كما أوصل المخطط الغربي إسلاميي السنة إلى قيادة طوائفهم في عدة بلاد عربية ليدمروها، فدمروها . كذلك بدأ العمل على تسليم الطائفة الشيعية اللبنانية بأكملها ﻹسلاميي شيعة لبنان، حتى لا يبقى من الشيعة ديَّارا !!
فمنذ أن بدأ حزب الله تدخله العسكري في سوريا مصحوبا بالدعم السياسي واﻹعلامي الغربي الذي ترجمته مدائح أوباما “لتمرس” مقاتلي حزب الله في القتال الدائر في سوريا، وكذلك جولات السفراء الغربيين على زعماء لبنان لردعهم عن التصدي لحزب الله كي يوقف مشاركته في الحرب السورية، منذ ذلك الوقت أدركت أن مكيدة كبرى يجري تدبيرها للإيقاع بنا في الهاوية !!
فالغربيون ضاقوا ذرعا بخطر شيعة لبنان وقوة سوريا على إسرائيل، فكان لا بد من أن يوجهونا لما ظاهره الطاعة ليوقعونا لاحقا في المعصية، وهذه إحدى أساليب الشيطان التي يعتمدها مع المتدينين عادة !!
كلنا يتذكر أنه كانت هناك محاولة “كادت أن تنجح” لتسليم المسلحين سلاحهم للنظام السوري بعد فترة وجيزة من إندلاع العمل المسلح للمعارضة، إلا أن تدخل هيلاري كلينتون شخصيا وقتها و”نصحها” لمسلحي المعارضة السورية التي أسمتهم “بالثوار الشجعان” بعدم فعل ذلك، دفع هؤلاء للإستمرار بالقتال حتى جرى ما جرى في سوريا !!
وقد اعتمدت المخططون الغربيون للتخلص من الخطر المحيط بالعدو الإسرائيلي، قاعدة سياسية عملانية تقول : إضرب رأس الأفعى الشيعية اللبنانية بيد عدوك السني السوري . وهذا لا يتم إلا عبر إجراء نهر الدم بين الأقلية الشيعية في بلاد الشام والأكثرية السنية السورية التي أنجبت في سنوات الحرب أضعاف من قتلوا فيها، ونشأ جيل بكامله لا هم له سوى الثأر ممن يراهم سببا في قتلهم وتدمير بلدهم وتهجيرهم في أصقاع الأرض، وهم الشيعة، وبالأخص شيعة لبنان كما يرون ذلك !!
سبق وتحدثت عن الثأر العظيم القادم ضد شيعة لبنان عندما يدور فلك السياسة الدولية . وكأني الآن بهذا الفلك قد بدأ بالدوران، وبدأ تنفيذ الجزء الثاني من مخطط بلاد الشام الخبيث والمزين بأجمل زينة، والذي من المفترض أن لا يرى فيه السنة في سوريا أي رجل اعتدال في القيادة الشيعية اللبنانية، كي لا يضعف ذلك الحافزية عندهم كأهل للثأر أو يحجمها، فيكتفون بالثأر من فصيل شيعي واحد فقط، بل يجب وبحسب المخطط المدروس -من الناحية النفسية- أن يرى أهل الثأر كل شيعة لبنان سببا في خراب بلادهم، وهذا يقتضي أن يكون شيعة لبنان جميعهم موسومين بسمة الفصيل الذي يعتقد السنة في الشام أنهم سبب ما حل بهم، فكان المخطط في جزءه اللبناني هو البدء بإزاحة الرئيس الشيعي العاقل المعتدل نبيه بري من أي حيثية له في قيادة الطائفة الشيعية اللبنانية من الناحية الرسمية، وتسليم الطائفة كلها للجهة التي يراها سنة سوريا سببا فيما حل بهم من مآسي كبرى . وقد بدأ ذلك يترجم عبر طرح مرشح لرئاسة الجمهورية يكون شخصية مستفزة جدا للرئيس نبيهبري، فكان ترشيح النائب ميشال عون الذي يعتقد المخططون أن ذلك سيحرج الرئيس بري فيخرجه فينجح مخططهم بتسليم الشيعة للجهة الإسلامية التي باتت على عداوة مع أهل الكوكب بسبب سياستها الغيبية الواااهمة !!
تفكير قيادة حزب الله الحالية لمن يعرف معدن تفكيرها هو تفكير سطحي ساذج لا يرى أبعاد الأمور، ويعتمد على غيبيات وهمية لا واقع لها في الكثير من حيثيات اتخاذها ﻷي قرار .
فمثلا، منذ أن بدأت هذه القيادة تمارس السياسة الداخلية في لبنان، قد قامت بأمور مفصلية كانت نتيجتها كلها ومن دون استثناء هي الخيبة والفشل .
فالتحالف الرباعي سنة 2005 الذي هو أول عمل سياسيي لها في الداخل اللبناني، إنتهى بوصف السيد نصر الله لجنبلاط -الذي هو أحد أهم أركان هذا التحالف- بأنه تجسيد للغدر، حتى وصل الأمر بهذا التحالف إلى معارك 7 أيار 2008 التي جرت بين نفس أركان هذا التحالف !!
