على وقع حركة سياسية داخلية لم تهدأ، وحركة دبلوماسية عربية، تمثلت ببدء لقاءات الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان، برزت مواقف وخطوات ومؤشرات، تراوحت بين حسم الانتخاب الرئاسي يوم الاثنين لمصلحة النائب ميشال عون بعدد من الأصوات قد يلامس نصاب الانتخاب أو يتعداه، وتشكل معالم مرحلة سياسية جديدة «قد تشهد المزيد من الانحدار السياسي والاخلاقي»، على حدّ تعبير النائب وليد جنبلاط.
من معالم هذه المرحلة:
1- «بروفة» المعارضة السياسية في الشارع، من خلال استعراض القوة لقطاعات النقل البري، على خلفية المطالبة بإلغاء الضريبة الجديدة على الميكانيك.
ومع ان القيادة النقابية لم تشأ الايحاء بأن التحرّك ذو خلفيات سياسية، الا ان مصادر في 8 آذار اشارت إلى ان هذا التحرّك هو بمثابة «بروفة» لتحركات شعبية، ضربت موعداً لها يوم الثلاثاء لتقييم الموقف وتقرير الخطوات اللاحقة.
2- ما يزال الرئيس نبيه برّي على موقفه المعارض لوصول النائب عون، وتستخف أوساط مطلعة على موقفه بضخ المواقف التي تتحدث عن مهلة قصيرة لتأليف الحكومة لا تتعدّى الشهر، وعن توزيع للحقائب في حكومة العهد الاولى، في إشارة إلى التصريحات المتتالية لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ونوابه «لتقسيم وتوزيع الحصص الوزارية وتحديد كيفية صياغة البيان الوزاري، على خلفية تحالفه مع «التيار الوطني الحر» والتفاهمات الثنائية»، واصفة ذلك بمثابة «فرض شروط سياسية غير مقبولة»، مشيرة إلى ان الرئيس برّي يبقى صمّام الأمان، اما من يريد المجازفة، في إشارة إلى «القوات» فليجرب و«القمصان الخضر» في الانتظار، في إشارة الى اللون الأخضر هو علم حركة «أمل».
وتمضي مصادر 8 آذار إلى التلويح المباشر بمعارضة سلمية ربما أدّت في إحدى مراحلها، إلى عرقلة سير المؤسسات في كل لبنان، إذا ما برزت مطالب يستدعي تحقيقها مثل هذا الاتجاه.
3- في هذا الجو، تخوف وزير الاتصالات بطرس حرب بأن يكون عدم موافقة مجلس الوزراء، على البند المتعلق بمناقصة الهاتف الخليوي، صورة على ما يمكن ان نشهده مستقبلاً، في حين لاحظت محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» ان الجلسة الأخيرة للحكومة المحالة على التقاعد حفلت بمؤشرات سبعة حول طبيعة العهد الآتي هي:
- ضبط عمل مجلس الإنماء والاعمار بحيث يكون جسر جل الديب نموذجاً.
- تأجيل التعيينات كي تتم عبر الكفاءة لا المحاصصة.
- الحفاظ على الملك العام.
- تصحيح شوائب التشكيلات القضائية التي كادت تخلط عشوائياً 196 قاضياً.
- وقف تنفيعات صفة المنفعة لـ24 جمعية.
- وضع المستشفيات الحكومية على جدول يضمن صحة المواطن والوطن.
ويتضح مما تقدّم ان الجلسة الحكومة الأخيرة والتي كانت حافلة بالمشادات، لا سيما بين الوزيرين رشيد درباس والياس بو صعب تركت انطباعاً سيئاً لدى غالبية الوزراء، وصفها أحدهم لـ«اللواء» بأنها «بروفة» لتسلطية مقبلة «في إدارة جلسات الحكومة والدولة».
عودة برّي والحريري
4- في عين التينة، وفي انتظار عودة الرئيس برّي المرتقبة اليوم من جنيف، كانت النقاشات تدور حول إمكان تشكيل الحكومة، وتوزيع الحقائب السيادية والثلث المعطِّل وعناوين البيان الوزاري.
وتوقعت مصادر نيابية قريبة من هذه الأجواء أن تستغرق حكومة الرئيس سلام التي ستصبح مستقيلة فور انتخاب الرئيس، في مرحلة طويلة من تصريف الأعمال، تتجاوز السنة الجارية.
