اطلق الرئيس سعد الحريري مبادرته في السماء الرئاسية، واعلن ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، واضعاً حداً لكل التشكيك والتساؤلات والالتباسات. الكرة لم تعد في ملعبه، بل ليتلقفها اللاعبون على الخط الرئاسي، مؤيدون ومعترضون، ليُبنى على الشيء مقتضاه. يريد الحريري تلقفاً ايجابياً يفتح الباب على مسار إنسيابي نحو ترجمته في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول، بانتخاب «مرشحه» ميشال عون رئيساً للجمهورية». في كلام الحريري خريطة طريق الى الرئاسة يتمنى لو انها سهلة، إنما كما بَدا في خطابه تسودها تعرّجات وعقبات ويأمل ان لا تتحوّل عثرات تقطع الطريق على خطوته التي وصفها بالمخاطرة.
قال الحريري كلمته وينتظر كلام الآخرين، وقد يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري وربما تقوده «مخاطرته» الى طَرق أبواب ما اعتاد طرقها في السنوات الاخيرة.
وقد لوحظ انّ خطاب الترشيح تضمّن في ما تضمّنه مجموعة رسائل، الأولى في اتجاه جمهور «المستقبل» بتعابير احتوائية للشارع بما يؤشّر الى وجود تباينات حول قرار الترشيح. والثانية تبريرية تستند الى عناوين عامة قد لا تجد قبولاً لدى شريحة المعترضين على قراره.
والرسالة الثالثة باتجاه «حزب الله» او من خلالها انه ما زال خلف المتراس معه. امّا الرابعة فقد تُحدث تأويلاً حينما اكّد «الإتفاق» مع عون. فما هو هذا الاتفاق وما هي تفاصيله؟ ولماذا لا يعلن؟
ويبدو انّ عون اوّل المتلقفين لكلام الحريري، وهو المتلقف الطبيعي اولاً، فأطلق من «بيت الوسط» ما يشبه مدّ اليد الى الآخرين بقوله: في الحوار لا احد يخسر»، وطمأن الى ان «لا اتفاقات ثنائية او ثلاثية او رباعية، انما هناك اتفاق واحد على ادارة شؤون البلد». كذلك طمأن الى ان لا يخاف احد «فلا يمكننا ان نكون ثُنائيّين».
واذا كان تلقّف عون مريحاً للحريري، وهذا امر طبيعي ـ الّا ان تلقّف بعض اهل بيت «المستقبل» لقرار ترشيحه جاء رافضاً له، فماذا عن الآخرين؟ هناك كم كبير من الاسئلة لا بد من الاجابة عنها، وهي:
1 ـ ما هي الخطوة التالية؟
2 ـ اللافت انّ «حزب الله» خرج عن صمته الرئاسي بكلمات مقتضبة يؤكد فيها «أنّ التفاهم والانفتاح الايجابي المتبادلين بين ممثلي المكوّنات السياسية في البلاد هما أمران مطلوبان أكثر من أي وقت مضى ومن شأنهما تعزيز مناخ التعاون وتسهيل المهام المترتبة قبل إنجاز الاستحقاق وبعده». فماذا يعني هذا القول؟ ومن يخاطب «حزب الله»؟
3ـ ماذا عن جلسة 31 تشرين وهل انعقادها بات مضموناً؟ وكيف؟
4 ـ كيف سيتم تجاوز العقبات الماثلة في الطريق، سواء المتمثلة تحديداً بمعارضة بري؟ كيف ستتم مقاربة هذه المعارضة؟ بل ماذا يطلب بري في هذا السياق؟
5 ـ ماذا عن البيت الداخلي للحريري بعد الاعلان، خصوصاً بعد بروز اعتراضات علنيّة على قرار ترشيح عون وصدور نوع من الجرأة لدى بعض أعضاء كتلة «المستقبل» في إعلانهم عن رفضهم لعون؟
6 ـ هل من يضمن ان لا تحصل مفاجآت غير محسوبة على خط الترشيح مع انّ هذا الترشيح يبدو محصناً وقوياً؟
7 ـ ما هي خطوات الحريري التالية بعد الترشيح؟ هل سيجري مشاورات لترميم البيت الداخلي، وهذه مسألة حسّاسة وصعبة لديه؟ وماذا لو توسّعت رقعة المعترضين داخل كتلته على هذا الترشيح؟
8 ـ الى اين سيتوجّه الحريري من القوى السياسية؟ هل في اتجاه بري، والواضح انّ «سوء تفاهم سياسي عنيف يسود بينهما وهناك من نقل شعوراً بالمرارة في عين التينة؟ هل سيتوجه باتجاه «حزب الله» مع انّ وفدَي «المستقبل» والحزب قد التقيا بالأمس في حوارهما التقليدي؟ وهل سيلتقي الحريري «حزب الله» خصوصاً انه ضَمّن خطابه كلاماً عن انفتاحه على كل الاطراف؟
9 ـ ما هي النسبة التي سينالها عون لكي يفوز؟ ان كانت ضئيلة، الّا تشكّل هذه ضربة مسبقة للعهد؟
10 ـ لنفترض انّ كل ما تقدّم تمّ تجاوزه وتمّ الانتخاب في 31 تشرين الأول، ما هو شكل البلد بعد الانتخاب؟ عون رئيساً وسيدعو مباشرة الى استشارات ملزمة لتكليف شخصية لرئاسة الحكومة، والحكومة الحالية ستصبح حكومة تصريف اعمال.
