من الموت إلى الموت هرب، وكأن القدر أبى إلّا أن يخفّف عنه آلامه، فسرقه بعد عذاب دام ثلاثة اسابيع من بين آلات الرحمة في مستشفى لبيب في صيدا إلى أحضان والديه اللذين ربّما فتحا له باب السّماء، ليستقبلاه بعد أن تركه صادمه وحيدًا على كورنيش مدينة صيدا وفرّ إلى جهة مجهولة.
الطفل الفلسطيني ابن الإثني عشر ربيعًا "محمود الهندي" والذي نزح من مخيّم اليرموك في سوريا لم يعلم ان قدره أراد له ان يكون ملاكًا مهما حاول الفرار من المكتوب، فبعد أن صدمته سيارة مسرعة وفرّ سائقها إلى جهة مجهولة منذ حوالي الثلاثة أسابيع وذلك أثناء محاولته التنقل لزيارة أخته التي تسكن في مخيم عين الحلوة على كورنيش صيدا البحري تم نقله إلى مستشفى لبيب لتلقي العلاج وبعد أن وصف وضعه بأنّه بين الحياة والموت نتيجة استئصال طحاله وحصول نزيف في الدماغ وكسور في الفخذ والكتف، تم إطلاق مناشدات لبنانية وفلسطينية لوزير الصحة اللبناني وائل ابو فاعور للتكفّل بعلاجه، لم يتردّد الأخير في الاستجابة والطلب من مستشفى لبيب معالجته على نفقة الوزارة إلّا أنّ الموت بقي حائمًا حول جسده حتّى فارق الحياة يوم امس عند الساعة الثلاثة والنصف ظهرًا في المستشفى.
الآلات والتكفّل بالعلاج لم يعيدا محمود إلى الحياة، وكما غيره من ضحايا السير سيصبح مجرّد اسم مذكور في لائحة الموت على الطرقات ولكنّ باستطاعة الجهات المعنية أن تعيد إحياء ذكراه عبر ملاحقة السائق واعتقاله وجعله عبرة لمن يعتبر.