السعودية تعود إلى لبنان من بوابة الاستحقاق الرئاسي , وتخوف من إنهيار الليرة اللبنانية عشية الانتخابات
السفير :
لو قدم وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، إلى بيروت، في التوقيت نفسه، لكن من دون صفقة رئاسية مبرمة، لكانت انهالت عليه وعلى مملكته اتهامات معسكر «8 آذار»، وخصوصا «التيار الوطني الحر» بإعلامه و «أعلامه» أجمعين، بأن الديبلوماسي المتخصص بساحات المنطقة عسكريا وأمنيا، يحمل معه إلى بيروت وصفة جديدة من «وصفات الفتنة» التي كانت سبباً في طرده من بغداد قبل شهور قليلة، فتكافئه دولته بجعله برتبة وزير يأتمر بأوامر الديوان وولي ولي العهد.. وعلى مكتبه العديد من ملفات المنطقة، ومنها لبنان.
أما وإنه يأتي الى بيروت في سياق «ديبلوماسية الإيحاء»، فإن السجاد الأحمر يكاد يغطي كل الدروب التي سيسلكها موكبه طيلة أيام ثلاثة، بلا مساءلة أو محاسبة، لكأن المطلوب أن يقال إن السعودي إما أتقن اللعبة الرئاسية ـ الصفقة، من دون أن يترك بصمة واحدة من بصماته عليها، أو ان موفد المملكة، جاء بنصيحة ناصح وقدرة قادر، لاستدراك ما يمكن استدراكه، وللقول إنه ليس صحيحاً أن السعودية تخلت عن لبنان أو أنها أهملته أو خسرته أو انسحبت منه بلا رجعة.
يعني ذلك أن على القلقين محليا أن يهدأ بالهم وعلى المرتاحين لأوضاعهم ونفوذهم أن يقلقوا، فالسعودية لم تغادر الساح، ولبنان لم يُسلّم به «ساحة إيرانية» بل هو ساحة من ساحات النفوذ السعودي، بدليل كل مندرجات الاستحقاق الرئاسي، وصولا إلى الاثنين الموعود: انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية.
ثمة استدراك غير بسيط، أن العقل الوهابي الذي يتحكم بالكثير من القوى والأدوار الإقليمية، لا يمكن أن ينتج معادلة كتلك التي أفضت اليها أمور الرئاسة في لبنان، بعد سنتين ونيف من الفراغ.
فأن يأتي ميشال عون رئيسا للجمهورية، فهذه ذروة السقف المسيحي رئاسيا، ولا يبالغ مرجع حزبي لبناني عندما يردد أن الإحباط المسيحي الذي استولدته عملية 13 تشرين الأول 1990، وتم «تثبيته» في خريف العام 1992، سينتهي ظهر الاثنين في الحادي والثلاثين من تشرين الأول، لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بالاتجاه الذي ستسلكه الأمور، بعد هذا التاريخ.
وعندما يتبدد الإحباط المسيحي مع وصول «الجنرال»، فإن ما يُسمى «الإحباط السنّي» الذي لطالما لهجت به الألسن طيلة الفترة التي أعقبت سقوط حكومة سعد الحريري في العام 2011، سيتبدد أيضا، مع عودة «الجنرال» سعد الحريري الى السرايا، متسلحاً بخبرات سياسية وأمنية من عنديات ثامر السبهان، الرجل الذي خبر لبنان وعمل فيه لسنوات قبل أن ينتقل الى العراق، وربما يتحمل مسؤولية الكثير من التقارير التي رُفعت ضد السفير السعودي السابق علي عواض عسيري، بعدما أظهرت وثائق الأرشيف السعودي (التي نشرتها وسائل إعلامية عربية وأجنبية) أنها كانت مبنية على وقائع خاطئة ومنظومة علاقات وهمية أو مفبركة.
لذلك، عندما وصل القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري الى بيروت، وجد في سفارة بلاده في شارع بلس (رأس بيروت) منظومة فساد تبدأ بعدم وجود زي رسمي لموظفي السفارة وتنتهي عند جيش من الموظفين يتجاوز الأربعمئة موظف، وهو رقم يكاد يتجاوز عدد الموظفين في سفارات للمملكة في بعض عواصم الدول الكبرى.
لقد هال الفريق السعودي الذي جاء للتحقيق في ملفات عسيري ما وجده في السفارة، سواء «أصدقاء السفارة» من سياسيين وتجار واقتصاديين وعقاريين و«باكورة» الفنانات والفنانين، ناهيك عن «باقة» من المخبرين في كل المناطق، لا يتم التدقيق بتقاريرهم، وغالبا ما تكون وهمية، فقط لقاء بدلات مالية كبيرة. لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تم فتح دفاتر مالية متعلقة بالمواكب والسيارات والشقق وبدلات السفر والمآدب.
لا يأتي هذا الكلام من باب التحريض، بقدر ما أن السعودية مطالبة بالتواضع، وبإعادة صياغة خطابها ونمط تعاملها مع الواقع السياسي اللبناني.
يسري ذلك بديهياً على علاقتها بحليفها سعد الحريري الذي يواجه أزمة اجتماعية تطال أكبر مؤسسة توظيفية في لبنان (عشرة آلاف عائلة على الأقل بين لبنان والسعودية)، وهؤلاء إما باتوا مهددين بديمومة عملهم أو بافتقادهم الأمان الوظيفي، فضلاً عن أن معظمهم لم يقبضوا رواتبهم منذ سنة بالحد الأدنى.
فهل يجوز للمملكة أن تدير ظهرها لمشكلة اجتماعية بهذا الحجم، لا تهدد مؤسسات من لون معين وحسب، بقدر ما تهدد الاستقرار الاجتماعي في لبنان؟ ثم إن هناك حوالي 56 ألف عامل وموظف تعتاش من رواتبهم 56 ألف عائلة لبنانية وأجنبية يعملون في شركة «سعودي أوجيه» في السعودية، وهي مختلفة عن «انترناشيونال أوجيه» أو غيرها من الشركات التي يديرها ورثة رفيق الحريري.
هذه الأزمة ظلت صامتة من العام 2013، حتى خريف العام 2015، ولكنها تفاقمت كثيرا في السنة الأخيرة، بدليل ما يجري ليس من إضرابات وأعمال حرق وشغب في مجمعات الشركة في السعودية، بل من حالة غضب تزداد يوماً بعد يوم، في مؤسسات الحريري في لبنان (آخرها إضراب سائقي السيارات في «تيار المستقبل» وبعض المؤسسات الإعلامية).
