مع عودة الاهتمام السعودي بالشأن اللبناني ومواكبة ورشة انتخاب الرئيس العتيد، وإعلان المملكة العربية السعودية كلمتها في الاستحقاق الرئاسي معلنةً أنّها «ستدعم الرئيس الذي يتفق عليه اللبنانيون». لم تؤثّر كثرة السيناريوهات المتداولة عن مفاجآت غير محسوبة في الطريق السالكة أمام انعقاد جلسة الانتخابات الرئاسية في مجلس النواب الاثنين المقبل، وفي ضمان رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون فوزَه بالرئاسة، سواء تمَّ ذلك في الدورة الأولى أو الثانية. إلّا أنّ الطرُق أغلِقت أمس من الشمال إلى الجنوب في وجه اللبنانيين الذي علِقوا بسياراتهم طوال ساعات الصباح بسبب تنفيذ نقابة السائقين اعتصامها رفضاً لمناقصة المعاينة الميكانيكية.
مع اقتراب يوم 31 الجاري، تتبلوَر صورة المشهد الانتخابي أكثر فأكثر، لتصبح أكثر وضوحاً فور اكتمال المعطيات الآتية:
أوّلاً، عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء اليوم من جنيف، والطريقة التي سيدير بها جلسة الانتخاب وقيادته للجبهة التي ستصوّت ضد عون ولمصلحة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي طلبَ من مناصريه عدم التجمّع او النزول الى الشوارع والساحات العامة الاثنين يوم جلسة الانتخاب.
ثانياً، زيارة عون المتوقعة قريباً لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط التي ستُظهّر أكثر موقف جنبلاط واحتمال أن تؤدي إلى سحب مرشّحه النائب هنري حلو من السباق الرئاسي لمصلحة عون.
ثالثاً، عودة رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري من الخارج واستكماله عملية تقليص عدد نواب كتلته الرافضين التصويت لعون.
السبهان
وفي هذه الاثناء دخلت المملكة العربية السعودية على خط الاستحقاق الرئاسي، في مؤشر إلى عودتها الى الاهتمام بالشأن اللبناني، فبدأ الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لقاءاته في بيروت، في وقتٍ غادرت السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد إلى الدوحة.
وأكّد السبهان انّ بلاده ستدعم الرئيس الذي يتفق عليه اللبنانيون. وقال في مداخلة مع قناة «الحدث» إنه سيلتقي مختلف القيادات السياسية في لبنان، بما في ذلك جميع قادة الأحزاب والسياسيين فيه، للبحث في سبل العمل المشترك لمستقبل العلاقات بين البلدين. وأوضح أنه سيلتقي مع قادة الأحزاب التي «ليس لها أيّ تصنيفات إرهابية»، بحسب وصفه.
وعن الرسالة السعودية من زيارته لبيروت، قال السبهان: «نحن نسعى دائماً لبناء علاقات جيدة مع الدول العربية... لبنان يعني لنا الكثير والعلاقات التاريخية بين البلدين لا يمكن تجاوزها ولا يمكن أن تؤثّر عليها أيّ أجندات طارئة. نحن نعمل على استراتيجيات كاملة في ما يخصّ لبنان وجميع الدول العربية».
وشدّد السبهان على أنّ بلاده ترفض التدخّل في السياسات الداخلية للدول، ولذا فإنّ الرياض لن تدخل في اختيار رئيس يتفق عليه اللبنانيون، مضيفاً: «نحن ندعم من يتفق عليه اللبنانيون، بما هو في مصلحة لبنان العربي القوي المستقل، بعيداً عن التجاذبات في المنطقة».
وأضاف: «نحن نتعامل مع الدولة اللبنانية بجميع الفئات»، مشيراً إلى أنّ السعودية ستتعامل مع من يعمل مع مصلحة لبنان واللبنانيين، ومؤكّداً أنّ الرياض تعمل حالياً على إعادة الحيوية للعلاقات السعودية ـ اللبنانية.
وكان السبهان باشَر لقاءاته، إثر وصوله بعد ظهر أمس، بزيارة رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي، في حضور القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري، وجرى عرض للاوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة، ثمّ التقى الرئيسين السابقين امين الجميّل وميشال سليمان. على ان تشملَ لقاءاته اليوم بري والحريري الذي يولِم على شرفه مساءً.
