"لم أعد أشعر بالارتياح تجاه العلاقة الحميمية لأني أشعر أن جسمي لم يعد جذاباً"، هكذا تقول جاين البالغة من العمر 48 عاماً.
وتكمل قائلةً: "لا أشعر بأنني امرأة، الثدي جزء مهم جداً من جسم المرأة وكان لهذا أثر كبير عليَ، وعلى جزء كبير من علاقتنا الزوجية".
في العام 2014، تم تشخيص جاين بسرطان الثدي لتصبح ضمن 60 ألف أخريات يتم تشخيصهن بسرطان الثدي سنوياً في بريطانيا. وعلى الرغم من استجابتها الجيدة للغاية للعلاج على المستوى البدني، يستمر المرض في التأثير على ثقتها وعلى علاقتها مع زوجها تيم.
لسوء الحظ، فإن تجربة هذا الثنائي بعيدة كل البعد عن التجارب الفريدة إذ يتأثر العديد من الأزواج بالتغيرات غير المتوقعة في علاقتهم بسبب سرطان الثدي.
تم تشخيص جاين بسرطان الثدي عندما كانت في الـ 45 من عمرها، ما أدى إلى خضوعها لست عمليات جراحية.
في البداية، قامت بسلسلة من استئصال الأورام حيث قام الأطباء بإزالة الأورام من منطقة الصدر، لكن بعد 8 أشهر من العلاج اضطرت للخضوع لعملية استئصال الثدي، وهي الآن بصدد عملية ترميمية.
تقول جاين: "كنت أعتقد أني إذا أجريت عمليات ترميمية لمنطقة الصدر فهذا يعني إعادة خلق ما كان لديك من قبل، لكن بالطبع الأمر ليس كذلك، فجسمي لم يعد الجسم الذي كنت أمتلكه من قبل، بعد أن قمت بعملية استئصال الثدي في العام 2015 لم يرَ تيم جسدي، لم أعد أشعر أني امرأة بعد الآن، لم أشعر كأنني أنا، وهذا الشعور كان صعباً للغاية".
تقول جاين إن "الجانب الحميمي من علاقتها مع تيم اختفى"، وهو أمر شائع بين الأزواج الذين تأثروا بسرطان الثدي.
تظهر إحصائيات منظمة رعاية سرطان الثدي أن 9 من كل 10 نساء ممن لديهن سرطان الثدي يقولون إن الأمر أثر على ثقتهن بأنفسهن وثقتهن في أجسادهن بعد العلاج.
علاوة على أن تقريباً ثلثي النساء (68%) يقولون إن سرطان الثدي أثر على علاقاتهن الجنسية والحميمية.
تقول جاين: "أنا قلقة أن يظن تيم أنني لست جذابة، أن يعتقد أني لست الشخص الذي كنته قبل استئصال الثدي. أنا قلقة من طريقة نظره إليَ، أن تعرف تلك النظرة في عينيّ شريكك وتفكر هل ما يزال يراني جذابة؟ لأني أنظر إلى نفسي وكل ما أراه هو ندبات ومنطقة لم تعد تشبه الثدي على الإطلاق".
بينما تصارع جاين للتصالح مع جسدها الجديد بعد العلاج، فإن واحدة من أصعب الأمور بالنسبة لتيم هو محاولاته الدائمة لجعلها تشعر بتحسن وخاصةً بعد عملية استئصال الثدي.
يقول تيم، "كان واضحاً أن الأمر كان بمثابة هجمة كبيرة على أنوثتها مع هذا النوع من العلاج. من وجهة نظري، كان من الصعب عدم معرفة ما يمكن أن يقال وما لا يمكن أن يقال، ما يمكن أن يُحسن من الموقف أو يزده سوءاً بمجرد سؤالها".
بالإضافة إلى التأثير على ثقتها بجسمها، فعلاج السرطان يمكن أن يسبب حالة من الإرهاق وآلام في منطقة الصدر، وجفاف المهبل نتيجة لتغير الهرمونات، كل هذه العوامل تجعل الجنس "غير مريح".
ووفقاً لكارلا سكوت الممرضة بمركز "ماكميلان" لدعم معلومات السرطان، يمكن أن يضع التشخيص بالإصابة بالسرطان ضغطاً على العلاقة ويغير من الطريقة التي يتعامل بها الأزواج تجاه بعضهم البعض.
وتشرح كارلا: "عندما يتم تشخيصك بالسرطان، يمكن أن تمر أنت وشريكك بمجموعة متنوعة من المشاعر التي يمكن أن تؤثر على علاقتكم مثل الصدمة والقلق والحزن والإرتياح والذنب وعدم اليقين والغضب، وأحياناً الاكتئاب لبعض الأشخاص؛ يمكن أن يشعر كل منكم أشياء مختلفة في أوقات مختلفة".
تضيف دينيس نولز، استشاري علاقات ومعالجة جنسية أن "تشخيص سرطان الثدي يمكن أن يؤثر على دورك في العلاقة، بالنسبة لبعض الأزواج، يشعر البعض بالانتقال من علاقة بين حبيبين إلى علاقة مريض مع مقدم الرعاية".
وتتابع أنه "ليس غريباً أن تختبر مشاعر الفقدان والحزن بسبب علاقة كانت وما تزال موجودة، فضلاً عن ندب بعض الآمال التي لدى الزوجين في علاقتهما مستقبلاً، من الطبيعي أن تشعر بالحزن أو الغضب تجاه ذلك، ولكن بينما تتعرض لبعض الخسارة، فهناك فرصة أكبر للنضج إذ تتغير علاقتكما وتزداد عمقاً".
يعد هذا التحول في مجرى العلاقة أمراً يجب أن يتأقلم معه جاين وتيم، فقد كانت جاين تهتم بمعظم الأعمال المنزلية قبل مرضها، إذ كانت هي من ترعى أولادها من زواجها السابق، كانت تتراوح أعمارهم بين 16 و 18 سنة عندما تم تشخصيها بالسرطان، وكانا على وشك إتمام شهاداتهما الثانوية.
يشير تيم إلى أن "محاولة النهوض من جديد ووصول العائلة لدرجة من الحياة الطبيعية كان أمراً صعباً".
يضيف: "كانت جاين تهتم بالمنزل، أعتقد أنها كانت لا تزال تشعر بمسؤولية تجاه عمل كل شيء، لكنها على قدرٍ موازٍ كانت مشتتة بمحاولاتها للوصول لخطة علاج في ظل كل الأشياء الأخرى التي كانت ستحدث".
ولفت إلى أنه لطالما ساوره القلق عند قيامه بشيء ما بشكلٍ مختلف عما كانت جاين معتادة أن تفعله، فكان ذلك ضغطاً إضافياً على كل الضغوطات الأخرى".
ويضرب المثل على ذلك: "يمكن أن يكون أمراً بسيطاً كدفع فاتورة".
في الوقت ذاته زاد شعور جاين بعدم الراحة في الإعتماد على تيم أكثر من قبل، "فالسرطان يجعلك شخصاً ضعيفاً للغاية، وأنا لست ذلك الشخص الضعيف، فأنت على حين غرة تمر بهذه التجربة المرعبة والمخيفة، لقد شعرت بأني منعزلة، تشعر بأنه يجب عليك أن تتعايش مع الأشياء بنفسك، لأن لا أحد غيرك يعلم كيف هو الأمر".
بالنسبة للأزواج الذين يرغبون في استعادة مسار حياتهم الجنسية الطبيعية بعد سرطان الثدي، تقول نولز إنه من المهم للمريض أن يسمع لجسده ولا يضعه تحت ضغط.
وتضيف المعالجة الجنسية، "يمكن للأزواج تقبيل بعضهم البعض ومعانقة بعضهم دون جماع كامل. قد يتلخص الأمر في تغيير منظور الزوجين لممارسة العلاقة الحميمة، من حيث الحديث عما هو مريح وما هو غير مريح، وتجربة أوضاع مختلفة، وربما تجد أن هنالك بعض الأشياء تفضلها أكثر".
إن البعد عن المناطق التي صارت حساسة بعد العملية قد يفيد، على سبيل المثال، قد تكون ممارسة الجنس مع شريكك أمراً غير مريح بينما وزن جسم شريكك يضغط على صدرك خاصة إذا كنت تعاني من آلام ما بعد الجراحة أو الإشعاع".
وبهذا الصدد تقول للزوج "جرب ممارسة الجنس في أوضاع مختلفة مثل البقاء على الجانب أو تكون زوجتك في الأعلى".
أما بشأن بعض المشكلات الأخرى مثل الجفاف المهبلي الذي يتبع العلاج، يمكن استخدام مواد مزلقة لتجنب الألم.
إلا أنها نبهت أيضاً على ضرورة استشارة الطبيب "لتفادي العدوى والتأكد أن المزلق آمن؛ حيث أن بعض الأنواع لا يمكن استخدامها حيث أنها هرمونات سرطانية".
إذا كنت تعاني من صعوبات في علاقاتك العاطفية ينصح بإتباع الأساليب التالية:
- الحديث عن مشاعرك مع شريكك وإخباره كيف يمكن أن يدعمك بشكل أفضل يمكن أن يساعد كليكما على التعايش مع ما يحدث.
- يمكن أن يساعدك كتابة ما تشعر به في مذكراتك أو مدونتك من خلال فرز مشاعرك.
- تنظيم الأنشطة سوياً، مثل تحضير الوجبات أو العطلات يمكن أن تكون فرصة جيدة لقضاء وقت ممتع مع شريكك.
- يمكن أن يساعدك الحديث مع أشخاص يمرون بنفس التجربة.
ويمكن أن تكون زيارة مستشار علاقات أمراً مفيداً وهو ما يفعله تيم وجاين.
ولعل أهم شيء يمكنك فعله هو طلب المساعدة إذا كنت أنت وشريكك تواجهون صعوبات ما بعد سرطان الثدي، تأكد أنه لا يوجد شيء على الإطلاق لتخجل منه وهو أمر شائع أكثر مما تعتقد.
(هافنغتون بوست)