قالت مصادر عراقية مطّلعة لـ”العرب” إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل وساطة وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر بشأن مشاركة القوات التركية في عملية الموصل. لكن الضجة التي أثارها تصريح الأتراك وكارتر عن الموافقة العراقية أجبرت العبادي على التراجع عن موافقته.
وكشفت المصادر عن أن الرد الأميركي جاء سريعا بتغاضي طائرات التحالف عن تحركات داعش في الحويجة والقائم، ما تسبب في سقوط أجزاء من كركوك والرطبة بيد التنظيم.
وأشارت إلى أن بغداد عادت واستنجدت بالأميركان، فتدخلوا جزئيا في الرطبة لإعادة التوازن، ولكن داعش مازال يحتل نحو نصف القضاء هناك.
ولم يقتصر الرد الأميركي على غض النظر عن تحركات أرتال داعش في الأنبار وكركوك، بل تعداه إلى خفض الإسناد الجوي لعمليات الموصل، واقتصاره على تلبية البعض من طلبات جهاز مكافحة الإرهاب في المحور الجنوبي. وأدى خفض الإسناد إلى توقف كلي لوحدات البيشمركة الكردية في محور تلكيف.
وتعج بغداد بالإشاعات حول أسباب اختراقات داعش في كركوك والرطبة وسط اتهامات لدوائر خارجية “الولايات المتحدة وتركيا” بأنها تسهل تحركات داعش للضغط على حكومة العبادي وإظهارها في موقف الضعيف.
وتقول الإشاعات إن التنسيق التركي الأميركي وراء نجاح داعش في تحقيق تلك الاختراقات، وأن حكومة العبادي تسعى لمنع أي دور لتركيا في المعركة حتى تتمكن من طرد التنظيم من مختلف المواقع التي يسيطر عليها، ووقف هجماته الهادفة إلى تخفيف الضغط على مقاتليه في الموصل.
لكن محللين عراقيين قالوا إن تصريحات المسؤولين العراقيين بشأن الدور التركي مبالغ فيها، وأنها تهدف إلى التغطية على محدودية الدور الذي تلعبه الحكومة في معركة الموصل التي أصبحت مفاتيحها بأيدي جهات أخرى مثل أنقرة وواشنطن وقوات البيشمركة.
وعبر الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف عن شكه في أن رئيس الوزراء العراقي لا يعرف شيئا عن الدور التركي في معركة الموصل.
واعتبر في تصريحات لـ”العرب”، “أن حرب العبادي الكلامية مع تركيا تكشف عن تمرسه في فن المخاتلة”.
وقال يوسف “إن العبادي يكذب على الشعب حين يدخله في متاهة لا طائل منها. فالقوات التركية موجودة على الأراضي العراقية بتفويض أميركي، والولايات المتحدة هي التي تقود المعركة. وهي معركة وهمية، ذلك أن داعش، كما كان متوقعا، قد انسحب في اتجاه الأراضي السورية”.
وتتحدث أوساط سياسية عراقية عن أن العبادي يعكف على إيجاد حل لوضع القوات التركية في العراق، على أمل استعادة الدعم الأميركي كاملا.
لكنه يصطدم بممانعة قوية في الأوساط الشيعية، خاصة قيادات الحشد الشعبي الذين يتحركون بأوامر من إيران.
وترفض طهران أن تلعب أنقرة أي دور في الموصل في سياق معركة المواقع الإقليمية بين البلدين.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن مشاركة أي دولة يجب أن تتم بعد الحصول على موافقة الحكومة العراقية، في إشارة إلى تركيا على ضوء الجدل المثار حول وجود قواتها في العراق.
واعتبرت الأوساط ذاتها أن نفي رئيس الوزراء العراقي لوجود قوات تركية في العراق ناجم عن ضغوط سياسية، لكنه يجافي الحقيقة على الأرض.
ووصف العبادي في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء السويد ستيفان لوفن الاثنين، الأنباء عن مشاركة القوات التركية في عملية الموصل بأنها “ادعاء كاذب لا صحة له”.
وذكرت مصادر “العرب” أن داعش حوّل عناصره في المناطق التي استعادتها القوات العراقية إلى وحدات مساندة للتنظيم في نينوى، وأنه كلف ضابطا في الحرس الجمهوري السابق، من جيل الزرقاوي، بفتح جبهات متعددة لتأخير عملية الموصل.
وظهر التنظيم حتى الآن في كركوك وديالى وشرق تكريت وسامراء والرطبة وسنجار. ويتوقع خبراء عسكريون ظهوره في بغداد ومحيطها في أي لحظة.
وأشارت المصادر إلى توتر واضح في أداء الأجهزة الأمنية.
صحيفة العرب