أن إعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية مرّ من دون أي تحركات شعبية في طرابلس، باستثناء "زوبعة" إلكترونية اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت ردات فعل كلامية بين أنصار التيارات السياسية في المدينة.
جاء هذا الهدوء بعد يوم كامل من الشائعات عن تحركات في الشارع سيقوم فيها بشكل منفصل، أنصار الرئيس نجيب ميقاتي، وأنصار وزير العدل أشرف ريفي الذي طالب أحد مستشاريه على مواقع التواصل، كوادر "تيار المستقبل" بالرد على الرئيس سعد الحريري عبر الانشقاق عنه والالتحاق بتيار ريفي، داعيا الى يوم غضب طرابلسي بوجه الحريري.
وقد سارعت مصادر مقربة من ميقاتي الى التأكيد أنه "مع احترامه لحق الناس في التعبير عن آرائها بالطرق الديموقراطية، إلا أنه ليس من مؤيدي خيارات الشارع التي تنعكس سلبا على مجمل الأوضاع".
كذلك صدر بيان عن مكتب ريفي نفى فيه أن يكون قد دعا الى أي تحرك أو يوم غضب، معلنا تبرؤه مما أسماه "المستشار الوهمي" الذي ينسب تصريحات ومواقف لوزير العدل، مؤكدا أن لا علاقة له به.
لكن الشائعات عن تحركات شعبية وقطع طرق، فعلت فعلها في طرابلس، فشهدت المدينة منذ ساعات الصباح حركة خجولة، انعكست على كل أسواقها ومرافقها ومؤسساتها، تنامت تدريجيا الى حدود الشلل بالتزامن مع موعد خطاب الحريري ومع تحركات للجيش اللبناني في بعض المناطق الشعبية تحسبا لأي طارئ، قبل أن تعود الى طبيعتها ليلا بعد التأكد من أن الوضع مستتب.
لكن عدم التحرك الشعبي لا يعني أن ترشيح الحريري لعون سيمرّ مرور الكرام في عاصمة الشمال، حيث أظهرت التغريدات والتعليقات التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حالة الغضب العارمة التي اجتاحت أبناء المدينة الذين استمروا حتى اللحظات الأخيرة يشككون في إمكان أن يقدم الحريري على هذه الخطوة.
واللافت للنظر أن خطاب إعلان الترشيح، أقنع كثيرا من أنصار الحريري ومؤيدي "تيار المستقبل" الذين كانوا يعارضون توجهاته، فاستداروا سريعا، وبدأوا بحملة للدفاع عن "زعيم المستقبل"، مستخدمين العبارات التي تضمنها خطابه عن "لبنان أولا".. و"حماية اللبنانيين".
في غضون ذلك، دافع أنصار ميقاتي عن وجهة نظره، مؤكدين أنه "بقي ثابتا على موقفه، ووقف الى جانب أهله وطائفته في رفض ترشيح عون"، كما حاول أنصار ريفي النيل من الحريري بعبارات تتهمه "ببيع الطائفة السنية الى أعدائها وإعلان الانهزام أمام حزب الله"، فيما غرد مستقلون بأن "لهذا الترشيح غضبة كبرى، وهي إن لم تترجم بتحركات في الشارع، إلا أنها تكسر القلب بعد كل هذه السنين من التضحيات والشعارات والنزول الى الساحات".
ويبدو واضحا أن موقف ميقاتي الرافض لترشيح عون، بدأ بتوتير العلاقة بين "تيار العزم" و"التيار الوطني الحر"، إذ أعلن نائب "كتلة التغيير والإصلاح" حكمت ديب أن "موقف ميقاتي مرتبط بحسابات شخصية تتعلق برئاسة الحكومة، وهو قام بزيارات سرية للرابية للتعبير عن دعمه للعماد ميشال عون".
وقد جاء رد ميقاتي عنيفا ضد ديب ولم يستثن عون شخصيا، فاعتبر أن ما قاله عار من الصحة جملة وتفصيلا. وقال إنه "إذا كان هذا الكلام مصدره سعادة النائب شخصيا فبتنا نشك بكل كلام يقوله نواب التيار، ونتحداه إبراز ما يثبت مزاعمه لا أن يلجأ الى أسلوب بث الأخبار المختلقة". وذكر المكتب الإعلامي لميقاتي أنه "اذا كان مصدر هذا الكلام هو العماد عون شخصيا فهناك خوف جدي على ذاكرة الجنرال، لان الرئيس ميقاتي لم يزره سرا، كما لم يزره يوما بمفرده. كما أن ميقاتي عبر أمام الجميع وأمام الجنرال بالذات، وصرح ايضا بذلك لدى خروجه من زيارته الأخيرة له لتقديم التعزية بوفاة شقيقه، عما تربطه من صداقة بالنائب سليمان فرنجية".
وكان ميقاتي قد غرد على "تويتر" بعد إعلان ترشيح الحريري لعون فقال: مغامرة جديدة نخشى أن تقود الوطن الى مزيد من الانقسام والتأزم، أعان الله لبنان واللبنانيين.
( السفير)