واذا كانت الشركة تحمّل حكومة المملكة مسؤولية التأخر في دفع مستحقاتها، وبالتالي جعلها عاجزة عن تمويل المشاريع القائمة أو أي مشاريع جديدة، فإن السلطات السعودية تتهم الشركة بأنها تدفع ثمن تفاقم واقع الفساد المالي والإداري، غير أن المعضلة لتي تواجه الطرفين، تتمثل في كون المبالغ المستحقة لـ «سعودي أوجيه» تصل الى حوالي 8 مليارات دولار (اعترفت الحكومة السعودية فقط بحوالي مليارين و600 مليون دولار)، ومن شأنها أن تؤثر على القطاع المصرفي السعودي، إذ إن ديون الشركة وحدها لدى البنوك باتت حوالي 4 مليارات دولار أميركي، أي ما يعادل 66 في المئة من أرباح البنوك السعودية، وأي تسوية تتعلق بهذه المبالغ ستؤثر على القطاع المصرفي السعودي، الذي صار يقتطع منذ فترة، بطريقة أوتوماتيكية، الأموال التي تحولها الحكومة الى «سعودي أوجيه»، علما أن ديون الشركة مع المصارف في الخارج وصلت الى حوالي المليار دولار.
ولعل السؤال الكبير: كيف ستتصرف الشركة مع المبلغ الذي سيكون مستحقا عليها في شباط 2017 ويقدر بحوالي مليار دولار أميركي، بينما تبلغ كلفة مستحقات الموظفين هناك أكثر من نصف مليار دولار، من دون إغفال الدعاوى التي بدأ الدائنون (البنوك السعودية) برفعها ضد الشركة، فيما الحكومة السعودية مربكة بين أكثر من خيار، سواء بوضع يدها على الشركة، في الوقت الذي تسعى الى «تحرير» مؤسسات اقتصادية حكومية وخصخصتها، أو بالتصفية التي تهدد باندلاع أزمة مصرفية لا مثيل لها، بحيث يصبح خيار إعادة الهيكلة هو الأقل ضرراً.
يمكن القول إن إعلان الحكومة السعودية، قبل أسابيع عن انتهاء المحادثات الإنقاذية لـ «سعودي أوجيه» والطلب من الشركة التفاوض مع دائنيها لإعادة هيكلة ديونها، ينسجم والخيار الأخير (الهيكلة)، برغم أن القرار أضر بصورة السعودية في الخارج وبمصداقية الشركات العاملة لديها، وباستقرار العاملين على أراضيها.
واللافت للانتباه أن الحكومة السعودية أظهرت في تفاوضها مع «سعودي أوجيه» تشددا تمثل برفضها، في رمضان الماضي، الخيارات الإنقاذية لها:
• شراء الحكومة السعودية حصة في شركة «سعودي أوجيه».
• بيع الأصول العقارية أو حصة في «سعودي أوجيه» الى شركة نسما (العقارية).
• بيع استثمارات «أوجيه» خارج السعودية، سواء في «ترك تيليكوم» و «تيليكوم جنوب أفريقيا» و20 في المئة في «البنك العربي» في الاردن.
ويعود قرار الحكومة السعودية برفض المساعدة في إنقاذ «سعودي أوجيه» لأسباب عدة أبرزها الآتي:
أولا، مواجهة السعودية صعوبات مالية نتيجة تقلص مداخيلها النفطية أكثر من 50 في المئة، وارتفاع عجز ماليتها العامة الى مستويات قياسية تقارب 20 في المئة من الناتج المحلي، واضطرارها مؤخرا الى إلغاء مشاريع استثمارية بقيمة عشرين مليار دولار واللجوء الى الأسواق المالية العالمية للاستدانة.
ثانيا، يعتبر دين «سعودي أوجيه» دينا للقطاع الخاص وتفرض مساعدتها على الحكومة السعودية لاحقا مساعدة الشركات الاخرى المتعثرة (عددها كبير) وهذا يتعارض مع «رؤية 2030» لولي ولي العهد محمد بن سلمان الذي يستند الى تقليص حجم القطاع العام (61 في المئة من حجم الاقتصاد) وتعزيز دور القطاع الخاص.
في ضوء هذه الوقائع والأرقام الفلكية، وفي ضوء المأساة الاجتماعية التي تهدد أكبر مؤسسة لبنانية، هل يملك الزائر السعودي ما يطمئن هؤلاء جميعا وفي طليعتهم سعد الحريري؟
لنستمع الى ما سيقوله زعيم «تيار المستقبل» مساء اليوم، عبر برنامج «كلام الناس» مع الزميل مرسيل غانم.
النهار :
اذا كان المؤشر العملي الأكثر تعبيراً عن اقتراب النهاية لـ"عهد الفراغ" الرئاسي وحلول عهد رئاسي جديد تمثل في الجلسة الوداعية التي عقدتها حكومة الرئيس تمّام سلام أمس، فإن الحدث الأبرز الذي واكب الأيام الانتقالية الاخيرة قبل الجلسة الانتخابية الرئاسية الاثنين المقبل تمثل في حضور موفد سعودي الى بيروت في مهمة "استثنائية". فماذا يعني ان توفد المملكة العربية السعودية التي سال حبر كثيف من الاجتهادات والتقديرات المتناقضة حول موقفها من انتخاب العماد ميشال عون وزير الدولة للشؤون الخليجية ثامر السهبان الى بيروت قبل ثلاثة أيام فقط من موعد جلسة الانتخاب؟
بعيداً من الاجتهادات او توظيف الزيارة داخلياً في هذا الاتجاه أو ذاك، بدا واضحاً انها تشكل تطوراً ديبلوماسياً بارزاً في المقام الاول لجهة انهاء مناخ من التباعد أو النأي السعودي عن الشؤون اللبنانية وهو أمر يكتسب دلالات مهمة لا تقتصر على البعد الرئاسي وحده بل تتمدد نحو آفاق اوسع تتصل بالحضور السعودي في لبنان في ظل ما أثاره الاتجاه الى انتخاب العماد عون من شكوك واسعة في الخلل الاقليمي الذي يتيح اندفاع تأثير المحور الايراني وبذلك لا تبدو الزيارة في توقيتها منفصلة عن ملامح اعادة التوازن الى المشهد اللبناني عشية الانتخاب الرئاسي.
