إذا ما صَدقت الوعود، فاليوم الخميس الواقع فيه 20 تشرين الأوّل 2016، هو يوم الحسم، تنطوي فيه آخر صفحات الترشيح، وينطق الرئيس سعد الحريري بـ»الجملة السحرية»، ويعلن تأييده رسمياً ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون للرئاسة. وعلى رغم الأجواء السائدة، إلّا أنّ هذا الإعلان قد يكون محفوفاً باحتمال التأجيل، خصوصاً وأنّ هناك اتّصالات ناشطة إقليمياً ودولياً يمكن أن تتمخّض عن خيار قد لا يكون في مصلحة هذا الإعلان وقد يضطرّ الحريري إمّا إلى التأجيل وإمّا إلى الانسحاب منه، رامياً كرةَ التعطيل في الملعب الآخر. وتفيد معلومات ديبلوماسية أنّ الإدارة الأميركية لا تبدي أيّ حماسة لِما يجري على الخط الرئاسي اللبناني، وأكّد مسؤولون أميركيون حينما سُئلوا عن لبنان، أنّ ملفّه مؤجّل حتى شباط المقبل، ولدى الإدارة ما هو أهمّ، وأنّ جلَّ اهتمامِها اللبناني ينحصر فقط في ضرورة الحفاط على الاستقرار الأمني وتالياً المالي، المحفوف بالمخاطر.
إذاً اليوم، يفترض أن تثبّت الصورة على مشهد جديد، وفي وسطِها عون على وشك الدخول إلى القصر الجمهوري، ولكن إلى أن يحين موعد تثبيت هذه الصورة بعد الظهر، تبقى الأنظار على «بيت الوسط»، وأعصاب الرابية مشدودة في انتظار أحرّ من الجمر، إلى أن يَعبر الحريري الشِبر الأخير من مسار الترشيح، ويعلن رسمياً ما وَعد به.
ممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الترشيح، الذي سيكون فيه عون حاضراً شخصياً إلى جانب الحريري، سيَفتح البلد على مرحلة جديدة ليس في الإمكان تحديد معالمها، لِما يكتنفها من ضبابية وغموض.
قد يَشي ظاهر الأمور بأنّ هذا الترشيح يضع عون فعلياً على سكّة الرئاسة، وجلسة الانتخاب في 31 تشرين الاوّل هي المحطة التي ستقِلّه الى بعبدا، على اعتبارها جلسة جدّية وفاصلة وإمكانية تعطيلها واردة إنّما هي صعبة، بحسب أجواء فريق الترشيح.
لكنّ الأجواء السائدة حول استحقاق الترشيح، تشي بدورها بإمكان دخول البلد في مرحلة من الأخذ والرد السياسي، قد يقصر أمدها أو يطول تبعاً لليونة أو صعوبة الجبهات السياسية، وكذلك لحجم العقبات التي تعترض طريقَ عون حتى الآن.
وفي موازاة انتظار عون للحظة إعلان الحريري ترشيحَه رسمياً اليوم، كان الأخير يستكمل الفصلَ الديبلوماسي من مشاوراته قبل الإعلان، فالتقى سفراء: أميركا إليزابيت ريتشارد، وروسيا ألكسندر زاسبكين، ومصر نزيه النجاري.
وإذ أكّدت مصادر «المستقبل» أنّ الحريري سمعَ كلاماً مطَمئناً ومرحّباً لا بل مباركاً لتوجّهِه نحو إنهاء أزمة الفراغ، قالت مصادر أخرى لـ«الجمهورية» إنّ ريتشارد أبلغَت إلى الحريري أنّها لا تؤيّد ترشيح عون.
وكان الحريري قد تَواصَل مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والتقى رئيسَ حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي أكّد انفتاح الحزب على كلّ نقاش، لكنّه في المقابل ما زال حتى الآن على موقفه من الترشيحات.
بري: لن أقاطع
رئيس مجلس النواب نبيه بري حسَم موقفَه علناً بأنّه لن يصوّت لعون، مؤكّداً أنّه سيحضر هو وكتلته جلسة الانتخاب، ولن يقاطع، بل سيهنّئ من يفوز وسيُعدّ خطاباً للتهنئة.