كذلك قرار حرب تموز التي عاد وندم عليه السيد نصر الله، بعدما كان قبل أشهر قليلة من الحرب يتوعد إسرائيل بدمار عظيم، وأنها لن تستطيع أن تدفع عنها هذا الدمار !!
حتى جاء القرار المفاجئ بالتدخل العسكري الواسع في سوريا سنة 2012 بعدما كان السيد نصر الله قبل مدة وجيزة من ذلك يعلن عجزه حتى عن إجراء إتصالات للمصالحة بين المتنازعين في سوريا عند بداية المظاهرات !!
اليوم يراد للبنان وبالأخص للشيعة هو الوقوع في الفخ التالي :
أولا : إغراء قيادة حزب الله بعقليتها السطحية المغلقة الواهمة، بتسليمها قيادة شيعة لبنان بمختلف شؤونهم الرسمية والشعبية ومن دون منازع لها، وذلك عبر إحراج الرئيس نبيه بري ثم إخراجه تمهيدا لتدمير مدرسته السياسية والإستفراد بقرار الطائفة . وهذا يعني في القاموس السياسي الشيعي اللبناني، مواجهات دموية شاملة بين الطرفين، وخصوصا أن قلوب القاعدتين ما زالت مليئة بأحداث الماضي المؤلمة، وهو ما بدأ يظهر في الأيام القليلة الماضية منذ خطاب السيد نصر الله الإستفزازي المتهور، والذي يفتقد ﻷدنى مراتب الحكمة، والذي ألقاه ليلة التاسع من محرم حول شعائر عاشوراء، والذي لولا لطف الله تعالى لأخذ الأمور إلى منحى آخر في منتهى الخطورة بسبب تجاوز نصر الله لحدوده وتدخله فيما لا يعنيه بسبب وهم اعتراه !!
ثانيا : المطلوب في المخطط الذي بدأ تنفيذه في القسم اللبناني هو وسم شيعة لبنان كلهم بسمة الحزب الذي يعتقد السوريون السنة أنه شارك بقوة في سفك دمائهم وتدمير بلادهم وتهجيرهم في أصقاع الأرض . وهذا الأمر لا يتم إلا بإبعاد أي سياسة معتدلة عن إدارة شيعة لبنان، كالتي يمثلها الرئيس نبيه بري، وتسليم مقاليد أمور الطائفة للجهة التي يراها الشعب السوري أنها سبب ما حل بهم، والتي تملك عقلية خطيرة ستدفعها لإدخال شيعة لبنان كلهم في محرقة شاملة مع محيطهم السني السوري المكون من عشرات الملايين الذين يرون أن لهم ثأرا عند شيعة لبنان، والذين أنجبوا فقط فترة الحرب الدائرة أضعاف مضاعفة مما قتل منهم . وستدخل قيادة حزب الله التي ستستفرد بقرار الطائفة -فيما لو وقعت في فخ المخطط- كل الشيعة في تلك المحرقة تحت شعار هجين، وهو “بكربلا الكل استشهد” . ولكم أن تتخيلوا ما قد يحدث عندها !!
بالنسبة للرئيس نبيه بري، فإن السنة في لبنان لم ينسوا له بعد مشاركة عناصر تابعة له في غزوة 7 أيار إلى جانب حزب الله . وكأنهم يقولون له : من ناصرتهم علينا هم الآن يناصرون حليفا مسيحيا لهم عليك ويجعلونه في مواجهتك، رغم معرفتهم بالعداوة الكبيرة بينكما، لمجرد أنهم يريدون إزاحتك والإستفراد بحكم الطائفة الشيعية، ويرون أن الوقت حان لذلك !!
وهنا نكون أمام سهم خبيث موجه إلينا وله عدة شعب . شعبة توقع الفتنة بين شيعة لبنان . وشعبة تصور كل شيعة لبنان كمشاركين فيما جرى في سوريا، وذلك من خلال تسليم الطائفة لقيادة واهمة متهورة . وشعبة تسليم رئاسة الجمهورية لشخص لن يقف في وجه المؤامرة الآتية على مجتمع المقاومة في لبنان، كما هي حقيقة سياسته التاريخية !!
لذلك، إن أخطر جريمة ترتكب اليوم بحق لبنان وطوائفه وطائفته الشيعية بالخصوص هو تحجيم دور الرئيس نبيه بري ومدرسته السياسية، وتسليم الأمر كله لمن يعيشون وهم الغيبيات كقيادة حزب الله الحالية .
فحذار من الوقوع في فخ رونق التفرد بحكم الطائفة من قبل قيادة حزب الله، والذي إذا ما حصل فإنه سيجر علينا ويلات لن تكون هذه المرة أقل من الهلاك !!
الشيخ عباس حطيط
نقلًا عن صفحة الفيسبوك