قياسا بالاستعدادات "اللوجستية" والادارية والبروتوكولية الجارية في قصر بعبدا اسوة بالاستعدادات الحزبية الناشطة لـ"التيار الوطني الحر"، كما باستعدادات حكومة الرئيس تمام سلام والوزراء لبدء مرحلة تصريف الاعمال من الاثنين المقبل، فان كل شيء يجري على أساس التسليم بان العماد ميشال عون صار بحكم الواقع والحسابات الانتخابية رئيسا للجمهورية في انتظار تكريسه رسمياً في الجلسة الـ46 لانتخاب الرئيس. ومع ذلك فان الحركة السياسية المحمومة التي تشهدها البلاد قبل ثلاثة أيام من موعد 31 تشرين الاول الذي يفترض ان يحمل الرئيس الثالث عشر للجمهورية الى قصر بعبدا ويضع حداً لأزمة الفراغ الرئاسي القياسية، تعكس حجم التوتر التصاعدي الذي يواكب هذه الاستعدادات تحسباً لكل الاحتمالات وما يمكن ان يطرأ من تطورات في الساعات الاخيرة أو في الجلسة الانتخابية نفسها.وعلى رغم استبعاد حصول ما يبدل المسار الذي سيحمل عون الى سدة الرئاسة الاولى بدا لافتا ان "البوانتاجات" النيابية للنتائج التي قد يفضي اليها التصويت لم تتخذ بعد اطارا ثابتا يمكن الركون اليه نهائيا لا في خانة العماد عون ولا في خانة منافسه النائب سليمان فرنجية الذي كرر أمس من الديمان مضيه في السباق، ولا أيضاً في امكان حصر حجم "الكتلة البيضاء" الامر الذي يضاعف حبس الأنفاس. كما ان امرا لافتا آخر برز أمس من خلال مجموعة لقاءات سياسية وديبلوماسية حصلت بكثافة علنا ووراء الكواليس تمثل في تأكيدات ان الجلسة الانتخابية ستنعقد في موعدها كما هو مقرر لكن ذلك لم يسقط الشكوك التي لا تزال محور المشاورات في مسائل واحتمالات عدة مرتبطة بالجلسة ومنها ما يتصل بعدم وجود ضمانات حاسمة لاستمرار تأمين النصاب (86 نائباً) في حال عدم نيل اي مرشح اكثرية الثلثين اي 86 نائباً في الدورة الاولى بما يلزم اجراء دورة اقتراع ثانية. أضف ان مسألة الزامية انعقاد دورتين التي حسمها رئيس مجلس النواب نبيه بري تكراراً أمس من جنيف تثير شكوكاً مماثلة ناهيك بتساؤلات مبكرة عن المسار الذي سيتخذه التكليف والتأليف وتسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة.
استشارات سريعة؟
لكن جهات مؤيدة لانتخاب العماد عون أبلغت "النهار" ان مشاورات تجري بين القوى المؤيدة لوصوله الى رئاسة الجمهورية والتي تشمل "حزب الله" و"تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" لكي تنطلق عجلة الاستحقاقات سريعاً بدءاً من إستحقاق إستشارات التكليف لتسمية الرئيس العتيد للحكومة لتنطلق بعدها إستشارات التأليف التي يجريها الرئيس المكلف كي تولد بعد ذلك الحكومة الجديدة.وفي جديد المعطيات عن هذه المشاورات أن اوساط الحزب ترى ان الامور ستسلك بين العهد الجديد والرئيس نبيه بري ما يؤدي الى إجتياز مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة بهدوء. وأكدت هذه الجهات أن التواصل بين الرئيس بري والرئيس سعد الحريري ما زالت قائمة لأن بين الرجليّن "ما يجمع أكثر مما يفرّق" كما تؤكد مصادر نيابية معنية بهذا التواصل.
ووفق هذه المعطيات لا تستبعد الجهات السياسية نفسها أن تبدأ ورشة الحكومة الجديدة في اليوم التالي لإنتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية على أن تنطلق عملية التكليف والتأليف منتصف الاسبوع المقبل لتنجز قبل نهايته.
وفي هذا السياق ذهب رئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع الى القول أمس: "نعيش أوقاتا تاريخية ولو انها ليست على ذوق جميع الناس". وكرّر انه "سيكون لنا للمرة الاولى منذ زمن رئيس صنع في لبنان مئة في المئة وهذا العهد لن يكون كالعهود السابقة بحيث سيكون الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة وبعدها بأيام ستشكل الحكومة".
عون وجنبلاط
وفي اطار السعي الى توسيع قاعدة التأييد لانتخاب عون، ينتظر ان يعقد اللقاء المقرر بينه وبين رئيس "اللقاء الديموقراطي " النائب وليد جنبلاط بين اليوم وغد، علما ان الزعيم الاشتراكي سيشارك ظهر اليوم في تشييع ابرز قادة الحزب المقدم شريف فياض الذي توفي امس في بلدة بشتفين الشوفية الامر الذي يمكن ان يرجأ معه اللقاء الى غد.
واذ بدا واضحا ان جنبلاط يميل الى تأييد انتخاب عون، فان موضوع سحب مرشح "اللقاء الديموقراطي" النائب هنري حلو سيكون محور الاتصالات بين الفريقين وسيزور وفد من "التيار الوطني الحر " حلو بعد ظهر اليوم. وكان حلو أكد أمس انه مستمر في ترشيحه "ما دام ترشيحي مفيداً للوطن ويصل أو يقف اذا اقتضت مصلحة الوطن".
اما موقف حزب الكتائب الذي لم يعلن بعد فيرجح اعلانه اليوم في مؤتمر صحافي لرئيس الحزب النائب سامي الجميل.
في غضون ذلك، لوحظ ان "التيار الوطني الحر " يتهيأ لاقامة احتفالات شعبية كثيفة الاثنين المقبل بينها تجمع كبير مساء في ساحة الشهداء في وسط بيروت فضلا عن احتفالات اخرى في مناطق عدة. وستوزّع صورة موحدة للعماد عون في هذه الاحتفالات. وتردد ان عون في حال انتخابه سيلقي خطاب القسم في الجلسة نفسها ويتقبل تهاني النواب في المجلس ولا يزمع تحديد أي موعد للتهاني المفتوحة في قصر بعبدا بل سيباشر الاربعاء المقبل الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة المكلف.