قال بري كلمتَه وسكتَ، وهذا ما حرّك قراءات متباينة لموقفه، بين قراءة مِن فريق الترشيح، تُدرج موقفَ بري هذا في خانة التراجع أمام المساحة السياسية المؤيّدة لترشيح عون، وبالتالي التسليم باللعبة، وبين قراءة في المقلب الآخر تعتبر أنّ بري ذهب إلى الحدّ الأعلى في اعتراضه، وما قاله عن انتقاله إلى المعارضة، رسالة بمضمون يعبّر عن أزمة سياسية كبيرة، ويرسم صورة مسبَقة لعهدٍ أعرج قبل انطلاقه. ومن هنا يبقى إصراره على التفاهمات المسبَقة الشاملة وليس التفاهمات الثنائية بين هذا الطرف أو ذاك بمعزل عن الآخرين.
«حزب الله»
«حزب الله» صامت، ويبدو أنّ صمته في هذه الفترة أبلغُ من الكلام، لكن الأكيد أنّ للحزب كلمة يقولها قبل 31 تشرين، وبعد أن يتيقّنَ من صدق التوجّه نحو ترشيح عون، وربّما عبر إطلالة لأمينه العام السيّد حسن نصرالله.
والمطّلعون على موقف الحزب يعكسون أجواءَ تفيد بأنّ دعوته الأخيرة إلى التفاهمات بين القوى السياسية ما زالت سارية المفعول، ويرجّح أن يتمّ التأكيد عليها مجدداً في الكلام المنتظر من الحزب.
معنى ذلك أنّه يَرغب في إعطاء فسحة زمنية لـ»وساطة خير» يتردّد أنّه سيتولّاها ما بين الرابية وعين التينة، وكذلك لإجراء التواصل المطلوب بين حليفيه بري وعون لبَلورة قواسم مشتركة.
إلّا أنّ الأجواء السائدة لا توحي بأنّ مهمة الحزب ستكون سهلة، خاصة وأنّ كلام بري عن عدم تصويته لعون، فُسِّر في بعض الأوساط القريبة من الرابية على أنّه قطعٌ مسبَق لطريق أيّ لقاء محتمل بينه وبين عون.
واللافت في هذا السياق، أنّ هذا التفاهم، أو هذه التفاهمات، يؤكّد عليها النائب وليد جنبلاط أيضاً، وكما تؤكّد أوساطه أنّ الحوار هو السبيل الأساس الذي ينبغي سلوكه في هذه المرحلة، مع تأكيده على موقعية بري وأدواره التي ليس في الإمكان تجاوزها.
مصدر وزاري
بالتأكيد، ما بعد الإعلان، هو غير ما بعده، أولوية فريق الترشيح جعلُ جلسة 31 تشرين حاسمة. وقال مصدر وزاري عامل على الخط الرئاسي لـ«الجمهورية» إنّ إعلان الحريري ترشيحَ عون يفترض أن يفتح البلد على إيجابيات، ويجب أن نفرح، إذا اتّبَعنا ذلك بالانتخاب، بأنّنا أثبتنا للعالم كلّه أنّنا نستطيع أن نتولّى شأننا ونستطيع أن نسَيّر أنفسنا بأنفسنا بمعزل عن أي إرادة خارجية.
وبالتأكيد الظرف لا يحتمل تضييعَ الوقت، من الطبيعي أن تعقبَ الترشيح اتصالات في كلّ الاتجاهات، ونأمل أن يساعدنا الوقت في تجاوزِ العقبات التي يفترض ألّا تكون صعبة. لكن يجب ألّا نفوّت الفرصة في 31 تشرين، والواضح أنّ خريطة المجلس واضحة جداً، فالأكثرية النيابية تؤيّد عون في مقابل أقلية تعارضه. في النهاية يجب أن نجري الانتخابات في موعدها، ولنحتكِم إلى اللعبة الديموقراطية.
إلّا أنّ لهذا الكلام ما يقابله في ضفّة المعترضين على عون، حيث يؤكّد هؤلاء أنّ النصاب العددي للانتخاب، على أهمّيته، لا يكفي في بلد كلبنان محكومٍ بالتوازن لانتخاب رئيس، إذ لا بدّ من اكتمال النصاب السياسي الذي لم يتأمّن بعد، وإذا كانت الانتخابات ستتمّ على قاعدة «رئيس صنِع في لبنان»، فهذه الصناعة لا تتمّ من أطراف بمعزل عن أطراف آخرين، بل يجب أن يشارك فيها كلّ الأطراف الأساسيين، وبهذه الحالة فقط يكتمل النصاب السياسي.
فرنجية... الأخلاق
إلى ذلك، كانت لافتةً تغريدة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في توقيتها عشية الإعلان، ومضمونها الذي يضرب به أكثرَ مِن عصفور، وقال فيها: «بين قلّة الأخلاق وكترة الأخلاق رح يروح البلد!. اقسموها بالنص يا شباب.»
