النائب وليد جنبلاط ينتظر الرئيس نبيه بري لحسم موقفه. والسعودية تنتظر بري لتبارك التسوية الرئاسية، على ذمة تيار المستقبل. وفي ظل الصمت الرسمي إقليمياً ودولياً، يمارس بعض «القناصل» ـــ بوقاحة ــــ «هواية» التدخل في الشأن اللبناني، رغم أن بعضهم بات منزوع الحَيل

 

رغم اقتناع جميع القوى السياسية بأن نتيجة الانتخابات الرئاسية يوم الاثنين المقبل محسومة للجنرال ميشال عون، فإن المرشحين البارزين، عون والنائب سليمان فرنجية، مستمران، كلّ عبر فريق عمله، بإجراء الاتصالات بالنواب، لمحاولة استمالة العدد الأكبر من الأصوات.
وفيما يسعى نواب من تكتل التغيير والإصلاح إلى رفع العدد الذي سيحصل عليه عون، ينشغل فريق عمل فرنجية بمحاولة خفض عدد الأوراق البيضاء. وسيزور وفد من النواب العونيين رئيس الحكومة تمام سلام، الممتعض من تغييبه عن النقاشات التي سبقت إعلان الرئيس سعد الحريري تأييده وصول عون إلى قصر بعبدا.

وينتظر الفريقان «المتنافسان» أن يحسم النائب وليد جنبلاط موقفه، وهو الذي لا يزال ينتظر عودة الرئيس نبيه بري لكي يتخذ الموقف المناسب بناءً على التشاور معه. والخياران المتاحان أمام جنبلاط هما: إما أن يمنح العدد الأكبر من أصوات كتلته لعون، أو أن يقسم الأصوات بين حزبيين يصوّتون له، وغير حزبيين يصوّتون للنائب هنري حلو. وفي المقابل، يجري المعترضون على وصول عون إلى بعبدا اتصالاتهم، وقرر بعضهم الاستعانة بوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية (السفير الأميركي السابق إلى لبنان) جيفري فيلتمان، لمحاولة إفشال التسوية. لكن السياسيين «الجديين» يُدركون أن تأثير فيلتمان في السياسة اللبنانية شبه منعدم، رغم اتصالاته الدائمة بسياسيين ورجال أعمال وناشطين وناشطات كثر. ويُروى في الصالونات السياسية أن فيلتمان بادر إلى الاتصال بأحد الزعماء السياسيين، سائلاً عن فرص نجاح التسوية الرئاسية، وختم اتصاله بالقول: «قل لسعد الحريري إن البلد لا يحتمل سوى مجنون واحد». بدورها، أجرت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان اتصالات (لا تقلّ وقاحة عن فيلتمان) بعدد من السياسيين، لتقول لهم إن «المجتمع الدولي» غير راضٍ عن تسوية الحريري ــ عون. لكنها في العلن، نفت وجود أي فيتو على أي مرشح رئاسي، مؤكدة أنها سمعت من الإيرانيين والسعوديين تأييدهم لحل الأزمة الرئاسية. كذلك فعلت السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد، التي أبلغت سياسيين امتعاضها من احتمال انتخاب عون رئيساً للجمهورية.

 

وعندما طالبها سامعوها بإصدار موقف علني، رفضت ذلك. على المنوال ذاته، بدا لافتاً أمس الهجوم الذي شنّه في اليومين الماضيين صحافيون سعوديون على مبادرة الحريري تجاه رئيس تكتل التغيير والإصلاح.
لكن مصادر مقرّبة من رئيس تيار المستقبل، وأخرى رفيعة المستوى في فريق 8 آذار، وثالثة «وسطية»، أكّدت أن تحركات «القناصل» لن تؤثر سلباً في مسار التسوية الرئاسية، مشددة على أن فيلتمان تحديداً لم يعد يقدّم ولا يؤخر، وهو يتعامل مع الملف اللبناني من باب «الهواية الشخصية».
ويبدو أن انتظار عودة الرئيس نبيه بري إلى بيروت لا يقتصر على جنبلاط. فالنظام السعودي يفعل الأمر ذاته، لإرسال وزير الدولة لشؤون الخليج، ثامر السبهان. وتؤكد مصادر تيار المستقبل أن إرجاء زيارة السبهان متصل حصراً بانتظار عودة بري من جنيف، وأن موفد الرياض «سيعلن أمام بري مباركة المملكة العربية السعودية لمبادرة الحريري»، مؤكدة أن «الموفد السعودي سيحمل اقتراحات لتذليل العقبات، والحدّ من الاعتراض الذي يظهره رئيس المجلس ضد الاتفاق بين الحريري والعماد ميشال عون»، خصوصاً في ظل ما يحكى عن أن «المعركة الحقيقية ستبدأ بعد انتخاب عون، وأن هناك من سيمنع الحريري من تأليف حكومة يكون هو رئيسها».
في هذا الوقت، يستمر النقاش حول ما إذا كانت جلسة الاثنين المقبل الدورة الاولى أو الثانية من الانتخابات الرئاسية. وقال أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان: «معلوماتنا أن الدورة الاولى عقدت منذ سنتين ونصف، وبالتالي من المفترض أن ندخل الى الدورة الثانية ونصاب الانعقاد هو الثلثان والانتخاب بالأكثرية المطلقة». في المقابل، تؤكد مصادر بري أن الجلسة الأولى اختُتِمَت، وأن جلسة الاثنين ستُفتتح مجدداً بدورة أولى يكون نصابها الثلثين، والعدد المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية 86 نائباً. وتؤكد المصادر أنه في حال أصرّ العونيون على أن الجلسة ستُفتتح بدورة ثانية (العدد المطلوب لفوز مرشح بالرئاسة هو 65 نائباً فقط)، فإن الرئيس بري «مستعد للدعوة إلى عقد جلسة للمجلس النيابي لشرح الدستور، تسبق جلسة الانتخاب».
وأطلق بري أمس، من جنيف، عبارة «الجهاد الأكبر» لوصف مرحلة ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع مباشرة الخوض غداة الانتخاب في الاستحقاقات الدستورية المتتالية، وأخصها تسمية رئيس مكلف ثم تأليف حكومة جديدة ثم الوصول الى الانتخابات النيابية.