كذلك سيلتقي عون والرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر، وجنبلاط، وفرنجية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والوزير بطرس حرب ونواب مستقلين، إضافةً الى رؤساء الطوائف الروحية. وقد يلتقي ايضاً الوزير نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
الحريري
في غضون ذلك، تتّجه الأنظار إلى المواقف التي سيعلنها الحريري عبر برنامج «كلام الناس» مساء اليوم مع الزميل مارسيل غانم، والتي سيُفرد خلالها حيّزاً واسعاً للموضوع الرئاسي ومبادرته بتسمية عون مرشّحاً، إضافةً إلى تطورات الساعة محلياً وإقليمياً.
وفي حين يسبق هذه الإطلالة اجتماع لكتلة «المستقبل» النيابية برئاسته، رفضَت مصادر الكتلة مقولة «إنّ نواب الكتلة الذين يعارضون ترشيح عون سيتقلص عددهم، إذ إنّ العدد في الاساس لا يتجاوز أصابع اليد، وهو ثلاثة أو أربعة نواب على أبعد تقدير».
وكان النائب خالد زهرمان قد تحدّث عن «شِبه إجماع» داخل كتلة «المستقبل» على الاقتراع لمصلحة عون في الانتخابات الرئاسية، وأكّد أنّ الأصوات القليلة المعارضة لهذا التوجّه «تبقى دليلَ صحة وديموقراطية، فعدد المعترضين يتضاءل يوماً بعد يوم».
«الاشتراكي» و«الديموقراطي»
إلى ذلك، من المنتظر ان يجتمع «اللقاء الديموقراطي» قريباً برئاسة جنبلاط ويعلن بعد ذلك قرارَه النهائي في شأن الرئاسة وترشيح عضو «اللقاء» النائب هنري حلو الذي زاره أمس وفد من «التيار الوطني الحر».
وذكرَت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» أنّ جنبلاط كان قد أبلغَ الى رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل انّ له ثمانية أصوات من أصل 11 صوتاً يشكّلون كتلة نواب «اللقاء الديموقراطي».
وقالت مصادر الحزب التقدمي الإشتراكي إنّ الموقف النهائي المعلن سيَلي اللقاء المرتقب خلال الساعات المقبلة بين جنبلاط وعون، ثمّ يليه اجتماع لـ«اللقاء الديموقراطي» بعد غدٍ السبت لإعلان خطوتين اساسيتين: الأولى تتجلى بسحب ترشيح حلو وتأييد عون. وأوضحت انّ جنبلاط «اتّخذ قراره النهائي من دون ان يستكمل المشاورات التي كانت مقررة مع بعض الشخصيات».
وكان الوزير الياس بوصعب قال بعد لقاء وفد «التيار» مع حلو إنّ الزيارة «لها طابع خاص، خصوصاً أنه مرشح لرئاسة الجمهورية، ولمسنا أنّ الموقف الصادر عنه في بيانه متقدّم ومسؤول وفيه حسّ وطني كبير، وفتحَ الباب أمام التفاهمات».
واعتبر أنّ «الباب أصبح مفتوحاً للنقاش والتفاهمات»، كما أوضح أنّ الموقف النهائي سيصدر بعد اللقاء بين جنبلاط وعون «لمناقشة التفاهمات التي حُكي عنها». وشدّد على أنّ العهد الجديد يجب أن يُبنى على الشراكة». واعتبر انّ بري «أساسي في البلد وهو شريك حقيقي، ونحن حريصون على التفاهم معه ومتابعة التواصل معه».
بدوره أكّد حلو ثقتَه «بأنّ الجميع سيتعاونون فعلاً لإعادة بناء الوطن والمؤسسات»، وشدّد على أنّ «مصلحة الوطن أهم من الأشخاص».
وعن إمكان سحب ترشيحه خلال اليومين المقبلين، قال: «فلننتظِر قرار الكتلة الذي سيصدر عن اجتماعها، فثمّة لقاء سيُعقد بين العماد عون ووليد جنبلاط ثمّ يحصل اجتماع لكتلة «اللقاء الديموقراطي» وبعده يصدر القرار النهائي».
مباركة سنّية
وبعد مباركة بكركي للتسوية الرئاسية، برز موقف متقدّم ولافت يحمل دلالات مهمّة تتجلّى بأنّ الغطاء السنّي أعطيَ بنحو غير متوقّع لانطلاقة عهد عون.