5- وفي حين عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت استعداداً ليوم طويل من النشاطات، يبدأ بترؤس اجتماع كتلة «المستقبل» التي يتوقع أن تصدر بياناً بشأن التصويت لمصلحة عون، وصولاً إلى المقابلة التلفزيونية المطوّلة على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، والتي يتوقع أن تحمل مؤشرات لمرحلة ما بعد الانتخاب، والمعطيات التي أدت إلى إطلاق المبادرة الإنقاذية قبل أسبوعين، والتي فتحت أبواب البرلمان يوم الاثنين لإنهاء الشغور الرئاسي الذي ضرب رقماً قياساً تجاور الـ30 شهراً، كان وزير الخارجية جبران باسيل يحمّل رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية مسؤولية بقائه خارج ما وصفه «بالورشة الوطنية»، كما أن مصدراً قريباً من «القوات» فسّر كلام باسيل بعد لقاء جعجع بأنه يستهدف حزب الكتائب أيضاً.
يُشار على هذا الصعيد إلى أن الكتائب التي اجتمع مكتبها السياسي أمس، أعلنت بلسان رئيسها النائب سامي الجميّل أنها «لن تصوّت لصالح الصفقة» في إشارة إلى ترشيح عون من قبل الرئيس الحريري متكتمة على خيار التصويت والمرجح أن يكون بورقة بيضاء.
وهو الخيار الذي سيعتمده رئيس حزب الوطنية الأحرار دوري شمعون، علماً ان الحزب القومي سيعلن موقفه اليوم.
موقف جنبلاط
6- استمرار اللغط حول تأرجح التصويت من قبل نواب اللقاء الديموقراطي بين النائب عون أو الورقة البيضاء، بعد أن كان الموقف منتظراً أمس، سواء في ما خصّ إعلان مرشح اللقاء النائب هنري حلو الانسحاب لمصلحة عون، أو اجتماع اللقاء وإصدار بيان تأييد.
وفُهم أن عدم زيارة عون للنائب جنبلاط كان بسبب تأخير الموقف الجنبلاطي، وتردد كذلك أن رئيس اللقاء الديموقراطي الذي توقّع أن «يشهد لبنان الجديد ما لم ولن نتعوّد عليه» ينتظر لقاء الرئيس برّي قبل إعلان موقفه.
وكان جنبلاط قال في مأتم المقدّم شريف فياض: «نطوي صفحة من زمن صعب لكنه جميل، على مشارف دخولنا في زمن أصعب لكنه مختلف» (راجع ص4).
7- ومع ذلك، حرص كل من المرشحين للرئاسة الأولى النائبان عون وفرنجية في دعوة أنصارهما إلى التزام القوانين وعدم التجمّع والنزول إلى الشارع يوم الاثنين، «فالمهم أن تكون الجلسة ديموقراطية» على حدّ تعبير فرنجية، في حين شدّد عون على «الابتعاد عن كل المظاهر التي تُسيء إلى الانتظام العام وتشكل لطخة في اليوم الوطني، وفي مناسبة الفرح الوطني الجامع».
الموفد السعودي
وسط هذه الأجواء الداخلية الساخنة والباردة، شكّلت زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان محطة ذات دلالة، باعتبارها تمثّل «التفاهم الخارجي على التوافق اللبناني».
وقال مصدر مطلع، في هذا المجال، أن الزيارة تصبّ في خانة «مباركة الاتفاق اللبناني» باعتبار ان المملكة كانت ولا تزال تقف على مسافة من جميع اللبنانيين، وهي لا تتدخل بأي شأن لبناني داخلي، وقفت إلى جانب لبنان وإرادة بنيه.
ولم يشأ الموفد السعودي، الذي وصل عصراً إلى بيروت واستقبله وزير البيئة محمّد المشنوق وأركان السفارة السعودية، الإدلاء بأي تصريح، لا في المطار ولا في أعقاب لقاءاته مساء أمس مع كل من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان.
 ومن المقرّر ان يتابع الوزير السبهان لقاءاته اليوم وغداً، قبل ان يحضر الاثنين جلسة انتخاب الرئيس، وسيخصص لقاءاته اليوم لرؤساء الحكومة السابقين: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري الذي سيرأس اجتماع كتلته النيابية عند الساعة الثالثة بعد الظهر، ويقيم مأدبة عشاء تكريماً للموفد السعودي مساء السبت.
وتشمل زيارة السبهان أيضاً، رؤساء الطوائف الروحية: المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان والبطريرك الماروني بشارة الراعي ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، على ان يزور السبت الرئيس برّي والنواب: عون وجنبلاط وفرنجية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وقائد الجيش العماد جان قهوجي