أما ما أثارته الزيارة في توقيتها من تساؤلات طبيعية عن موقف الرياض من انتخاب عون، فلم يكن ممكناً الاجابة عنها فوراً لمجرد ان وصل الموفد السعودي وشرع في لقاءاته مع المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، لكن العنوان الأبرز الذي تصاعد عقب طلائع جولته كان ما نقل عنه من ان "المملكة ستدعم الرئيس الذي يتفق عليه اللبنانيون" من دون انخراط في أي تسمية. كما أفادت معلومات ان الموفد السعودي يبلغ من يلتقيهم ان السعودية "تبارك كل الجهود لانتخاب رئيس الجمهورية وكل ما يتفق عليه اللبنانيون حول هذا الملف".
وتحفل أجندة الوزير السعودي الذي التقى أولاً الرئيس سلام ومن ثم الرئيس أمين الجميل في بكفيا ثم الرئيس ميشال سليمان يرافقه القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري بمروحة واسعة من اللقاءات تشمل رئيس مجلس النواب نبيه بري والرؤساء سعد الحريري وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي والعماد عون ورؤساء الطوائف ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط والنائب سليمان فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والوزير بطرس حرب ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي. وسيقيم الرئيس الحريري على شرفه مأدبة عشاء مساء السبت يحضرها عدد كبير من الشخصيات. وتردّد ان الوزير السعودي سيبقى في لبنان لحضور جلسة القسم الرئاسي للرئيس المنتخب الاثنين المقبل.
وعلمت "النهار" أن زيارة الوزير السعودي السبهان تقررت منذ منتصف الأسبوع الماضي، لكنها أرجئت في انتظار عودة الرئيس بري من سويسرا باعتبار أن اجتماع الموفد السعودي معه يشكل الدافع الأساسي للزيارة.
وأكدت مصادر مطلعة لـ"النهار" أن الزيارة لا تندرج في سياقات أُعطيت لها في بعض وسائل الإعلام، فهي ليست لمباركة انتخاب النائب ميشال عون تحديداً المرجح الإثنين ولا لتسجيل موقف، بل هي لإبلاغ المعنيين والقيادات في لبنان أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج لا تزال مهتمة بلبنان وغير صحيح القول إنها أدارت له ظهرها. وأوضحت أن المملكة ودول الخليج لا تنحاز إلى مرشح رئاسي في لبنان على حساب مرشح آخر وتقف على مسافة واحدة من كل الأطراف، كما أنها تؤيد التوافق اللبناني وانتظام الدولة وعودة المؤسسات، ولا تتدخل في الشأن الداخلي السيادي للبنان.
الحريري
ومع عودة الرئيسين بري والحريري الى بيروت يتخذ العد التنازلي لجلسة الاثنين بعداً حاسماً من حيث رسم الصورة شبه النهائية لحجم التصويت في الجلسة الموزع بين العماد عون والنائب فرنجية والأوراق البيضاء وإن تكن النتيجة سوف تحسم مبدئياً وحسابياً لمصلحة العماد عون في دورة الاقتراع الثانية خلال الجلسة. وستعقد كتلة "المستقبل" اجتماعاً اليوم برئاسة الرئيس الحريري يتوقع ان يتحدث خلالها عن آخر المعطيات المتصلة بالجلسة وآفاق مرحلة التكليف والتأليف للحكومة الجديدة، كما ستكون للحريري ليلاً اطلالة تلفزيونية مع الزميل مارسيل غانم في برنامج "كلام الناس" يتناول فيها كل مجريات دعمه لترشيح العماد عون وما سيلي الانتخاب الرئاسي من محطات واستحقاقات.
الكتائب: لا للصفقة
وسط هذه الأجواء، اتخذ حزب الكتائب موقفاً متقدماً من رفض التسوية السياسية لانتخاب العماد عون وفند رئيس الحزب النائب سامي الجميل دوافع هذا الموقف في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس في البيت المركزي للحزب. وأبرز ما ميز هذا الموقف رد الجميل على القول بأن الرئيس المقبل "صنع في لبنان" اذ رأى ان "الحدث الأخير الذي صنع في لبنان الحر والديموقراطي هو ثورة الأرز أما هذا الاستحقاق فهو بعيد كل البعد من طموح الشعب اللبناني وهو صنع بمنطق التعطيل والفرض". وقال الجميل "إن الذي أمّن وصول الجنرال عون الى الرئاسة ليس كونه المسيحي الأقوى وإنما قرار "حزب الله" الالتزام الاخلاقي معه ونحن نعتبر ان هذا الانتخاب يعطي "حزب الله" الحق الحصري والأحادي في اختيار الرئيس وفرضه على اللبنانيين". وأضاف ان "تصويتنا سيكون وفق قناعاتنا ولن ندخل في الصفقة الرئاسية القائمة"، مؤكداً ان "الورقة الفاصلة التي نعول عليها هي أداء الرئيس المقبل وممارسته لمهماته وسنحاسب على الخطأ وسندعم كل خطوة تقع في اتجاه تحقيق المشروع اللبناني".
فرنجية
وصدر عن رئيس "تيار المرده" النائب سليمان فرنجية ليلاً بيان دعا فيه "أهلنا وأحباءنا الى عدم التجمع أو النزول الى الشوارع والساحات العامة الاثنين المقبل تاريخ جلسة الانتخاب، فكلّ همّنا أن تكون الجلسة ديموقراطية فهذا نحن وهذه أخلاقنا".
المستقبل :
كل الدروب والأنظار باتت متجهة نحو جلسة الاثنين الرئاسية، حتى الوزراء ودّعوا بعضهم أمس في جلسة عبّروا خلالها عن يقينهم بأنها كانت الأخيرة للحكومة شاكرين رئيسها تمام سلام على «صبره وحكمته وحسن إدارته لمجلس الوزراء» طيلة فترة الشغور حسبما نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» مشيرةً إلى أنّ سلام أبدى في المقابل أمله بانتخاب رئيس للجمهورية الاثنين قائلاً: «ناطرها مناطرة حتى أرتاح». في وقت لم يخفِ البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي غبطته وفرحته «الغامرة» جراء التطورات الرئاسية، منوهاً في دردشة مع «المستقبل» مساءً على هامش العشاء السنوي للمركز الكاثوليكي للإعلام بأهمية المبادرة الأخيرة للرئيس سعد الحريري مؤكداً أنها «أنقذت الجمهورية».
