قبل 48 ساعة من الاثنين الرئاسي، وبعدما فتحت مبادرته الوطنية الباب واسعاً أمام إقصاء الفراغ «المرشح الفعلي لحزب الله»، أطلّ الرئيس سعد الحريري في حلقة استثنائية من «كلام الناس» أمس ليؤكد بشفافيته المعهودة أن الدولة والناس هما الدافع الأساس وراء كل مبادراته وخطواته السياسية، متطلعاً بروح من الإيجابية والتفاؤل إلى مستقبل البلد بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وفي معرض الإعراب عن شعوره بالاعتزاز والفخر إزاء كل خطوة إنقاذية يخطوها للحفاظ على الجمهورية، لفت الحريري إلى أنه لا يستسلم ولا يخضع إلا لقناعاته الراسخة بأنّ «لبنان أهم من أي شخص ومن أي قيادة سياسية»، وإلى أنّ أي انتصار يحققه إنما هو انتصار للدولة والطائف والناس، مع تشديده في ما يتعلق بموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري المعارض لتأييد ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على كون مشكلة بري ليست معه بل ربما كانت مع «حزب الله» الذي عطّل الانتخابات الرئاسية طيلة عامين ونصف العام، مبدياً في الوقت عينه احترامه الكبير لرئيس المجلس بوصفه «أخاً كبيراً» وقال: «الرئيس بري «بمون» وسأبقى معه ظالماً أو مظلوماً».
ورداً على من يعتبر أنّ التطورات الرئاسية تصب في خانة انتصار المحور الإيراني في لبنان وهزيمة المشروع العربي السعودي، أشار الحريري إلى أنه على العكس من ذلك تماماً فإنّ «استقرار لبنان هو انتصار للسعودية وانتخاب رئيس للجمهورية والحفاظ على النظام والطائف هو انتصار للسعودية»، موضحاً أنّ مرشح «حزب الله» كان الفراغ بدليل عدم تلقفه مبادرة دعم ترشيح حليفه رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية بينما مبادرته الأخيرة تأييد ترشيح عون نزعت منه ذرائع الاستمرار في التعطيل، ودعا إلى النظر للمستجدات الرئاسية من منظار عريض ليتبيّن أنّ ما حصل هو فعلياً هو «انتصار على الفراغ وعلى ما كان يُفرض على لبنان من فراغ»، مضيفاً: «هذا أمر بالنسبة إلينا ليس فقط انتصاراً للمملكة العربية السعودية بل انتصار لكل العرب لأنّ لبنان كان يذوب شيئاً فشيئاً ومؤسساته كانت تذوب ونظام الطائف كان يذوب في مكان ما».
وإذ آثر عدم الخوض مسبقاً بمسألة «التكليف والتأليف» الحكومية بانتظار انتخاب رئيس الجمهورية وانتهاء الاستشارات النيابية المُلزمة، شدد الحريري على أنه ليس طامعاً ولا طامحاً بتبوؤ سدة رئاسة الحكومة إنما إن تم تكليفه بهذه المسؤولية فلن يتوانى عن تحملها والإقدام عليها «بحسن نية وانفتاح» في سبيل تحقيق مصالح الدولة والناس، منبهاً في ما يتعلق بالتسريبات الصحفية التي تتحدث عن عراقيل سيضعها «حزب الله» في وجه تشكيل الحكومة إلى أنّ أي عراقيل من هذا النوع ستكون موجهة مباشرة إلى العهد الرئاسي المرتقب للعماد ميشال عون.