فقد عبّر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عن «تفاؤله بأنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو على بعد أيام وأنّ إنجاز الاستحقاق اصبَح امراً محسوماً، ويبدو أنّ العماد ميشال عون هو الأوفر حظاً في الفوز».
وأكّد «أنّ عون هو مِن فريق سياسي معيّن ولكن عند انتخابه سيصبح لكلّ لبنان»، مبدياً «الارتياح الى مسار الامور في جلسة الانتخاب». وأكّد «أنّ مبادرة الرئيس سعد الحريري هي خطوة شجاعة، واتّخذ قراراً جريئاً كعادته لإنهاء الشغور الرئاسي».
وقال: «بعد انتخاب رئيس للجمهورية سندعو الى قمّة روحية اسلامية - مسيحية لمواكبة النهضة الجديدة للعهد الجديد الذي نتوقّع ان يُنهض مؤسسات الدولة»، مشدداً على ضرورة «الإسراع بعد انتخاب رئيس للجمهورية في المشاورات لتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة لا تستغرق كثيراً من الوقت».
«الكتائب»
في هذا الوقت، لم يفصِح حزب الكتائب عن وجهة تصويته في الانتخابات الرئاسية، وأكّد رئيسه النائب سامي الجميّل أنّ التصويت «سيكون وفق اقتناعنا ولن ندخل في الصفقة الرئاسية القائمة»، وأعلن «انّ الحزب سيتعاطى مع العهد الجديد على الشكل التالي: المحاسبة على الخطأ ودعم ايّ خطوة في سبيل مشروع لبناني».
باسيل يرد
وفي ردّ غير مباشر على موقف الكتائب، قال باسيل «إنّ بعضهم يرى نفسه خارج الورشة الوطنية وهذا خياره، إلّا أنه لن يكون خارج الوطن».
وشدّد بعد زيارته جعجع، يرافقه النائب إبراهيم كنعان وفي حضور رئيس جهاز الإعلام والتواصل ملحم الرياشي، على «أنّ هذه مرحلة جديدة للبنان، مرحلة الوحدة الوطنية الحقيقية».
وقال: «عندما بدأنا بتفاهمنا مع «القوات اللبنانية» قلنا إنّه تفاهم يتّسع للجميع ولا يسعى الى إلغاء أحد، إلّا أنّ من يريد البقاء خارج هذا التفاهم فهذا خياره».
ولفتت مصادر في «القوات اللبنانية» إلى «أنّ اللقاء مع باسيل وكنعان تناول الموضوع الرئاسي، وخصوصاً «البوانتاج» وفق المعطيات الأخيرة، والسعي إلى تأمين أكثرية الأصوات المطلوبة ليفوز عون من الدورة الأولى».
مجلس وزراء
وودّع مجلس الوزراء عهد الرئيس سلام بجلسة أبقى فيها على اسلوب التعاطي الذي حَكمها طوال عمرها، وكانت المفاجأة عودة باسيل عن مقاطعته والانضمام الى زملائه في جلسة وصِفت بـ»المنتجة والوداعية». وعزا أحد الوزراء مشاركة باسيل الى حاجته لتمرير بعض البنود المتعلقة بوزارته واستمراره في التصدّي لملف الخلوي الذي أُدرج دفتر شروطه على جدول الاعمال، وكذلك لإظهار إيجابية ونيّات تعاون تماشياً مع المسار الرئاسي.
ورفضَ مجلس الوزراء وضعَ نهاية لأعماله قبل الانتقال الى تصريفها من دون ان يترك لمساته، فتخلّل الجلسة الاخيرة مشادّة بين بوصعب والوزير رشيد درباس على خلفية تحديد عمل بعض الجمعيات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وكان التوتّر قد بدأ بينهما في جلسة الخميس الماضي عند مناقشة البند المتعلق بتعيين رئيس مجلس إدارة وأعضاء معرض رشيد كرامي الدولي .
وبدا درباس مستاءً جداً وخاطبَ بوصعب بعبارة قالها الإمام الحسين في كربلاء «الا وان الدعيّ ابن الدعيّ «، فتدخّل الوزير علي حسن خليل متابعاً هذا القول: «قد ركز بين اثنتين: « بين السلة أو الذلّة وهيهات منّا الذلة»، محاولاً بذلك تطرية الجو، إلّا انّ التوتر بقي، وانتهى بمغادرة درباس مجلس الوزراء.
