في ظل الاستعصاء السياسي الذي وصلت إليه الأزمة السورية، وما نتج عنها من حالة التصادم بين الولايات المتحدة وروسيا، تحدثت تقارير إعلامية عن تلقي المعارضة السورية، في الآونة الأخيرة، بعض أنواع الأسلحة النوعية، من بينها أسلحة مضادة للطيران أو مضادة للدروع أو صواريخ أرضية ذات مدى بعيد نسبياً. غير أن العديد من القادة في "الجيش السوري الحر" نفوا في حديث لـ"العربي الجديد" صحة هذه المعلومات جملةً وتفصيلاً. وقال قائد "لواء توحيد الأمة"، العامل في الجنوب السوري، أبو عدي، إن مقاتليه ينتشرون في منطقة داعل وفي منطقة مثلث الموت، ولم يتم استخدام أية صواريخ مضادة للطيران في الآونة الأخيرة بسبب عدم توفرها. وأوضح أن هناك بالفعل صواريخ "كوبرا" تم الاستيلاء عليها من مستودعات النظام السوري خلال المعارك السابقة، لكنها معطلة وغير صالحة للاستخدام.
وأضاف أبو عدي أن فصيله، مثل أغلب الفصائل الأخرى في الجنوب السوري، لم تصلها أية أسلحة على الإطلاق لا نوعية أو عادية ولا ثقيلة أو خفيفة. وأكد الحاجة الماسة لبعض الأسلحة المتوسطة مثل رشاشات من طراز 14.5، ومضادات عيار 23، وقذائف الهاون، والذخيرة لجميع أنواع الأسلحة، إضافة إلى صواريخ "تاو" التي قال إن بعض الفصائل تمتلك أجهزة إطلاقها، لكن الصواريخ نفسها غير متوفرة. ورأى أنه إذا لم تصل إلى "الجيش الحر" مضادات طيران، وأسلحة أخرى هامة، فإن الوضع سوف يزداد سوءاً وسوف يصل الخطر إلى جميع الدول المجاورة لسورية، معتبراً أن الشعب السوري يدافع اليوم ليس عن سورية وحسب، بل عن جميع الدول العربية.
وأوضح الناطق باسم الجبهة الجنوبية، الرائد عصام الريس، أن "الجيش الحر" يمتلك صواريخ "الكوبرا" أو "سام 7"، وهي "من الغنائم التي سيطر عليها الثوار منذ عامي 2013 و2014"، وفق قوله. لكنها "من طراز قديم جداً، غير قادر على التعامل مع الطائرات المقاتلة، ونسبة تحقيقها للأهداف منخفضة جداً، عدا عن كونها بحاجة إلى صيانة وبعض منابع التغذية الخاصة بها غير متوفرة أو منتهية الصلاحية"، بحسب تأكيده.
وأضاف الريس في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأعداد المتوفرة من هذا النوع من الأسلحة قليلة جداً؛ وهي غير صالحة للاستخدام بالشكل الذي تم الترويج له. وقال "لم نتسلم أي عتاد أو سلاح جديد، ولم نتلق دعما بخصوص أي سلاح جديد، والموضوع تم استغلاله عندما أطلق أحد الفصائل صاروخا تم تجهيزه من قبل هذا الفصيل وصيانته، ولم يحقق الهدف وكل ما يروج له عن استلامنا أسلحة حديثة غير صحيح".
وكان قيادي آخر في "الجيش الحر" بالجبهة الجنوبية، ذكر بدوره أنه المعارضة بدأت تستخدم صواريخ "كوبرا" منذ عام 2013، بعد سيطرتها على "اللواء 38" في بلدة صيدا بريف درعا. لكنه لفت إلى أن مدى تلك الصواريخ لا يتجاوز 2500 متر، ما يجعلها غير صالحة لاستهداف الطائرات الحربية التي تحلق عادة على ارتفاع أكثر من 5000 متر، مشيراً إلى أن هناك نوعين من صواريخ "كوبرا"، واحد سوفييتي وآخر سويسري الصنع، وبعضها من الجيل القديم الذي قد ينفع فقط في التعامل مع المروحيات وليس الطائرات الحربية.
