يترقب الجميع ما سيقوله المرشح لرئاسة الجمهورية سليمان #فرنجية في الحلقة الاستثنائية مع الزميل مرسيل غانم غدا، علما ان اقرب المقربين منه لم يطلعوا على قراره المفاجىء بالظهور التلفزيوني، ما يعني ان لديه حتما كلاما كبيرا يقوله او موقفا ما يعلنه. وعلى رغم تأكيده الاستمرار في الترشح الا ان بعض المراقبين بدأوا يطرحون السؤال: هل يعلن انسحابه من المعركة لمصلحة خصمه العماد #عون الذي تظهر "البوانتاجات" انه يحظى بالأكثرية؟!
بعيدا من الشهامة وعزة النفس اللتين يتميز بهما فرنجية، وبواقعية سياسية وبراغماتية، يلخص المحللون فوائد الانسحاب بالنقاط الآتية:
1- لطالما كان فرنجية يردد ان وصوله الى الحكم يعني ان فريقه السياسي ربح. فاذا كان المهم اولا ان يربح هذه الفريق فوصول عون يحقق هذا الهدف ايضا.
2- بانسحابه اليوم يسلف فرنجية حلفاءه، ولا سيما منهم "حزب الله"، مبادرة ايجابية تضمن وصوله او، على الأقل تعزز حظوظه للاستحقاق المقبل، خصوصا ان حظوظ سمير جعجع شبه معدومة لدى الحزب والرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط على حد سواء.
3- لا يخسر فرصة الدخول الى جنة الحكم في هذا العهد، والاستمرار في لعب دور في ساحة القرار السياسي والتنفيذي في مجلس الوزراء، خصوصا ان وزراءه على مر الحكومات اثبتوا كفاءة وجدارة.
4- يرضي حليفه "حزب الله"، وهو الذي يعرف ان مقولة " جميل العماد عون سيكون معي الى يوم القيامة" التي اعلنها السيد حسن نصرالله عقب حرب تموز 2006، هي الدافع الاساس في دعمه عون، وهذا ما عناه فرنجية منذ يومين بتغريدته عن " كثرة الأخلاق"، رغم أن مواصفات فرنجية وتموضعه السياسي الثابت، لا سيما لناحية الموقف من النظام السوري والمقاومة، تجعله المرشح الأول للحزب، لولا ذلك الدين المعنوي.
5- العمر والوضع الصحي للعماد عون، يتيحان الفرصة لفرنجية مستقبلا، رغم ان الأعمار وكل شيء بيد الله.
من ناحية ثانية يسأل المقربون: لماذا ينسحب فرنجية لعون؟ فقد اعطاه الفرصة لمدة عام ونصف العام ولم ينجح الجنرال في اقناع اي طرف، ما عدا "حزب الله"، في السير معه. بعدها، ومن باب عدم اضاعة الفرصة على فريق 8 آذار، وبعد اطلاق #الحريري مبادرته التي كان نسقها خارجيا بترشيح فرنجية اجرى الأخير اتصالاته، بعلم الحزب، مع مختلف الفرقاء المعنيين محليا ودوليا، ونال تأييد بري وجنبلاط وكتل نيابية أخرى، ولم تكن السعودية ممانعة، واتصل به الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في ما اعتبر تأييدا دوليا له، وهو ما لم يبدو انه توفر بعد لمصلحة العماد عون، وطبعا لم يكن الحزب والرئيس السوري بشار الأسد وايران ليمانعوا، وجمع أكثرية المجلس النيابي. فما الذي تغير الآن؟
من هنا اعلان فرنجية استمراره في الترشح وترك الكلمة الفصل لصندوق الاقتراع في 31 تشرين الأول الجاري، مع ما يضفيه هذا الترشح من طابع ديموقراطي على المعركة الانتخابية يذكر بموقف مماثل للعميد ريمون اده في ترشحه ضد الرئيس فؤاد شهاب الذي جاء ترشيحه نتيجة توافق اقليمي- دولي في حينه "حرصا على الديموقراطية" كما اعلن اده في حينه.
بعد عامين ونصف العام من الشغور الرئاسي لم يعد المهم فقط متى يملأ الفراغ، بل من يملأه. وما يدور اليوم ويجري من احداث على الساحة الرئاسية، اقل ما يقال فيه انه خارج على المنطق السياسي للأمور، والكلام عن رئيس "صنع في لبنان" لا يدخل في عقل احد. معروف ان لبنان يرتبط ارتباطا وثيقا بما يجري على محوري ايران والسعودية، ولا شيء يشي بتغير في مواقفهما، وفشلت كل الوساطات لمحاولة فتح ثغرة في جدار الاستحقاق الرئاسي. لكن العارفين بمسار الأمور يؤكدون انه لو لم يحصل الرئيس سعد الحريري على عدم ممانعة سعودية، وعلى مسؤوليته، لما اقدم على تبني ترشيح العماد ميشال عون، وعلى محاولة اقناع كل الأطراف بالسير بهذا الخيار، واقتناص الفرصة السانحة لانتخاب رئيس للجمهورية، اضافة الى وضعه السياسي والمالي والشخصي المتأزم الذي يشكل عنصرا اضافيا لتزخيم حركته في هذا الاتجاه، ولا بد ان حدا ادنى من التنسيق تم مع "حزب الله".
فهل تلقف فرنجية هذه الاشارات، وسيمضي بلعب ورقته الرئاسية حتى النهاية لترسيخ ثقله السياسي ومضيعا على عون لذة الوصول الى قصر بعبدا بشبه اجماع ناله رؤساء الطائف الثلاثة قبله؟ مع الاشارة الى استغراب المراقبين بقبول عون النزول الى جلسة الانتخاب الاثنين المقبل، متخليا عن شرطي الاجماع وضمان انتخابه مسبقا، فهل يتوجس شيئا ما؟
مي عبود أبي عقل