ستة أيام تفصل عن الاثنين 31 تشرين الاول موعد الجلسة الـ46 لانتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية والتي بات في حكم المؤكد انها لن تكون قابلة للتأجيل أقله في ضوء كل المعطيات السياسية الراهنة. واذا كانت المعطيات نفسها تجعل انتخاب العماد ميشال عون أمراً محسوماً في ظل توافر الأكثرية النيابية لانتخابه، فان ذلك لا يحجب الحمى السياسية التي تشهدها الكواليس السياسية والنيابية والحزبية على نحو تصاعدي والتي تطرح عبر اجوائها كل الملفات التي تطل على هذا الاستحقاق وما بعده بدءاً بسيناريوات الجلسة الانتخابية وما يمكن ان تشهده من نتائج التصويت التي ستحدد حجم الموالاة والمعارضة لعون، مرورا بفتح مبكر لسيناريوات ملف تأليف الحكومة الاولى التي تسابق الاستحقاق الانتخابي، بلوغاً الى طرح طبيعة المعادلة الداخلية التي يمكن ان تنشأ عن خلط التحالفات والاوراق الذي سيعقب يوم الانتخاب رأساً. ولا مغالاة في القول إن المهلة القصيرة المتبقية قبل موعد الجلسة تبدو بمثابة استنفار سياسي غير مسبوق سيترتب عليه ليس وضع نهاية لحقبة الفراغ الرئاسي التي طالت نحو سنتين وخمسة اشهر فحسب، بل أيضاً رسم الملامح الكبيرة للتموضعات الطارئة التي ستواكب ولادة العهد الجديد والتي ستحدد هوية لبنان السياسية داخليا وخارجيا في ظله.
ولعل النقطة اللافتة التي شكلت اضاءة متقدمة على آفاق الجلسة الانتخابية وما يمكن ان تشهده من مفاجآت، تمثلت في ما بتثته محطة "او تي في " الناطقة باسم "التيار الوطني الحر" مساء أمس من أن موعد جلسة الانتخاب في 31 تشرين الأول الجاري هو موعد ثابت، لا تغيير له ولا تبديل كما أن هذه الجلسة هي دورة اقتراع ثانية بعد الدورة الأولى التي أجريت في 23 نيسان 2014، "كما أعلن رئيس المجلس نبيه بري بوضوح صارخ". ومعلوم ان ثمة معطيات أخرى مغايرة تفيد أن كل جلسة انتخابية تستلزم نصاب الثلثين كما تستلزم عقد دورتين في حال عدم نيل أي مرشح اكثرية الثلثين في الدورة الاولى.

 

فرنجية
ورسم الحديث الذي أدلى به مساء النائب سليمان فرنجية الى برنامج "كلام الناس" اطارا شديد الحدة لمعركة التنافس التي أكد مضيه فيها في مواجهة العماد عون. واعلن فرنجية انه لن ينسحب من السباق الرئاسي وسينزل الى مجلس النواب واضعا احتمالي الخسارة والربح "وسنتقبل النتيجة أياً كانت". ومع انه أكد ان "لا مشكلة لديه في وصول العماد عون واذا وصل نهنئه لانه صبر ونال"، فقد أضاف: "ان شاء الله ( في حال فوزه ) لا يأخذنا الى مرحلة غامضة " متسائلا هل "العماد عون و(رئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير) جعجع مرتبطان بمرحلة استقرار وأمان وازدهار ام بمرحلة فوضى وحروب ؟" ولفت الى "ان من قال إنه سيغير الطائف ويبدله ليس انا".
وكشف ما حصل بينه وبين الرئيس سعد الحريري قبل سنة، موضحا انه ذهب بعد ذلك الى عون وقال له: "طالما انت مرشح انا معك ولكن اذا لم تعد مرشحا هل تكون معي، فأجابني لا ". ورأى أن عون "ميثاقي وهو الاقوى عند المسيحيين لكنه ليس الميثاقي الوحيد وغيره ليس نكرة".
وأفاد فرنجية ان "هناك ما بين 64 و65 نائباً معه ومثلهم مع عون وهناك 10 اصوات موزعين هنا وهناك اما التصويت الابيض فهو الذي قد يجعل حظوظي أقل أو يطير الاثنين ". وقال أيضاً: "انا في قلب السيد حسن نصرالله والكل راهنوا على ان حزب الله لا يريد الانتخابات لكنهم اكلوا الضرب وحلفاء الرئيس سعد الحريري خذلوه ودعموا عون لاسقاط ترشيحناً". وشدد على ان الحريري "كان صادقا معي واحترم قراره " وتوقع ان " يتعذب الحريري كثيراً مع عون".
في غضون ذلك، مضى العماد عون في حركته الدائرية فالتقى ليل الثلثاء الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله، ثم التقى مساء أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي أبدى ارتياحه "الى حصول ما كان يطالب به باستمرار وهو اعلان الكتل السياسية والنيابية موقفها في شأن الترشيح الامر الذي بات يضمن انعقاد الجلسة المقررة وانتخاب رئيس للبلاد طالما انتظره الشعب بفارغ الصبر ".

