور الطائف وتحيّد لبنان الرسمي عن الحريق السوري. 

غداً يوم جديد وعهد جديد، فإذا لم يحصل أي طارئ خارج عن الحسابات الوطنية، ستنتهي الجلسة الرئاسية الـ46 اليوم إلى انتخاب غالبية مجلس النواب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية لينطلق عهد «فخامة العماد» في طريق مليء بتحديات مفصلية تبدأ من إعادة 

لمّ الشمل الوطني ولا تنتهي عند حدود تحصين الدولة من جنون الحروب المحيطة، ومؤسساتها من جنوح التعطيل والتنكيل بحيويتها وإنتاجيتها. ولعل مسار الأمور على صعيد تشكيل حكومة العهد الأولى سيبيّن الخيط الأبيض من الأسود على مستوى التعاون الوطني المأمول من كافة الأفرقاء السياسيين لتزخيم انطلاقة العهد العوني، وسط دعوة رعوية وجهها أمس البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى كافة الكتل تناشدهم «الإسراع في تشكيل الحكومة وعدم وضع عراقيل أمامها».

«المستقبل» ينتخب

وأمس، عاش «تيار المستقبل» يوماً ديموقراطياً حضارياً شهدت خلاله كافة مراكز منسقياته انتخاب المندوبين لمؤتمر التيار العام المقرر انعقاده في 26 و27 تشرين الثاني المقبل، في حين شارك الرئيس الحريري في هذا الاستحقاق التنظيمي «كعضو في المستقبل» كما صرّح لدى الإدلاء بصوته في انتخابات منسقية بيروت التي أقيمت في مجمع البيال، متمنياً التوفيق لجميع المرشحين «وبالأخص الشباب».

العملية الانتخابية التي جرت في 12 منسقية ( بيروت – صيدا - طرابلس – عكار الجومة – عكار الدريب – المنية – البترون وجبيل – زغرتا – عرسال – البقاع الاوسط – البقاع الغربي وراشيا – حاصبيا والعرقوب) بعد فوز المرشحين بالتزكية في المنسقيات الخمس المتبقية (الضنية – بعلبك – عكار القيطع - جبل لبنان الجنوبي - الكورة)، شهدت إقبالاً كثيفاً عاقداً العزم على تجديد «شباب» التيار وتجديد خياره السياسي، بحيث عبّر المقترعون على مساحة الوطن في ما يشبه الاستفتاء التنظيمي عن دعمهم وتأييدهم لخيارات الرئيس الحريري السياسية.

اليوم الانتخابي الطويل الذي لم يسجل أي إشكالية أو شكاوى تُذكر منذ التاسعة صباحاً حتى انتهاء أعمال فرز الأصوات من صناديق الاقتراع في وقت متقدم من الليل، سجّل مشاركة نسائية وشبابية ملحوظة، تميزّت كذلك بإقبال جامع عابر للطوائف والمذاهب ترشيحاً واقتراعاً على مستوى كافة القطاعات ومختلف طبقات المجتمع، في وقت انحصر التنافس التنظيمي بين المنسقيات على تسجيل أعلى نسبة مشاركة انتخابية بينها، في مشهد تقاطع المرشحون والمقترعون على السواء عند وصفه بـ«العرس الديموقراطي»