السؤال: ماذا لو كُلّف الحريري؟ والواضح بحسب المواقف الحالية انه قد لا يحصل على اكثرية يُعتدّ بها، أليست هذه اشارة هبوط معنوي؟ وماذا لو لم يسمّه بري و«حزب الله» وفرنجية والرئيس نجيب ميقاتي بالإضافة الى معترضين آخرين؟
11 ـ كيف سيشكّل الحريري الحكومة؟ هل يستطيع ان يشكّلها سريعاً؟ وهل يستطيع ان يشكّل حكومة بلا مكونات اساسية، كبرّي مثلاً، الذي أعلن سلفاً انه سيذهب الى المعارضة؟
12 ـ هل سيشارك «حزب الله» في الحكومة، بل هل يستطيع ان يشارك فيها بمعزل عن بري؟
13 ـ لقد أخذ الترشيح البلد الى مرحلة جديدة، فهل سيتحوّل هذا الضجيج السياسي ما قبل الترشيح الى «فوضى سياسية»؟ وهل هذا الترشيح فعلاً صنع في لبنان وماذا لو جاءت كلمة سر ما من مكان ما ترفض هذا الترشيح؟
14 ـ هل صحيح ما يتردد في بعض الاوساط عن كمين ينصب لبعض الاطراف؟
هل صحيح انّ الحريري بترشيحه هذا رمى الكرة في ملعب خصومه وفي مقدمهم «حزب الله» واذا صحّ ذلك، كيف سيتعاطى معها الخصوم؟
تبعاً لهذه التساؤلات، لا تبدو الطريق سهلة في المرحلة التالية خصوصاً بعدما تداخلت العوامل الاعتراضية بعضها ببعض. وبالتالي، فإنّ جلسة 31 تشرين الأول وبرغم القول انها ستنعقد بنصاب مؤمّن عددياً وتنتخب عون، تبقى هذه الجلسة امام احتمال ولو ضئيل بأن لا تُعقد.
فأيّ صورة للبلد بعد الانتخاب، إن تمّ، وفي ظل حكومة تصريف اعمال، وفي ظل رئيس حكومة مكلّف لا قدرة له على اتخاذ قرار؟ وكم هي الفترة التي يمكن ان يقضيها الحريري كرئيس مكلّف خصوصاً انّ الانتخابات النيابية على الابواب وهناك نزاع حول ماهية القانون الانتخابي؟ وهل يحتمل البلد الذي مُلِىء فراغه الرئاسي برئيس منتخب ان يدخل في نوع جديد من الفراغ على مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية؟
كل هذه الاسئلة تحتاج الى إجابات ويبدو انها ضائعة في مغاور سياسية من الصعب انتشالها وتوضيح الرؤية حالياً. طبعاً الأيام المقبلة ستحمل مزيداً من النور وانقشاعاً في رؤية المسار الحقيقي الذي سيسلكه الاستحقاق الرئاسي بعد الترشيح.