وقال عضو كتلة «المردة» النائب سليم كرم لـ«الجمهورية»: لا أرى شيئاً واضحاً بعد، فالتردّد الحاصل يدفعنا إلى التشكيك بأن يقدم الرئيس الحريري على خطوته، فالعماد عون يشترط انسحابَ النائب فرنجية قبل الذهاب إلى المجلس، إضافةً إلى شروط أخرى. فلماذا لا نبَسّط الأمور ونذهب جميعاً إلى المجلس ونجري انتخابات ديموقراطية ومن يربح «صحتين على قلبو».
سعَيد
وقال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ»الجمهورية» إنّ 14 آذار تريد استقرار البلد وإنقاذ الجمهورية وبناءَ دولة، ولا ترى في وصول رئيس بشروط فريق من اللبنانيين إمكانيةً للوصول إلى الاستقرار أو بناء الدولة.
لا بل على العكس، فإنّ انتخاب عون سيضيف على التعقيدات الموجودة تعقيداً إضافياً، وسيعبّر الناس بطرق مختلفة عن عدم ارتياحهم، أي سيكون هناك تعبير مذهبي، سياسي، مطلبي ووطني، لأنّ عون رئيس مطابق لمواصفات «حزب الله» وليس لمواصفات أيّ فريق آخر.
«القوات» تدّعي بأنّها أبرَمت معه اتّفاقاً في 18 كانون وكأنه يأتي بمواصفاتها، كما يدّعي الرئيس الحريري بأنّ التفاهمات القائمة بينه وبين عون هي تفاهمات مقدّسة، بينما ما ندركه ونلمسه هو بأنّ الاتفاق الوحيد المبرَم والذي سينفَّذ عندما سينتخَب رئيساً هو الاتفاق مع «حزب الله»، وليس الاتفاق مع أيّ طرف آخر.
وأبدى سعيد اعتقاده بأنّ انتخاب عون «كان يمكن أن يكون أقوى بكثير لو أتى مرشّح كلّ الرأي العام اللبناني، إنّما يبدو أنّه مشروع غلبَة على اللبنانيين، إذ إنّ «حزب الله» سيعلن وفور انتخابه ـ وهو على حق ـ الانتصارَ السياسي الكامل والساحق في لبنان».
وذكّر سعيد بأنّ شعب 14 آذار حقّق إنجازات هائلة، من بينها خروج الجيش السوري من لبنان، إقامة علاقات ديبلوماسية مع سوريا، إنجاز الانتخابات في 2005 في مواعيدها، تأليف حكومات الوحدة الوطنية، قرارات الشرعية الدولية ومنها المحكمة الدولية والقرار 1701 والقرار 1680، والارتقاء باتجاه المصالحة الوطنية.
وحذّر سعيد من أنّ «انتخاب شخصية مِثل عون بشروط «حزب الله» يهدّد كلَّ هذه الإنجازات ويعود بنا إلى الوراء، إلى ما قبل حقبة الـ 2005 لكن هذه المرّة تحت وصاية إيرانية بدل الوصاية السورية».
ممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الترشيح، الذي سيكون فيه عون حاضراً شخصياً إلى جانب الحريري، سيَفتح البلد على مرحلة جديدة ليس في الإمكان تحديد معالمها، لِما يكتنفها من ضبابية وغموض.
قد يَشي ظاهر الأمور بأنّ هذا الترشيح يضع عون فعلياً على سكّة الرئاسة، وجلسة الانتخاب في 31 تشرين الاوّل هي المحطة التي ستقِلّه الى بعبدا، على اعتبارها جلسة جدّية وفاصلة وإمكانية تعطيلها واردة إنّما هي صعبة، بحسب أجواء فريق الترشيح.
لكنّ الأجواء السائدة حول استحقاق الترشيح، تشي بدورها بإمكان دخول البلد في مرحلة من الأخذ والرد السياسي، قد يقصر أمدها أو يطول تبعاً لليونة أو صعوبة الجبهات السياسية، وكذلك لحجم العقبات التي تعترض طريقَ عون حتى الآن.
وفي موازاة انتظار عون للحظة إعلان الحريري ترشيحَه رسمياً اليوم، كان الأخير يستكمل الفصلَ الديبلوماسي من مشاوراته قبل الإعلان، فالتقى سفراء: أميركا إليزابيت ريتشارد، وروسيا ألكسندر زاسبكين، ومصر نزيه النجاري.