الراعي الذي قال في كلمته أمام المشاركين في عشاء المركز الكاثوليكي: «تغمرني الفرحة لأن يوم الاثنين المقبل سيولد لنا رئيس بعد عامين ونصف العام من الشغور»، داعياً «جميع اللبنانيين والإعلام لدعم الرئيس الجديد والحكومة الجديدة»، أمل في دردشته مع «المستقبل» أن يُصار إلى «تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن لتعود دورة الحياة الدستورية إلى طبيعتها»، وأضاف: «أخيراً سيصبح عندنا رئيس بعدما تضرعنا طويلاً لحصول هذا الأمر، ونحن اليوم نشجع
على اكتمال هذه العملية لتستعيد الدولة قدرتها على النهوض بالبلد والاهتمام بشؤون الناس»، متمنياً «التوفيق للعهد الجديد» ومؤكداً تشجيعه على إنجاح هذا العهد لكي يتمكن من تحقيق مصالح لبنان واللبنانيين.
موفد السعودية
في الغضون، برزت عشية الاستحقاق الرئاسي زيارة موفد المملكة العربية السعودية وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان إلى بيروت، حيث كان في استقباله في مطار رفيق الحريري الدولي الوزير محمد المشنوق وأركان السفارة السعودية، قبل أن يستهل جولته على المسؤولين من السرايا الحكومية بلقاء عقده مساءً مع الرئيس سلام استعرضا خلاله الأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة في حضور القائم بأعمال السفارة السعودية وليد البخاري. ثم انتقل السبهان يرافقه البخاري للقاء كل من الرئيس أمين الجميل والرئيس ميشال سليمان، على أن يستكمل اليوم جولته على المسؤولين.
«الكتائب»
وفي مستجدات مواقف الكتل النيابية حيال الجلسة الرئاسية المرتقبة، لفت إعلان حزب «الكتائب اللبنانية» أمس أنّ كتلته البرلمانية لن تصوّت لصالح انتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية. وقال رئيس الحزب النائب سامي الجميل بعد اجتماع المكتب السياسي الكتائبي: «الواقعية السياسية في الانتخابات الرئاسية تعني أن يتخلى فريق سياسي عن مرشحه ويتخلى الفريق السياسي الآخر عن مرشحه أيضاً، ويتفقان معاً على مرشح حيادي أو على تسوية سياسية»، معلناً أنّ تصويت نواب «الكتائب» في الانتخابات الرئاسية «سيكون وفق قناعاتنا الراسخة ولن ندخل في الصفقة الرئاسية القائمة»، معوّلاً في الوقت عينه على «أن تكون ممارسة الجنرال عون إذا انتخب رئيساً للجمهورية بالروحية التي ناضلنا بها سوياً من أجل لبنان السيد الحر والمستقل بين سنتي 1990 و2005»
الديار :
هناك سؤال في البلاد، كيف سيكون عهد العماد ميشال عون في المرحلة المقبلة؟ والوزير جبران باسيل سيتولّى أكثرية الأمور ويكون مكتبه قرب مكتب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لا بل انه حجز 3 مكاتب وأُعطي الأمر لقائد لواء الحرس الجمهوري تحضير 3 مكاتب لجبران باسيل قرب مكتب عون بشكل لا يجلس في المكاتب الثلاثة أي وزير او مستشار غير باسيل.
أما السؤال الأهم ماذا بين الرئيس نبيه بري والعماد عون ذلك ان الحكومة المقبلة سترتكز مسيحياً على محور عون - جعجع، وتحالف العونيين والقوات قرر عدم المشاركة في الحكومة مع حزب الكتائب وتيار المردة، لكن الوزير فرنجيه والنائب سامي الجميّل أعلنا رفضهما المشاركة تحت رئاسة العماد ميشال عون في الحكومة إلا بشروطهما وهي شروط جدية وصعبة.
ونعود الى الرئيس نبيه بري فماذا يهمه وإلى أي حد ستتصاعد لهجته ضد باسيل والعهد؟.
مَن شاهد محطة الـNBN التلفزيونية التابعة لحركة أمل وللرئيس نبيه بري مساء امس رأى بوضوح مدى انحياز المحطة الى الوزير فرنجيه، وأشارت الى انه أجري احصاء أعطى بنسبة 18 الف صوت لبناني لفرنجيه لرئاسة الجمهورية و12 الف صوت لبناني للعماد عون لرئاسة الجمهورية، وجرى التصويت الكترونياً، ثم غمزت حركة أمل عدة مرات من مسيرة العماد ميشال عون، خاصة بشأن الدورتين وان الرئيس بري لن يجري دورة واحدة نهار الاثنين واعلان فوز العماد عون من الدورة الاولى، لكنه قرر تسديد ضربة قوية للعماد عون لإخضاعه لدورتين كي لا يفوز في الدورة الاولى عندما لا يحصل على 86 صوتاً ويفوز في الدورة الثانية بالنصف زائداً واحداً أي 65 صوتاً أو 64 نائباً اذا اصبح الأمر واقعا ان النائب روبير فاضل تم اعتباره مستقيلاً من مجلس النواب.
سدد الرئيس بري هذه الضربة للعماد عون، اذ ان الرئيس بري لم ينسَ بعد ما حصل في انتخابات جزين واعتبر ذلك انتقاماً من قبل عون يوم اراد بري الحفاظ على النائب سمير عازار نائباً له لكن العماد عون رفض ذلك وخاض المعركة ضد عازار وأسقطه، ثم أن الرئيس بري لم ينسَ للعماد عون موقفه في أحد المقابلات التلفزيونية حيث قال «انا وسماحة السيد وسعد الحريري باستطاعتنا أن نحكم البلد» دون ان يذكر الرئيس نبيه بري، والرئيس بري لم ينسَ الموضوع وذكره أمام المقربين منه والمقربين جداً فقط»، اضافة الى ان الرئيس بري مستاء جداً من حركة الوزير جبران باسيل سواء في قطاع الغاز اوغيره. لكن الامر ليس مهماً لأن بري قادر على فرض شروطه في هذا المجال ومستاء من طرح الميثاقية دائماً من قبل باسيل لأنه يزايد على الرئيس بري.
