لا يزال الرئيس نبيه بري على موقفه تجاه ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، ولا يُخفي الرئيس معارضته لهذا الترشيح وقد أعلن أكثر من مرة بأنه لن يصوت للعماد عون، إلا أنه في الوقت نفسه لن يُقدم على أي عرقلة من شأنها أن تطيح بجلسة الإنتخاب المقررة في 31 تشرين الاول، بل أكّد الرئيس بري أنه سيكون أول المهنئين للعماد عون في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية .
الرئيس بري الذي أعلن من جهته أنه سيذهب إلى المعارضة في حال فوز العماد عون، وفي حال فشلت الوساطات في إقناعه بالانضمام الى داعمي ترشيح عون من جهة ثانية .
لقد استطاع الرئيس الحريري تسجيل هدف في مرمى الرئيس بري بترشيح العماد عون، واعتبر الرئيس بري وهو اللاعب السياسي الأبرز في الساحة المحلية أنّ هذا الهدف في سياق اللعبة الديمقراطية فلم يمانع ولم ولن يلجأ إلى أي تعطيل، لكنه بالتأكيد سيكون الحاضر الأبرز في كل ما يمتّ إلى الاستحقاق الرئاسي وما بعده بِصِلة، بل سيكون عرّاب المرحلة المقبلة التي ستشهد ولادة العهد الجديد سواء على الصعيد الحكومي أو على صعيد المجلس النيابي وبقية الاستحقاقات الأخرى التي ستجري على أرضه السياسية وهو العارف بتفاصيل العهود السياسية وخفاياها السابقة واللاحقة، وهو يعلم أنه مرجع كل الملفات والاستحقاقات اللاحقة والتي ستكون على جدول أعمال الرئيس المفترض العماد ميشال عون.
وقد ذهب الرئيس بري حدّ القول : إنّ مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس ستكون لـ الجهاد الأكبر المتعلق بالاستحقاقات اللبنانية.
وقال الرئيس بري  : نحن على بُعد خطوات إن شاء الله من انتخاب رئيس للجمهورية في 31 الشهر الجاري، آملين أن تتحقق هذه الخطوة لأن لبنان بحاجة ماسّة إليها، من دون الدخول في الحساسيات التي عوّدتنا دائما أن تؤخر أمورنا لدرجة أننا أصبحنا منذ أكثر من سنتين ونصف سنة من دون رئيس للجمهورية.
وأضاف: هذا الأمر وحده ضروري ولكنه غير كافٍ، لأنّ بعده هناك الجهاد الأكبر المتعلّق بالاستحقاقات اللبنانية خصوصا، وهذا رأيي منذ زمن، في ما يتعلق بقانون انتخاب يقوم على العدالة بالنسبة للمرأة، ونحن مضطرّون لأن يكون هناك كوتا للمرأة اولاً، وفي الوقت ذاته يكون قائماً على النسبية لنصل إلى مستوى حضاري معيّن ونخطو خطوات تخفّف من الطائفية وتحافظ على الطوائف، لأن الطوائف شيء والطائفية شيء آخر.
وتابع بري: علينا أيضاً ألا ننسى أنّ الأزمات التي تحيط بنا وبمنطقتنا، جعلت من لبنان منزلا في حديقة والنار تشتعل حولنا، وقد تدخل النار إلى بلدنا عبر أي شجرة أو غصن يابس، ونحن نتحمّل لأول مرة في التاريخ ما لم يتحمله شعب أو دولة من جرّاء وجود ما يوازي نصف عدد سكان بلدنا من لاجئين ونازحين، وهذا الأمر يشكّل خطراً، إضافة إلى الموضوع الاقتصادي أو التعليمي أو الاجتماعي.

الجهاد الأكبر :
لقد قرّر الرئيس بري أن تكون المرحلة القادمة بعد انتخباب رئيس للجمهورية مرحلة الاستحقاقات التي وصفها بمرحلة الجهاد الأكبر وهي المرحلة الأهم في مسيرة العهد الجديد إذ إنّ هناك الكثير من الملفات والاستحقاقات السياسية والدستورية التي تفرض نفسها على العهد الجديد وأوّلها تشكيل الحكومة التي لا يمكن أن تولد بلا مباركة وموافقة من الرئيس بري، كما أنّ قانون الانتخاب سيكون البند الأوّل على جدول الأعمال وبالتأكيد فإنّ هذه الملفات وسواها ترتبط بشكل أساسي بحضور الرئيس بري وفاعليته في مثل هذه الاستحقاقات.
لقد حاول الرئيس بري أن يستعيد زمام المبادرة وأمسك بمفاصل العهد الجديد قبل أن يولد، وهو إن سهّل مرور الاستحقاق الرئاسي في مجلس النواب فإنه بالمقابل سيلجأ إلى سلطة الإمساك بزمام الأمور في المرحلة اللاحقة وهي ما أسماها الجهاد الأكبر وقد أراد بذلك استعادة زمام المباردة وتأكيد الرجوع إليه في أغلب القضايا والملفات والاستحقاقات في البلد .