الجلسة الأخيرة لحكومة الرئيس تمّام سلام عُقدت يوم أمس، وكان الجميع على قناعةٍ بحلول عهدٍ رئاسي جديد ونهاية عهد الفراغ الذي أطبق على لبنان ما يقارب السنتين .
كل المؤشرات تقود إلى انعقاد جلسة الانتخاب وأنّ رئيسا جديدا للبلاد ستشهده قاعة البرلمان اللبناني يوم 31 تشرين الأول 2016 .
الحدث الأبرز في الأيام الانتقالية الأخيرة كان زيارة الموفد السعودي ثامر السبهان إلى بيروت في مهمة وُصفت بالإستثنائية في هذه المرحلة السياسية الدقيقة التي تمرّ بها البلاد .
وبعيدا عن التحليلات الإعلامية والتقديرات الصحفية لهذه الزيارة فقد بدا واضحًا أنها تشكل تطوّرًا ديبلوماسيا مهمًّا في العلاقات اللبنانية السعودية، خصوصا أنها تأتي بعد سيطرة مناخ طويل من التباعد والانكفاء السعودي عن لبنان، وذلك بحدّ ذاته تطورًا نوعيًّا في العلاقة بين البلدين، وعودة مشرفة للمملكة إلى لبنان، لا تقتصر أسبابها على الملف الرئاسي وحده بل تتعدى ذلك إلى ما هو أعمّ وأشمل، ويرتبط بشكل أساسي في العلاقة بين البلدين.
وفي المشهد العام تأتي هذه الزيارة لإعادة التوازن إلى المشهد اللبناني مع بداية ترتيب الملفّات اللبنانية وبداية عهد جديد، وقد أرادت المملكة العربية السعودية بعودتها تلك الإيحاء باستمرار وقوفها إلى جانب لبنان وهذا ما أعلنه الموفد السعودي، أنّ المملكة تدعم ما يتّفق عليه اللبنانيون، وأنّ المملكة تبارك كل الجهود لانتخاب رئيس الجمهورية وكل ما يتفق عليه اللبنانيون حول هذا الملف.
وإذ تؤَكِّدالمملكة العربية السعودية حضورها على الساحة السياسية اللبنانية، وفي هذا التوقيت بالذات، فإنّ هذا من شأنه أن يؤكد عودة العملية السياسية في لبنان إلى طبيعتها مع وصول الرئيس العتيد إلى قصر بعبدا، وبالتالي فإنّ المملكة لن تبقى مكتوفة الأيدي مع التطور الأبرز الذي يحصل على الساحة اللبنانية، وهي ستقود بحضورها هذا ربّما نهجًا جديدًا في التعاطي مع القضايا السياسية اللبنانية، وبالنظر إلى سلسلة اللقاءات التي يعقدها الموفد السعودي الذي يعتبَر خبيرا بالسياسية اللبنانية وخفاياها فإنّ هذه اللقاءات توحي بالانفتاح السعودي الكامل على كل شرائح المجتمع اللبناني كشخصيات ومؤسسات رسمية. خصوصا وأنّ هذه الزيارة تقرّرت منذ منتصف الأسبوع الماضي، لكنها أُرجِئت في انتظار عودة الرئيس بري من سويسرا باعتبار أنّ اجتماع الموفد السعودي معه يشكّل الدافع الأساسي للزيارة .
وقالت مصادر متابِعة أنّ الزيارة لا تندرج في سياقات تتعلق بالملف الرئاسي ولا لتسجيل موقف منه بل هي لإبلاغ المعنيين والقيادات في لبنان أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج لا تزال مهتمة بلبنان وغير صحيح القول إنها أدارت له ظهرها.
وأوضحت هذه المصادر أنّ المملكة ودول الخليج لا تنحاز إلى مرشّح رئاسي في لبنان على حساب مرشّح آخر وتقف على مسافة واحدة من كل الأطراف، كما أنها تؤيد التوافق اللبناني وانتظام الدولة وعودة المؤسسات، ولا تتدخل في الشأن الداخلي السيادي للبنان.
وبالرغم من ذلك فإن عودة المملكة العربية السعودية إلى لبنان دليل انفتاح سياسي جديد على مرحلة سياسية لبنانية جديدة قد تقود إلى تطور العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية بعد جملة إخفاقات شهدتها العلاقة بين البلدية على خلفية مواقف بعض الأفرقاء اللبنانيين من المملكة السعودية .