سيطرت فصائل سورية معارضة مدعومة من أنقرة، الأحد، على بلدة دابق الحدودية مع تركيا ذات الأهمية الرمزية لدى تنظيم الدولة الإسلامية، في خسارة جديدة للجهاديين في محافظة حلب بشمال سوريا.
ويأتي التقدم الميداني على حساب الجهاديين في وقت اجتمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الأحد، بالشركاء الأوروبيين لبلاده في لندن، غداة محادثات أجراها مع روسيا وعدد من دول المنطقة في مدينة لوزان السويسرية، لم تفض إلى نتيجة.
وتحدث كيري بعد اجتماع لوزان عن “أفكار جديدة” يفترض أن يتم توضيحها في الأيام المقبلة لمحاولة التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار أكثر متانة من الهدنات السابقة.
وأعلنت وكالة الأناضول التركية وفصائل، الأحد، سيطرة مقاتلي الفصائل على بلدة دابق.
ولا تتمتع البلدة بأهمية ميدانية استراتيجية لدى التنظيم مقارنة مع المدن الكبرى التي يسيطر عليها كالرقة في سوريا والموصل في العراق المجاور.
وقال المرصد إن الفصائل المقاتلة والإسلامية سيطرت بدعم من الطائرات والدبابات التركية على دابق، بعد أقل من 24 ساعة على بدئها هجوما لطرد تنظيم داعش منها. كما سيطرت على بلدة صوران المجاورة.
وفي تغريدة على حسابه على موقع تويتر، ذكر فصيل “فاستقم كما أمرت” المشارك في الهجوم، أن السيطرة على البلدة الواقعة في ريف حلب الشمالي جاءت “بعد اشتباكات عنيفة مع تنظيم داعش”.
ونشر الموقع صورا تظهر عددا من المقاتلين على متن شاحنة، وهم يرفعون أسلحتهم في الهواء، وتبدو بلدة دابق في الخلفية. ويعمل مقاتلو الفصائل وفق وكالة الأناضول، الأحد، على تفكيك القنابل والألغام التي زرعها التنظيم خلفه. وتأتي السيطرة على دابق غداة تقدم مقاتلي الفصائل بدعم مدفعي وجوي من القوات التركية، على مسافة كيلومترين ونصف الكيلومتر من البلدة في إطار عملية “درع الفرات” التي تشنها تركيا منذ 24 أغسطس في شمال سوريا وتهدف إلى طرد الجهاديين من الشريط الحدودي. ويستهدف الهجوم أيضا المقاتلين الأكراد الذين تصفهم أنقرة بـ”الإرهابيين”.
وأفادت وكالة الأناضول بسقوط تسعة مقاتلين من الفصائل وإصابة 28 آخرين بجروح جراء الاشتباكات بين الطرفين السبت.
تركيا تهدف من خلال هجومها إلى إقامة منطقة أمنية خالية من المنظمات الإرهابية، تمتد على مساحة حوالي 5 آلاف كلم مربع
وبات اسم دابق لدى مناصري التنظيم بمثابة رمز للقتال ضد الولايات المتحدة ودول الغرب المنضوية في إطار التحالف الدولي الذي يشن ضربات جوية تستهدف الجهاديين في سوريا والعراق.
ويطلق التنظيم اسم دابق على أهم مجلة ترويجية يصدرها باللغة الإنكليزية ويتوجه عبرها إلى دول الغرب.
وكان التنظيم وتزامنا مع الحشد العسكري للفصائل في محيط دابق، أورد في نشرته “النبأ” التي أصدرها، الخميس، أن “هذا الكر والفر في دابق وما حولها معركة دابق الصغرى ستنتهي بملحمة دابق الكبرى”.
ويستند التنظيم إلى نبوءة دينية قديمة يرد فيها أن حشدا من الكفار يواجه جيش المسلمين عند بلدة دابق في ملحمة يقتل فيها العديد من المسلمين، لكنهم ينتصرون في النهاية قبل أن تحل القيامة.
ومنذ بدء تركيا هجومها في شمال سوريا، سيطرت الفصائل المعارضة على عدد من المدن والبلدات الاستراتيجية، أبرزها مدينة جرابلس الحدودية، التي كانت تعدّ أحد آخر معقلين متبقيين للتنظيم في محافظة حلب.
وتهدف تركيا من خلال هجومها إلى إقامة “منطقة أمنية خالية من المنظمات الإرهابية”، تمتد على مساحة حوالي 5 آلاف كلم مربع، وفق ما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مطلع الشهر الحالي وكرره السبت. وغالبا ما تشهد المناطق الحدودية اعتداءات. وقد قام انتحاريون يشتبه بارتباطهم بتنظيم داعش، بتفجير أنفسهم، الأحد، خلال عملية للشرطة التركية ضد خلية نائمة في غازي عنتاب بجنوب شرق البلاد، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من رجال الشرطة وإصابة عدد غير محدد من الأشخاص بجروح، وفق ما أفاد حاكم المنطقة ووسائل الإعلام التركية.
وبحسب وكالة الأناضول، تمكنت الفصائل المدعومة من تركيا منذ بدء الهجوم من السيطرة على 1130 كيلومترا مربعا على طول الحدود في محافظة حلب.
وفي مدينة حلب، تتعرض الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ أسابيع لهجوم عنيف يشنه النظام بدعم جوي روسي.
وأفاد المرصد السوري، الأحد، بأن معارك عنيفة مستمرة بين الطرفين تجري على جميع محاور القتال في وسط وشمال وجنوب المدينة، مشيرا إلى مقتل شخصين على الأقل جراء غارات على حي في شرق المدينة. وذكرت تقارير إخبارية في الأحياء الشرقية أن الغارات الكثيفة لم تتوقف منذ منتصف الليل على مناطق الاشتباك، قبل أن تخفّ وتيرتها ظهرا.
وفي الأحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام، قتلت سيدتان وأصيب 16 شخصا بجروح، الأحد، جراء “قذائف صاروخية أطلقتها التنظيمات المسلحة على حي السيد علي”، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السورية.
وتشكل حلب الجبهة الأبرز في النزاع وتعد محور المباحثات الدولية، منذ تصاعد التوتر الروسي الأميركي على خلفية انهيار هدنة في 19 سبتمبر بعدما صمدت لمدة أسبوع. وغداة لقاء استضافته مدينة لوزان السويسرية بمشاركة واشنطن وموسكو وعدد من دول المنطقة من دون تحقيق أي تقدم، يواصل وزير الخارجية الأميركي جهوده في لندن، الأحد، حيث التقى عددا من نظرائه الأوروبيين لإطلاعهم على مشاورات لوزان.
وذكرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية، الأحد، أنه من المتوقع أن يقترح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون خلال الاجتماع مع كيري إقامة “مناطق يحظر قصفها” في سوريا من بينها حلب.
وتأتي محاولات إنعاش المحادثات الدبلوماسية في ظل توتر بين روسيا والغربيين الذين يتهمون موسكو بارتكاب “جرائم حرب” في شرق حلب.
صحيفة العرب