تستعد تونس لانتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء يوم الأحد 23 اكتوبر/تشرين الأول وفق ما أعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات التي تشرف على تنظيم الاقتراع.
وقالت اللجنة إن 14 ألف شخص ينتمون لمختلف مكونات المنظومة القضائية التونسية مدعوون لانتخاب ممثليهم في هياكل المجلس الأعلى للقضاء.
هيئة جديدة
ويعد المجلس الأعلى للقضاء أعلى هيئة قضائية يتم استحداثها بموجب الدستور التونسي الجديد إلى جانب المحكمة الدستورية. وسيُعهد إلى المجلس الأعلى للقضاء بالحفاظ على استقلالية القضاء وحسن سيره في إطار دستور البلاد والاتفاقيات الدولية، كما أن المجلس يتدخل في تشكيل المحكمة الدستورية التي تعنى بضمان علوية الدستور وبالحفاظ على النظام الجمهوري الديمقراطي والحقوق والحريات الأساسية. وهكذا يختار المجلس الأعلى للقضاء أربعة أعضاء من تركيبة المحكمة الدستورية وهو ما يمثل نسبة الثلث.
وينص القانون الأساسي المنظم لعمل المجلس الأعلى للقضاء على أن المجلس يتمتع باستقلالية مالية وإدارية ويتم تسييره ذاتيا؛ كما أن القانون يمنحه السلطة الترتيبية في مجال اختصاصه.
ويتكون المجلس الأعلى للقضاء من أربعة هياكل هي مجلس القضاء العدلي ومجلس القضاء الإداري ومجلس القضاء المالي والجلسة العامة التي تجمع الهياكل الثلاثة.
ويضم المجلس 45 عضوا موزعين بين القضاة والمحامين والباحثين وخبراء القانون والشخصيات المستقلة.
وسيكون التصويت من أجل اختيار أعضاء المجلس الأعلى للقضاء محصورا على المنتمين للمنظومة القضائية كالقضاة والمحامين والعدول المنفذين.
وتقول اللجنة العليا المستقلة للانتخابات إنها فتحت 106 مكاتب في 13 مركزا انتخابيا في مختلف ولايات تونس. وتتميز هذه الانتخابات بعدم وجود حملات انتخابية أو فترة صمت انتخابي كما يقول رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات شفيق صرصار.
وبلغ عدد المترشحين للحصول على عضوية المجلس 179 شخصا يمثلون مختلف مكونات المنظومة القضائية، بينما وصل عدد المراقبين للعملية الانتخابية 1570 مراقبا.
تجاذبات حادة
وصاحب الإعلان عن تأسيس المجلس الأعلى للقضاء تجاذبات حادة بين القضاة والنواب. وأدت هذه التجاذبات إلى تأخير الآجال المحددة للإعلان عن المجلس أكثر من سنة؛ حيث ينص الدستور التونسي على تأسيس المجلس الأعلى للقضاء بعد ستة أشهر من الانتخابات التشريع.
وتبادل أعضاء المنظومة القضائية وأعضاء مجلس النواب الاتهامات بشأن الهيئة الجديدة. ويتركز الخلاف حول تكريس مبدأ استقلالية القضاء حيث يتهم النواب القضاء بمحاولة وضع قانون على مقاسهم يسمح لهم بالتغول على باقي مؤسسات الدولة والعمل بعيدا عن الرقابة. في حين يعتقد القضاة أن الصيغة التي توصلت إليها لجنة التشريع في البرلمان تهدد المسار الديمقراطي ومستقبل القضاء لأنها تسمح للسلطة التنفيذية بالانقضاض على السلطة القضائية.
واستغرق الأمر وقتا طويلا تخللته إضرابات للقضاة بهدف الضغط على الجهات التشريعية للمصادقة على التعديلات المقترحة من قبل المنظومة القضائية. وقد تطلب الأمر تدخلا من الرئيس للتوقيع على القانون في 8 إبريل الماضي وحسم الجدل القائم بين القضاء ومجلس النواب.
وأعربت جهات سياسية عن أملها في أن يسهم المجلس في محاربة الفساد وضرب المفسدين، كما صرح بذلك رئيس حزب المبادرة الوطنية الدستورية كمال مرجان.
ويخشى القضاة من أن انتخاب المجلس لن يكون الضامن الوحيد لاستقلالية القضاء؛ إذ صرحت رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي أن جهود الدولة لضمان استقلالية القضاء لا ينبغي أن تتوقف عند انتخاب مجلس أعلى للقضاء، بل يجب أن يتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات بينها تفعيل محاور القانون الأساسي للقضاة.
ويشكل انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وتشكيل المحكمة الدستورية آخر الخطوات في استكمال مسار إنشاء الهيئات الدستورية التي أقرها دستور تونس ما بعد الثورة.