لفت نظري _ وأنا أتصفح أفلام الفيديو التي انتشرت في ايام عاشوراء _ مشاهد شعائر الجزع على الامام الحسين من تطبير الرؤوس، والضرب بالسلاسل والسيوف والخناجر، والمشي على الجمر و الشوك وعلى الزجاج، والمشي على ظهور شباب ينامون على الطرقات، والتطيين والرقص والتشبه بالكلاب.
ولا أريد أن أتحدث بإسهاب عن عدم مشروعية هذه المظاهر، وكيفية تسللها إلى الشعائر الحسينية من الهند، وعدم وجود نص عليها من أهل البيت عليهم السلام، و أنه لم يمارسها أحد من أئمة أهل البيت ولا اولادهم، وأن تعبيرهم في الحزن اقتصر على البكاء والرثاء، و أن الإمام الحسين لم يظهر الجزع على ما نزل به حتى نقيم شعائر الجزع . بل أظهر قدرة فائقة في التحمل و الصبر، فالإمام هو قدوتنا في الصبر وليس في الجزع، وللحديث عن هذه الشعائر الجزعية الدموية وقت آخر. بل ما أريد أن أتحدث عنه هو مقطع فيديو عرضته صفحة تهذيب الشعائر الحسينية على الفيسبوك ، ويتضمن عرض مسيرة كبيرة من الشباب يطبرون، وهم يصرخون بلعن عميد المنبر الحسيني العالم الجليل الشيخ احمد الوائلي رحمه الله، ولم أكن أتصور أن يحصل ذلك في كربلاء .
فالعلامة الوائلي رحمه الله قضى حياته وهو يحاضر عن ثورة عاشوراء وينشر الوعي حول أهدافها القرآنية، وكان رحمه الله مثلا أعلى في الخطابة الحسينية الرائدة والناجحة، وقد علم رحمه الله أجيالا من قراء المجالس الحسينية، وأسس لمدرسة الخطاب الحسيني في المجالس القائمة على أسس علمية وتربوية بعيدا عن الخرافات ونشر الغلو والأساطير، فهل جزاؤه بعد كل ذلك هو اللعن وفي مرأى ومسمع من الدولة العراقية وغيرها، كنت أتوقع أنه من شعائر عاشوراء تكريم العلماء، وخاصة الذين عملوا على إيصال صرخة عاشوراء الى الأجيال، وتخليد ذكراهم ورفع صورهم، وخاصة سماحة الدكتور الشيخ أحمد الوائلي طاب ثراه، الذي تشرفت بلقائه حينما دعته جمعية البر والاحسان الى الجنوب اللبناني لإلقاء محاضرة في مدينة صور في ذكرى ولادة الإمام علي عليه السلام، وكانت محاضرة في غاية الروعة والأهمية، كما هي كل محاضراته التي تزرع العشق لأهل البيت في قلوب المسلمين .
والسؤال الذي يطرح هنا هو لماذا قام هؤلاء الشباب بلعن المقدس الشيخ الوائلي، ولا شك أن هناك من دفعهم لقول ذلك ولو عرفوا الشيخ الوائلي على حقيقته لاستغفروا الله وقاموا بتكريمه ورفع صوره تقديرا لعطائه وتضحياته في خدمة المنبر الحسيني الرسالي والهادف، ولا يخفى على البصير أن الذي يقف وراء تضليل الشباب الشيعي في العراق وغيره هو المنهج البرائي الذي يدعو الى تكفير علماء الشيعة الذين يدعون الى الوحدة بين المسلمين، والتهجم عليهم وسبهم وشتمهم ولعنهم و اتهامهم بالبتريين ظنا منهم أنهم انتقصوا من إمامة أهل البيت، وأن التولي لأهل البيت لا يقوم إلا بالجهر بالعداء والتكفير والسب والشتم للخلفاء والصحابة، ويسعى هذا المنهج - البرائي - الى الترويج بأن السنة والشيعة ليسا مذهبين لدين واحد وهو الاسلام، بل هما دينان ، وهذا ما يؤكد أن المنهج البرائي هو منهج تكفيري وهو لا يقل خطورة عن منهج داعش التكفيري.
وهذا المنهج هو وليد المنهج الاخباري الذي يدعي صحة كل المرويات عن أهل البيت بما فيها المرويات الضعيفة والمغالية، وهذا المنهج يعتمد على الترويج لأضاليله عبر قراء المجالس الحسينية المعتمدين لديه، ويحاول أن يستقطب أي قارئ للمجالس الحسينية يملك قدرة على التأثير، ولديه فنون وطرق في إغراء القراء كما يحصل ، وخاصة من خلال الترويج لهم اعلاميا وعبر قنواته الفضائية وعرض مجالسهم، حيث يملك هذا المنهج مجموعة واسعة من القنوات الفضائية وبدعم دولي، كما تحاول هذه القناوات أن تستقطب أكبر نسبة من شيعة العالم ، وتقوم بتلقينهم مناهج الفكر البرائي من خلال برامجها، وللمنهج البرائي نشاط واسع وغير معلن، وله امتداده في ايران والعراق وسوريا ولبنان وافغانستان وباكستان واوروبا وأميركا، وهذا المنهج يلقى دعما وخاصة من قبل بريطانيا، والمنهج البرائي لا يقل خطرا على المسلمين من المناهج التكفيرية لدى السلفية السنية المتشددة ودعواتهما تلتقي مع المشاريع الصهيونية لتمزيق المسلمين والعالم العربي.
الشيخ حسين إسماعيل