أربعة أيام تفصل عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وكلّ المسار المحيط بهذا الاستحقاق يؤشر الى أنّ ميشال عون سيلبس الاثنين البزّة الرئاسية، وينال لقب «فخامة الرئيس».لا عائق لوجستياً أمام جلسة الاثنين، فكلّ التحضيرات المجلسية قد اكتملت لإتمام العملية الانتخابية بما تتطلبه ومن دون أيّ عوائق، ولم يبق إلّا أن تحين ساعة تحرّك صندوقة الاقتراع فتدور دورتها بين النواب، لتفرج أكثريتهم عن اسم الرئيس الجديد، بدورة اقتراع واحدة أو اثنتين.
وأما هذه الأكثرية التي ستمنح عون سمة الدخول الى القصر الجمهوري رئيساً، فعلى ما احتسبته إحصاءاتُ الخصوم والمريدين، قد لا تأتي بالنسبة العالية التي يعوِّل عليها جمهور عون، ويريدها قوة دفع معنوية لانطلاقة نوعية للعهد الجديد.
من جنيف، كلّ المشهد اللبناني يُرى كما هو:
- الأجواء الاحتفالية التي بدأها التيار الوطني الحر مستبقاً فوز زعيمه رسمياً، وكذلك التحضيرات «غير المسبوقة»، التي تجري في هذا الجانب لتعطيل المدارس، وإقفال المؤسسات والإدارات، وتظاهرات سيارة، وتجمعات جماهيرية، احتفاءً بفوز عون.
- الصورة الرسمية لرئيس الجمهورية قبل أن تصبح رسمية.. والتي تظهر عون واقفاً والى يمينه العلم اللبناني.
- حركة القوى السياسية، من سليمان فرنجية التي صار جلّ ما يريده أن يُنتخب في الجلسة رئيسان، رئيس فعلي يربح بأكثرية أصوات، و»رئيس رمزي» متكئ على نسبة أصوات لا بأس بها من كتل نيابية فاعلة، بما يجعله مرشحاً أوّلاً في الاستحقاق الرئاسي ما بعد العهد العوني المقبل.
- «محاولات» وليد جنبلاط لتظهير الوجهة التي ستذهب اليها أصوات كتلته السياسية والحزبية، وبالتاكيد وفق ما تقتضيه مصلحة البلد ومستقبله، على حدّ ما يعبّر في تغريداته المتلاحقة في الفترة الأخيرة. ومن هنا يترك لمرشحه الرئاسي هنري حلو أن يبقى على ترشيحه أو يعزف عنه تبعاً لتطوّرات الساعات السابقة لجلسة الإثنين.
- إنتظار تيار المستقبل لعودة زعيمه سعد الحريري من السعودية، ومن باريس، وعلى ما يُقال فإنّ محاولة أخيرة سيجريها الحريري لاحتواء بعض أعضاء كتلته المعترضين على عون، لعلّه يتمكّن من إعادة توجيه أصواتهم في الاتجاه الذي يريده.
والأهم من كلّ هذا هو محاولة رسم معالم مرحلة ما بعد جلسة 31 تشرين الأول، ربطاً بالشق المتعلّق بتكليف الحريري تشكيل أولى حكومات العهد الجديد. هنا لا يبدو أنّ أحداً يملك الجواب عما قد تحمله تلك المرحلة من تطورات ومفاجآت قد تكون مفرحة للحريري، وأيضاً قد لا تكون مفرحة له ابداً.
- المحاولات التي تظهر من أكثر من اتجاه لفتح معركة نصاب جلسة الاثنين، واعتبارها مكمّلة للجلسات السابقة، بما ينطبق عليها نصاب النصف زائداً واحداً للفوز. الرئيس نبيه بري لا يجد أيّ مبرّر لهذه الإثارة أو لهذا اللغط الذي يُفتعل من هذا الجانب أو ذاك: «نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية معروف ومحسوم، فما دام محضر الجلسة السابقة قد تُلي وصُدِّق في نهايتها، فنحن أمام جلسة جديدة بدورتين إذا لم يفز المرشح بالدورة الأولى ( كما تنص عليه المادة 49 من الدستور حرفياً).
- ما يتردّد في لبنان عن موفد سعودي وصل أو سيصل الى لبنان، وأنّ جدول لقاءاته يشمل زيارة يقوم بها الى الرئيس بري. وعلى هذا الكلام يقول بري: «كلّ مَن يطلب زيارتي أهلاً وسهلاً، ثمّ إن كان آتياً بهدف إقناعي بأمرٍ ما، أعتقد أنّ عليه أن يكون هو أوّلاً مقتنعاً بما يريد أن يقنعني به».
يقارب الرئيس بري جلسة 31 تشرين تبعاً للتأكيدات التي سبق وأعلنها «سأكون حاضراً في الجلسة مع كتلة التحرير والتنمية، ولن نقاطع وبالتالي لا تطيير للنصاب»، أكثر من ذلك يؤكد بري «أنا أتمنى أن يحصل الاستحقاق الرئاسي، وتُعقد جلسة الاثنين، ومَن ينجح ينجح».
إلّا أنّ عين بري تبقى على مرحلة بدء «الجهاد الأكبر» ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتاكيد لا يرتبط هذا « الجهاد» بمرحلة تأليف الحكومة الجديدة، بل بالقانون الانتخابي «القانون الانتخابي أوّلاً، وله الأولوية والأسبقية على كلّ ما عداه».