وإذا كان عون والحريري قد اجتازا الأمتار الأخيرة من السباق الرئاسي بحيث أمّنا النصاب لجلسة 31 الجاري، فإنّ مصادر نيابية معارضة لخيار الحريري تساءَلت: «من يكفل تشكيل حكومة العهد بسهولة؟ وإذا نجح الحريري بتشكيلها من يضمن له بقاءه بعد انتخابات نيابية تتغيّر فيها موازين القوى؟».
أمّا مصادر مؤيدة ترشيح عون فاعتبرت انّ «أيّ تهويل على الحريري في مسألة تشكيل الحكومة لا يصبّ في مصلحة المُهوّلين لأنّ الناس لن تتحمّل المراوحة في هذا الموضوع ولن ترحم المعرقلين لأنّ الانهيار الإقتصادي يدق أبواب الجميع، وبالتالي سيكون الجميع بحاجة إلى أن تعود الحياة إلى المؤسسات، إضافة إلى انّ المجتمع الدولي لن يتساهل مع أيّ تأخير في تشكيل الحكومة قد يهدّد الاستقرار».
جولة عون
وفور إعلان الحريري ترشيحه لعون، باشَر الجنرال بجولة على القيادات بدأها بـ«بيت الوسط» شاكراً للحريري خطوته وقال: «تعاهدنا سوياً من أجل إنجاز المهمة». ولفت إلى انّ «الميثاقية عهد بين المسلمين والمسيحيين ونجزم بأن لا اتفاقات ثنائية ولا ثلاثية ولا رباعية بل هناك اتفاق واحد على إدارة شؤون البلاد».
ثم زار الحريري بري في عين التينة، واوضح انه تبادل معه «الآراء حول الوضع القائم وحول بعض الايضاحات لأننا نعيش جواً من الشائعات التي لا «تَركب على قوس قزح»، وشربنا فنجان شاي». أمّا بري فأكّد له انّ الجلسة ما زالت قائمة في 31 الجاري وانّ كتلة «التنمية والتحرير» ستكون حاضرة ولن تقاطع.
المشنوق
وسألت «الجمهورية» وزير الداخلية نهاد المشنوق عن الخطوة التالية بعد إعلان الحريري ترشيح عون، فأكّد انّ كل الافرقاء السياسيين سيسعون للتفاهم في ما بينهم وهذا المشروع السياسي الذي أعلنه الحريري من الواجب ان ينتج اتصالات ولا احد سيبقى خارج التفاهم. نحن حريصون على العلاقة مع الرئيس بري وعلى توطيدها وما حصل معه لن يكون سوى غيمة صيف، فهو شريك أساسي بكل التفاهمات».
«القوات»
وفي حين تتجه الأنظار إلى «حزب الله» والدور الذي سيؤديه بين «الرابية» وعين التينة وإلى المواقف التي سيعلنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بعد غد، أبدَت «القوات اللبنانية» ارتياحها الكبير بأنّ التصوّر الذي وضعته منذ فترة تحقّق بترشيح الحريري لعون.
وقالت مصادرها لـ«الجمهورية» انّ وصول عون إلى الرئاسة سيكسر التقليد الذي دام 25 عاماً بانتخاب رؤساء لا يتمتعون بقوة تمثيليّة، «لقد بدأ التنفيذ الفعلي لاتفاق الطائف».
أمّا في ما يتعلق بالعلاقة مع تيار «المستقبل» فاعتبرت المصادر انّ اتفاق «القوات» و«المستقبل» على دعم ترشيح عون، أزال الرواسب الماضية وسيؤسّس لمرحلة جديدة شبيهة بمرحلتي 2005 و2010، وهو سيكون انطلاقة جديدة لثورة الأرز».
«الكتائب»
في المقابل، تمنّت «الكتائب» لو انتخب رئيس الجمهورية أمس قبل اليوم. وقالت مصادرها لـ«الجمهورية»: «انّ عون لا يحظى بإجماع كل اللبنانيين، وهناك انقسام عمودي في البلد»، ورأت انّ «ثمة تعادلاً بين المؤيدين والرافضين لأنّ نصف المؤيدين غير مقتنعين بعون».
وشددت على «معالجة هذا الإنقسام بسرعة لأنه سينتج عنه واقع صعب على صعيد التأسيس لمرحلة جديدة في البلد». وتخوّفت من «أن يكون حكم عون هو حكم الحزب الواحد أو احتكار التمثيل المسيحي بين فريقين وإلغاء الأفرقاء الآخرين».