والجلسة التي نشَطت في إقرار سلة كبيرة من البنود، غابت عنها التعيينات وفضّل وزراء «التيار الوطني الحر» تَركها الى الحكومة الجديدة.
وشهدت الجلسة مشادة اخرى بين باسيل ووزير الاتصالات بطرس حرب في بند الخلوي حول الخلافات نفسها، ما دفع حرب الى القول: هذه عيّنة من ممارسة الحكم المقبلة.
أوّلاً، عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء اليوم من جنيف، والطريقة التي سيدير بها جلسة الانتخاب وقيادته للجبهة التي ستصوّت ضد عون ولمصلحة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي طلبَ من مناصريه عدم التجمّع او النزول الى الشوارع والساحات العامة الاثنين يوم جلسة الانتخاب.
ثانياً، زيارة عون المتوقعة قريباً لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط التي ستُظهّر أكثر موقف جنبلاط واحتمال أن تؤدي إلى سحب مرشّحه النائب هنري حلو من السباق الرئاسي لمصلحة عون.
ثالثاً، عودة رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري من الخارج واستكماله عملية تقليص عدد نواب كتلته الرافضين التصويت لعون.
السبهان
وفي هذه الاثناء دخلت المملكة العربية السعودية على خط الاستحقاق الرئاسي، في مؤشر إلى عودتها الى الاهتمام بالشأن اللبناني، فبدأ الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لقاءاته في بيروت، في وقتٍ غادرت السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد إلى الدوحة.
وأكّد السبهان انّ بلاده ستدعم الرئيس الذي يتفق عليه اللبنانيون. وقال في مداخلة مع قناة «الحدث» إنه سيلتقي مختلف القيادات السياسية في لبنان، بما في ذلك جميع قادة الأحزاب والسياسيين فيه، للبحث في سبل العمل المشترك لمستقبل العلاقات بين البلدين. وأوضح أنه سيلتقي مع قادة الأحزاب التي «ليس لها أيّ تصنيفات إرهابية»، بحسب وصفه.
وعن الرسالة السعودية من زيارته لبيروت، قال السبهان: «نحن نسعى دائماً لبناء علاقات جيدة مع الدول العربية... لبنان يعني لنا الكثير والعلاقات التاريخية بين البلدين لا يمكن تجاوزها ولا يمكن أن تؤثّر عليها أيّ أجندات طارئة. نحن نعمل على استراتيجيات كاملة في ما يخصّ لبنان وجميع الدول العربية».
وشدّد السبهان على أنّ بلاده ترفض التدخّل في السياسات الداخلية للدول، ولذا فإنّ الرياض لن تدخل في اختيار رئيس يتفق عليه اللبنانيون، مضيفاً: «نحن ندعم من يتفق عليه اللبنانيون، بما هو في مصلحة لبنان العربي القوي المستقل، بعيداً عن التجاذبات في المنطقة».
وأضاف: «نحن نتعامل مع الدولة اللبنانية بجميع الفئات»، مشيراً إلى أنّ السعودية ستتعامل مع من يعمل مع مصلحة لبنان واللبنانيين، ومؤكّداً أنّ الرياض تعمل حالياً على إعادة الحيوية للعلاقات السعودية ـ اللبنانية.
وكان السبهان باشَر لقاءاته، إثر وصوله بعد ظهر أمس، بزيارة رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي، في حضور القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري، وجرى عرض للاوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة، ثمّ التقى الرئيسين السابقين امين الجميّل وميشال سليمان. على ان تشملَ لقاءاته اليوم بري والحريري الذي يولِم على شرفه مساءً.
كذلك سيلتقي عون والرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر، وجنبلاط، وفرنجية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والوزير بطرس حرب ونواب مستقلين، إضافةً الى رؤساء الطوائف الروحية. وقد يلتقي ايضاً الوزير نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
الحريري
في غضون ذلك، تتّجه الأنظار إلى المواقف التي سيعلنها الحريري عبر برنامج «كلام الناس» مساء اليوم مع الزميل مارسيل غانم، والتي سيُفرد خلالها حيّزاً واسعاً للموضوع الرئاسي ومبادرته بتسمية عون مرشّحاً، إضافةً إلى تطورات الساعة محلياً وإقليمياً.
وفي حين يسبق هذه الإطلالة اجتماع لكتلة «المستقبل» النيابية برئاسته، رفضَت مصادر الكتلة مقولة «إنّ نواب الكتلة الذين يعارضون ترشيح عون سيتقلص عددهم، إذ إنّ العدد في الاساس لا يتجاوز أصابع اليد، وهو ثلاثة أو أربعة نواب على أبعد تقدير».
وكان النائب خالد زهرمان قد تحدّث عن «شِبه إجماع» داخل كتلة «المستقبل» على الاقتراع لمصلحة عون في الانتخابات الرئاسية، وأكّد أنّ الأصوات القليلة المعارضة لهذا التوجّه «تبقى دليلَ صحة وديموقراطية، فعدد المعترضين يتضاءل يوماً بعد يوم».
«الاشتراكي» و«الديموقراطي»
إلى ذلك، من المنتظر ان يجتمع «اللقاء الديموقراطي» قريباً برئاسة جنبلاط ويعلن بعد ذلك قرارَه النهائي في شأن الرئاسة وترشيح عضو «اللقاء» النائب هنري حلو الذي زاره أمس وفد من «التيار الوطني الحر».
وذكرَت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» أنّ جنبلاط كان قد أبلغَ الى رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل انّ له ثمانية أصوات من أصل 11 صوتاً يشكّلون كتلة نواب «اللقاء الديموقراطي».
وقالت مصادر الحزب التقدمي الإشتراكي إنّ الموقف النهائي المعلن سيَلي اللقاء المرتقب خلال الساعات المقبلة بين جنبلاط وعون، ثمّ يليه اجتماع لـ«اللقاء الديموقراطي» بعد غدٍ السبت لإعلان خطوتين اساسيتين: الأولى تتجلى بسحب ترشيح حلو وتأييد عون. وأوضحت انّ جنبلاط «اتّخذ قراره النهائي من دون ان يستكمل المشاورات التي كانت مقررة مع بعض الشخصيات».
وكان الوزير الياس بوصعب قال بعد لقاء وفد «التيار» مع حلو إنّ الزيارة «لها طابع خاص، خصوصاً أنه مرشح لرئاسة الجمهورية، ولمسنا أنّ الموقف الصادر عنه في بيانه متقدّم ومسؤول وفيه حسّ وطني كبير، وفتحَ الباب أمام التفاهمات».
واعتبر أنّ «الباب أصبح مفتوحاً للنقاش والتفاهمات»، كما أوضح أنّ الموقف النهائي سيصدر بعد اللقاء بين جنبلاط وعون «لمناقشة التفاهمات التي حُكي عنها». وشدّد على أنّ العهد الجديد يجب أن يُبنى على الشراكة». واعتبر انّ بري «أساسي في البلد وهو شريك حقيقي، ونحن حريصون على التفاهم معه ومتابعة التواصل معه».
بدوره أكّد حلو ثقتَه «بأنّ الجميع سيتعاونون فعلاً لإعادة بناء الوطن والمؤسسات»، وشدّد على أنّ «مصلحة الوطن أهم من الأشخاص».
وعن إمكان سحب ترشيحه خلال اليومين المقبلين، قال: «فلننتظِر قرار الكتلة الذي سيصدر عن اجتماعها، فثمّة لقاء سيُعقد بين العماد عون ووليد جنبلاط ثمّ يحصل اجتماع لكتلة «اللقاء الديموقراطي» وبعده يصدر القرار النهائي».
مباركة سنّية
وبعد مباركة بكركي للتسوية الرئاسية، برز موقف متقدّم ولافت يحمل دلالات مهمّة تتجلّى بأنّ الغطاء السنّي أعطيَ بنحو غير متوقّع لانطلاقة عهد عون.
فقد عبّر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عن «تفاؤله بأنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو على بعد أيام وأنّ إنجاز الاستحقاق اصبَح امراً محسوماً، ويبدو أنّ العماد ميشال عون هو الأوفر حظاً في الفوز».
وأكّد «أنّ عون هو مِن فريق سياسي معيّن ولكن عند انتخابه سيصبح لكلّ لبنان»، مبدياً «الارتياح الى مسار الامور في جلسة الانتخاب». وأكّد «أنّ مبادرة الرئيس سعد الحريري هي خطوة شجاعة، واتّخذ قراراً جريئاً كعادته لإنهاء الشغور الرئاسي».