أما في ما خصّ الموقف من النظام السوري، فأكد الحريري أنّ موقفه من هذا النظام «القاتل المجرم» لم ولن يتغيّر، في حين جدد رفضه لكل تدخلات «حزب الله» في سوريا والمنطقة العربية معرباً عن ثقته بأنّ الحكومة العتيدة سيكون قرارها رافضاً لأي تدخل في الشؤون العربية سيما وأنّ لبنان عضو مؤسس في جامعة الدول العربية. وعن إمكانية عدم تسميته من قبل كتلة «حزب الله» لتكليفه تشكيل الحكومة، ذكّر الحريري بأنّ الحزب «لم يسمِّ يوماً لا رفيق الحريري ولا سعد الحريري لرئاسة الحكومة» لافتاً الانتباه إلى أنّ الهدف المركزي لـ«حزب الله» طيلة السنوات الأخيرة كان «إضعاف سعد الحريري»، وأردف: «من هذا المنطلق أعرف أنني أسير الى تحدٍ كبير جداً لكن إذا وازنت هذا التحدي بالفراغ فأنا مستعد أن أنتخب عون حتى لو كنت سأواجه كل ما سأواجه في المستقبل».
وكانت كتلة «المستقبل» النيابية، التي جزم الحريري بأنها تقف إلى جانب قراره وخياراته السياسية «ونقطة على السطر»، قد أكدت إثر اجتماعها الأسبوعي برئاسته أمس في بيت الوسط «دعمها خيار الرئيس الحريري تأييد ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية»، معربةً عن أملها بأن يكون انتخابه يوم الاثنين «بدايةً لمرحلة وطنية جديدة لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين».
الموفد السعودي
ومن بيت الوسط، استهل الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان جولته على المسؤولين والقيادات أمس، بحيث اجتمع مع الحريري في حضور القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، وجرى استعراض لآخر التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، قبل أن يقدّم الوزير السبهان في ختام اللقاء هدية تذكارية للرئيس الحريري عربون محبة وتقدير.
ثم استكمل السبهان جولته المكوكية على المسؤولين السياسيين والروحيين، فالتقى على التوالي رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» في الرابية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في كليمنصو، ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة في بلس، والنائب ميشال المر في العمارة حيث نقل المكتب الإعلامي للمر عن السبهان تأكيده خلال اللقاء أنّ «المسؤولون السعوديين يدعمون كل ما يتفق عليه اللبنانيون في شأن انتخابات رئاسة الجمهورية وغيرها من القضايا التي تحقق للبنان المزيد من الاستقرار والإنماء والازدهار»، معرباً عن «حرص المملكة الدائم على لبنان وعلى ما يشكله من نموذج عيش مشترك ومن تنوع» باعتباره «بوابة العرب على الغرب».
كذلك زار الموفد السعودي كلاً من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، والبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في بكركي، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان في مقر المجلس.
جنبلاط في عين التينة.. وعون في كليمنصو
وفي مستجدات مواقف الكتل النيابية حيال جلسة انتخاب الرئيس، برزت أمس زيارة كل من رئيس «اللقاء الديمقراطي» إلى عين التينة ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» إلى كليمنصو، بحيث أوضح جنبلاط بعد خلوة عقدها مع بري أنه شرح له «حيثيات» موقفه من الجلسة الرئاسية بعد غد الاثنين، منوهاً في الوقت عينه بالتاريخ «العريق والنضال المعمّد بالدم» الذي يجمعهما. وبعد استقباله عون لاحقاً في دارته في كليمنصو، أعلن جنبلاط أنّ نواب «الاشتراكي» وأغلبية نواب «اللقاء الديمقراطي» سيصوتون لصالح انتخاب عون رئيساً، مؤكداً الوقوف إلى جانبه «من أجل مصلحة لبنان».
بدوره، أعرب عون عن شكره لجنبلاط مؤكداً عزمه على «التعاون سوياً لبناء لبنان ولتحسين الواقع الاجتماعي والوحدة الوطنية».
وكان عون قد زار كذلك السرايا الحكومية حيث التقى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام واستعرض معه التطورات.
المستقبل : السبهان يواصل جولته على المسؤولين.. وجنبلاط يستقبل عون وينتخبه رئيساً
المستقبل : السبهان يواصل جولته على المسؤولين.. وجنبلاط...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
240
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro