إعلان الرئيس سعد الحريري دعم ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية أحدث تحولا في المشهد السياسي الداخلي غير مسبوق منذ بدء أزمة الشغور الرئاسي في ربيع عام 2014. وبدا الرئيس الحريري ليلة هذا الاعلان في مقر إقامته ببيت الوسط مدركا حجم نتائج خطوته هذه لدى الاقربين أعضاء كتلة المستقبل. لكنه بدا غير عالم بما تركته خطوته لدى الابعدين فريق 8 آذار بقيادة "حزب الله". وحتى الان لم تكتمل صورة النتائج داخل هذا الفريق الذي ظهر في وسطه الاحتجاج الواضح من الرئيس نبيه بري فيما لاذ الحزب بصمت يعبّر عن حراجة الموقف. فهل يخرج الحزب غدا عن صمته في الخطاب الذي سيوجهه أمينه العام السيد حسن نصرالله؟
المحاولات الجارية التي تلت إعلان الحريري دعم ترشيح عون لتصوير الامر وكأنه محصور بما سيتلقاه زعيم تيار المستقبل من إنعكاسات في بيئته داخليا وعربيا لم تفلح في إخفاء الاهتزاز في بيئة الفريق الذي يتحالف معه عون والذي يمتد من حزب الله في بيروت وصولا الى طهران مرورا بدمشق. وفي متابعة لتغطية بعض وسائل الاعلام الايرانية لتطورات الاستحقاق الرئاسي يتبيّن ان هناك تركيزا على جانب مكاسب الحزب كما فعلت وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء التي قالت في تقرير لها من بيروت عشية المؤتمر الصحافي للحريري: "حزب الله ربح رهانه... سعد الحريري يدعم ترشيح العماد عون للرئاسة اللبنانية". وبدا لافتا ان الوكالة ومعها صحيفة كيهان الايرانية أيضا اوردت الفقرة الاتية: "حزب الله حقق ما أراد، وكسر قرار آل سعود بمنع وصول حليفه القوي الى القصر الرئاسي. لكن ما يعني حزب الله الان، هو العمل على لمّ شمل العائلة اللبنانية، ومنع التشققات والتصدعات السياسية فيها، وضمان تشكيل حكومة ترضي الافرقاء وتكون قادرة على مواجهة المرحلة المقبلة بكل تداعياتها".
وفي قراءة لما اوردته وكالة "تسنيم" الايرانية قبل أيام يحمل معطيات مهمة. فهي قالت: "... على المقلب الاخر من تفاؤل العونيين بتتويج العماد عون رئيسا للبنان في أقرب وقت، هناك من يستبعد حصول هذه اللحظة مطلقا ويعتبرها سابع المستحيلات السياسية في لبنان... إن العالمين بخفايا الامور يقولون ان الفرص موزعة حاليا بالتساوي على مرشحين من خارج الاسمين المطروحين حاليا ويمثلان فريق 8 آذار". وذكّرت الوكالة بانها أشارت سابقا "الى أحد المحظوظين بعدما إستقت معلوماتها من مصادر أمنية وسياسية".
أحد أعضاء كتلة المستقبل قال بعد اعلان الحريري: "ان طهران التي تعتبر لبنان ورقة مهمة للتفاوض بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية هل ستسمح بالتخلي عنها حتى ولو كان عون رئيسا؟"
في الصورة التي جمعت عون والحريري في بيت الوسط ظهرت رقعة شطرنج. حتى الان نجح الحريري في تحريك بيدق الاستحقاق الرئاسي. فهل الكلام الايراني يوحي بان نصرالله قد يلجأ الى قلب الرقعة كي يتفادى نتيجة "كشّ ملك"؟