ثمّ يضبف: «ليتهم سمعوا منا لكنا وصلنا الى اتفاق على قانون جديد. الآن سننتخب رئيس الجمهورية، فماذا بعد، فلو أننا اتفقنا على طاولة الحوار لكنا ذهبنا فوراً الى إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، أما وأنّ ذلك لم يحصل فأعتقد أنّ ذلك يضعني شخصياً أمام السعي والجهاد لتحقيق هذا الهدف.. وليعلموا أنني سبق وقلت لا تمديد للمجلس النيابي الحالي تحت أيّ ظرف وتحت أيّ عنوان، وهذا من سابع المستحيلات، التمديد مرفوض رفضاً باتاً، لا أقول فقط إنه ليس وارداً عندي، بل أؤكد أنّ البلد لا يحتمله.
من هنا، يقول بري، فإنّ كلّ الذي جاهدت من أجله وشدّدت عليه قبل الاستحقاق الرئاسي يتعلّق بهذا الموضوع (القانون الانتخابي)، لأنّ في ذلك تسهيلاً للعهد، ولعدم الذهاب الى محاذير يعرفها الجميع».
في رأي بري، «أنّ باب النقاش في القانون الانتخابي سيكون هو الأساس ما بعد انتخاب الرئيس، وأقول إنه إذا تمّ الاتفاق على هذا القانون، فلن انتظر أحداً، بل سأعقد فوراً جلسة تشريعية لمجلس النواب لإقراره».
وعندما يُقال للرئيس بري «إنّ هناك مَن يحاول أن يبقي على قانون الستين»، يسارع الى القول «إن كانوا يستطيعون ذلك فليتحمّلوا المسؤولية.. نبقى مكاننا».
وهناك مَن يسعى الى التمديد مجدّداً؟ قال: لا للتمديد، ثمّ ليكن معلوماً أن لا أحد يضغط عليّ، أو يستطيع أن يفرض عليّ أمراً أرفضه، الإبقاء على قانون الستين، يشكل أوّل ضربة للعهد.
وإذا حصل التمديد؟ قال:.. عندها، هم يتحمّلون كامل المسؤولية، وليس هؤلاء فقط، بل إنّ كلّ العهد يتحمّل المسؤولية.
وعندما يسأل الرئيس بري عمّا بعد جلسة 31 تشرين وانتخاب الرئيس، وماذا عن حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلف تشكيل الحكومة وماذا لو لم يتمكن الرئيس المكلف من التأليف، يسارع الى الإجابة:.. ربما تكون هذه خطة للتمديد، وهذا ما لن نقبل به على الإطلاق.
وهل في هذه الحالة ننتقل من فراغ رئاسي الى فراغ حكومي؟ قال: ربما، فقد يكون المطلوب بأن لا تحصل انتخابات وبالتالي الانتقال من فراغ رئاسي الى فراغ حكومي.. فانتبهوا.
وأما الحوار، فيبدو أنّ ورقته، كما يؤكد بري، لم تعد في يده. فعندما سُئل عما إذا كان سيدعو طاولة الحوار الى الانعقاد مجدداً، سارع الى القول: أعوذ بالله، وعلى أيّ أساس. فهل ندعوها فقط لكي نتمشى مع بعضنا البعض؟ ثمّ أضاف: «الآن طاولة الحوار أصبحت في عهدة «فخامة الرئيس المقبل»، فهو يدعو أو لا يدعو».
تبقى العلاقة مع «حزب الله» ومحاولات تصويرها وكأنها قد أُصيبت بفتورٍ ما جراء ما آل اليه الاستحقاق الرئاسي. الرئيس بري لا يقيم وزناً لأيّ كلام من هذا النوع، أكثر من ذلك يقول: «دعوهم يقولوا ما يشاؤون، دعوهم يضيّعوا وقتهم، فلن يصلوا الى مكان في هذا الموضوع».
وكان الرئيس بري قد عقد على هامش أعمال الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف لقاءات مع رؤساء برلمانات ووفود برلمانية مشارِكة في الجمعية. فالتقى رئيس البرلمان الأوسترالي طوني سميث بحضور النائبين ياسين جابر وباسم الشاب، ودار الحديث حول التطوّرات الراهنة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية ودور الجالية اللبنانية الفاعل في أوستراليا.
والتقى بري، رئيس مجلس النواب الباكستاني سردارأياز صادق وعرض معه الوضع في الشرق الأوسط والتعاون بين البرلمانين اللبناني والباكستاني، ووجّه صادق له دعوة رسمية لزيارة باكستان. كما عقد لقاءً مماثلاً مع رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني الذي وجّه له دعوة مماثلة.
وعقد عضوا الوفد اللبناني النائبان ياسين جابر وباسم الشاب اجتماعاً مع الوفد البرلماني البريطاني، وجرى البحث حول الوضع في لبنان والمنطقة. وسيحضر وفد بريطاني الى لبنان في نهاية تشرين الثاني المقبل في زيارة استطلاعية.
كما التقى جابر والشاب والأمين العام للشؤون الخارجية في مجلس النواب بلال شرارة وفداً برلمانياً ألمانياً برئاسة نائب رئيس المجلس السيدة روث.
وشاركت النائب جيلبرت زوين في الاجتماع البرلماني الذي ناقش موضوع النساء المعنّفات. كما شارك الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر في اجتماعات الأمناء العامين.