هي لحظة الضمير والتاريخ والأجيال القادمة التي ستحدد مصير الوطن وشعب آمن بالعيش المشترك والتعايش والوحدة الوطنية.
أكتب لنواب كتلة المستقبل وأبناء الخط السياسي للشهيد الرئيس رفيق الحريري وأنا إبن هذا الخط وتوجهاته لأعبر لكم عن الحزن والأسى واليأس والإحباط الذي يعيشه اليوم جمهور الشهيد.
لم تعد المسألة بسيطة كما يحاول البعض أن يصورها بل هي كرامة شعب دخلت على الخط وستصبح في وضع حرج ومعيب لو إنتخبتم ميشال عون رئيسا للجمهورية.
أكتب لكم لأحذركم من مصير الإنتحار الذي تتوجهون إليه بأقدامكم وإرادتكم وأنتم اليوم لا تقتلون أنفسكم بل تقتلون خط سياسي وطني عريض من الشمال إلى الجنوب دفع ثمنه رفيق الحريري من أجل أن يبقى البلد ماشي.
هل ستحققون أمنية الشهيد في سمائه وهو ينظر إليكم من عليائه حزينا وكئيبا وأنتم تهدمون ما بناه وتمحون ما حققه من إنجازات في هذا الوطن.
ولتعلموا جيدا أن جلسة 31 تشرين الأول هي جلسة مصير لخطكم السياسي وللوطن فأنقذوا هذا الخط وهذا الوطن بحسن إختياركم ورفضكم لخيار ميشال عون.
أنا وإذ أطالبكم بعدم إنتخاب عون رئيسا ليس كرها بالشخص أو حقدا فالمسألة ليست شخصية بل لها علاقة بمصير شعب وأجيال قادمة ومع هذا فإن اللعبة السياسية متى ما أصبحت شخصية فقدت معناها ومبتغاها وأثبتت حقدا دفينا وتعصبا أعمى، فهل لكم أن تسألوا أنفسكم لماذا حول ميشال عون التنافس السياسي إلى شخصي ومذهبي ولماذا نعت السنة في لبنان وخطهم الإعتدالي بالداعشية السياسية وأفظع العبارات؟
ميشال عون يتعامل مع الإعتدال بهكذا أسلوب ونوايا فهل تأمنون أن لا ينقلب عليكم فيما بعد؟
وهل حقا أنتم تراهنون أنه سينقلب على حزب الله بعد نيله الرئاسة؟
ألا ترون المتغيرات السياسية الدولية والتقارب الإيراني الأميركي والذي يعرفه جيدا عون ويعرف أن مصلحته اليوم وفي الغد القريب هو مع المحور الإيراني في المنطقة.
فتريثوا قبل إنتخابكم إياه وإنتفضوا على قرار رئيس تياركم ولو مؤقتا فسعد الحريري في المستقبل سيعي أنكم قدمتم له أكبر خدمة ومعروف إذا لم تنتخبوا ميشال عون.
وهل تعرفون أيضا أن مصير الطائف على المحك ومصير الميثاق الوطني والتعايش الإسلامي المسيحي ونهائية الكيان على المحك أيضا.
ميشال عون يرفض كل ذلك، ينظر إلى لبنان على أنه مملكة خاصة يحق له التصرف بها فهو لا يثق بأحد إلا بعائلته وأصهرته لذلك حول التيار إلى شبكة مصالح عائلية وسيحول لبنان إلى مزرعة يسرح ويمرح فيها.
وإن كنتم لا تؤمنون بكل هذه المعطيات فإسمعوا لصوت شعبكم الرافض لهذا الخيار الإنتحاري وفكروا مرتين وإتخذوا القرار المناسب.
اليوم يا حضرات النواب الكرام جمهوركم غاضب ويشعر بالإهانة فلا تشاركوا بهذه الجريمة وتقضوا على أحلامه، فجمهوركم هو آخر معقل للوعي وسط الغليان الذي تعيشه المنطقة فلا تخيبوا آماله.
وإن كنتم ترفضون هذه أيضا فإنظروا إلى الأمور من زاوية أخرى، من زاوية مصالحكم ومستقبلكم السياسي، فهل تعتقدون أن هذا الشعب الثائر المؤمن بخيارات رفيق الحريري سيعيد الكرة وينتخبكم في حال إنتخبتم الجنرال ميشال عون؟
صدقوني ستجدون بعد هذا الخيار رفيق الحريري في كل زاوية ودسكرة وحي من بيروت إلى الجنوب والشمال ليحاسبكم ويؤنبكم ويؤرق عيشكم وينهي حضوركم في الوسط السياسي لأنكم خذلتموه وخنتم الأمانة.
