لأنها “أسرع وسيلة للوصول الى الفردوس”، توجه محمود الغزاوي (24 عاماً) الى ريف الرقّة رغبة منه في الجهاد عبر تنفيذ عملية انتحارية.
وصل الغزاوي الى معقل “داعش” في الرقة عبر تركيا حيث التقى المسؤول الامني المدعو “ابو الوليد” الذي جنّده لتنفيذ ما يريده، عملية انتحارية في لبنان، وطلب منه العودة الى لبنان بالطريقة نفسها عبر المطار، وأمره بإستئجار شقة لايواء العناصر الذين سيرسلهم الى لبنان لمشاركته في تنفيذ العملية الانتحارية بعد ان نقّده مبلغ الفي دولار انفقه على شراء الملابس من تركيا وإيجار الشقة في لبنان. كذلك اشترى الغزاوي نظارات شمسية، كما سدّد اجار منزل اهله.
في مطلع العام الجاري، عاد الغزاوي الى لبنان لتنفيذ ما طُلب منه، بعد ان اخضعه “ابو الوليد” على دورة لتصنيع عبوات ناسفة من المواد الكيماوية، واطلق عليه اسم “مريم” للتمويه بهدف استخدامه عبر تطبيق “التلغرام” للتواصل معه حيث كلّفه باستطلاع تجمعات اهل الشيعة في لبنان، بغية استهدافها لاحقاً، انتقاماً من “حزب الله” الذي يقاتل اهل السنّة في سوريا.
وبالفعل، استطلع الغزاوي جميع مناطق الضاحية الجنوبية وابلغ مشغّله بذلك، ليعلمه لاحقاً “ابو انس” خليفة “ابو الوليد” بأن الأخير قد قُتل.ومع تولي ابو انس “منصبه” الجديد، طلب من الغزاوي استطلاع تجمّع الاجانب في لبنان من اميركيين وفرنسيين وبريطانيين بغية استهدافهم لاحقاً، وذلك انتقاماً من تحالفهم ضد “داعش”.
لاحظ الغزاوي من جولات استطلاعه ان منطقة الجميزة تعجّ بالسياح الاجانب وابلغ ابو انس ذلك.
راح الغزاوي يرافق قريبته هبة ح. بسيارتها حيث كانت تتجول في كافة المناطق اللبنانية، وذلك بحجة انه بائع متجول، وقد عرّفته من خلال عملها على رواد حرب الذي، ما إنْ كلفه ابو انس بالبحث عن مصدر لشراء الاسلحة حتى بادر الغزاوي الى عرض الامر على حرب الذي ابدى موافقته في المساعدة طالباً مبلغ الف دولار ثمن بندقية الكلاشينكوف الواحدة. غير ان الغزاوي لم يستطع شراء اي قطعة سلاح لعدم توافر المال بحوزته.
يؤكد الغزاوي بأن “ابو الوليد” او خلفه “ابو انس” لم يرسلا اي شاب للمشاركة في العمليات الانتحارية التي كانا يخططان لتنفيذها. وبعد مداهمة الشقة التي استأجرها في بلدة عبرا لم يتم العثور على اي ممنوع داخلها.
تواصل الغزاوي مع مسؤول “داعش” في الرقة وخلفه ومع المدعو “ابو البراء” عبر رسائل مشفّرة بلغ عددها 25 رسالة ، تمكنت “شعبة المعلومات” في قوى الامن الداخلي من استخراجها، وبمواجهته بها، اعترف الغزاوي بما اسند اليه واضاف بأن مهمته في لبنان كانت لوجستية لجهة تأمين المأوى والمأكل للانتحاريين الذين سيلحقون به، وتحديد الاهداف ونقلهم اليها عند الاقتضاء.
تعرّض الغزاوي للاغراء المادي كما يقول، اذ ان ابو الوليد وعده بارسال الاموال له لشراء سيارة ولإستئجار منزل لكي يتزوج.
وينقل المتهم لؤي علي عن الغزاوي انه اعلمه بنيته السفر الى تركيا للانتقال منها الى اليونان خلسة وليس الى سوريا فعرّفه على جاره في مخيم عين الحلوة سامي محمود الذي يمتهن تهريب الاشخاص، وقد عرف لاحقاً من الاخير بعد اختفاء الغزاوي بأنه دخل الى سوريا والتحق بتنظيم “داعش”.
اراد الغزاوي “العيش في حدود الدولة الاسلامية”، هكذا ابلغ المتهم نزيه الشامي وعرض عليه مرافقته الى سوريا لكنه رفض لأنه لا يحمل الفكر التكفيري الداعشي ولا يؤمن بالقتل والذبح. وقد ابلغه الغزواي انه التحق بـ”داعش” وعاد الى لبنان للعمل لصالح التنظيم عارضاً عليه مشاركته في هذا العمل لكنه رفض. كما ابلغه ان احد اهداف “داعش” في لبنان هو التخلص من الشيخ ماهر حمود لانه حليف لـ”حزب الله.”
اما المتهم رمضان الحميدي الذي يعمل بتحويل الاموال بين لبنان وسوريا وخصوصاً في المناطق الخاضعة لـ”داعش” واهمها الرقة، فقد ارسل السوري حسن الخلف الى الدورة لتسليم مبلغ الفي دولار الى شخص لا يعرف اسمه، عبر كلمة سر زودها للحسن، نافياً معرفته بأن الاموال التي سلمها في الدورة هي لـ”داعش”.
وبالمواجهة بين خلف الحسن والغزواي تعرف على هذا الاخير على انه الشخص نفسه الذي سلمه مبلغ الالفي دولار في الدورة نافياً انتماءه الى “داعش”.
وفي ما خص المتهمين رواد حرب وفضل زين الدين وهبة ح. فقد سعوا جميعاً لتأمين الاسلحة للغزواي بهدف المتاجرة بها من دون علم حرب وزين الدين ان الاسلحة ستصل الى “داعش” اذ اوهمهما الغزواي تارة بانها لصالح مسؤول في حركة امل في الجنوب وطوراً لمسيحيين يريدون الحماية الشخصية. غير ان عملية شراء الاسلحة لم تحصل ليتبين ان الذي انتحل صفة مسؤول حركة “أمل” في الجنوب الذي اراد شراء الاسلحة هو ذو الفقار اسماعيل، في حين ان هبة وهي قريبة الغزاوي كانت تحث رواد حرب على تأمين 20 بندقية للاخير لتنفي ذلك لاحقاً مشيرة الى ان الغزاوي كان يحدثها عن تجارة الاسلحة على سبيل المزاح.
هؤلاء المتهمون، أُحيلوا جميعاً امام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله الذي لم يتمكن من مباشرة استجوابهم لعدم سوق الغزاوي ولتكرار جلب المخلى سبيلهم وابلاغ فارين لصقاً. ورفع الجلسة الى 25 كانون الثاني المقبل.
المستقبل