بعيدا عن الانفعالات الأوّليّة، ومشاعر الامتعاض من خطوة سعد الحريري بدعم مرشّح حزب الله، وما يمكن ان تشكّل هذه الخطوة من ما يشبه الانتصار السياسي لمحور إيران على حساب لبنان وشعبه وانتصار لقوّة السلاح على حساب مصلحة الشعب اللبناني الذي يعاني ما يعاني.
فلنحاول أن نرى المشهد من زاوية مختلفة، مع التأكيد قبلا، بأنني لا أوافق على النظرية التي تقول بأنّ حزب الله سيعمل على عدم وصول مرشّحه إلى الرئاسة، وبأن التعطيل هو الهدف الأوّل في أجندة الحزب مع التذكير ها هنا، بأنّ مصداقية الأمين العام ووعده الصادق شكّل ويشكّل الهم الأول والأخير برسم خارطة الطريق التي يسلكها الحزب حتى ولو أدّى ( الوعد ) إلى حرب إسرائيلية مدمّرة، أو الدخول للقتال إلى جانب نظام مستبدّ، فالنتائج ليست هي المهمّ كيفما كانت؛ المهم هو صدق الوعد، وعليه فلا معنى البتّة لما يسمّى نظرية " زرك " الحزب كرِهان على عدم وصول جنرال الرابية إلى الرئاسة، إلا في حالة واحدة هي أن يتمّ هذا الأمر بدون خدش أو أضرار يمكن أن تلحق بصورة السيد حسن نصرالله الشخصية، كأن يتولى الرئيس بري ومعه الزعيم التقدمي وخلفهما مرشحهما فرنجية هذا الأمر، فلهذا المقام حينئذٍ كلام آخر.
أما وقد فعلها الحريري، وصار مرشّح حزب الله قاب قوسين أو أدنى من الدخول إلى قصر بعبدا، وبات صهره على مسافة خطوات من الوقوف على شرفة ذلك القصر ليطلّ من ذلك الفوق على كل الدنيا وليس فقط على بيت الوسط بل وعلى عين التينة وكليمنصو وحتى على حارة حريك ايضا!
وفي هذا السياق، أجد أنّ من الضرورة هنا استحضار تجربة المعارضة الإيرانية عند انتخاب الرئيس أحمدي نجاد (شبيه ميشال عون ) وعن ردة فعلهم الغير متوقعة والغير مفهومة حينها، بعد أن راحوا يوزّعون الحلوى في شوارع لندن وباريس وكل دول المنفى، وعند سؤالهم عن سبب ذلك كان الجواب العميق: لا أحد يمكن أن يفضح النظام ويخسّره أكثر من أداء هذا الرجل .. وفعلا هذا ما قد حصل في مرحلة تولّي أحمد نجاد للرئاسة وكلنا يذكر تحدّيه حتى للمرشد ببعض التعيينات الحكومية، وما آلت إليه الأمور بعد ذلك، وبناءً عليه، وبعيدا كما قلت عن مشاعر الامتعاض، أدعوا حين وصول الجنرال وصهره إلى قصر بعبدا وشرفته كل المعارضين إلى توزيع الحلوى .