تحدّثت صحيفة "لو موند" الفرنسيّة عن الإستحقاق الرئاسي الذي يبدو قريبًا في لبنان، وذلك في مقالٍ نشرته ورأت فيه أنّ إتفاقًا مغايرًا للطبيعة جرى من أجل الرئاسة.
وجاء في المقال: "تنتهي المثابرة والعناد في بعض الأحيان بتحقيق الهدف. عن عمر 81 عامًا، سيتمكّن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون من تحقيق حلمه القديم بأن يصبح رئيسًا للبنان. الخميس تلقّى قائد الجيش خلال الحرب الأهلية (1975 – 1990) دعم الرئيس سعد الحريري ليحقّق طموحه. ومع إصرار الجنرال الذي يتحالف تكتّله مع حزب الله والذي يشكّل أبرز قوّة مسيحية في البرلمان، فمن الممكن أن يحظى بالأصوات في الجلسة المرتقبة في 31 تشرين الأوّل الجاري".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ هذا التقارب بين الرجلين القادمَين من مخيّمين منافسين يمكن أن يضع حدًا للشغور في رأس السلطة في لبنان الحاصل منذ أكثر من عامين. فأكثر من 30 جلسة إنتخابية أُجّلت، وذلك بعد الفشل في الوصول إلى الرئيس "المستحيل"، ورأت الصحيفة أنّ "الأزمة الرئاسية هي مرآة للإنقسامات الحاصلة في البلد نتيجة الصراع السوري وقد أدّت إلى شلل وشرذمة في المؤسسات".
وأضافت الصحيفة أنّه من أجل شرح خطوتهما، ذكّر الحريري وعون بالمبادئ الجوهريّة: الحفاظ على إستقرار البلد وحمايته من الحروب التي تجتاحُ المنطقة. لكنّ إتفاقهما يسنتد أيضًا إلى طموحاتهما الشخصيّة. فقد وقّعا إتفاقًا من أجل الولوج إلى السلطة".
تنازل كبير
وتابعت: "بالرغم من تقدّمه في السن، فالجنرال لم يتزعزع أبدًا، حتّى أنّه قاطع الجلسات ريثما يتمّ التوصّل إلى إتفاق حول إسمه. وبالرغم من تآكل شعبيّته إلا أنّ الحريري بدوره يريد أن يصبح رئيسًا للوزراء". وقالت: "لا ودّ بين مؤيّدي هذين الرجلين في بلد التقلبات السياسية. واللافت أكثر هو الموقف القوّي لدى حزب الله فهو المسيطر على لعبة الرئاسة".
وأوضحت أنّه "منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان عام 2014، "حزب الله" الذي تدعمه إيران، والمتحالف مع عون منذ العام 2006، لم يتوقف عن إعلان الوفاء لعون عبر الخطابات التي يلقيها أمينه العام السيد حسن نصرالله".
أمّا بالنسبة لسعد الحريري، فهو يتكبّد صعوبات ماليّة، وضعف على الساحة الداخلية ويمرّ بعلاقة "حادّة" مع عرابته السعودية، بحسب "لو موند" التي أوضحت أنّه لهذه الأسباب، أعطى شيكًا مفتوحًا (تفويضًا كاملاً) للمرشّح الذي وضعه خصمه "حزب الله"، وبرأي الصحيفة الفرنسية فهذا "تنازل كبير".
التأييد والكراهية معًا
تابعت "لوموند" بالقول: "إنّ القرار الذي اتخذه الحريري الإبن أثار ضجّة داخل تيار المستقبل، حيثُ لم ينسَ بعض أعضائه أنّ وزراء حزب الله أسقطوا الحكومة التي كان يرأسها الحريري عام 2011".
وأشارت إلى أنّ "أمام عون بضع خطوات قبل الحصول على مفاتيح قصر بعبدا، فعملية انتخاب رئيس لبنان تُلعب في الكواليس قبل التصويت النهائي في مجلس النواب، كما أنّ عون يواجه معارضة من أبرز السياسيين وهو الرئيس بري الحليف لحزب الله".
لكن إذا حقق عون حلمه، فوصوله إلى سدّة الرئاسة يمكن أن يعيد دورة الحياة إلى المؤسسات والإنتخابات النيابية التي ستجري عام 2017. وترى الصحيفة أنّ "مجيء عون لن ينهي الإنقسامات السياسية في لبنان. فهو بقدر ما لديه من مؤيّدين فهناك من يكرهونه".
وختمت الصحيفة بالقول: "بالنسبة لبعض اللبنانيين الذين اعتادوا على رؤية نفس الوجوه على الساحة اللبنانية منذ سنوات، فتحالف عون – الحريري ليس سوى صورة للنظام السياسي المعتاد".
(Lemonde - لبنان 24)