ولفتت إلى انّ «المطلوب من عون استثمار الوقت الباقي للقيام بجولة ضرورية على الرؤساء السابقين والقيادات حتى يضمن حوله إجماعاً كبيراً ويُطمئن الجميع إلى انه سينتهج سياسة الوقوف على مسافة واحدة من الجميع». وأكدت انّ «الكتائب ستظلّ تعارض عون قبل انتخابه بدقيقة، لكن فور انتخابه رئيساً ستكون إلى جانبه، لأنّ الكتائب هو حزب الرئيس أولاً وأخيراً».
وقد لوحظ انّ خطاب الترشيح تضمّن في ما تضمّنه مجموعة رسائل، الأولى في اتجاه جمهور «المستقبل» بتعابير احتوائية للشارع بما يؤشّر الى وجود تباينات حول قرار الترشيح. والثانية تبريرية تستند الى عناوين عامة قد لا تجد قبولاً لدى شريحة المعترضين على قراره.
والرسالة الثالثة باتجاه «حزب الله» او من خلالها انه ما زال خلف المتراس معه. امّا الرابعة فقد تُحدث تأويلاً حينما اكّد «الإتفاق» مع عون. فما هو هذا الاتفاق وما هي تفاصيله؟ ولماذا لا يعلن؟
ويبدو انّ عون اوّل المتلقفين لكلام الحريري، وهو المتلقف الطبيعي اولاً، فأطلق من «بيت الوسط» ما يشبه مدّ اليد الى الآخرين بقوله: في الحوار لا احد يخسر»، وطمأن الى ان «لا اتفاقات ثنائية او ثلاثية او رباعية، انما هناك اتفاق واحد على ادارة شؤون البلد». كذلك طمأن الى ان لا يخاف احد «فلا يمكننا ان نكون ثُنائيّين».
واذا كان تلقّف عون مريحاً للحريري، وهذا امر طبيعي ـ الّا ان تلقّف بعض اهل بيت «المستقبل» لقرار ترشيحه جاء رافضاً له، فماذا عن الآخرين؟ هناك كم كبير من الاسئلة لا بد من الاجابة عنها، وهي:
1 ـ ما هي الخطوة التالية؟
2 ـ اللافت انّ «حزب الله» خرج عن صمته الرئاسي بكلمات مقتضبة يؤكد فيها «أنّ التفاهم والانفتاح الايجابي المتبادلين بين ممثلي المكوّنات السياسية في البلاد هما أمران مطلوبان أكثر من أي وقت مضى ومن شأنهما تعزيز مناخ التعاون وتسهيل المهام المترتبة قبل إنجاز الاستحقاق وبعده». فماذا يعني هذا القول؟ ومن يخاطب «حزب الله»؟
3ـ ماذا عن جلسة 31 تشرين وهل انعقادها بات مضموناً؟ وكيف؟
4 ـ كيف سيتم تجاوز العقبات الماثلة في الطريق، سواء المتمثلة تحديداً بمعارضة بري؟ كيف ستتم مقاربة هذه المعارضة؟ بل ماذا يطلب بري في هذا السياق؟
5 ـ ماذا عن البيت الداخلي للحريري بعد الاعلان، خصوصاً بعد بروز اعتراضات علنيّة على قرار ترشيح عون وصدور نوع من الجرأة لدى بعض أعضاء كتلة «المستقبل» في إعلانهم عن رفضهم لعون؟
6 ـ هل من يضمن ان لا تحصل مفاجآت غير محسوبة على خط الترشيح مع انّ هذا الترشيح يبدو محصناً وقوياً؟
7 ـ ما هي خطوات الحريري التالية بعد الترشيح؟ هل سيجري مشاورات لترميم البيت الداخلي، وهذه مسألة حسّاسة وصعبة لديه؟ وماذا لو توسّعت رقعة المعترضين داخل كتلته على هذا الترشيح؟
8 ـ الى اين سيتوجّه الحريري من القوى السياسية؟ هل في اتجاه بري، والواضح انّ «سوء تفاهم سياسي عنيف يسود بينهما وهناك من نقل شعوراً بالمرارة في عين التينة؟ هل سيتوجه باتجاه «حزب الله» مع انّ وفدَي «المستقبل» والحزب قد التقيا بالأمس في حوارهما التقليدي؟ وهل سيلتقي الحريري «حزب الله» خصوصاً انه ضَمّن خطابه كلاماً عن انفتاحه على كل الاطراف؟
9 ـ ما هي النسبة التي سينالها عون لكي يفوز؟ ان كانت ضئيلة، الّا تشكّل هذه ضربة مسبقة للعهد؟
10 ـ لنفترض انّ كل ما تقدّم تمّ تجاوزه وتمّ الانتخاب في 31 تشرين الأول، ما هو شكل البلد بعد الانتخاب؟ عون رئيساً وسيدعو مباشرة الى استشارات ملزمة لتكليف شخصية لرئاسة الحكومة، والحكومة الحالية ستصبح حكومة تصريف اعمال.