وإذ أكّدت مصادر «المستقبل» أنّ الحريري سمعَ كلاماً مطَمئناً ومرحّباً لا بل مباركاً لتوجّهِه نحو إنهاء أزمة الفراغ، قالت مصادر أخرى لـ«الجمهورية» إنّ ريتشارد أبلغَت إلى الحريري أنّها لا تؤيّد ترشيح عون.
وكان الحريري قد تَواصَل مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والتقى رئيسَ حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي أكّد انفتاح الحزب على كلّ نقاش، لكنّه في المقابل ما زال حتى الآن على موقفه من الترشيحات.
بري: لن أقاطع
رئيس مجلس النواب نبيه بري حسَم موقفَه علناً بأنّه لن يصوّت لعون، مؤكّداً أنّه سيحضر هو وكتلته جلسة الانتخاب، ولن يقاطع، بل سيهنّئ من يفوز وسيُعدّ خطاباً للتهنئة.
قال بري كلمتَه وسكتَ، وهذا ما حرّك قراءات متباينة لموقفه، بين قراءة مِن فريق الترشيح، تُدرج موقفَ بري هذا في خانة التراجع أمام المساحة السياسية المؤيّدة لترشيح عون، وبالتالي التسليم باللعبة، وبين قراءة في المقلب الآخر تعتبر أنّ بري ذهب إلى الحدّ الأعلى في اعتراضه، وما قاله عن انتقاله إلى المعارضة، رسالة بمضمون يعبّر عن أزمة سياسية كبيرة، ويرسم صورة مسبَقة لعهدٍ أعرج قبل انطلاقه. ومن هنا يبقى إصراره على التفاهمات المسبَقة الشاملة وليس التفاهمات الثنائية بين هذا الطرف أو ذاك بمعزل عن الآخرين.
«حزب الله»
«حزب الله» صامت، ويبدو أنّ صمته في هذه الفترة أبلغُ من الكلام، لكن الأكيد أنّ للحزب كلمة يقولها قبل 31 تشرين، وبعد أن يتيقّنَ من صدق التوجّه نحو ترشيح عون، وربّما عبر إطلالة لأمينه العام السيّد حسن نصرالله.
والمطّلعون على موقف الحزب يعكسون أجواءَ تفيد بأنّ دعوته الأخيرة إلى التفاهمات بين القوى السياسية ما زالت سارية المفعول، ويرجّح أن يتمّ التأكيد عليها مجدداً في الكلام المنتظر من الحزب.
معنى ذلك أنّه يَرغب في إعطاء فسحة زمنية لـ»وساطة خير» يتردّد أنّه سيتولّاها ما بين الرابية وعين التينة، وكذلك لإجراء التواصل المطلوب بين حليفيه بري وعون لبَلورة قواسم مشتركة.
إلّا أنّ الأجواء السائدة لا توحي بأنّ مهمة الحزب ستكون سهلة، خاصة وأنّ كلام بري عن عدم تصويته لعون، فُسِّر في بعض الأوساط القريبة من الرابية على أنّه قطعٌ مسبَق لطريق أيّ لقاء محتمل بينه وبين عون.
واللافت في هذا السياق، أنّ هذا التفاهم، أو هذه التفاهمات، يؤكّد عليها النائب وليد جنبلاط أيضاً، وكما تؤكّد أوساطه أنّ الحوار هو السبيل الأساس الذي ينبغي سلوكه في هذه المرحلة، مع تأكيده على موقعية بري وأدواره التي ليس في الإمكان تجاوزها.
مصدر وزاري
بالتأكيد، ما بعد الإعلان، هو غير ما بعده، أولوية فريق الترشيح جعلُ جلسة 31 تشرين حاسمة. وقال مصدر وزاري عامل على الخط الرئاسي لـ«الجمهورية» إنّ إعلان الحريري ترشيحَ عون يفترض أن يفتح البلد على إيجابيات، ويجب أن نفرح، إذا اتّبَعنا ذلك بالانتخاب، بأنّنا أثبتنا للعالم كلّه أنّنا نستطيع أن نتولّى شأننا ونستطيع أن نسَيّر أنفسنا بأنفسنا بمعزل عن أي إرادة خارجية.
