لا يُخفي رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن حسين عبدالله امتعاضه من مزاعم المتهمين المتكررة حول تعرضهم للتعذيب النفسي والجسدي في مرحلة التحقيق الاولي معهم، وذلك بهدف نسف اعترافاتهم التي كانوا قد ادلوا بها في تلك المرحلة اي اثر توقيفهم.
فرئيس "العسكرية" الجديد الذي سبق له ان تولى ولفترة طويلة مركزا في مديرية المخابرات في الجيش يُعنى بالتحقيقات مع الموقوفين، لم يسبق ان تعرض اي منهم "لضربة كف"، وفق ما نُقل عنه، ومن هنا يستغرب عبدالله امام الموقوفين من الذين يمثلون امامه ما يزعمونه، خصوصا وان افادات هؤلاء الاولية تأتي في معظمها متماسكة ومتسلسلة وتتضمن واقعات لا يمكن للمحقق ان يعرفها وبالتالي ان يدونها ما لم يكن الموقوف قد ادلى بها.
أما "فئة" المتهمين من الذين يتلطّون وراء ذلك فهم معظمهم من الذين يلاحقون بجرائم الارهاب والقتل، وقلّة قليلة منهم من الذين يؤيدون افاداتهم الاولية، ما يشكل في ذلك قناعة للمحكمة ومصداقية لاقوالهم امامها لتبني عليها احكامها.
ولعل اصدق دليل على عدم صحة مزاعم معظم المتهمين الذين يذهب البعض منهم الى "التفنّن" في ذكر اساليب التعذيب التي يتعرضون لها، ما شهدته المحكمة امس في احدى جلسات محاولة القتل، المتهم فيها جنديان في الجيش بمحاولة قتل زميل سابق لهما عبر دسّ السم له في "منقوشة" من اللحم بعجين، التي لم تفعل فعلها لانه "لم يحبها" وبالتالي لم يكمل تناولها انما اخذ منها قطعة صغيرة.
في بداية استجواب المتهم الاول تراجع عن اعترافاته لجهة اتفاقه مع المتهم الثاني على قتل م.ط. بمادة السم بذريعة تعرضه للضرب. وحذا المتهم الثاني حذو زميله في وقت كانا قد اعترفا في مرحلة التحقيق الاولي معهما بما اسند اليهما.
استمع رئيس "العسكرية" مطوّلا للمتهمين وهما ينكران التهمة، الى ان توجه الى احدهما طالبا منه قول الحقيقة ولا شيء غيرها وعدم الاخذ باقوال من يطلبون منه الادلاء بعكس ذلك، ليجد المتهم الاول نفسه يعترف صراحة بعلاقته بالمتهم الثاني الذي اعتبر انه ورّطه في القضية متحدثا عن دين مالي كان ل م.ط. بذمة المتهم الثاني وصل الى حدود الـ21 مليون ليرة حيث كان المتهم الثاني يستدين من الاخير ليعود هو ويديّن من المال نفسه الذي استدانه اشخاصا آخرين وبالفائدة.
تسببت مادة السم بعدة مضاعفات عانى منها م.ط. بعد وضع المتهم الثاني بودرة سامة في اللحم بعجين في احد افران زحلة وذلك في شهر آذار من العام الماضي، عندما توجه الاخير برفقة زميله الى زحلة ومعهما م.ط. حيث قدم له المتهم الثاني المنقوشة المسممة لكن م.ط. لم يكملها. غير ان الاخير نفى هذه الاعترافات التي ادلى بها في التحقيق الاولي ليتلو عليه رئيس المحكمة جزءا من افادة م.ط. الذي اكد فيها انه اقرضه مبلغ 20 مليون ليرة وانه دفع له ست دفعات فقط ثم راح يتهرب. وكان جواب المتهم الثاني بانه تعرض للضرب اثناء التحقيق الاولي ولا اثبات عن ان م. ط. اقرضه هذا المبلغ مضيفا بان الاخير قد طُرد من الجيش بسبب السرقة.
وفي ضوء ذلك قررت المحكمة استدعاء م.ط. كشاهد وارجاء الجلسة الى السادس من شباط المقبل.
(المستقبل)