عملياً يمكن القول إنّ العماد ميشال عون وضَع رِجلاً في قصر بعبدا ويستعدّ الاثنين المقبل لوضع الرِجل الأخرى.البوانتاج العوني متفائل ويضع في حسابه تأييد ثمانين نائباً، فيما تتراوح البوانتاجات الأخرى لتعطي عون 73 نائباً مقابل 53 لمَن سيصوّتون لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية وللورقة البيضاء، ذلك من دون إسقاط احتمال أن تتوحّد الأوراق البِيض مع أوراق فرنجية في اللحظات الأخيرة، أو أن يهبط الروح القدس على بعض الكتل القادرة على تطيير النصاب.
لا يهدأ فريق عون في تجديد البوانتاج في كلّ يوم أكثر من مرّة، فيما معارضوه، سواء داعمو فرنجية أو محبّذو الأوراق البِيض يتواصلون وإنْ بخَجل ومِن دون نتيجة.
أعطى فرنجية في مقابلته التلفزيونية انطباعاً بأنّه يحتفظ بهامش تحرّك واسع من قبَل «حزب الله». إذ تحت سقف المشاركة في الجلسة، توعّد بمفاجآت، وهو بالفعل يقوم باتصالات مع عدد من النواب، مِن ضمنهم النائب بطرس حرب الذي يؤيّد فرنجية، وآخرون، فيما حصَل تواصل مع الكتائب لم تُعرف نتيجته.
ستكون الدورة الأولى من الجلسة المقبلة مؤشّراً إلى موازين القوى، فإذا نال عون رقماً يقارب الثمانين، ضمَن حكماً نتائجَ الدورة الثانية، أمّا إذا نال رقماً لا يتجاوز كثيراً رقم فرنجية، فهذا سيشكّل إنذاراً قد يَدفعه على الأرجح إلى إسقاط النصاب، فيما لا يمكن استبعاد إسقاط النصاب من الجهة المقابلة في حال كانت الدورة الثانية لصالح عون.
يُبدي عون ثقةً كبيرة ببوانتاجه النيابي، لكنّه لا يأمن كتلة تيار «المستقبل»، فتصويتُها بين رافض ومؤيّد سيُحدّد الفَرق بين فرنجية وعون، كما أنّ هذا التصويت حتى لو لم يصبّ لفرنجية، سيَحرم عون إذا كان كثيفاً من أن ينال النصف زائداً واحداً في الدورة الثانية، خصوصاً إذا ما ارتفع رافضو انتخاب عون إلى ما فوق الـ 15 نائباً.
سيكون تصويت كتلة «المستقبل» أساسياً في تحديد الفائز. ما يُثار حول تراجع المعترضين على عون إلى أربعة نواب، أبرزُهم الرئيس فؤاد السنيورة ليس دقيقاً، لكنّ ذلك لا ينفي أنّ الرئيس سعد الحريري يحتفظ بورقة إقناع المعترضين فرداً فرداً، ومنهم مَن أعلن منذ الآن التصويت بورقة بيضاء، ما رفعَ التفاؤل العوني إلى توقّع أن ينتخب من كتلة «المستقبل» 25 نائباً بالحد الأدنى.
يجد نواب «المستقبل» أنفسهم عالقين بين نارين، هم من جهة لا يريدون الاصطدام بالحريري، ومِن جهة ثانية يعرفون أنّ خيار انتخاب عون مكلِف شعبياً، منهم من جاهرَ برفض عون كالسنيورة والدكتور أحمد فتفت وآخرين، ومنهم من ينتظر الأيام المقبلة لتحديد موقفه، هذا فيما أطفأ السنيورة محرّكاته، لجمعِ أكبر عدد منهم رفضاً لعون، لكي لا يؤدي ذلك إلى الاصطدام مع الحريري.
لم يبقَ إلّا أيام على جلسة الـ31 التي ستشهد اختباراً يعيد الذاكرة إلى انتخابات العام 1972. تشهد الجلسة تنافساً بين مرشّحَين حليفين لـ«حزب الله»، وقد تركَ الحزب للتنافس أن يأخذ مداه، وهذا ما ظهر في مقابلة فرنجية، الذي أوحى أنّه طليق اليد، إلى درجة ترتيب جلسة تنافسية حقيقية، ولو حصَل ذلك فإنّ الشكوك بمشاركة عون فيها تصبح أكثرَ مصداقية، ذلك على الرغم من أنّ عون تعهّدَ بالنزول إلى الجلسة، وأن يخرج منها رئيساً، وأن لا يقبل بتأجيلها، وهذا ما شجّعه عليه الحريري، في اتّصال هاتفي طلبَ منه فيه الاستمرار ورفض أيّ محاولة للتأجيل، لأنّ الظرف الداخلي والعربي مؤاتٍ لانتخابه رئيساً.