وقال: «بعد انتخاب رئيس للجمهورية سندعو الى قمّة روحية اسلامية - مسيحية لمواكبة النهضة الجديدة للعهد الجديد الذي نتوقّع ان يُنهض مؤسسات الدولة»، مشدداً على ضرورة «الإسراع بعد انتخاب رئيس للجمهورية في المشاورات لتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة لا تستغرق كثيراً من الوقت».
«الكتائب»
في هذا الوقت، لم يفصِح حزب الكتائب عن وجهة تصويته في الانتخابات الرئاسية، وأكّد رئيسه النائب سامي الجميّل أنّ التصويت «سيكون وفق اقتناعنا ولن ندخل في الصفقة الرئاسية القائمة»، وأعلن «انّ الحزب سيتعاطى مع العهد الجديد على الشكل التالي: المحاسبة على الخطأ ودعم ايّ خطوة في سبيل مشروع لبناني».
باسيل يرد
وفي ردّ غير مباشر على موقف الكتائب، قال باسيل «إنّ بعضهم يرى نفسه خارج الورشة الوطنية وهذا خياره، إلّا أنه لن يكون خارج الوطن».
وشدّد بعد زيارته جعجع، يرافقه النائب إبراهيم كنعان وفي حضور رئيس جهاز الإعلام والتواصل ملحم الرياشي، على «أنّ هذه مرحلة جديدة للبنان، مرحلة الوحدة الوطنية الحقيقية».
وقال: «عندما بدأنا بتفاهمنا مع «القوات اللبنانية» قلنا إنّه تفاهم يتّسع للجميع ولا يسعى الى إلغاء أحد، إلّا أنّ من يريد البقاء خارج هذا التفاهم فهذا خياره».
ولفتت مصادر في «القوات اللبنانية» إلى «أنّ اللقاء مع باسيل وكنعان تناول الموضوع الرئاسي، وخصوصاً «البوانتاج» وفق المعطيات الأخيرة، والسعي إلى تأمين أكثرية الأصوات المطلوبة ليفوز عون من الدورة الأولى».
مجلس وزراء
وودّع مجلس الوزراء عهد الرئيس سلام بجلسة أبقى فيها على اسلوب التعاطي الذي حَكمها طوال عمرها، وكانت المفاجأة عودة باسيل عن مقاطعته والانضمام الى زملائه في جلسة وصِفت بـ»المنتجة والوداعية». وعزا أحد الوزراء مشاركة باسيل الى حاجته لتمرير بعض البنود المتعلقة بوزارته واستمراره في التصدّي لملف الخلوي الذي أُدرج دفتر شروطه على جدول الاعمال، وكذلك لإظهار إيجابية ونيّات تعاون تماشياً مع المسار الرئاسي.
ورفضَ مجلس الوزراء وضعَ نهاية لأعماله قبل الانتقال الى تصريفها من دون ان يترك لمساته، فتخلّل الجلسة الاخيرة مشادّة بين بوصعب والوزير رشيد درباس على خلفية تحديد عمل بعض الجمعيات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وكان التوتّر قد بدأ بينهما في جلسة الخميس الماضي عند مناقشة البند المتعلق بتعيين رئيس مجلس إدارة وأعضاء معرض رشيد كرامي الدولي .
وبدا درباس مستاءً جداً وخاطبَ بوصعب بعبارة قالها الإمام الحسين في كربلاء «الا وان الدعيّ ابن الدعيّ «، فتدخّل الوزير علي حسن خليل متابعاً هذا القول: «قد ركز بين اثنتين: « بين السلة أو الذلّة وهيهات منّا الذلة»، محاولاً بذلك تطرية الجو، إلّا انّ التوتر بقي، وانتهى بمغادرة درباس مجلس الوزراء.
والجلسة التي نشَطت في إقرار سلة كبيرة من البنود، غابت عنها التعيينات وفضّل وزراء «التيار الوطني الحر» تَركها الى الحكومة الجديدة.
وشهدت الجلسة مشادة اخرى بين باسيل ووزير الاتصالات بطرس حرب في بند الخلوي حول الخلافات نفسها، ما دفع حرب الى القول: هذه عيّنة من ممارسة الحكم المقبلة.