رغم أن اتجاه الجلسة المقبلة أصبح معروفاً لجهة انتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، إلا أن معارضيه لم يفقدوا الأمل بعد. حسبة الأصوات تختلف عن الحسابات السياسية. مهلة الأسبوع كافية لإنضاج خيار مغاير للجنرال، طالما أن الاستسلام والتسليم غير واردين بالنسبة إليهم. خيارات عدة تُدرس والاجتماعات واللقاءات التنسيقية البعيدة من الإعلام لم تتوقف. لدى سؤال النواب المعارضين لعون عن موقفهم، يكتفون بكلمة واحدة "لن نؤيده". لكن ماذا بعد؟ لا جواب، "لن نصرّح عما نفعل". هذه الإجابة كفيلة بتأكيد أن ثمة شيئاً ما يُحضّر، نجاحه مضمون أم غير مضمون هذا بحث آخر، لكن الأكيد أن هذا العمل السري يرقى إلى مستوى "المؤامرة".
مساعي هؤلاء مستمرّة في التنسيق في ما بينهم. كلام الرئيس نبيه بري مؤشّر بالنسبة إليهم حين قال: "ورقة تعطيل النصاب في جيبي لكنني لن أستخدمها". من يقرأ بين السطور يعتبر أن بري يبيّت للجنرال "مكيدة"، إما عبر بروز كتلة أصوات مفاجئة رافضة لانتخابه، أو لجوء أحد الأفرقاء إلى تعطيل نصاب الجلسة. أيضاً لا جواب واضح.
حزب الكتائب طرح فكرة تطيير النصاب، لأن ما جرى غير دستوري، وترشيح قائم على فعل الابتزاز السياسي. وبالتالي، ما يحصل، في اعتقاده، هو تعيين وليس انتخاباً. طرح الكتائبيون فكرة تجميع 43 نائباً يغيبوا عن الجلسة ويفقدونها نصابها القانوني، للردّ على عون بسلاحه الذي استخدمه طوال أكثر من سنتين. حتى الآن، مازالت هذه الفكرة غير متبلورة، ولاسيما أن الرئيس نبيه بري يرفضها باعتباره رئيساً للمجلس، ولن ينتهك الدستور. فيما اقترح أحد النواب المستقبليين على بري حضوره شخصياً وغياب أعضاء كتلته، لكن أيضاً الإقتراح رفض. بالنسبة إلى الكتائب فإن الأمر محسوم، لا لعون، والتصويت سيكون بورقة بيضاء، رغم المعلومات التي تتحدث عن إتصالات يجريها مسؤولو التيار الوطني الحر بالنائب سامي الجميل لإقناعه بالانضمام إلى التوافق المسيحي والوطني، وفيما يراهن مقربون من التغيير والإصلاح على تغيير موقف الكتائب، يعتبر كتائبيون أن موقفهم ثابت.
يوسّع الرئيس فؤاد السنيورة نشاطه واتصالاته لتوسيع مروحة النواب المستقبليين المعترضين على انتخاب عون. يعمل رئيس كتلة المستقبل بهدوء وصمت كاملين، ولا أحد يفصح عما "يُهندس"، لكن الأكيد أنه يسعى إلى رفع أعداد الأوراق البيضاء أو التصويت لمرشّح آخر.
كذلك الرئيس بري يلتزم الصمت باستثناء تأكيده المتكرر أنه لن يصوت لعون وسيمنح صوته لفرنجية. وعلى ضفة النائب وليد جنبلاط الصمت مطبق أيضاً، ولدى سؤاله عن آخر التطورات يجيب فوراً بأن لا جديد، ولا بد من انتظار ما ستؤول إليه الأمور بناء على مواقف آخرين. فيما هناك من يلمّح إلى إمكانية تليين موقف جنبلاط تجاه عون، لكن تغريدة جنبلاط اللافتة: "من هو المرشح الرابع"، حملت العديد من الإشارات، ولاسيما أنه أرفقها بعد ساعات بتغريدة أخرى، عن طريق الخضراء إلى بعبدا مرفقة بصورة لدرب غير نافذ أو غير منجز.
وسط ذلك، ثمة إقتراح لم يتبلور بعد، يتلخص بانسحاب الوزير فرنجية لمصلحة مرشّح رابع يكون مقبولاً من جميع المعارضين لعون. وحتى الآن، مازال الاقتراح صعباً لكنه مطروح بقوة، خصوصاً أن من يطرحه يشير إلى إمكانية حصول المرشّح الذي قد يظهر على نسبة لا بأس بها من الأصوات. ويحسب مقترحو هذا السيناريو أصوات المستقلين، كتلة التنمية والتحرير، كتلة فرنجية، النائب طلال ارسلان، كتلة اللقاء الديمقراطي، المستقبليين المعارضين، الكتائب، الرئيس نجيب ميقاتي، والنائب أحمد كرامي.
وهناك رهان آخر لدى هذه الكتلة الإعتراضية، وهو: في حال عدم فوز عون في الدورة الأولى، وبناء على كيفية توزع الأصوات، وخطر عدم فوزه في الدورة الثانية (65 صوتاً)، ربما يلجأ هو إلى تعطيل النصاب والإنسحاب لفسح المجال أمام مزيد من الإتصالات لضمان الفوز في جلسة أخرى. علماً أن هناك من يعتبر أن هذه الأجواء قد تدفع عون إلى عدم التوجه إلى الجلسة قبل ضمان نجاحه. وربما يكون التأجيل تحت العنوان التقني، رغم تأكيد البعض أن عون يرفض التأجيل ومستعجل إلى أقصى الحدود.