ـ المشاركة في الحكومة ـ
السؤال هو: هل قرّر ان يقول الرئيس نبيه بري «انا حليف لحزب الله ولست تابعاً له»، وبالتالي حزب الله يؤيد العماد عون وأنا سأصوّت ضده، وحزب الله يؤيد العماد عون في حكمه والرئيس بري أعلن أنه سيكون معارضاً؟ وماذا اذا ذهب الرئيس بري الى المعارضة من خلال عدم مشاركته في الحكومة فهل يستطيع حزب الله المشاركة في الحكومة دون اشتراك حركة أمل؟ لذلك قام الرئيس بري وقلب الطاولة معلناً انه ليس ملزماً بالعماد عون بسبب تبني حزب الله لعون مرشحاً للرئاسة، وواصل معارضته لعون، وفرض الشروط عليه، وسيعاني حزب الله اذا لم يستطع ايجاد توافق بين بري وعون، اما اذا استطاع ايجاد قاسم مشترك بين بري وعون فيمكن ان تختلف الامور، لكن اخبار حركة أمل تؤكد وتشير الى تصعيد المعارضة، حتى ان بري يتابع بالتفاصيل حركة النواب والتصويت واحصاء عددهم.
العماد عون من جهته لا يريد أن يكون الرئيس بري مهيمناً في عهده والعماد عون كرئيس للجمهورية شبه مكبّل بالطائف ويريد أن يستهل عهده بشطبه، وفي طبعه الشخصي سيواجه أي محاولة لسيطرة بري على العهد ومعروف من خلال «الطبع الشخصي» للعماد عون انه عصبي وقد تشهد جلسات مجلس الوزراء مواقف عنيفة من رئيس الجمهورية العماد عون الذي سيحضر ويترأس جلسات مجلس الوزراء، ومن ثم ان العماد عون مصمم على معركة في مجلس النواب ويشعر ان بري جعل من نفسه امبراطورا منذ سنة 1992 وفق مصادر عونية وان عين التينة انتقل من مقر عادي الى قصر جمهوري في منطقة عين التينة يضم اكثر من ستة ابنية اضافة الى ان شرطة المجلس أصبحت القوة الضاربة بيد بري بينما عون بطبعه لا يقبل الا بسيطرة الجيش لوحده ولا يحب البؤر الأمنية، وسنشهد بعد اربعة او خمسة أشهر حقداً او انفعالاً من العماد عون ضد بند في الطائف يلزم الرئيس بتوقيع مراسيم القوانين خلال 15 يوماً وهو أمر لن يقبل به العماد عون، وسيطلب من وزرائه عدم توقيع المراسيم اذا اقتضى الامر لان العماد عون هادئ الآن جدا لكن الذي يعرفه منذ كان عقيدا وقائدا للواء الثامن يعرف تماماً ان عون له هبات وسرعة خاطر وسرعة مواقف لكنه لا يقبل أن يكبله احدا ويشعر انه مطوق من جهة أحد خاصة من جهة الرئيس بري، وهنا ستكون القصة كلها عند حزب الله، لأن حزب الله يريد من معادلة تحويل تأييد بري للعماد عون الى واقع، الى كيف يمكن اقناع بري بعدم معارضة عون بالحكم، ذلك ان المعادلة هي ان حزب الله دعم عون للوصول الى رئاسة الجمهورية لكنه ليس معنياً هو بتشكيل سعد الحريري والعماد عون الحكومة وتسهيل مهمتهما في الحكم لان مصلحته مشاركة الرئيس بري في الحكومة واذا لم يشارك الحزب وبري في الحكومة فمعنى ذلك أن لا حكومة لانه لا يمكن تشكيل حكومة من دون الشيعة وما حصل سابقاً كظاهرة استثنائية عندما قام الرئيس فؤاد السنيورة بالاستمرار بالحكومة رغم استقالة الوزراء الشيعة وهذا الأمر لا يمكن ان يتكرر في لبنان خاصة في ظل موازين القوى الحاصلة الآن ولأن الثورة استفاد منها السنيورة في ظل استشهاد الرئيس رفيق الحريري وما جرى من تعبئة يومها لاستمرار حكومته. أما اليوم فالأمور مختلفة ولا يمكن تشكيل حكومة بمعزل عن اي طائفة ولا يمكن تشكيل حكومة من دون تمثيل مسيحي كبير ولا يمكن تشكيل حكومة من دون تمثيل درزي ولا يمكن تشكيل حكومة من دون تمثيل شيعي وسني وبالتالي أصبحت الطوائف هي ممر لتشكيل الحكومات، وان كل طائفة تتمتع بصلاحيات الرئيس على مستوى الميثاق الوطني، من هنا اذا كان حزب الله دعم العماد عون للوصول الى رئاسة الجمهورية فان مرحلة العمل السياسي في عهد عون ستكون على عاتق بري.
ـ هل يتم الاتفاق بين بري وعون؟ ـ
الامور صعبة ولا أحد يعرف ماذا سيحصل وهل سيتم الاتفاق بين بري والعماد عون أم يبقى الخلاف؟ أحدى النقاط التي أمامنا تؤكد بأن أصوات حزب الله ستُكتب للعماد ميشال عون واصوات الرئيس بري ستُكتب للنائب فرنجيه وبالتالي سيصوت حزب الله وحركة أمل الى مرشحَين مختلفَين ومنافسَين. وحتى الوصول لتشكيل الحكومة هناك وراثة كبرى تركتها الحكومات السابقة للعهد الجديد ومشاكل كثيرة والحكومة الجديدة لا يمكن اضاعة الوقت في تشكيلها لحل المشاكل المتفاقمة وأول ملف سيوضع بين ايدي العهد الجديد هو ملف النقل البري وملف النفايات والملف الخليوي والموازنات والابراء بشأن 11 مليار دولار التي صرفها الرئيس فؤاد السنيورة في عهد حكومته وماذا سيفعل العماد عون وهل يتراجع عن مواقفه بشأن هذا الملف أم سيوقع على إبراء السنيورة؟
أسئلة كثيرة من واقع الاحداث متعلقة بالبلاد بينما السياسيون يهتمون بالتحضير للاحتفالات والمراسيم في بعبدا اما نحن فاخترنا في المانشيت الرئيسية في «الديار» ان ندخل في جوهر المشاكل والأزمات والمعلومات ولذلك تمّ الحديث عن جوهر الانتخابات.