وبالتأكيد الظرف لا يحتمل تضييعَ الوقت، من الطبيعي أن تعقبَ الترشيح اتصالات في كلّ الاتجاهات، ونأمل أن يساعدنا الوقت في تجاوزِ العقبات التي يفترض ألّا تكون صعبة. لكن يجب ألّا نفوّت الفرصة في 31 تشرين، والواضح أنّ خريطة المجلس واضحة جداً، فالأكثرية النيابية تؤيّد عون في مقابل أقلية تعارضه. في النهاية يجب أن نجري الانتخابات في موعدها، ولنحتكِم إلى اللعبة الديموقراطية.
إلّا أنّ لهذا الكلام ما يقابله في ضفّة المعترضين على عون، حيث يؤكّد هؤلاء أنّ النصاب العددي للانتخاب، على أهمّيته، لا يكفي في بلد كلبنان محكومٍ بالتوازن لانتخاب رئيس، إذ لا بدّ من اكتمال النصاب السياسي الذي لم يتأمّن بعد، وإذا كانت الانتخابات ستتمّ على قاعدة «رئيس صنِع في لبنان»، فهذه الصناعة لا تتمّ من أطراف بمعزل عن أطراف آخرين، بل يجب أن يشارك فيها كلّ الأطراف الأساسيين، وبهذه الحالة فقط يكتمل النصاب السياسي.
فرنجية... الأخلاق
إلى ذلك، كانت لافتةً تغريدة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في توقيتها عشية الإعلان، ومضمونها الذي يضرب به أكثرَ مِن عصفور، وقال فيها: «بين قلّة الأخلاق وكترة الأخلاق رح يروح البلد!. اقسموها بالنص يا شباب.»
وقال عضو كتلة «المردة» النائب سليم كرم لـ«الجمهورية»: لا أرى شيئاً واضحاً بعد، فالتردّد الحاصل يدفعنا إلى التشكيك بأن يقدم الرئيس الحريري على خطوته، فالعماد عون يشترط انسحابَ النائب فرنجية قبل الذهاب إلى المجلس، إضافةً إلى شروط أخرى. فلماذا لا نبَسّط الأمور ونذهب جميعاً إلى المجلس ونجري انتخابات ديموقراطية ومن يربح «صحتين على قلبو».
سعَيد
وقال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ»الجمهورية» إنّ 14 آذار تريد استقرار البلد وإنقاذ الجمهورية وبناءَ دولة، ولا ترى في وصول رئيس بشروط فريق من اللبنانيين إمكانيةً للوصول إلى الاستقرار أو بناء الدولة.
لا بل على العكس، فإنّ انتخاب عون سيضيف على التعقيدات الموجودة تعقيداً إضافياً، وسيعبّر الناس بطرق مختلفة عن عدم ارتياحهم، أي سيكون هناك تعبير مذهبي، سياسي، مطلبي ووطني، لأنّ عون رئيس مطابق لمواصفات «حزب الله» وليس لمواصفات أيّ فريق آخر.
«القوات» تدّعي بأنّها أبرَمت معه اتّفاقاً في 18 كانون وكأنه يأتي بمواصفاتها، كما يدّعي الرئيس الحريري بأنّ التفاهمات القائمة بينه وبين عون هي تفاهمات مقدّسة، بينما ما ندركه ونلمسه هو بأنّ الاتفاق الوحيد المبرَم والذي سينفَّذ عندما سينتخَب رئيساً هو الاتفاق مع «حزب الله»، وليس الاتفاق مع أيّ طرف آخر.
وأبدى سعيد اعتقاده بأنّ انتخاب عون «كان يمكن أن يكون أقوى بكثير لو أتى مرشّح كلّ الرأي العام اللبناني، إنّما يبدو أنّه مشروع غلبَة على اللبنانيين، إذ إنّ «حزب الله» سيعلن وفور انتخابه ـ وهو على حق ـ الانتصارَ السياسي الكامل والساحق في لبنان».
وذكّر سعيد بأنّ شعب 14 آذار حقّق إنجازات هائلة، من بينها خروج الجيش السوري من لبنان، إقامة علاقات ديبلوماسية مع سوريا، إنجاز الانتخابات في 2005 في مواعيدها، تأليف حكومات الوحدة الوطنية، قرارات الشرعية الدولية ومنها المحكمة الدولية والقرار 1701 والقرار 1680، والارتقاء باتجاه المصالحة الوطنية.
وحذّر سعيد من أنّ «انتخاب شخصية مِثل عون بشروط «حزب الله» يهدّد كلَّ هذه الإنجازات ويعود بنا إلى الوراء، إلى ما قبل حقبة الـ 2005 لكن هذه المرّة تحت وصاية إيرانية بدل الوصاية السورية».