في إحدى كلماته في المجلس العاشورائي في الضاحية تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن أزمة المخدرات التي تجتاح البلاد تجارةً وترويجًا، ودعى نصر الله إلى مقاطعة تجّار المخدرات في البقاع خصوصًا، وطالب جماهير حزب الله بالوقوف بوجههم اجتماعيًا وعائليًا للحدّ من خطر المخدرات وتأثيرها على المجتمع بشكل عام.
إنّ التفاتة السيد نصر الله تبدو للوهلة الأولى في مكانها الصحيح وأنّ حزب الله حريص على تنقية البلاد عمومًا وبيئته خصوصًا من آفة المخدرات، إلا أنّ دعوة نصر الله هذه تحمل الكثير من التناقضات على مستوى منطقة البقاع، إذ إنّ التجّار والمروّجين هم في كنف حزب الله، خصوصًا وأنّ منتمين للحزب كانوا من المروّجين الأساسيين لتجارة الكابتاغون وهم أشِقّاء أحد نواب الحزب في كتلة الوفاء للمقاومة.
من جهة أخرى، فإنّ حزب الله يعلم، ويعلم كثيرون أيضًا في منطقة البقاع، بالتواصل الدائم بين الحزب وتجّار المخدرات، وما حصل خلال فترة الإنتخابات البلدية يؤكد بالصوت والصورة على التواصل الذي قامت به كتلة الوفاء للمقاومة مع تجّار أساسيين في البقاع بهدف الحصول على دعمهم و تأييدهم في الإنتخابات البلدية، وهذا ما حصل في بريتال حيث قام وفد ضمّ ٩ من أعضاء كتلة الوفاء بزيارة أحد أهم تجّار المخدرات في القرية.
وبالسياق نفسه شهدت منطقة البقاع منذ أيام رعاية مصالحة عائلية بين آل ياغي وآل طليس في بعلبك، وقد قام برعاية هذه المصالحة اثنان من أهم تجّار المخدرات في البقاع، وهم نوح زعيتر وماهر طليس. وقد جاءت هذه المصالحة بالتوازي مع دعوة الأمين العام لحزب الله إلى مقاطعة هؤلاء، بعدما شكّلت المخدرات الجزء الأكبر من مصادر تمويل الحزب بحسب ما أفادت تقارير عالمية.
فقد دُقَّ ناقوس الخطر من حجم ومعدلات انتشار ظاهرة تجارة وتعاطي المخدرات في لبنان، بعد أن تخطّت هذه الظاهرة المميتة "الخط الأحمر".
والحل الوحيد لتخفيف هذه الظاهرة يكون عبر توقيف التجّار الكبار، ولكن الموضوع يحتاج إلى قرار كبير قد يكون شبيهًا بالقرار الذي أدّى إلى تطبيق الخطط الأمنية في أكثر من منطقة، بشرط ألّا يتمّ إبلاغهم قبل ذلك كي لا يتمكنوا من الهروب وأن يكشف عنهم الغطاء الحزبي والسياسي التابعين له.
فتنظيم المصالحات من قِبَل هؤلاء لن يغطّي على حجم جريمة المتاجرة بالمخدرات.