ـ تعيين قائد جديد للجيش اللبناني ـ
علمت «الديار» من مصادر العماد عون الذي من المرجح ان يصبح رئيساً للجمهورية يوم الاثنين وفور تشكيل الحكومة سيتم البدء بالتعيينات الأمنية وأهمها قيادة الجيش اللبناني. وسعت واشنطن ان يستمر العماد قهوجي حتى انتهاء مدة تمديده لكن بخجل، لذلك سيتم تعيين قائد جديد للجيش، والاسمان المطروحان هما العميد الركن كلود حايك تخرج سنة 1982 وهو برتبة عميد واجرى دورتي أركان دورة الأركان العادية ودورة الأركان العليا في واشنطن وهو مقبول من أكثرية الأطراف ومن حزب الله وغيره لأنه حافظ على مسافة مع كل الأطراف بنفس الطريقة انما هو ولاؤه وحبه للعماد عون كبيران ويعتبر من الضباط القريبين من عون ولكنه ليس من الفريق التابع مباشرة للعماد عون، وهنالك العميد الركن المغوار جوزف عون قائد اللواء التاسع وقائد جبهة عرسال واقرب المقربين لخط العماد عون، ويقال ان حزب الله قدلا يقبل به اضافة الى الدكتور جعجع وقوى أخرى مع ان العميد حايك والعميد عون هما من خيرة ضباط الجيش اللبناني وانما في الساعات الاخيرة ارتفعت اسهم العميد كلود حايك حتى انه يقال ان اتفاقاً عاماً على اسمه قد تم تداوله، كما تم التداول باسم العماد قهوجي قبل فترة، لكنه يتم الآن التداول باسم العميد كلود حايك قائداً للجيش.
الجمهورية :
مع عودة الاهتمام السعودي بالشأن اللبناني ومواكبة ورشة انتخاب الرئيس العتيد، وإعلان المملكة العربية السعودية كلمتها في الاستحقاق الرئاسي معلنةً أنّها «ستدعم الرئيس الذي يتفق عليه اللبنانيون». لم تؤثّر كثرة السيناريوهات المتداولة عن مفاجآت غير محسوبة في الطريق السالكة أمام انعقاد جلسة الانتخابات الرئاسية في مجلس النواب الاثنين المقبل، وفي ضمان رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون فوزَه بالرئاسة، سواء تمَّ ذلك في الدورة الأولى أو الثانية. إلّا أنّ الطرُق أغلِقت أمس من الشمال إلى الجنوب في وجه اللبنانيين الذي علِقوا بسياراتهم طوال ساعات الصباح بسبب تنفيذ نقابة السائقين اعتصامها رفضاً لمناقصة المعاينة الميكانيكية.
مع اقتراب يوم 31 الجاري، تتبلوَر صورة المشهد الانتخابي أكثر فأكثر، لتصبح أكثر وضوحاً فور اكتمال المعطيات الآتية:
أوّلاً، عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء اليوم من جنيف، والطريقة التي سيدير بها جلسة الانتخاب وقيادته للجبهة التي ستصوّت ضد عون ولمصلحة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي طلبَ من مناصريه عدم التجمّع او النزول الى الشوارع والساحات العامة الاثنين يوم جلسة الانتخاب.
ثانياً، زيارة عون المتوقعة قريباً لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط التي ستُظهّر أكثر موقف جنبلاط واحتمال أن تؤدي إلى سحب مرشّحه النائب هنري حلو من السباق الرئاسي لمصلحة عون.
ثالثاً، عودة رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري من الخارج واستكماله عملية تقليص عدد نواب كتلته الرافضين التصويت لعون.
السبهان
وفي هذه الاثناء دخلت المملكة العربية السعودية على خط الاستحقاق الرئاسي، في مؤشر إلى عودتها الى الاهتمام بالشأن اللبناني، فبدأ الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لقاءاته في بيروت، في وقتٍ غادرت السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد إلى الدوحة.
وأكّد السبهان انّ بلاده ستدعم الرئيس الذي يتفق عليه اللبنانيون. وقال في مداخلة مع قناة «الحدث» إنه سيلتقي مختلف القيادات السياسية في لبنان، بما في ذلك جميع قادة الأحزاب والسياسيين فيه، للبحث في سبل العمل المشترك لمستقبل العلاقات بين البلدين. وأوضح أنه سيلتقي مع قادة الأحزاب التي «ليس لها أيّ تصنيفات إرهابية»، بحسب وصفه.
وعن الرسالة السعودية من زيارته لبيروت، قال السبهان: «نحن نسعى دائماً لبناء علاقات جيدة مع الدول العربية... لبنان يعني لنا الكثير والعلاقات التاريخية بين البلدين لا يمكن تجاوزها ولا يمكن أن تؤثّر عليها أيّ أجندات طارئة. نحن نعمل على استراتيجيات كاملة في ما يخصّ لبنان وجميع الدول العربية».
وشدّد السبهان على أنّ بلاده ترفض التدخّل في السياسات الداخلية للدول، ولذا فإنّ الرياض لن تدخل في اختيار رئيس يتفق عليه اللبنانيون، مضيفاً: «نحن ندعم من يتفق عليه اللبنانيون، بما هو في مصلحة لبنان العربي القوي المستقل، بعيداً عن التجاذبات في المنطقة».
وأضاف: «نحن نتعامل مع الدولة اللبنانية بجميع الفئات»، مشيراً إلى أنّ السعودية ستتعامل مع من يعمل مع مصلحة لبنان واللبنانيين، ومؤكّداً أنّ الرياض تعمل حالياً على إعادة الحيوية للعلاقات السعودية ـ اللبنانية.
وكان السبهان باشَر لقاءاته، إثر وصوله بعد ظهر أمس، بزيارة رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي، في حضور القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري، وجرى عرض للاوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة، ثمّ التقى الرئيسين السابقين امين الجميّل وميشال سليمان. على ان تشملَ لقاءاته اليوم بري والحريري الذي يولِم على شرفه مساءً.