ولكن ربما تنظرون للأمور من زاوية أخرى وهي أن الفراغ والشغور السياسي بات يهدد البلد وأنتم محقون.
ولكن هل فرغت الطائفة المارونية الكريمة، طائفة النخب والعباقرة والسياسيين من رجل يؤمن بخيارات الوحدة والتعايش والنهوض الإقتصادي؟!
لقد أقدم الرئيس سعد الحريري منذ سنة تقريبا على ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى.
بالطبع سليمان فرنجية ليس من خطكم السياسي ببعض الخيارات لكنه من خطكم الوطني.
فهو أولا لم يشتم سعد الحريري لأنه تخلى عنه وذهب بخيار عون ولكم أن تتصوروا اليوم لو تراجع الحريري عن خيار عون ماذا سيفعل ويقول عون!
فعلى الرغم من تراجع الحريري عن ترشيحه، أطل بالأمس وقال :" سيبقى سعد الحريري صديقي إلى الأبد".
فهو صادق وصريح وشفاف، لا يخجل من تحالفاته ولا يخجل من تاريخه.
فتاريخه وطني بإمتياز وهو حفيد رئيس الجمهورية سليمان فرنجية الجد، رئيس العروبة والوطنية، وبنى مشروعه السياسي على هاتين القاعدتين: العروبة والوطنية التي تخدم لبنان وشعبه ولا يقارب الأمور بمنظور شخصي أو عائلي بل بمنظور وطني.
فلو قمتم بإستفتاء اليوم وسط سنة لبنان ستجدون نسبة تأييد واسعة له خصوصا بعد ترشيح سعد الحريري لعون ولم يسجل له التاريخ أنه تطاول وجرح بكرامة السنة ومناطقهم، بل خاصم بشرف وحالف بشرف.
وهو أولا وأخيرا إبن الطائف ومتبني لقوانينه ولا يتاجر بمظلومية مصطنعة كحقوق المسيحيين أو بدعة مفتعلة كالميثاقية كحجة فقط لقهر السنة في لبنان.
فرنجية لا يفعل ذلك، من يفعل ذلك هو ميشال عون الذي ستنتخبوه في 31 تشرين الأول، فهل من وقفة ضمير؟
وسليمان فرنجية لديه تأييد وإجماع وطني، فهو يتمتع بالدعم الشعبي من كافة الطوائف المسيحية والشيعية والدرزية والسنية، ولديه تحالف قوي مع الإعتدال الشيعي المتمثل بالرئيس نبيه بري الذي تعتبروه حليفكم الشيعي الأول وكل همه تشكيل الحكومة على قاعدة المشاركة لا النكايات والعنتريات الفارغة وتسيير سدة الحكم، ولا يطمح بتغيير الطائف وإبن العروبة ويمثل رؤية سليمة عن الإعتدال المسيحي ويدور الزوايا وبراغماتي بأصول لا بجنون وإن وعد وفى ويؤمن أن التعيينات في قيادة الجيش والوزارات وغيرها يجب أن تحصل بإجماع وطني لا يزعج أحد فلا يريد قائد للجيش لأنه مسيحي بل لأنه وطني، ومن هنا فهو أول محارب سيكون لو إنتخبتوه رئيسا للإستئثار، فمشروعه وحدوي لا مذهبي وطائفي وتجربته مع أهل الشمال خصوصا أكبر دليل وبرهان، فأهل طرابلس والسنة في لبنان يريدون فرنجية اليوم رئيسا، هذا يجب أن تعرفوه قبل فوات الأوان.
وكانت إطلالته الإعلامية بالأمس تحمل رسالة لكم بالدرجة الأولى أن مستقبل الخط السياسي للحريرية وللسنة معه لا مع خيار عون الذي تحالف مع التطرف الشيعي ليقضي على زعامة آل الحريري.
فلا تخافوا من سعد الحريري لأن الفيصل في هذه الأمور هو شعبكم الذي سيحاسبكم فيما بعد.
كل الأمر بحاجة إلى وقفة مع الذات والتاريخ والحاضر للتفكير بجدية وضمير وأن تختاروا الصواب لا الجنون وأن تذهبوا بإتجاه الإعتدال لا التطرف.
فكروا صح وفكروا بضمير ولا تنتخبوا ميشال عون رئيس.