السؤال: ماذا لو كُلّف الحريري؟ والواضح بحسب المواقف الحالية انه قد لا يحصل على اكثرية يُعتدّ بها، أليست هذه اشارة هبوط معنوي؟ وماذا لو لم يسمّه بري و«حزب الله» وفرنجية والرئيس نجيب ميقاتي بالإضافة الى معترضين آخرين؟
11 ـ كيف سيشكّل الحريري الحكومة؟ هل يستطيع ان يشكّلها سريعاً؟ وهل يستطيع ان يشكّل حكومة بلا مكونات اساسية، كبرّي مثلاً، الذي أعلن سلفاً انه سيذهب الى المعارضة؟
12 ـ هل سيشارك «حزب الله» في الحكومة، بل هل يستطيع ان يشارك فيها بمعزل عن بري؟
13 ـ لقد أخذ الترشيح البلد الى مرحلة جديدة، فهل سيتحوّل هذا الضجيج السياسي ما قبل الترشيح الى «فوضى سياسية»؟ وهل هذا الترشيح فعلاً صنع في لبنان وماذا لو جاءت كلمة سر ما من مكان ما ترفض هذا الترشيح؟
14 ـ هل صحيح ما يتردد في بعض الاوساط عن كمين ينصب لبعض الاطراف؟
هل صحيح انّ الحريري بترشيحه هذا رمى الكرة في ملعب خصومه وفي مقدمهم «حزب الله» واذا صحّ ذلك، كيف سيتعاطى معها الخصوم؟
تبعاً لهذه التساؤلات، لا تبدو الطريق سهلة في المرحلة التالية خصوصاً بعدما تداخلت العوامل الاعتراضية بعضها ببعض. وبالتالي، فإنّ جلسة 31 تشرين الأول وبرغم القول انها ستنعقد بنصاب مؤمّن عددياً وتنتخب عون، تبقى هذه الجلسة امام احتمال ولو ضئيل بأن لا تُعقد.
فأيّ صورة للبلد بعد الانتخاب، إن تمّ، وفي ظل حكومة تصريف اعمال، وفي ظل رئيس حكومة مكلّف لا قدرة له على اتخاذ قرار؟ وكم هي الفترة التي يمكن ان يقضيها الحريري كرئيس مكلّف خصوصاً انّ الانتخابات النيابية على الابواب وهناك نزاع حول ماهية القانون الانتخابي؟ وهل يحتمل البلد الذي مُلِىء فراغه الرئاسي برئيس منتخب ان يدخل في نوع جديد من الفراغ على مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية؟
كل هذه الاسئلة تحتاج الى إجابات ويبدو انها ضائعة في مغاور سياسية من الصعب انتشالها وتوضيح الرؤية حالياً. طبعاً الأيام المقبلة ستحمل مزيداً من النور وانقشاعاً في رؤية المسار الحقيقي الذي سيسلكه الاستحقاق الرئاسي بعد الترشيح.
وإذا كان عون والحريري قد اجتازا الأمتار الأخيرة من السباق الرئاسي بحيث أمّنا النصاب لجلسة 31 الجاري، فإنّ مصادر نيابية معارضة لخيار الحريري تساءَلت: «من يكفل تشكيل حكومة العهد بسهولة؟ وإذا نجح الحريري بتشكيلها من يضمن له بقاءه بعد انتخابات نيابية تتغيّر فيها موازين القوى؟».