ويذكر الخبراء أن صواريخ "كوبرا" التي تسمى أيضاً "سام-7"، تستخدم من قبل وحدات المشاة، في إطار نظام دفاع جوي صاروخي من نوع أرض-جو قصير المدى، ويتم إطلاق الصاروخ من على كتف مقاتل أو جندي واحد. وهناك مشكلة تقنية تتعلق بالقاذف الذي يستخدم لإطلاق هذا الصاروخ. إذ أنه لا يمكن إعادة تذخير القاذف أثناء العمليات القتالية، إلا من جانب المصنّع. وكلما تم تذخيره مرةً وجب وضع علامة عليه، لأنه لا يجوز إعادة تذخيره إلا خمس مرات كحد أقصى، وبعد ذلك يغدو القاذف غير صالح للاستعمال. وهذا ما يفسر ربما وجود أعداد كبيرة من منصات إطلاق الصاروخ لدى مقاتلي المعارضة، والتي استولوا عليها من مستودعات قوات النظام، لكنها غير صالحة للاستخدام.
في السياق نفسه، نفى رئيس وفد المعارضة المفاوض، العميد أسعد الزعبي، في تصريح لـ"العربي الجديد" تلقي المعارضة أية أسلحة جديدة. وقلل من أهمية الوعود والتصريحات التي تطلق في هذا الإطار، قائلاً إنه حتى إذا وصلت في وقت ما كميات من الأسلحة فإنها ستكون دون المستوى، وغير كافية، لأن الدول التي تدعي دعم الثورة السورية تفعل ذلك فقط بمقدار ما يخدم مصالحها وصراعها مع قوى دولية أخرى، وليس لأحد مصلحة كما يبدو في انتصار الثورة السورية، حسب تعبيره.
وشدد الناطق باسم فيلق الرحمن، في الغوطة الشرقية، وائل علوان، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أهمية تسليح المعارضة، معتبراً أن التأخر في حصول ذلك "أدى ليس إلى تقوية روسيا ونظام الأسد وترجيح كفتهما على الأرض وحسب، بل إلى نمو التطرف في سورية"، ذلك أن ضعف الفصائل "المعتدلة يفقدها حاضنتها الشعبية، ويسهم في رفع شعبية القوى المتطرفة"، بحسب قوله.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أن مقاتلي المعارضة تلقوا، في الآونة الأخيرة، مئات من صواريخ "كوبرا" المحمولة على الكتف والمضادة للطائرات، وأن بعضها أطلق بالفعل على طائرات النظام السوري في الجبهة الجنوبية.
وذكر المرصد أنه تم شراء تلك الصواريخ من أوروبا الشرقية بتمويل من بعض الدول الخليجية الداعمة للثورة السورية، بعد تغاضٍ أميركي عن ذلك، مشيراً إلى أن ذلك جاء بالتزامن مع وصول دفعة جديدة من صواريخ "تاو" الأميركية المضادة للدروع.
ونقل المرصد عن مصادر قولها إنه تم استخدام صواريخ "كوبرا" يوم الاثنين 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للتصدي لطائرات حربية شنت غارات على بلدة داعل بريف درعا الشرقي، من قبل "لواء الكرامة" التابع لـ"الفيلق الأول" المنضوي تحت لواء "الجبهة الجنوبية". ونقل المرصد عن تلك المصادر قولها إن مسلحي المعارضة "استخدموا قذيفة صاروخية على الأقل من نوع كوبرا"، إلا أنها لم تصب أي هدف بسبب قيام الطائرات الحربية بإلقاء بالونات حرارية بعد تنفيذ غاراتها، مشيراً إلى وجود معلومات "تؤكد وصول مئات المضادات من نوع "كوبرا" إلى الفصائل في سورية، من أسواق أوروبا الشرقية، فيما وصلت آلاف الصواريخ من نوع "غراد" إلى مجموعات من الفصائل العاملة في مناطق سورية عدة، بالتزامن مع دخول دفعة من صواريخ "تاو" الأميركية إلى مجموعات أخرى.
وفي السياق، كان العقيد في "جيش إدلب الحر"، فارس البيوش، صرح بأن قواته تلقت "كميات ممتازة" من صواريخ "غراد" من دول أجنبية داعمة يصل مداها إلى ما بين 22 و40 كيلومتراً، وسوف تستخدم في جبهات القتال في حماة وحلب والمنطقة الساحلية، وفق قوله.