 

بري والحزب
وعلمت "النهار" ان قناة الحوار بين "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري مفتوحة على موضوع الحكومة الجديدة التي ستولد بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي.ويفيد المتابعون لهذا الحوار ان الحزب يحرص على ان تكون مشاركة الرئيس بري في الحكومة المقبلة وازنة.
واليوم، تعقد كتلة "المستقبل" إجتماعها الاسبوعي في "بيت الوسط" برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وسط أجواء تشير الى تقلص حجم الاعتراض في داخلها على خطوة الرئيس الحريري دعم ترشيح العماد عون. ومن المتوقع ان تؤكد الكتلة أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتأثيره على إنتظام عمل المؤسسات وعودة النشاط الى مختلف القطاعات في البلاد.
كذلك ترأس النائب وليد جنبلاط في كلميمنصو اليوم إجتماع قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي، علما أنه سيستقبل قريباً العماد عون ويرأس إجتماع "اللقاء الديموقراطي" غدا الاربعاء او بعد غد الخميس على أبعد تقدير.

قزي... وسعيد
وفي المواقف من الاستحقاق أوضح وزير العمل سجعان قزي انه "لم يعلن مرة انه ضد العماد عون ولنعط تالياً هذا الخيار الفرصة بغض النظر عن تأييدنا أو معارضتنا له". لكنه قال في حديث الى برنامج "وجها لوجه " من "تلفزيون لبنان" إن هذا الخيار "هو اعتراف بهزيمة الفريق الذي ينتمي اليه الرئيس الحريري وانتصار الفريق الآخر ويفتح لبنان امام الخيار الايراني الروسي". وحذّر من ان ذلك يفتح لبنان على "تغيير من دون ضوابط لسيطرة ممثلي المحور الآخر على مقومات الدولة ولذا يجب على القوى السيادية ان تدعم عون الذي عنده ثوابت وطنية وشعور مسيحي وممثل أكبر كتلة مسيحية لنمنع ذهاب لبنان الى المجهول ".
كما صرّح منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد لـ"النهار" بأن "ما حصل هو انتصار موصوف لـ"حزب الله" وإيران في لبنان، وعدم الاعتراف بالخسارة لا يساعد في الخروج منها، فهناك وصاية إيرانية تحلّ على لبنان بعد الوصاية السورية، وضمان لبنان لم يعد في الدستور والقانون بل في "مرشد الجمهورية" السيد حسن نصرالله بناء على مقايضة يوزع من خلالها المواقع، حتى رئاسة الجمهورية، لقاء الاستسلام لمصالح "حزب الله" وحمايتها".
واعتبر أن "قوى 14 آذار سقطت كلها لأنها لم تسلم بترشيح النائب عون للرئاسة، وبقي حزب "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل" اللذان التحقا بقواعد لعبة الوصاية الجديدة، أي المقايضة بين الكرسي والنفوذ، وهناك غيرهما سقط على الطريق". ولاحظ أنها "المرة الأولى في تاريخ لبنان المعاصر يؤمن المسيحيون الغطاء الكامل لوصاية وسلاح غير لبنانيين على البلاد، بعدما قاوموا الوصاية الفلسطينية والاحتلال السوري".