شكلت السرايا الحكومية ودارة رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط مساء أمس المحطتين الأخيرتين مبدئياً لجولة العماد ميشال عون على القيادات السياسية بصفته رئيسا لـ"تكتل التغيير والاصلاح" ومرشحاً رئاسياً قبل جلسة الاثنين المقبل التي بدا واضحاً ان العماد عون يتعمد تقليل الكلام والتصريحات قبل انعقادها استعداداً لالقائه خطاب القسم عقب انتخابه الرئيس الثالث عشر للجمهورية. ولم تحمل تطورات الساعات الاخيرة جديدا مفاجئا لجهة اتساع قاعدة تأييد كتل سياسية ونيابية كبيرة لانتخاب عون باعتبار ان موقف النائب جنبلاط سبقته مؤشرات تدل على ميله الى السير في خيار انتخاب عون وان تكن أصوات "اللقاء الديموقراطي" لن تذهب كلها الى هذا الخيار. ومع ذلك فان اعلان جنبلاط ان نواب اللقاء "توافقوا على تأييد ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية" رفع تلقائياً نسبة التصويت المحسوب لمصلحة عون وسط ازدياد تفاؤل الفريق العوني بامكان انتخابه في دورة الاقتراع الاولى بأكثرية الثلثين. وتفاوتت "البوانتاجات" التي أجريت للتصويت بين توافر أكثرية 79 و86 صوتاً لمصلحة عون الامر الذي عكس تحفظاً لدى معظم الجهات المعنية عن الجزم باتجاهات الجلسة، خصوصاً ان حجم التصويت لمصلحة النائب سليمان فرنجية والتصويت بالاوراق البيضاء لا يزال عرضة لتقديرات غير ثابتة، الامر الذي يصعب معه تبين الاتجاهات النهائية الا في الجلسة نفسها. وتقول مصادر معنية بهذه الحسابات إن ما لا يقل عن 47 نائباً يتوزعون حتى الآن بين تأييد فرنجية والتصويت بأوراق بيضاء الامر الذي يبقي احتمال عدم نيل عون اكثرية الثلثين من الدورة الاولى قائما الى حين انعقاد الجلسة، الا اذا تبين ان بعض النواب المترددين قرروا التصويت لعون في نهاية المطاف.
ومع عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري امس الى بيروت، لوحظ ان جنبلاط حرص على لقائه قبل زيارة عون لكليمنصو حيث أبلغه "حيثيات موقفه من الانتخاب الرئاسي". ولفت جنبلاط الى انه "وان بدا هناك بعض التفاوت فهذا التفاوت شكلي (بينه وبين بري) وفي النهاية هناك تاريخ عريق وقديم بيننا... ويبقى الرئيس بري رجل الدولة الاول الحريص على الدولة اللبنانية وعلى الاستقرار". وأوضح جنبلاط عقب استقباله عون ان اجتماعاً اخيراً سيعقد اليوم لـ"اللقاء الديموقراطي" وان "هناك من قد يعترض أو لا يوافق لكن غالبية اللقاء والحزب التقدمي الاشتراكي مع ترشيح العماد عون وآن الاوان كي نخرج من هذا المأزق ويبدو ان ظروفاً محلية، صنع في لبنان، لكن هناك أيضاً ظروفاً دولية واقليمية تساعد في هذا الامر". واكتفى عون بشكر جنبلاط قائلاً "اننا تحدثنا عن المستقبل اثناء ولايتي هذا الموقع وسنتعاون سويا لبناء لبنان وتحسين الواقع الاجتماعي".
الحريري
وعلمت "النهار" ان إجتماع كتلة "المستقبل" امس برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي عرض مجدداً معطياته في شأن خيار دعم ترشيح العماد عون لم يشهد أي موقف متمايز من الاعضاء الذين سبق لهم أن اعترضوا على هذا الخيار وفي مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة الذي إلتزم الصمت طوال الاجتماع. وبينما رجحت مصادر في الكتلة أن يبقى السنيورة ومعه عدد من الاعضاء على موقفهم المعارض، عبّر البيان الصادر عن المجتمعين عن إلتزام الكتلة خيار الحريري مما يعيد الى الكتلة مظهر تماسكها والتفافها حول رئيسها. ولفتت المصادر الى ان الحريري لم يتطرق خلال الاجتماع الى زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان للبنان. وأكدت ان "المستقبل" بات في وضع شعبي أفضل بعدما أظهرت الايام الاخيرة التي تلت موقف الحريري الاسبوع الماضي ان لا إعتراض على مستوى القاعدة على ترشيح عون على رغم بعض المحاولات التي جرت لتكوين جبهة معارضة لهذا الترشيح.
واكتسب الحديث الذي أدلى به الحريري ليلاً الى الزميل مارسيل غانم في برنامج "كلام الناس " دلالات بارزة عشية الجلسة الانتخابية اذ ركز في معظمه على الابعاد الاقتصادية والاجتماعية التي تواكب عملية انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم "الجهاد الاكبر الحكومي". وبدا الحريري واثقاً من علاقته بالعماد عون في التجربة التي ستبدأ مع انتخابه رئيساً للجمهورية، فرد على القول إنه استسلم لمحور "حزب الله" وايران بقوله "انا خضعت لقناعتي بان لبنان اهم من أي شخص وكان هاجسي الفراغ وما يؤدي اليه". ورأى ان مبادرته اسقطت الفراغ الذي كان المرشح الحقيقي لـ"حزب الله". وشدد على ان الرئيس بري "سيظل أخاً كبيراً وسأبقى معه ظالماً أم مظلوماً". ومع رفضه القول بانه ذاهب الى الانتحار، لفت الى انه كان يعرف ان لا مشكلة اقليمية امام مبادرته قائلاً: "هذا الذي حصل هو انتصار للبنان وانتصار للسعودية لانه انتصار للنظام وللطائف وانتصار على الفراغ وهذا انتصار للعرب كلهم". واسترعى الانتباه في حديث الحريري اشادته الحارة بكل من قائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كما انتقد بشدة تدخل "حزب الله" في الدول العربية ونفى ان يكون عقد تفاهمات ثنائية مع العماد عون على حساب أحد واعلن انه منفتح على الجميع ويمد يده للجميع. وتحدث مرحلة سياسية جديدة "وما نفعله هو انقاذ للبلد والمؤسسات واعطاء فرصة للناس وامل للبلد". وأكد ان كتلة "المستقبل "هي "كتلة سعد الحريري".
الموفد السعودي
في غضون ذلك، اتخذت جولة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج طابعاً واسعاً اذ شملت معظم القيادات والشخصيات السياسية ومن المقرر ان يلتقي اليوم الرئيس بري. وأكد الوزير السعودي لدى لقائه النائب ميشال المر مساء ان "المسؤولين السعوديين يدعمون كل ما يتفق عليه اللبنانيون في شأن الانتخابات الرئاسية وغيرها من القضايا التي تحقق للبنان مزيداً من الاستقرار والنماء والازدهار". وقال ان المملكة "حريصة دوما على لبنان وما يشكله من نموذج عيش مشترك ومن تنوع فهو بوابة العرب على الغرب"