كذلك سيلتقي عون والرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر، وجنبلاط، وفرنجية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والوزير بطرس حرب ونواب مستقلين، إضافةً الى رؤساء الطوائف الروحية. وقد يلتقي ايضاً الوزير نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
الحريري
في غضون ذلك، تتّجه الأنظار إلى المواقف التي سيعلنها الحريري عبر برنامج «كلام الناس» مساء اليوم مع الزميل مارسيل غانم، والتي سيُفرد خلالها حيّزاً واسعاً للموضوع الرئاسي ومبادرته بتسمية عون مرشّحاً، إضافةً إلى تطورات الساعة محلياً وإقليمياً.
وفي حين يسبق هذه الإطلالة اجتماع لكتلة «المستقبل» النيابية برئاسته، رفضَت مصادر الكتلة مقولة «إنّ نواب الكتلة الذين يعارضون ترشيح عون سيتقلص عددهم، إذ إنّ العدد في الاساس لا يتجاوز أصابع اليد، وهو ثلاثة أو أربعة نواب على أبعد تقدير».
وكان النائب خالد زهرمان قد تحدّث عن «شِبه إجماع» داخل كتلة «المستقبل» على الاقتراع لمصلحة عون في الانتخابات الرئاسية، وأكّد أنّ الأصوات القليلة المعارضة لهذا التوجّه «تبقى دليلَ صحة وديموقراطية، فعدد المعترضين يتضاءل يوماً بعد يوم».
«الاشتراكي» و«الديموقراطي»
إلى ذلك، من المنتظر ان يجتمع «اللقاء الديموقراطي» قريباً برئاسة جنبلاط ويعلن بعد ذلك قرارَه النهائي في شأن الرئاسة وترشيح عضو «اللقاء» النائب هنري حلو الذي زاره أمس وفد من «التيار الوطني الحر».
وذكرَت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» أنّ جنبلاط كان قد أبلغَ الى رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل انّ له ثمانية أصوات من أصل 11 صوتاً يشكّلون كتلة نواب «اللقاء الديموقراطي».
وقالت مصادر الحزب التقدمي الإشتراكي إنّ الموقف النهائي المعلن سيَلي اللقاء المرتقب خلال الساعات المقبلة بين جنبلاط وعون، ثمّ يليه اجتماع لـ«اللقاء الديموقراطي» بعد غدٍ السبت لإعلان خطوتين اساسيتين: الأولى تتجلى بسحب ترشيح حلو وتأييد عون. وأوضحت انّ جنبلاط «اتّخذ قراره النهائي من دون ان يستكمل المشاورات التي كانت مقررة مع بعض الشخصيات».
وكان الوزير الياس بوصعب قال بعد لقاء وفد «التيار» مع حلو إنّ الزيارة «لها طابع خاص، خصوصاً أنه مرشح لرئاسة الجمهورية، ولمسنا أنّ الموقف الصادر عنه في بيانه متقدّم ومسؤول وفيه حسّ وطني كبير، وفتحَ الباب أمام التفاهمات».
واعتبر أنّ «الباب أصبح مفتوحاً للنقاش والتفاهمات»، كما أوضح أنّ الموقف النهائي سيصدر بعد اللقاء بين جنبلاط وعون «لمناقشة التفاهمات التي حُكي عنها». وشدّد على أنّ العهد الجديد يجب أن يُبنى على الشراكة». واعتبر انّ بري «أساسي في البلد وهو شريك حقيقي، ونحن حريصون على التفاهم معه ومتابعة التواصل معه».
بدوره أكّد حلو ثقتَه «بأنّ الجميع سيتعاونون فعلاً لإعادة بناء الوطن والمؤسسات»، وشدّد على أنّ «مصلحة الوطن أهم من الأشخاص».
وعن إمكان سحب ترشيحه خلال اليومين المقبلين، قال: «فلننتظِر قرار الكتلة الذي سيصدر عن اجتماعها، فثمّة لقاء سيُعقد بين العماد عون ووليد جنبلاط ثمّ يحصل اجتماع لكتلة «اللقاء الديموقراطي» وبعده يصدر القرار النهائي».
مباركة سنّية
وبعد مباركة بكركي للتسوية الرئاسية، برز موقف متقدّم ولافت يحمل دلالات مهمّة تتجلّى بأنّ الغطاء السنّي أعطيَ بنحو غير متوقّع لانطلاقة عهد عون.
فقد عبّر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عن «تفاؤله بأنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو على بعد أيام وأنّ إنجاز الاستحقاق اصبَح امراً محسوماً، ويبدو أنّ العماد ميشال عون هو الأوفر حظاً في الفوز».
وأكّد «أنّ عون هو مِن فريق سياسي معيّن ولكن عند انتخابه سيصبح لكلّ لبنان»، مبدياً «الارتياح الى مسار الامور في جلسة الانتخاب». وأكّد «أنّ مبادرة الرئيس سعد الحريري هي خطوة شجاعة، واتّخذ قراراً جريئاً كعادته لإنهاء الشغور الرئاسي».
وقال: «بعد انتخاب رئيس للجمهورية سندعو الى قمّة روحية اسلامية - مسيحية لمواكبة النهضة الجديدة للعهد الجديد الذي نتوقّع ان يُنهض مؤسسات الدولة»، مشدداً على ضرورة «الإسراع بعد انتخاب رئيس للجمهورية في المشاورات لتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة لا تستغرق كثيراً من الوقت».
«الكتائب»
في هذا الوقت، لم يفصِح حزب الكتائب عن وجهة تصويته في الانتخابات الرئاسية، وأكّد رئيسه النائب سامي الجميّل أنّ التصويت «سيكون وفق اقتناعنا ولن ندخل في الصفقة الرئاسية القائمة»، وأعلن «انّ الحزب سيتعاطى مع العهد الجديد على الشكل التالي: المحاسبة على الخطأ ودعم ايّ خطوة في سبيل مشروع لبناني».
باسيل يرد
وفي ردّ غير مباشر على موقف الكتائب، قال باسيل «إنّ بعضهم يرى نفسه خارج الورشة الوطنية وهذا خياره، إلّا أنه لن يكون خارج الوطن».
وشدّد بعد زيارته جعجع، يرافقه النائب إبراهيم كنعان وفي حضور رئيس جهاز الإعلام والتواصل ملحم الرياشي، على «أنّ هذه مرحلة جديدة للبنان، مرحلة الوحدة الوطنية الحقيقية».
