بات الأمر خارج النقاش. العماد ميشال عون سيُنتَخَب رئيساً للجمهورية بعد غد الاثنين. في السياسة، القضية محسومة إلى درجة أن السعودية «استلحقت» نفسها وقررت الدخول في موكب المهنئين وغير المعطلين، عبر وزيرها ثامر السبهان الذي جال على الشخصيات السياسية أمس، مرحّباً «بما يتفق عليه اللبنانيون».
القوى السياسية انشغلت أمس باحتساب الأصوات التي سيحصل عليها عون، مرجّحة إمكان فوزه من الدورة الأولى. فحتى الآن، يحظى عون، بصورة شبه مؤكدة، بتأييد 84 نائباً على الأقل، وفق الآتي:
كتلة تيار المستقبل: 27 صوتاً من أصل 33 نائباً،
تكتل التغيير والإصلاح: 23 صوتاً (20 نائباً من كتلة التيار الوطني الحر ونائبان من كتلة الطاشناق، والنائب إميل رحمة)،
كتلة الوفاء للمقاومة: 13 نائباً،
اللقاء الديموقراطي: 9 نواب (من بينهم النائب هنري حلو)،
كتلة القوات اللبنانية (8 نواب)،
النواب محمد الصفدي وقاسم عبد العزيز ونقولا فتوش وميشال فرعون.
ويبقى في خانة المترددين أحد نواب كتلة المستقبل المعترضين، والرئيس تمام سلام، ونائبا الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال أرسلان والنائب ميشال المر، رغم أنه أبلغ التيار الوطني الحر بأنه سيمنح صوته لعون. ويحتاج الأخير إلى صوتين إضافيين لضمان حصوله على أكثرية الثلثين (86 نائباً).
لكن مصادر التيار الوطني الحرّ أكدت لـ»الأخبار» أن «البوانتاج» الأخير يشير إلى أن العماد عون «سيكون في جلسة الاثنين رئيساً بأكثر من الثلثين»، ما يعني فوزه حكماً من الدورة الأولى، من دون الحاجة إلى السجال بشأن ما إذا كانت الجلسة المقبلة ستُفتتح بدورة أولى أو ثانية. ولفتت المصادر إلى أن عدد النواب المستقبليين الرافضين لانتخاب عون قد ينخفض إلى ما دون الستة.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن هناك محاولات جسّ نبض تقوم بها أطراف جدية مع التيار الوطني الحرّ لإيجاد مخرج لسحب الوزير سليمان فرنجية ترشيحه قبل جلسة الاثنين المقبل. وفي المعلومات أن أصحاب الوساطة فاتحوا فرنجية بالأمر قبل دق أبواب التيار. كذلك علمت «الأخبار» أن «حريصين على فرنجية» يتحدّثون عن إمكان انسحابه، إذا تيقن من أن عدد الأصوات الذي سيحصل عليه سيكون أقل من العدد الذي حصل عليه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عام 2014. وحصل جعجع حينذاك على 48 صوتاً. وبحسابات مختلف القوى، فإن فرنجية لن يحصل على هذا الرقم، حتى لو صوّت له غالبية من أعلنوا اقتراعهم بورقة بيضاء.
في هذا الوقت، استكمل الموفد السعودي ثامر السبهان جولته على القوى السياسية، فتحدّث مع مستقبليه بشكل عام، من دون تسمية عون. لكنه شدد عندما التقى شخصيات سياسية من الطائفة السنية على ضرورة «توحيد كلمة الطائفة، والابتعاد عن التوتر». وعلمت «الأخبار» أنه سمع كلاماً عن مخاطر انتخاب عون من كل من الرؤساء تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة.
من جهة أخرى، يزور الرئيس سعد الحريري البطريرك الماروني بشارة الراعي اليوم، لوضعه في صورة تطورات الملف الرئاسي، وشكره على مواقفه. لكن يبقى الحدث الأبرز أمس إعلان النائب وليد جنبلاط تصويت غالبية أعضاء اللقاء الديموقراطي لعون. وأتى إعلان جنبلاط بعد استقباله عون في كليمنصوه، فقال: «إن نواب اللقاء الديموقراطي توافقوا على تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية». وأضاف: «سيترجم هذا الأمر عملياً نهار الاثنين في المجلس النيابي، وغداً سيكون اجتماع أخير للتشاور مع اللقاء الديموقراطي، وكما سبق وذكرت هناك من قد يعترض أو لا يوافق، ولكن أغلبية اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي مع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية».
ولفت إلى وجود ظروف دولية وإقليمية تساعد على الخروج من حالة الفراغ.
بدوره شكر عون «وليد بك على تأييده لي لموقع رئاسة الجمهورية، وفي نفس الوقت تحدثنا عن المستقبل أثناء ولايتي هذا الموقع، وسنتعاون سوياً لبناء لبنان ولتحسين الواقع الاجتماعي والوحدة الوطنية».
وكان جنبلاط قد استبق هذه الخطوة بزيارة عين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري الذي عاد أمس من جنيف. وأعلن جنبلاط بعد اللقاء أنه شرح لرئيس المجلس حيثيات موقفه، وقال: «هناك بعض من التفاوت، وفي النهاية هناك تاريخ قديم من النضال تعمد بالدم في سبيل قضية عروبة لبنان وفلسطين». وشدد على أن «بري رجل الدولة الأول الحريص على سير المؤسسات والاستقرار». وعلمت «الأخبار» أن جنبلاط لفت إلى تأثير التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على وضع منطقة الشوف، وتأثيرها على «المصالحة بين الدروز والمسيحيين في الجبل». وبعد شرح للواقع السياسي وضرورة الخروج من المأزق، رد برّي بأنه يتفهّم موقف جنبلاط «الأخ والصديق والحليف»، وأنه حريص أشد الحرص على «تمتين مصالحة الجبل». وعلمت «الأخبار» أن لقاءً جمع أمس النائب هنري حلو وعدداً من النواب المنتمين إلى اللقاء الديموقراطي. وأشارت أجواء المجتمعين إلى أن حلو سيعلن سحب ترشيحه، وسيصوت لعون.
على صعيد آخر، كان لافتاً أمس إصدار وزير التربية الياس بوصعب قراراً بإقفال المدارس يوم الاثنين المقبل، وردّ مؤسسات أمل التربوية (التابعة لحركة أمل) ببيان مقتضب أكّدت فيه أن يوم الاثنين هو يوم تدريس عادي.