بعد طول تحليل وتأويل وتهويل على ضفاف جولة مشاوراته الهادفة إلى انتشال رئاسة الجمهورية من قبضة الشغور الخانقة للبلد ومؤسساته ومصالحه الاقتصادية والمالية والاجتماعية والحيوية، يحسم الرئيس سعد الحريري موقفه الرئاسي اليوم بكلمة يتوجه بها مباشرةً على الهواء من بيت الوسط إلى اللبنانيين ليضعهم في خلاصة ما توصل إليه من قرار وطني بعد اكتمال دورة مبادرته الرئاسية المرتكزة بشكل أساس على واجب إنهاء الفراغ ووجوب إعلاء مصلحة الجمهورية فوق أي مكسب شخصي أو فئوي أو سياسي، تطبيقاً وتصديقاً لمنهاج مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. وقاعدتها العريضة: «ما حدا أكبر من بلدو».

وعشية يوم الحسم الذي سيشهد بعد الظهر إعلان موقفه بحضور أعضاء كتلة «المستقبل» والمكتبين السياسي والتنفيذي لتيار «المستقبل» وعدد من الهيئات الاقتصادية والفاعليات والشخصيات، استكمل الحريري جولة مشاوراته السياسية والديبلوماسية في بيت الوسط حيث استقبل رئيس حزب «الكتائب اللبنانية« النائب سامي الجميل واستعرض معه التطورات الراهنة. بينما كان قد عرض الأوضاع والمستجدات اللبنانية والإقليمية مع كل من السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد والسفير الروسي ألكسندر زاسبكين الذي أعرب بعد اللقاء عن تقدير بلاده «عالياً للجهود التي يبذلها الرئيس الحريري في سبيل إيجاد حلول للقضايا الداخلية بما في ذلك انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة«، متمنياً «الوصول سريعاً للتوافق بين الأحزاب اللبنانية الأساسية وفقاً للمصالح الوطنية الكبرى للدولة«.

تشريع الضرورة

في الغضون، أعادت «الضرورة» مجلس النواب إلى جادة التشريع أمس تحت وطأة الضرورات المُلحّة وطنياً واقتصادياً ومالياً وحياتياً، فانعقد المجلس في جلسة تشريعية صباحية ومسائية (ص 3- 4) أقرّ خلالها 20 مشروعاً واقتراح قانون من دون أن يتطرق إلى مشروعي قانون الانتخاب المدرجين بصفة معجل مكرر بسبب انفضاض النصاب القانوني مساءً قبل بلوغهما.

وكانت الجلسة العامة التي عُقدت برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحضور رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء ونواب من كافة الكتلة النيابية، قد انطلقت صباحاً انطلاقة «رئاسية» على وقع مداخلة لنائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان توجّه بها إلى بري بالقول: «كنتَ دائماً رجل التهدئة والحوار والانفتاح، وعندما تُطرح قضايا مذهبية كنت ولا تزال تتصدى لها، ولكن المناخ منذ أمس (الأول) وكلام الوزير علي حسن خليل (عن عودة الثنائية المارونية - السنية والعودة الى ميثاق 1943 والاستعداد لمواجهتها) لا يشبهك، وأتمنى عليك أن تحافظ على الجو الذي كنت دائماً تشجعه وأن تستمر فيه«. وعلى الأثر رد رئيس المجلس مستغرباً ما نُقل عنه في الإطار المذهبي، مع التأكيد في الوقت عينه على التمسك برفع مطرقة المعارضة في وجه انتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية من خلال قوله: «مع تقديري للجنرال، لن أصوت له وسأكون في المعارضة ولكن سأكون أول الحاضرين في الجلسة»، مستدركاً: «لكن لم يصدر عني أي كلام مذهبي، وأنا بدأت بكتابة خطاب التهنئة للمرشح الفائز«.