وقال: «عندما بدأنا بتفاهمنا مع «القوات اللبنانية» قلنا إنّه تفاهم يتّسع للجميع ولا يسعى الى إلغاء أحد، إلّا أنّ من يريد البقاء خارج هذا التفاهم فهذا خياره».
ولفتت مصادر في «القوات اللبنانية» إلى «أنّ اللقاء مع باسيل وكنعان تناول الموضوع الرئاسي، وخصوصاً «البوانتاج» وفق المعطيات الأخيرة، والسعي إلى تأمين أكثرية الأصوات المطلوبة ليفوز عون من الدورة الأولى».
مجلس وزراء
وودّع مجلس الوزراء عهد الرئيس سلام بجلسة أبقى فيها على اسلوب التعاطي الذي حَكمها طوال عمرها، وكانت المفاجأة عودة باسيل عن مقاطعته والانضمام الى زملائه في جلسة وصِفت بـ»المنتجة والوداعية». وعزا أحد الوزراء مشاركة باسيل الى حاجته لتمرير بعض البنود المتعلقة بوزارته واستمراره في التصدّي لملف الخلوي الذي أُدرج دفتر شروطه على جدول الاعمال، وكذلك لإظهار إيجابية ونيّات تعاون تماشياً مع المسار الرئاسي.
ورفضَ مجلس الوزراء وضعَ نهاية لأعماله قبل الانتقال الى تصريفها من دون ان يترك لمساته، فتخلّل الجلسة الاخيرة مشادّة بين بوصعب والوزير رشيد درباس على خلفية تحديد عمل بعض الجمعيات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وكان التوتّر قد بدأ بينهما في جلسة الخميس الماضي عند مناقشة البند المتعلق بتعيين رئيس مجلس إدارة وأعضاء معرض رشيد كرامي الدولي .
وبدا درباس مستاءً جداً وخاطبَ بوصعب بعبارة قالها الإمام الحسين في كربلاء «الا وان الدعيّ ابن الدعيّ «، فتدخّل الوزير علي حسن خليل متابعاً هذا القول: «قد ركز بين اثنتين: « بين السلة أو الذلّة وهيهات منّا الذلة»، محاولاً بذلك تطرية الجو، إلّا انّ التوتر بقي، وانتهى بمغادرة درباس مجلس الوزراء.
والجلسة التي نشَطت في إقرار سلة كبيرة من البنود، غابت عنها التعيينات وفضّل وزراء «التيار الوطني الحر» تَركها الى الحكومة الجديدة.
وشهدت الجلسة مشادة اخرى بين باسيل ووزير الاتصالات بطرس حرب في بند الخلوي حول الخلافات نفسها، ما دفع حرب الى القول: هذه عيّنة من ممارسة الحكم المقبلة.
اللواء :
على وقع حركة سياسية داخلية لم تهدأ، وحركة دبلوماسية عربية، تمثلت ببدء لقاءات الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان، برزت مواقف وخطوات ومؤشرات، تراوحت بين حسم الانتخاب الرئاسي يوم الاثنين لمصلحة النائب ميشال عون بعدد من الأصوات قد يلامس نصاب الانتخاب أو يتعداه، وتشكل معالم مرحلة سياسية جديدة «قد تشهد المزيد من الانحدار السياسي والاخلاقي»، على حدّ تعبير النائب وليد جنبلاط.
من معالم هذه المرحلة:
1- «بروفة» المعارضة السياسية في الشارع، من خلال استعراض القوة لقطاعات النقل البري، على خلفية المطالبة بإلغاء الضريبة الجديدة على الميكانيك.
ومع ان القيادة النقابية لم تشأ الايحاء بأن التحرّك ذو خلفيات سياسية، الا ان مصادر في 8 آذار اشارت إلى ان هذا التحرّك هو بمثابة «بروفة» لتحركات شعبية، ضربت موعداً لها يوم الثلاثاء لتقييم الموقف وتقرير الخطوات اللاحقة.
2- ما يزال الرئيس نبيه برّي على موقفه المعارض لوصول النائب عون، وتستخف أوساط مطلعة على موقفه بضخ المواقف التي تتحدث عن مهلة قصيرة لتأليف الحكومة لا تتعدّى الشهر، وعن توزيع للحقائب في حكومة العهد الاولى، في إشارة إلى التصريحات المتتالية لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ونوابه «لتقسيم وتوزيع الحصص الوزارية وتحديد كيفية صياغة البيان الوزاري، على خلفية تحالفه مع «التيار الوطني الحر» والتفاهمات الثنائية»، واصفة ذلك بمثابة «فرض شروط سياسية غير مقبولة»، مشيرة إلى ان الرئيس برّي يبقى صمّام الأمان، اما من يريد المجازفة، في إشارة إلى «القوات» فليجرب و«القمصان الخضر» في الانتظار، في إشارة الى اللون الأخضر هو علم حركة «أمل».
وتمضي مصادر 8 آذار إلى التلويح المباشر بمعارضة سلمية ربما أدّت في إحدى مراحلها، إلى عرقلة سير المؤسسات في كل لبنان، إذا ما برزت مطالب يستدعي تحقيقها مثل هذا الاتجاه.
3- في هذا الجو، تخوف وزير الاتصالات بطرس حرب بأن يكون عدم موافقة مجلس الوزراء، على البند المتعلق بمناقصة الهاتف الخليوي، صورة على ما يمكن ان نشهده مستقبلاً، في حين لاحظت محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» ان الجلسة الأخيرة للحكومة المحالة على التقاعد حفلت بمؤشرات سبعة حول طبيعة العهد الآتي هي:
- ضبط عمل مجلس الإنماء والاعمار بحيث يكون جسر جل الديب نموذجاً.
- تأجيل التعيينات كي تتم عبر الكفاءة لا المحاصصة.
- الحفاظ على الملك العام.
- تصحيح شوائب التشكيلات القضائية التي كادت تخلط عشوائياً 196 قاضياً.
- وقف تنفيعات صفة المنفعة لـ24 جمعية.
- وضع المستشفيات الحكومية على جدول يضمن صحة المواطن والوطن.
ويتضح مما تقدّم ان الجلسة الحكومة الأخيرة والتي كانت حافلة بالمشادات، لا سيما بين الوزيرين رشيد درباس والياس بو صعب تركت انطباعاً سيئاً لدى غا<