أمّا مصادر مؤيدة ترشيح عون فاعتبرت انّ «أيّ تهويل على الحريري في مسألة تشكيل الحكومة لا يصبّ في مصلحة المُهوّلين لأنّ الناس لن تتحمّل المراوحة في هذا الموضوع ولن ترحم المعرقلين لأنّ الانهيار الإقتصادي يدق أبواب الجميع، وبالتالي سيكون الجميع بحاجة إلى أن تعود الحياة إلى المؤسسات، إضافة إلى انّ المجتمع الدولي لن يتساهل مع أيّ تأخير في تشكيل الحكومة قد يهدّد الاستقرار».
جولة عون
وفور إعلان الحريري ترشيحه لعون، باشَر الجنرال بجولة على القيادات بدأها بـ«بيت الوسط» شاكراً للحريري خطوته وقال: «تعاهدنا سوياً من أجل إنجاز المهمة». ولفت إلى انّ «الميثاقية عهد بين المسلمين والمسيحيين ونجزم بأن لا اتفاقات ثنائية ولا ثلاثية ولا رباعية بل هناك اتفاق واحد على إدارة شؤون البلاد».
ثم زار الحريري بري في عين التينة، واوضح انه تبادل معه «الآراء حول الوضع القائم وحول بعض الايضاحات لأننا نعيش جواً من الشائعات التي لا «تَركب على قوس قزح»، وشربنا فنجان شاي». أمّا بري فأكّد له انّ الجلسة ما زالت قائمة في 31 الجاري وانّ كتلة «التنمية والتحرير» ستكون حاضرة ولن تقاطع.
المشنوق
وسألت «الجمهورية» وزير الداخلية نهاد المشنوق عن الخطوة التالية بعد إعلان الحريري ترشيح عون، فأكّد انّ كل الافرقاء السياسيين سيسعون للتفاهم في ما بينهم وهذا المشروع السياسي الذي أعلنه الحريري من الواجب ان ينتج اتصالات ولا احد سيبقى خارج التفاهم. نحن حريصون على العلاقة مع الرئيس بري وعلى توطيدها وما حصل معه لن يكون سوى غيمة صيف، فهو شريك أساسي بكل التفاهمات».
«القوات»
وفي حين تتجه الأنظار إلى «حزب الله» والدور الذي سيؤديه بين «الرابية» وعين التينة وإلى المواقف التي سيعلنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بعد غد، أبدَت «القوات اللبنانية» ارتياحها الكبير بأنّ التصوّر الذي وضعته منذ فترة تحقّق بترشيح الحريري لعون.
وقالت مصادرها لـ«الجمهورية» انّ وصول عون إلى الرئاسة سيكسر التقليد الذي دام 25 عاماً بانتخاب رؤساء لا يتمتعون بقوة تمثيليّة، «لقد بدأ التنفيذ الفعلي لاتفاق الطائف».
أمّا في ما يتعلق بالعلاقة مع تيار «المستقبل» فاعتبرت المصادر انّ اتفاق «القوات» و«المستقبل» على دعم ترشيح عون، أزال الرواسب الماضية وسيؤسّس لمرحلة جديدة شبيهة بمرحلتي 2005 و2010، وهو سيكون انطلاقة جديدة لثورة الأرز».
«الكتائب»
في المقابل، تمنّت «الكتائب» لو انتخب رئيس الجمهورية أمس قبل اليوم. وقالت مصادرها لـ«الجمهورية»: «انّ عون لا يحظى بإجماع كل اللبنانيين، وهناك انقسام عمودي في البلد»، ورأت انّ «ثمة تعادلاً بين المؤيدين والرافضين لأنّ نصف المؤيدين غير مقتنعين بعون».
وشددت على «معالجة هذا الإنقسام بسرعة لأنه سينتج عنه واقع صعب على صعيد التأسيس لمرحلة جديدة في البلد». وتخوّفت من «أن يكون حكم عون هو حكم الحزب الواحد أو احتكار التمثيل المسيحي بين فريقين وإلغاء الأفرقاء الآخرين».
ولفتت إلى انّ «المطلوب من عون استثمار الوقت الباقي للقيام بجولة ضرورية على الرؤساء السابقين والقيادات حتى يضمن حوله إجماعاً كبيراً ويُطمئن الجميع إلى انه سينتهج سياسة الوقوف على مسافة واحدة من الجميع». وأكدت انّ «الكتائب ستظلّ تعارض عون قبل انتخابه بدقيقة، لكن فور انتخابه رئيساً ستكون إلى جانبه، لأنّ الكتائب هو حزب الرئيس أولاً وأخيراً».